موضوع: الواجب النفسی و الغیری
تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٧/٧
شماره جلسه : ۱۱
-
خلاصة البحث السابق
-
النظرية المختارة في تقييم الإيرادات على مبنى المحقق النائيني
-
مجاري الأصول العملية ونسبة النفسية والغيرية إلى الجعل والتقييد
-
محل أثر الأصل العملي في الصورة الأولى: البراءة من التقييد، لا من النفسية والغيرية
-
شمول قاعدة قبح العقاب بلا بيان وحديث الرفع للمؤاخذات المباشرة والتسبيبية
-
مجرى الأصل العملي في الصورة الأولى؛ نقدٌ نهائي على تقرير السيد الروحاني وتقويةٌ لمختار المحقق النائيني
-
تقرير الإمام الخميني في الصورة الأولى ونفي انحلال العلم الإجمالي
-
المصادر
-
الجلسة ۱
-
الجلسة ۲
-
الجلسة ۳
-
الجلسة ۴
-
الجلسة ۵
-
الجلسة ۶
-
الجلسة ۸
-
الجلسة ۹
-
الجلسة ۱۰
-
الجلسة ۱۱
-
الجلسة ۱۲
-
الجلسة ۱۳
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
الحمدللّه ربّ العالمین وصلّی اللّه علی محمّد و آله الطّاهرین
خلاصة البحث السابق
إنّ النكتة التي ينبغي أن تكون محور التحقيق هي أنّ «النفسية» و«الغيرية» ليستا من مجعولات الشارع، بل هما من كيفيات الجعل ونحو انتساب الحكم إلى المتعلَّق؛ ولهذا، فإنهما لا تقعان مجرىً للأصول العملية. فالأصل العملي — سواء كان براءةً شرعيةً أم عقلية — إنما يكون له معنىً حيثما كان ثمة «جعلٌ» في البين: فإمّا أن يكون نفس الحكم المجعول مورداً للشك، وإمّا أن تكون المؤاخذة المترتبة على مخالفة ذلك الحكم هي محل البحث. وحتى بناءً على مبنى الشيخ الأنصاري في تفسير حديث الرفع بـ«رفع المؤاخذة»، فإنّ قاعدة «لا مؤاخذة بلا مجعول» تبقى حاكمة؛ فالمؤاخذة من دون مجعولٍ أمرٌ غير معقول. وعلى هذا الأساس: فإنّ «أصالة البراءة عن النفسية» و«أصالة البراءة عن الغيرية» بما هما عنوانان انتزاعيان، لا محل لهما من الإعراب؛ وذلك لأنّ هذه العناوين لا توجب أثراً إلزامياً مستقلاً على ذمة المكلف حتى يرفعه الأصل الترخيصي. ومن هنا، فإنّ بناء طرف التعارض على «البراءة من النفسية» غير تامٍّ من الناحية الصناعية.
والمجرى الصحيح للأصل في ما نحن فيه هو «تقييد الصلاة بالوضوء»؛ فالتقييد حيثيةٌ وضعيةٌ قابلةٌ للجعل، والشك في لزومه هو شكٌّ في مجعولٍ قابلٍ للرفع. وعليه، فإنّ «أصالة البراءة عن التقييد» تجري على نحوٍ صحيح، وترفع الأثر الإلزامي الزائد — وهو لزوم الإتيان بالصلاة على وجه التقييد. ولأجل ذلك، فإنّه لو افتُرِض في بعض التقريرات أنّ طرفي التعارض هما «البراءة من النفسية» و«البراءة من التقييد»، لكان ذلك محل إشكال؛ وذلك لأنّ «النفسية» ليست مجعولةً حتى تجري فيها البراءة. فالسؤال: «هل النفسية مجعولة؟» جوابه بالنفي؛ إذ إنّ الجعل إنما يتعلّق بنفس حكم «وجوب الصلاة»، وأما وصف «النفسي/الغيري» فيُنتزَع من كيفيات الجعل ونحو ارتباط الحكم بالغير، لا أنه جعلٌ ثانٍ مستقل.
والقياس البيّن في هذا المقام هو أنّه كما لا يمكن، عند التردد بين استعمال صيغة الإنشاء (كالأمر) والجملة الخبرية في مقام الإنشاء، إجراء «أصالة البراءة عن صيغةٍ دون أخرى» — لكون كليهما من شؤون كيفية الجعل لا من المجعولات — كذلك لا يجري الأصل في النفسية والغيرية. وهذا الأمر أوضح بناءً على مبنى الآخوند والأصفهاني اللذين يعتبران النفسية قيداً عدمياً. وحتى بناءً على المختار عندنا، الذي نعتبر فيه النفسية حيثيةً وجودية، فإنّ هذه الحيثية الوجودية هي الأخرى من سنخ كيفية الجعل لا المجعول المستقل.
وعليه، فالإشكال الأول هو أنّ التحقيق في محل البحث يكشف عن أنّ «النفسية» و«الغيرية» ليستا مجرىً للأصول العملية؛ وذلك لكونهما لا متعلَّقاً للجعل ولا مجعولاً شرعياً. فهما إنما يُعَدَّان من كيفيات الجعل ونحو انتساب الحكم إلى المتعلَّق. فالأصل العملي — سواء كان براءةً شرعيةً أم عقلية — إنما يكون له معنىً حيثما كان ثمة مجعولٌ في البين: فإمّا أن يكون نفس الحكم المجعول مورداً للتردد، وإمّا أن تكون المؤاخذة المترتبة على ترك ذلك الحكم هي محل البحث. وعلى هذا المبنى، فإنّ إجراء «أصالة البراءة عن النفسية» أو «أصالة البراءة عن الغيرية» يكون لا أثر له؛ وذلك لأنّ هذه العناوين بما هي هي لا توجب إلزاماً مستقلاً على ذمة المكلف حتى يرفعه الأصل الترخيصي.
الإشكال الثاني هو أنّ مفاد قاعدة قبح العقاب بلا بيان وحديث «رفع ما لا يعلمون» قد حُصِر في بعض التقريرات في المؤاخذة على نفس ترك ذلك العمل المجعول المجهول، وعلى هذا الأساس ادُّعي أنّه لا تجري في باب الواجب الغيري لا البراءة الشرعية ولا البراءة العقلية. وهذا التحديد لا يمكن الدفاع عنه، ويرد عليه النقد ببيانين:
البيان العقلي: إنّ قيود قاعدة قبح العقاب بلا بيان تنحصر في ركنين اثنين: 1- وجود مقتضٍ للعقاب في المخالفة. 2- وعدم وصول البيان. والعقل لا يفصِّل بين المؤاخذة على ترك نفس العمل المجهول، والمؤاخذة على ترك ذي المقدِّمة التي ينشأ تركها من ترك المقدِّمة. فلو أنّ الشارع، من دون بيان، آخذ على ترك ذي المقدِّمة بسبب ترك المقدِّمة، لكان ذلك قبيحاً بالقدر نفسه الذي يقبح به العقاب على نفس ترك الفعل المجهول الحكم.
البيان الشرعي: بناءً على تفسير «رفع المؤاخذة» في حديث الرفع، فإنّ إطلاق «رُفِعَ ما لا يعلمون» يشمل كل مؤاخذةٍ تنشأ عن ترك المجهول الحكم؛ سواء كانت مؤاخذةً مباشرةً على نفس الترك، أم مؤاخذةً غير مباشرةٍ مترتبةً على ترك ذي المقدِّمة. فتخصيص الرفع بالمؤاخذة المباشرة تخصيصٌ بلا قرينة، وهو مستلزمٌ للتهافت في المبنى؛ إذ لا يمكن من جهةٍ حصر الرفع في المؤاخذة على نفس الترك، ومن جهة أخرى، ومع إنكار المؤاخذة بالأصالة في الغيرية، يُرفَع اليد عن رفع المؤاخذة المترتبة أيضاً.
الإشكال الثالث على تقرير صاحب «المنتقى» هو أنّه مع تصريحه بأنّ «إجراء البراءة بالنسبة إلى النفسية عديم الأثر»، فإنه قد التزم بالاحتياط. والحال أنّ الطرف الفاقد للأثر في باب العلم الإجمالي لا يكون منجَّزاً؛ وهو نظير اشتراط الابتلاء في منجِّزية العلم الإجمالي بناءً على مبنى الشيخ الأنصاري: فما هو خارجٌ عن محل الابتلاء، لا يكون منجَّزاً. وفي مقامنا أيضاً، فلو كانت «البراءة من النفسية» عديمة الأثر، لما كانت منشأً للإلزام، ولما كان ينبغي أن تؤول إلى الاحتياط. فالأصل يجب أن يجري في الطرف «ذي الأثر»، وهو «تقييد الصلاة بالوضوء». فالمتحصّل هو أنّ المجرى الصحيح هو «أصالة البراءة عن التقييد».
إنّ الضابطة الكبروية بيّنة: وهي أنّ «أصالة البراءة» لا تجري إلا في مورد الإلزام الزائد. وعنوان «النفسية» بما هو عنوان، لا يوجب إلزاماً إضافياً على «أصل الوجوب المعلوم»؛ ولهذا، فهو لا يكون مجرىً للأصل، ولا يثقل عهدة المكلف بشيء. فالمتحصّل هو أنّ «التقييد» هو وحده مجرى الأصل في هذا النزاع؛ وبإجراء «البراءة من التقييد»، يُنفى إلزام التقييد، وتتحصّل نتيجة الإطلاق في جانب الصلاة.
صلته ببحث الانحلال: لم يرد في «فوائد الأصول» أو «أجود التقریرات» للمحقق النائيني أي حديثٍ عن الانحلال أو عدمه في هذه الصورة أساساً. وبناءً على مبنانا أيضاً، لا تصل النوبة إلى طرح مسألة الانحلال؛ وذلك لأنّه لا تجري أصولٌ في النفسية والغيرية حتى ينعقد تعارضٌ. نعم، لو أنّ أحداً أجرى الأصل في «التقييد» فحسب، أمكنه أن يتحدث عن «الانحلال الحكمي» باعتبار السببية والمسبَّبية؛ إلا أنّ هذا ليس إلا تعبيراً عن جريان الأصل بلا معارض، لا أنه افتقارٌ مستقل إلى مبحث الانحلال.
في الصورة الأولى، حيث يُفرَض تماثل الوجوبين من حيث الإطلاق والاشتراط، يختار الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه)، على خلاف مسلك المحقق النائيني، نتيجة الاحتياط. وصورة العلم عنده هي كالتالي:
إنّ طرفي العلم الإجمالي هما: الوجوب النفسي للوضوء. ووجوب الصلاة المقيَّدة بالوضوء. وفوق ذلك، فإنّ العلم التفصيلي بأصل وجوب الوضوء — الأعمّ من النفسي والغيري — مفروضٌ أيضاً. ويصرّح الإمام (قده) بأنّ هذا العلم الإجمالي لا ينحلّ بوجهٍ من الوجوه؛ لا بواسطة العلم التفصيلي بطبيعيّ وجوب الوضوء، ولا من طريقٍ آخر. بل لو اعتبرنا العلم التفصيلي بالجامع موجباً لانحلال العلم الإجمالي، للزم المحذور؛ إذ إنّ العلم التفصيلي بالجامع لا يرفع الإلزامات المتباينة لطرفي العلم الإجمالي.
وتؤيد ذلك مباني المحقق النائيني نفسه في جريان البراءة العقلية في باب الأقل والأكثر الإرتباطیین: فكما أنّ العلم التفصيلي بالأقل لا ينحلّ العلم الإجمالي بالأقل والأكثر، كذلك فإنّ العلم بطبيعيّ وجوب الوضوء لا ينحلّ العلم الإجمالي المردَّد بين «الوجوب النفسي للوضوء» و«وجوب الصلاة المقيَّدة». وعليه، فمع بقاء العلم الإجمالي، لا يجوز جريان البراءة في جانب الصلاة، ولا تنهض الأصول الترخيصية لإثبات المطلوب. فتصل النوبة إلى أصالة الاحتياط، وتكون الوظيفة الامتثالية هي تقديم الوضوء والإتيان بالصلاة على وجه التقييد. وقد ورد تفصيل هذا التقرير في «مناهج الوصول»:
... ففي هذا القسم يرجع الشكّ إلى تقييد الصلاة بالوضوء، فيكون مجرى البراءة ... و أمّا الوضوء فيجب على أيّ حال ... و فيه إنّ إجراء البراءة في الصلاة غير جائز بعد العلم الإجماليّ بوجوب الوضوء نفسيّا أو وجوب الصلاة المتقيّدة به، و العلم التفصيليّ بوجوب الوضوء الأعمّ من النفسيّ و الغيريّ لا يوجب انحلاله إلاّ على وجه محال كما اعترف به القائل في الأقلّ و الأكثر ... .[1]
و صلّی اللّه علی محمّد و آله الطّاهرین
- خمینی، روح الله. مناهج الوصول إلى علم الأصول. قم: موسسه تنظيم و نشر آثار امام خميني( ره)، 1415.
نظری ثبت نشده است .