درس بعد

التعبدی و التوصلی

درس قبل

التعبدی و التوصلی

درس بعد

درس قبل

موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/١٠/١١


شماره جلسه : ۵۱

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • اعتراضیّة المحقّق العراقيّ تجاه احتیاط المحقّق الخراسانيّ

  • مناقشة صاحب المنتقی لجوابیّة المحقّق العراقيّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين

اعتراضیّة المحقّق العراقيّ تجاه احتیاط المحقّق الخراسانيّ

لقد ناقشَ المحقّق العراقي ذیلَ مقالة الکفایة -حول الاحتیاط- قائلاً: [1]

«أقول: و لا يخفى عليك ما في هذا الإشكال، إذ نقول، بأنه لو تمّ هذا الإشكال (و لزوم الإتیان بالقصد احتیاطاً) فانما هو:

- على مبنى مرجعية قاعدة الاشتغال في نحو هذه القيود عند الشك في اعتبارها. (لأنّ العقل یحکم بالاحتیاط: أي إتیان کافّة المحتملات تحصیلاً للغرض).

- و إلاّ فبناء على مبنى البراءة (في الأقلّ و الأکثر الارتباطيّ لدی المشهور) -كما هو التحقيق على ما يأتي بيانه إن شاء اللّٰه تعالى- فلا موقع لهذا الإشكال (أي أنّ یَحتاط عقلاً مع القصد).

و ذلك لأنه في فرض استقلال العقل بمرجعية البراءة عند الشك (بین الأقلّ و الأکثر الارتباطيّ) لا محيص للمولى من بيان «مدخلية قصد الامتثال في غرضه» على فرض دخله (ووجوبه) فيه واقعاً، و بيانه انما هو بأمره به مستقلاً (و مولویّاً) لكي لا يذهبَ المكلف و يستريحَ في بيته و ينام متّكِلاً على حكم عقله بالبراءة و قبح العقاب بلا بيان (و لهذا قد أمرَه أمراً مولویّاً لکي لا یُهمِل الأمر) و إلاّ فمع عدم أمره (المولویّة) بذلك لكان قد أخلّ بما هو مرامه و غرضه (إذن فالأمر الثاني المولويّ سیُزیل شکَّ المکلّف فیُلغی حکمُ العقل بالاحتیاط أیضاً) و من المعلوم، بداهةَ أنّ كمال المجال حينئذ لإعمال المولوية بأمره (الثّاني) إذ لا نَعني من الأمر المولوي الا ما كان رافعاً لموضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان لقلب عدم البيان بالبيان (ببرکة الأمر الثّاني) كما هو الشأن أيضاً في الأمر الأول المتعلق بذات العبادة، فكما ان الأمر الأوّل أمرٌ مولويّ و رافع لموضوع حكم العقل بالبراءة بلا كلام، كذلك الأمر الثاني المتعلِّق بقصد الامتثال فهو أيضاً أمر مولويّ قد أعمِل فيه جهة المولوية لرفع موضوع حكم العقل بالبراءة (فلا داعي لاحتیاط صاحب الکفایة).»

«نعم بناء على مبنى مرجعية الاشتغال عند الشك في اعتبار هذه القيود ربما يتوجه الإشكال المزبور (أي لغویّة الأمر الثّاني) إذ يمكن أن يقال حينئذ بأنه بعد حكم العقل و استقلاله بالاشتغال لا يلزم على المولى بيان دخل قصد الامتثال في تحقق غرضه (لأنّه) من جهة إمكان اتكاله حينئذ على قضيّة حكم العقل بالاشتغال، و معه لا يلزم من عدم بيانه (للقصد) إخلال منه بغرضه كي يجب عليه البيان (بالأمر الثّاني) هذا.

و لكن يمكن دفع الإشكال المزبور (الاشتغال) على هذا المسلك أيضاً، إذ نقول حينئذ: بأنه على هذا البيان و ان لم يجب على المولى الأمر المولوي بداعي الأمر، من جهة جواز اتّكاله على حكم العقل بالاشتغال، إلاّ أنّه لو أمر بها (أمراً ثانیاً) حينئذ لا يلزم منه اللّغوية، كيف و ان للمولى حينئذ بيان كل ما له الدخل في تحقق غرضه بالأمر به (ثانیاً) و يكفى في فائدته ارتفاع موضوع حكم العقل بالاشتغال (فتَتسجَّل البرائة فهذه فائدة الأمر الثّاني إذن) من جهة أنّ حكم العقل بالاشتغال كحكمه بالبراءة انما هو في ظرف الشّكّ بالواقع و بعد بيان المولى (بالأمر الثّاني) ما له المدخلية في تحقق غرضه واقعا يرتفع موضوع حكم عقله بالاشتغال كارتفاع موضوع حكمه بالبراءة. 

نعم لو انحصر فائدة الأمر المولوي «بإحداث الداعي» للمكلّف (فحسب) نحو المطلوب لأمكن دعوى لغوية أمره مولويّاً مع حكم العقل الجزمي بالاحتياط و لكنّه ليس كذلك (أي لم یَنحصر فائدة الأمر الثاني بإحداث الدّاعویّة کي لا یُعقَل) بل نقول: بأنّ من الفوائد أيضا إعلام المكلّف (بالأمر الثّاني) بما له المدخلية في حصول غرضه واقعاً لكي يرتفع به موضوع حكم عقله بالاحتياط كما هو واضح، و حينئذ فعلى كلّ حال يكون الأمر (الثّاني) المتعلّق بداعي الأمر أمراً مولويّاً لا إرشاديّاً.»

نعم انما يتوجه هذا المحذور في مورد علم من الخارج بعبادية المأمور به (فالمکلف قد علم بعبادیّة الأمر) فانه في هذا الفرض يصير أمره الثاني لغوا محضاً، و لكن الشأن كله في حصول هذا العلم من الخارج خصوصا في الصّدر الأوّل و غفلتهم عن دخل مثل دعوة الأمر في عباديّة الشيء، فانّه في مثله يكون طريق العلم بدخل داعي الأمر هو أمر الشارع دون غيره، كما هو واضح، فعلى هذا فلا بأس بدعوى تقيّد المأمور به بداعي الأمر بالالتزام بأمرين طوليّين: أحدهما متعلق بذات العبادة و الآخر في طول الأمر الأوّل بإتيانها بداعي الأمر المتعلق بها، كما هو واضح.»

مناقشة صاحب المنتقی لجوابیّة المحقّق العراقيّ

لقد أجهَد نفسه المحقّق العراقيّ کي یُبرِّر وجود الأمر الثّاني -بلا لغویّة- و یَصطَنع له فائدة، و لکنّ صاحب المنتقی قد أتقَن الاستشکال علیه قائلاً:

1. «إنّ الظّاهر أنّ الأثر العقلائي للأمر (الثّاني) ينحصر بجعل الداعي (و القصد) و المحركية نحو العمل، و لا نعرف له أثراً عقلائيّاً (آخَر) يُصحّحه غيرَ هذا، فإذا فرض وجود الداعي (ببرکة الأمر الأوّل) كان الأمر (الثّاني) لغواً إلا أن يكون إرشاديّاً واقعه الإخبار.»[2]

و بتحریر حَريّ: إنّ مجرَّد تصویر فوائد متعدّدة للأمر الثّاني لا یُفرِزه عن اللّغویّة، إذ قُصاری العائدة العقلائیّة البارزة للأوامر هي «الباعثیّة و الحَثّ نحوَ الامتثال» -و لیس أکثر- بینما الأمر الثّاني المولويّ یَفتقِد هذه المیِزَة تماماً فصار لاغیاً وفقاً لما حرَّره صاحب الکفایة تماماً.

فبالتّالي، قد اتَّجهت هذه الإشکالیّة تجاه المحقّق العراقيّ بل حتّی البرائة الشّرعیّة -التي یَقبلها صاحب الکفایة لدی الأقلّ و الأکثر- مرفوضة و مُنثَلمة نظراً لاستحالة الأمر الثّاني عقلاً -الآتیة لاحقاً-.

2. و قد أجاد صاحب المنتقی -أیضاً- حینما اعتَرض علی الإشکال الأوّل للمحقّق العراقيّ قائلاً: «و لكن ما ذكره (قدس سره) من ابتناء التزام صاحب الكفاية بامتناع الأمر الثاني مولويّاً (ابتناءً) على عدم جريان البراءة (الشّرعیّة) في مورد الشك في التعبدية و التوصلية و إجراء الاحتياط فيها عجيب منه (قدس سره) كيف‌؟ و صاحب الكفاية انما لا يلتزم بالبراءة (العقلیّة) و يلتزم بالاحتياط (العقليّ) لأجل امتناع (عقلاً) بيان العباديّة بالأمر شرعاً (حتّی بالأمر الثّاني) بيان ذلك: انه إذا دار الأمر بين الأقل و الأكثر فقد قيل: بان مقتضى العلم الإجمالي الاحتياط و لا تتأتّى البراءة العقلية، و قيل: بان المورد مجرى البراءة العقلية لانحلال العلم الإجمالي (وفقاً للمشهور) و (الحال أنّ) صاحب الكفاية ممن لا يلتزم بالبراءة العقلية في المورد المذكور و انما يلتزم بالاحتياط عقلاً بمقتضى العلم الإجمالي (فلا یَری الانحلال) نعم يلتزم بجريان البراءة شرعاً لكون المورد من مواردها، و من الظاهر إنهم (الأصولیّین) يلتزمون بجريان البراءة شرعاً -بل عقلاً- في المورد «القابل للجعل و الوضع شرعاً» أمّا ما لا يقبل الوضع (القصد) شرعاً فلا يكون الشك فيه مشمولاً لحديث الرفع، لأنّ ما لا يقبل الوضع (للقصد) شرعاً لا يقبل الرّفع (للقصد أیضاً).» [3]

فبالتّالي قد حامی صاحب المنتقی عن احتیاط الکفایة معلِّلاً بأنّه قد استَحال تقیید الأمر «بقید الدّاعویّة» بحیث لا یُعقَل وضع «القصد ضمن الأمر» فبالتّبع قد استحال إزالة «القصد» بمطلق البرائة -العقلیّة و الشّرعیّة- تماماً فالتَجَأ صاحب الکفایة إلی الاحتیاط إنجازاً للغرض النّهائيّ لا نظراً لمسألة الأقلّ و الأکثر البحتة کما زعمه المحقّق العراقيّ حیث قد غفَل عن أنّ صاحب الکفایة قد اضطَرَّ إلی الاحتیاط هروباً عن الاستحالة الذّاتیّة -و لیس أکثر- فإنّه لم یَظفر بطریق آخر للخَلاص عن الدّور سوی الاحتیاط، فبالنّهایة لا یَتعلّق صراعنا بمبحث الأقلّ و الأکثر کي یُعترض علیه بتوفّر البرائة الشّرعیّة، و لا تَتعالَج الاستحالة العقلیّة أیضاً بتکثیر الأوامر، إذ البرائة الشّرعیّة تَتفعَّل لو تَعقَّلنا وضع القید بینما نواجه هنا الاستحالة، فبالتّالي سیُصبح الأمر الثاني و الثالث و.... حشواً لاغیاً. [4]

------------------------
[1] عراقی ضیاء‌الدین. نهایة الأفکار. Vol. 1. ص194- 195 جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة، مؤسسة النشر الإسلامي.
[2] روحانی محمد. منتقی الأصول. Vol. 1. ص447 قم - ایران: دفتر آيت الله سيد محمد حسينی روحانی.
[3] روحانی محمد. منتقی الأصول. Vol. 1. ص446 قم - ایران: دفتر آيت الله سيد محمد حسينی روحانی.
[4] و سوف یشیر صاحب الکفایة إلی هذه المقالة أیضاً قائلاً: «ثم إنه لا أظنك أن تتوهم و تقول إن أدلة البراءة الشرعية مقتضية لعدم الاعتبار و إن كان قضية الاشتغال عقلا هو الاعتبار لوضوح أنه لا بد في عمومها من شيء قابل للرفع و الوضع شرعا و ليس هاهنا فإن دخل قصد القربة و نحوها في الغرض ليس بشرعي بل واقعي و دخل الجزء و الشرط فيه و إن كان كذلك إلا أنهما قابلان للوضع و الرفع شرعا فبدليل الرفع - و لو كان أصلا - يكشف أنه ليس هناك أمر فعلي بما يعتبر فيه المشكوك يجب الخروج عن عهدته عقلا بخلاف المقام فإنه علم بثبوت الأمر الفعلي كما عرفت فافهم. (کفایة الأصول طبعة آل البیت ص76». فعلی أساسه لم یَلتفت المحقّق العراقيّ إلی هذه الاستحالة العقلیّة و لهذا لا تتصحَّح البرائة الشّرعیّة و لا تعدّد الأوامر إطلاقاً.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .