درس بعد

التعبدی و التوصلی

درس قبل

التعبدی و التوصلی

درس بعد

درس قبل

موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/١٠/١٧


شماره جلسه : ۵۳

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • التّعلیقة الرّاقیة لنهایة الدّرایة تجاه الکفایة

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين

التّعلیقة الرّاقیة لنهایة الدّرایة تجاه الکفایة

و نَعم ما تَفوَّه به المحقّق الاصفهانيّ في هذا الحَقل، حیث قد استَشکل علی احتیاط الآخوند مضیفاً قیداً زائداً علیه قائلاً:

«قوله [قدس سره]: «و إن لم يكد يسقط بذلك، فلا يكاد ... الخ» لنا الالتزام بهذا الشقّ (الأمر الثّاني) أيضاً من غير لزوم محذور، و تقريبه:

1. (المائز الأساسيّ ما بین الجزء و الشّرط): أنّ الشرط -كما أسمعناك في مبحث الصحيح و الأعمّ‌[1] على وجه أتمّ- ما له دخل في «فعلية» تأثير المركّب فيما له من الأثر (و الغرض فالطّهارة تُعدّ شرطاً خارجاً عن ذات المأمور به بحیث ستُفَعِّل الواجب و آثارَه أیضاً).

2. (تفسیر الجزء:) و أمّا الخصوصيّة الدّخیلة في أصل (تحقّق) الغرض فهي مقوّمة للجزء (أي تُحقِّق جزئیّة الجزء) بمعنى أنّ الخاصّ جزء لا أنّ الخصوصيّة خصوصيّة في الجزء المفروغ عن جزئيّته (فلا یُعدّ الجزء الخاصّ خصلةً بل هو نفس الجزء) و (لهذا إنّ) قصد القربة و الطّهارة و التّستّر و الاستقبال من الشّرائط جزماً (لا من الأجزاء) فهي ذات دخل في (فعلیّة) تأثير المركّب من الأجزاء في الغرض القائم به (لا في أصل تحقّق الغرض).

ثمّ قد بَنی المحقّق الاصفهاني بُنیانَ مقدّمة ممیَّزة أخری قائلاً:

3. و من الواضح أن الغرض إنّما يدعو بالأصالة إلى إرادة ذات ما يَفي بالغرض (فأوّلاً و بالذّات یَدعو إلی الأجزاء) و يقوم به في الخارج، و أما ما (الشّرط) له دخل في تأثير السبب، فلا يدعو اليه الغرض في عرض ذات السّبب (بل ثانیاً و بالعرض یَدعو إلی الشّرائط) بل الداعي إلى إيجاد شرائط التأثير و إيجابها أغراض تبعيّة (أي ثانیاً و بالعرض) منتهية إلى الغرض الأصليّ لاستحالة التّسلسل، و مثل الإتيان بالصلاة بداعي أمرها من شرائط تأثيرها في الانتهاء عن الفحشاء (لا من مقوِّمات العبادة کي یَدورا معاً) كما أنه من روابط (و شرائط) ما يقوم به الغرض بالمولى.

4. فالمصلحة القائمة بالمركّب الصلاتي تدعو المولى إلى الأمر بالصلاة المحصِّلة للغرض أوّلا و بالذات، و إلى الأمر بما له دخل في فعلية تأثيرها ثانياً و بالعرض إذا لم يكن موجوداً أو لم يكن العقل حاكماً بإيجاده بعنوانه، و إلاّ فمع أحدهما لا يجب عليه في مقام تحصيل غرضه الأصيل الأمر المقدميّ بالشرائط، كما انه مع عدم وجود الشرط و عدم حكم العقل بعنوانه يجب عليه الأمر المقدمي بتحصيله، و إلاّ كان لنا التمسّك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان في نفيه، كما سيجيء[2] إن شاء اللّه تعالى.

5. إذا عرفت ذلك فاعلم: أنّ المولى لا يجب عليه أخذ كلّ ما له دخل في تأثير مطلوبه في غرضه في متعلّق أمره بذات ما يفي بالعرض سواء أمكن أخذه فيه كالطهارة و نحوها، أو لم يمكن كالقربة و نحوها، بل قد عرفت أنه بلحاظ لبّ الإرادة لا يعقل تعلّقها بذات السبب و شرائطه في عرض واحد، فله الأمر حينئذ بذات السبب و الأمر بكلّ واحد من الشرائط مستقلاّ، و عدم سقوط الأمر بالسبب مع عدم الإتيان بشرائطه من لوازم الاشتراط من دون فرق بين القربة و غيرها، و كما لا يحكم العقل بدخل الطهارة بعنوانها في ترتّب الغرض من الصلاة عليها مع عدم البيان من الشارع، كذلك لا يحكم العقل بدخل القربة بعنوانها في ترتّب الغرض (حتّی یَحتاط فیها صاحب الکفایة) و حكمه (العقل) بدخلها في استحقاق الثواب لا دخل له بما نحن فيه (إذ التّوصّليّ مع القصد سیَتحلَّی بالثّواب أیضاً) كما سمعت سابقاً.[3]

6. و أما حكم العقل بإتيان ما يحتمل دخله في الغرض فهو مقيّد بعدم تمكّن المولى من البيان و لو بالأمر به ثانياً، فكما لا يقتضي إيجاب الطهارة -مثلاً- إذا احتمل دخلها في الغرض لتمكّن المولى من بيانها، كذلك لا يقتضي إيجاب القربة لتمكّنه من بيانها، غاية الأمر أن دائرة البيان أوسع في الاولى من الثانية؛ لتمكّن المولى من بيانها بالأمر الأوّل و الثاني في الأولى (الطّهارة) دون الثانية (القربة) حيث لا يمكن بيانها إلاّ بالأمر الثاني، و كون الأمر الثاني بياناً مصحِّحاً للعقوبة سيجيء توضيحه إن شاء اللّه (بینما المحقّق الآخوند قد استَوجب الاحتیاط تجاهَ کلّ محتمَلِ المدخلیّة في الغرض و لکن المحقّق الاصفهانيّ قد قیَّد الاحتیاطَ بعجز المولی عن الأمر المقیَّد و حیث إنّا قد افتَرضنا مُکنةَ المولی بالأمر الثّاني للقصد ففي هذه الصّورة سیَحکم العقل بإجرائه لا لأجل الشّکّ في دخالته و عدم البیان)

7. فتحصّل من جميع ما حرّرناه: أنّ الأمر الأوّل لا يسقط بموافقته لبقاء ما له دخل في تأثير على حاله، و لا يلزم لغوية الأمر الثاني، فإنه إنّما يلزم ذلك لو حكم العقل بإيجاده بعنوانه، و الفرض عدمه. و حكم العقل بإتيان ما يحتمل دخله في الغرض مقيّد بعدم تمكّن المولى من البيان؛ كي لا تجري فيه قاعدة «قبح العقاب بلا بيان» و المفروض تمكّنه منه بالأمر الثاني، و تخصيص التمكّن بالتمكّن من بيانه بالأمر الأوّل بلا مخصّص، إلاّ توهّم أن البيان المصحّح للعقوبة منحصر في الكاشف عن الإرادة المتعلّقة بالفعل، و المفروض عدم إمكان أخذ القربة فيما تعلقت به الإرادة، و سيجيء جوابه ان شاء اللّه تعالى.»[4]

و عقیبَ ما استَحضرنا هذه البیانات الرّائعة، فمن خلالها قد اتَّضحت إشکالیّة منهج الشهید الصّدر حول مسلک «حقّ الطّاعة» و الذي قد استَلهَمه من المحقّق الدّاماد، حیث إنّ الشّهید یَری تنجُّز کافّة التّکالیف أو القیود المحتمَلة نظراً لشُموخ مولویّة المولی و سمُوِّ سلطانه تجاهَنا، و لکنّ المحقّق الاصفهانيّ بهذه البیانیّة النّیِّرة قد رَفض أیضاً اتّجاهَ حقّ الطّاعة فإنّ العقل سیُنجِّز التّکلیف الاحتیاطيّ لدی «امتناع المولی عن تِبیانه» فلو استطاعَ التّبیین فلم یُبیِّنه أو لم یقیِّده لَتفعَّلت قاعدة «قبح العقاب بلا بیان» جزماً إذ سنَستنتج عدم مشیئته للمقیَّد فبالتّالي لا أرضیّة لحقّ الطّاعة إطلاقاً.

فبالنّتیجة، قد التَقطنا النّقاطَ التّالیة من مطاوي بیاناته المثالیّة و نکاته القیّمة:

1. أنّ «القصد» یُعدّ شرطاً لا جزءاً بحیث إنّ مدخلیَّته تبعیّة -تلوَ الأجزاء- فیُفعِّل الغرض الواجب، فلیس أصیلاً مُکوِّناً لأصل الغرض بل تبعیّاً.

2. أنّ العقل لا یُدرک القصد بعنوانه المحدَّد بل یُدرک الکلیّات بحیث إنّ محتَمل الدَّخالة هو عنصر ضروريّ لدی الطّاعة.

3. قد أُنیط إدراک العقل لأهمیّة قید «بعجز المولی عن إبرازه» فوقتَئذ سیَستوجِبه العقل بتّاً، بینما لو قدِر علی إعلانه کالأمر الثّاني -رغم عجز تقییده في الأوّل- فلا نَعبأ بالاحتیاط العقليّ بل سنَحذُوا حذوَ الأمر الثاني المولويّ فحسب، فبالتّالي لا یصحّ أن نُوسِّع نطاقَ الإدراکات العقلیّة و نُعمِلها لدی أيّ تحیّر و ارتیاب کما زعمه المحقّق الآخوند بل إنّها مشروطة بعجز المولی تماماً.

4. بل المِقیاس المزبور سیُجدي لدی الشّکّ في الأقلّ و الأکثر الارتباطيَّین حیث إنّ مسرح الصّراع هناک یَحول حولَ «الشّکّ في الجزء و الشّرط» فیَنطرح التّسائل: هل هذا المرکّب قد تألَّف من 9 أجزاء أو 10؟ و هل یُشترَط فیه العنصر الکذائيّ أم لا؟ فعندئذ لا یَحقّ لنا اتّخاذ مسلک حقّ الطّاعة و إعمال الاحتیاط بهذه السّهولة، بل ستَتنوَّر بیانات الاصفهانيّ بأنّ العقل سیُنجِّز التّکلیف الاحتیاطيّ لدی «عجز المولی عن تِبیانه» بینما لو استطاعَ التّبیین فلم یُبیِّنه أو لم یقیِّده لَتفعَّلت قاعدة «قبح العقاب بلا بیان» جزماً إذ سنَستنتج وقتَئذ عدمَ إرادته للقید، و حیث یُتاح للمولی أن یَشترط «القصد» ضمن العبادة حتّی بالأمر الثّاني فبالتّالي سنَستغني عن «إدراک العقل بلزومه و احتیاطه» من الأساس -کما زعمه الکفایة- بل سنَلُوذ بنفس الأمر الثّاني.

----------------------
[1] التعليقة: ٥٨ و ٧١ من هذا الجزء.للکتاب.
[2] و ذلك في التعليقة: ١٧٧ من هذا الجزء، عند قوله: (و التحقيق: أن الشك...).
[3] من دخل القربة في استحقاق الثواب، و ذلك في التعليقة: ١٦٦ عند قوله في أوّلها: (تحقيق الحال: أن الطاعة...).
[4] اصفهانی محمد حسین. نهایة الدرایة في شرح الکفایة. Vol. 1. ص333-334 بیروت مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .