موضوع: الواجب النفسی و الغیری
تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٧/١٤
شماره جلسه : ۱۵
-
خلاصة البحث السابق
-
تحليل نظر الإمام الخميني في الصورة الثانية
-
نقد الإمام الخميني
-
ردّ مبنى «عدم العلم بالوجوب الفعلي قبل الوقت»
-
التنجيز في التدريجيات؛ الملاك والأثر
-
الانحلال الحكمي في الصورة الثانية بناءً على نسبة السبب والمسبَّب؛ دفاعٌ عن مبنى المحقق النائيني
-
الجواب عن إشكالين مشهورين
-
الثمرات الامتثالية للانحلال السببي
-
ضابطة الشهيد الصدر في سقوط تنجُّز العلم الإجمالي وتحقق الانحلال الحكمي
-
المصادر
-
الجلسة ۱
-
الجلسة ۲
-
الجلسة ۳
-
الجلسة ۴
-
الجلسة ۵
-
الجلسة ۶
-
الجلسة ۸
-
الجلسة ۹
-
الجلسة ۱۰
-
الجلسة ۱۱
-
الجلسة ۱۲
-
الجلسة ۱۳
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
الحمدللّه ربّ العالمین وصلّی اللّه علی محمّد و آله الطّاهرین
خلاصة البحث السابق
يعتبر الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) هذا التقرير غير تامّ، ويرجع الصورة بدلاً من ذلك إلى «علمٍ إجمالي منجِّز». فبحسب بيانه (قده)، فإننا نُحرِز طرفي الإلزام على نحو الإجمال: فإمّا أن يكون وجوب الوضوء «نفسياً» وثابتاً بالفعل الآن. وإمّا أن يكون وجوب «الصلاة المقيَّدة بالوضوء» سيصبح فعلياً بعد دخول الوقت. والقاعدة العقلية الحاكمة في هذا المقام هي أنّ: «العلم الإجماليّ بالواجب المشروط إذا عُلِم تحقّقُ شرطِه، أو بالواجبِ المطلقِ في الحال، منجِّزٌ عقلاً».
وبيان ذلك: أنّه متى ما كان لدينا علمٌ إجمالي إمّا بـ«واجبٍ مطلقٍ فعلي» (كاحتمال نفسية الوضوء الآن)، وإمّا بـ«واجبٍ مشروطٍ» نقطع بتحقق شرطه (كالصلاة بعد دخول الوقت)، فإنّ مثل هذا العلم — ولو كانت أطرافه واقعةً في ظروفٍ زمانيةٍ مختلفة — يكون منجِّزاً، ويحكم العقل بلزوم الامتثال القطعي. فالعقل، بلحاظ هذا العلم، يرفع الأصل الترخيصي عن كلا الطرفين؛ وذلك لأنّ الترخيص في كلا الجانبين يعرِّض المكلف للمخالفة القطعية العملية.
إنّ المحور الثاني لاستدلال الإمام (قده) هو منجِّزية العلم الإجمالي في التدريجيات. وهذه المنجِّزية لا تختص بالدفعيات؛ فحيثما وُجِد إلزامان مردَّدان في ظرفين زمانيين على نحوٍ يستلزم معه الجمع بين الترخيص في كلا الطرفين مخالفةً قطعيةً عملية، فإنّ العقل يحكم بالاحتياط. وفي مقامنا:
فلو قيل قبل الوقت: «بناءً على البراءة، لا يثبت الوجوب النفسي». وقيل بعد الوقت: «بناءً على البراءة، لا يثبت تقييد الصلاة بالوضوء». فإنّ من الجمع بين هذين الأصلين يتحصّل ترك الوضوء وترك شرط الصلاة؛ وهذا هو بعينه المخالفة القطعية التي يستقبحها العقل، ولهذا، فإنه يُسقِط الأصول الترخيصية عن أطراف العلم الإجمالي.
وبناءً على مبنى الإمام (قده): توضأ قبل الوقت، حتى يتحقق امتثال احتمال النفسية الفعلية. وبعد الوقت، أوقع الصلاة مع الوضوء. فإن بقي وضوءُ ما قبل الوقت، كفى. وإن طرأ بطلان الطهارة، لزمت إعادة الوضوء بوصفه مقدِّمةً لامتثال الصلاة.
وقد يُقال: «لو لم نرتضِ منجِّزية العلم الإجمالي في التدريجيات أصلاً، لجرت البراءة حينئذٍ في كلا الطرفين». إلا أنّ الإمام (قده) يصرّح بأنّ هذا المسلك مسدود؛ وذلك لأنّ المبنى الأصولي الصحيح هو منجِّزية العلم الإجمالي في التدريجيات، وأنّ القائل نفسه قد التزم بذلك في مبحث «الاشتغال»؛ حتى مع فرض دخالة الزمان في الخطاب والملاك. وعليه، فإنّ نفي المنجِّزية في هذا المقام خلاف التحقيق وخلاف الالتزامات السابقة.
الخلاصة النهائية: في الصورة الثانية من محل البحث، حيث يكون وجوب الغير (وهو الوضوء) مشروطاً بشرطٍ غير حاصل (أي قبل الوقت)، فإنّ الرجوع إلى البراءة قبل الوقت لا وجه له؛ وذلك لأنّ العلم الإجمالي بـ«إمّا فعلية نفسية الوضوء الآن، وإمّا وجوب الصلاة المقيَّدة بعد الوقت» منجِّزٌ، ويُسقِط الأصول الترخيصية عن أطرافه. فمقتضى هذا العلم هو الاحتياط العملي في كلا الظرفين: تحصيل الوضوء قبل الوقت، والإتيان بالصلاة مع الوضوء بعد الوقت. وإنما كان يمكن جريان البراءة لو أُنكرت منجِّزية العلم الإجمالي في التدريجيات مطلقاً؛ وهذا خلاف المبنى الأصولي المحكَم.
ومن هنا، فإنّ رأي الإمام (قده) في هذه الصورة ينسجم مع قاعدة «الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني»، ويرتكز على «تنجُّز العلم الإجمالي الزماني». وعليه، فلا تجري البراءة قبل الوقت، ولا تجري البراءة النافية للتقييد بعد الوقت، بل إنّ الوظيفة الامتثالية بيّنة، وهي: الوضوء الآن، والصلاة مع الوضوء لاحقاً. ويشير الإمام الخميني (قده) إلى هذا المبنى بقوله:
القسم الثاني: ما إذا علم بوجوب الغير و الغيريّ، لكن كان وجوب الغير مشروطا بشرط غير حاصل، كالوضوء قبل الوقت بناء على اشتراط الصلاة بالوقت، ففي هذا القسم لا مانع من جريان البراءة، لعدم العلم بالوجوب الفعليّ قبل الوقت .
و فيه: أنّ ذلك يرجع إلى العلم الإجماليّ بوجوب الوضوء نفسا، أو وجوب الصلاة المتقيدة به بعد الوقت، و العلم الإجماليّ بالواجب المشروط إذا علم تحقق شرطه أو الواجب المطلق في الحال منجز عقلا، فيجب عليه الوضوء في الحال، و الصلاة مع الوضوء بعد حضور الوقت.
بناءً على مبنى المحقق النائيني، فكما صُوِّر الانحلال الحكمي وأُثبت في الصورة الأولى، فإنه يجري في الصورة الثانية أيضاً. وسوف يأتي تفصيل ضابطة الانحلال الحكمي ومعاييرها في بحث الصورة الثالثة؛ إلا أنّ نكتةً محوريةً في هذا المقام تجلّي الوجه الصناعي لهذا الانحلال، وهي: نسبة السبب والمسبَّب بين الشك في تقييد الصلاة بالوضوء والشك في نفسية وجوب الوضوء أو غيريته. وببيانٍ أدقّ: فإنّ التردد في «كون الوضوء نفسياً أم غيرياً» مسبَّبٌ عن التردد في «تقييد الصلاة بالوضوء»؛ وعليه، فإنّ الأصل المؤمِّن يجب إجراؤه في السبب. فمتى ما جرى الأصل في السبب (وهو التقييد) وانتفى القيد المشكوك، فإنّ الشك المسبَّبي (وهو النفسي/الغيري) يرتفع موضوعاً، وينحلّ العلم الإجمالي بذلك حكماً.
النسبة البنيوية: إنّ غيرية وجوب الوضوء — بمعنى انتساب إلزام الوضوء بوصفه مقدِّمة — لا تُعقَل إلا في فرض «تقييد الصلاة بالوضوء». فلو لم تكن الصلاة مقيَّدةً بالوضوء، لما بقي مجالٌ للغيرية أساساً، ولكان وجوب الوضوء، إن ثبت، لا يُتصوَّر إلا على نحو النفسية.
مجرى الأصل: إنّ الشك في «التقييد» هو شكٌّ في حيثيةٍ وضعيةٍ قابلةٍ للجعل؛ ولهذا، فهو مجرىً لـ«أصالة البراءة عن القيد الزائد». وأما في المقابل، فإنّ النفسية والغيرية من كيفيات الجعل، لا من المجعولات؛ فلا تكونان بما هما هما مجرىً للأصل العملي. وعليه، فإنّ الأصل المؤمِّن إنما يكون له معنىً في ناحية السبب (وهو التقييد)، وبجريانه، ينتفي الأثر المسبَّبي (وهو الغيرية)، ويغدو الشك في النفسي/الغيري بلا موضوع.
إشكال تعارض البراءتين (بتقرير المحقق الخوئي وصاحب «المنتقى»): قيل إنّ «البراءة من التقييد» تتعارض مع «البراءة من نفسية الوضوء». والجواب: أولاً، إنّ النفسية والغيرية بما هما هما من كيفيات الجعل، وليستا مجرىً للأصل؛ وعليه، فإنّ «البراءة من النفسية» لا موضوع لها أساساً. ثانياً، وحتى لو صيغت «البراءة من النفسية» على نحو نفي العقوبة الزائدة، فإنّ ظرف جريانها لا يتحدّ مع ظرف جريان «البراءة من التقييد». الأولى تجري في ظرف فعل الصلاة (لرفع الإلزام المقيَّد)، والأخرى — لو فُرض لها مجرىً — فإنما تجري في ظرف الترك. ففقدان وحدة المورد والزمان ينتفي معه التعارض من أصله. وعلى هذا المبنى، فإنّ الأصل السببي (وهو نفي التقييد) يجري بلا معارض، ويسقط بذلك الشك المسبَّبي (وهو النفسي/الغيري).
إشكال منجِّزية العلم الإجمالي الزماني (بتقرير الإمام): قيل إنّ العلم الإجمالي بـ«إمّا فعلية نفسية الوضوء الآن، وإمّا وجوب الصلاة المقيَّدة بعد الوقت» منجِّزٌ ومانعٌ من جريان الأصل. والجواب: إنّ محور الانحلال الحكمي هنا هو «تنقيح الموضوع» بواسطة الأصل السببي. فنحن نتجه أولاً إلى السبب، فنرفع القيد المشكوك بـ«البراءة من تقييد الصلاة». وبنفي التقييد، يخرج طرف «الغيرية» عن تحت العلم الإجمالي؛ وذلك لأنّ العلم الإجمالي هو من سنخ «إمّا نفسية الوضوء وإمّا تقييد الصلاة»، لا «النفسية/الغيرية» بما هما هما.
بإجراء «البراءة من تقييد الصلاة بالوضوء»: ينتفي فرع الغيرية موضوعاً؛ وذلك لأنّ الغيرية منوطةٌ بالتقييد. وتسقط بذلك الشكوك الفرعية المترتبة عليه: فلا يبقى مجالٌ لفرض «تقييد الوضوء بما قبل الوقت» (إذ إنّ أصل التقييد قد انتفى)؛ ولا للتردد في «لزوم الإعادة بعد الوقت» في فرض تحقق الوضوء قبل الوقت (إذ إنّ قيد وقوع الوضوء داخل الوقت خصوصيةٌ زائدة تنتفي موضوعاً بانتفاء أصل التقييد؛ ومع فرض بقاء الطهارة، يتحقق الامتثال). والنتيجة العملية هي ما تحصّل في الصورة الأولى، وهي: نتيجة الإطلاق في جانب الصلاة، وسقوط الإلزام المقيَّد. فيكون المكلف مخيَّراً في ترتيب الامتثال، إلا أن يقوم دليلٌ خاص في الفقه على إثبات الشرطية في موردٍ معيَّن.
يقرِّر الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قده)، في مقام دفاعه عن مبنى المحقق النائيني في الصورة الأولى، معياراً دقيقاً لسقوط تنجُّز العلم الإجمالي، وهو معيارٌ ناجعٌ في مقامنا أيضاً. فبناءً على هذه الضابطة، فإنّ منجِّزية العلم الإجمالي إنما تتمّ حيثما أمكن للمكلف أن يستند «في واقعةٍ واحدة، وفي عرضٍ واحد، وفي زمانٍ واحد» إلى الأصلين المؤمِّنين الواقعين في طرفي العلم الإجمالي؛ على نحوٍ يؤدي معه جريان كلا الأصلين إلى المخالفة القطعية العملية، فيستقبح العقل حينئذٍ الترخيص في كلا الطرفين. وأما متى ما اختلف ظرف إجراء الأصلين، وانتفى إمكان الاستناد المتزامن إليهما معاً في موردٍ واحد، فإنّ ملاك التنجيز يزول، وتكون النتيجة هي «الانحلال الحكمي».
وتطبيق هذه الضابطة في المقام بيّن. فالبراءة من تقييد الصلاة بالوضوء ناظرةٌ إلى فرض «فعل الصلاة»؛ فالمكلف حينما يريد أن يقيم الصلاة ويتردد في تقييدها بالوضوء، فإنما يتمسك بهذا الأصل لرفع الإلزام المقيَّد. وأما في المقابل، فإنّ البراءة من نفسية الوضوء — بناءً على التقرير الذي يراها نافيةً للعقوبة الزائدة — ناظرةٌ إلى فرض «ترك الوضوء» (وبالتبع ترك الصلاة). فلو كان الوضوء واجباً نفسياً مستقلاً، لكان لتركه عقوبةٌ زائدةٌ على عقاب ترك الصلاة، وتكون البراءة متكفِّلةً برفع هذه العقوبة الزائدة. إلا أنّ هذا الأصل لا يكون ناجعاً في فرض فعل الصلاة، حتى يمكن أن يؤثر، إلى جانب البراءة من التقييد، في ظرفٍ واحد وعلى موردٍ واحد.
فالمتحصّل هو: أنّ الأصلين لا يجتمعان في عرضٍ واحد وزمانٍ واحد؛ فينتفي بذلك ركن التنجيز (وهو إمكان الاستناد المتزامن إلى الأصلين المؤمِّنين)، ويسقط العلم الإجمالي عن المنجِّزية حكماً. وهذا هو بعينه ملاك «الانحلال الحكمي» الذي يشير إليه الشهيد الصدر (قده) بقوله:
و هذا هو ملاك للانحلال الحكمي في أطراف الشبهة المحصورة التي لا يمكن فيها للمكلف الاستناد إلى الأصول المؤمنة جميعا في عرض واحد، و عليه فتجري البراءة عن وجوب التقيد بلا معارض.[2]
وفي الوقت نفسه، يضيف الشهيد الصدر (قده) تفصيلاً لا ينبغي إغفاله، وهو: أنّ جريان البراءة من التقييد بلا معارض إنما هو في فرض كون الواقعة «مرةً واحدة» وغير تدريجية. وأما في الوقائع المتعددة والتدريجيات، فإنّ لاختلاف ظرف الزمان والامتثال موضوعية، وقد يكتسب حينئذٍ الأصلُ الناظرُ إلى نفي العقوبة الزائدة (في التروك المتعددة) أثراً عملياً مستقلاً. ومع أنّه يمكن، بحسب الصناعة، تصوير فرض «إجراء الأصول معاً في آنٍ واحد»، إلا أنّ بناء العقلاء في تقييم التنجيز قائمٌ على إمكان الاستناد الفعلي في موردٍ واحد.
ومن هنا، ففي فرض «الواقعة الواحدة»، حيث لا يواجه المكلف في زمانٍ واحد إلا فعل الصلاة، فإنّ الأصل المؤمِّن الناظر إلى الترك لا موضوع له في ذلك الظرف. ولما كان شرط التعارض، وبالتالي التنجيز (وهو وحدة المورد وزمان الإجراء) مفقوداً، فإنّ «الانحلال الحكمي» يتحقق على نحوٍ بيّن. وعلى هذا الأساس بالذات، فإنّ الشهيد الصدر، في مقام نفيه لمنجِّزية العلم الإجمالي في ما نحن فيه، يعتبر هذا التقرير محكَماً ومتيناً، ويجعله مستنداً للدفاع عن مسلك المحقق النائيني: فالبراءة من التقييد تجري بلا معارض في ظرف فعل الصلاة؛ وأما الأصل الناظر إلى نفي العقوبة الزائدة، فلا يمكن الاستناد إليه في ذلك الظرف نفسه حتى ينشأ تعارضٌ وينعقد التنجيز.
-------------------
[1]- روح الله خمینی، مناهج الوصول إلى علم الأصول (قم: موسسه تنظيم و نشر آثار امام خميني( ره)، 1415)، ج 1، 375.
[2]- محمد باقر الصدر، بحوث في علم الأصول، با محمود هاشمی شاهرودی (قم: موسسه دائرة المعارف فقه اسلامي بر مذهب اهل بيت عليهم السلام، 1417)، ج 2، 227.
المصادر
- الصدر، محمد باقر. بحوث في علم الأصول. با محمود هاشمی شاهرودی. ۷ ج. قم: موسسه دائرة المعارف فقه اسلامي بر مذهب اهل بيت عليهم السلام، 1417.
- خمینی، روح الله. مناهج الوصول إلى علم الأصول. قم: موسسه تنظيم و نشر آثار امام خميني( ره)، 1415.
نظری ثبت نشده است .