موضوع: الواجب النفسی و الغیری
تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٧/٢٠
شماره جلسه : ۱۸
-
خلاصة البحث السابق
-
تعليقة صاحب «المنتقى» على الصورة الثالثة في كلام المحقق النائيني بناءً على تقرير «الأجود»
-
إشكال صاحب «المنتقى» على «الانحلال» عند المحقق النائيني في الصورة الثالثة
-
إشكال صاحب «المنتقى»؛ الجهة الأولى
-
الاستثناء ومخرج مبنى المحقق النائيني
-
إشكالٌ على النقد الأول لصاحب «المنتقى» على المحقق النائيني في الصورة الثالثة
-
تحرير محل العلم الإجمالي: الصلاة ليست طرفاً للعلم أساساً
-
جريان البراءة في الموضوع الصحيح، لا في كيفيات الوجوب
-
شرط التنجيز: الإلزام الفعلي في الأطراف
-
دفع الخلط: النفسية/الغيرية ليست مساوقةً للفعلية/عدم الفعلية
-
تحليل صور الأمثلة وحدود الانحلال
-
المصادر
-
الجلسة ۱
-
الجلسة ۲
-
الجلسة ۳
-
الجلسة ۴
-
الجلسة ۵
-
الجلسة ۶
-
الجلسة ۸
-
الجلسة ۹
-
الجلسة ۱۰
-
الجلسة ۱۱
-
الجلسة ۱۲
-
الجلسة ۱۳
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
خلاصة البحث السابق
ينقل السيد الروحاني في «منتقى الأصول» الصورة الثالثة بناءً على تقرير المحقق الخوئي لكلام المحقق النائيني، ثم يتناولها بالنقد والبحث. والفرض هو أنّ المكلف يعلم الآن أنّ «شيئاً ما» واجبٌ بالفعل، ولكنه يتردد في وجه وجوبه بين النفسي والغيري. ويعلم أيضاً أنّه لو كان وجوبه غيرياً، لكان ذو المقدِّمة هو الآخر واجباً بالفعل، إلا أنّ حجة إلزامه لم تصل إليه. والمثال على ذلك هو من نذر ولكنه لا يعلم هل متعلَّق النذر هو «الوضوء» أم «الصلاة». فإن كان متعلَّق النذر هو الوضوء، كان الوضوء واجباً نفسياً. وإن كان متعلَّق النذر هو الصلاة، كان الوضوء واجباً غيرياً للصلاة المنذورة، وكان وجوب الصلاة هو الآخر فعلياً في الواقع، وإن لم تصل حجة إلزامه إلى المكلف.
النتيجة عند المحقق النائيني وتبيينها
الحكم: يجب الإتيان بالوضوء؛ وأما بالنسبة إلى الصلاة، ففيما عدا الوضوء، تكون سائر الأجزاء والشرائط مجرىً للبراءة. التعليل: إنّ ترك الوضوء منشأٌ قطعي لاستحقاق العقاب: إمّا مباشرةً، إن كان الوضوء واجباً نفسياً، وإمّا بالتسبيب، إن كان الوضوء واجباً غيرياً وأدى تركه إلى ترك الصلاة الواجبة فعلاً. وأما ترك الصلاة «من جهة غير الوضوء»، فليس معلوم العقاب؛ وذلك لعدم وصول الحجة عليه. فالأصل هو جريان البراءة بالنسبة إليه بلا مانع.
وهذا هو بعينه «الانحلال الحكمي للعلم الإجمالي»؛ فالعلم الإجمالي بـ«إمّا الوجوب النفسي للوضوء وإمّا الوجوب النفسي للصلاة» باقٍ في الواقع، ولكنه في مرحلة التنجُّز ينحلّ إلى فرعين: 1- علمٌ تفصيلي بلزوم الوضوء واستحقاق العقاب على تركه (وهو منجِّز). 2- وشكٌّ بدوي بالنسبة إلى الوجوب النفسي للصلاة (وهو مورد البراءة)، لعدم وصول الحجة. وعليه، فإنّ البراءة بالنسبة إلى الصلاة تجري بلا معارض؛ وذلك لأنّ الأصل المؤمِّن لا يجري في طرف الوضوء أساساً.
صلته بصاحب «الكفاية» ونقد صاحب «المنتقى»
قيل إنّ صاحب «الكفاية» في هذه الصورة عينها يجري البراءة بالنسبة إلى «نفس الوضوء» أيضاً. وتحليل صاحب «المنتقى» هو أنّ هذه النسبة، على فرض التسليم بـ«التفكيك في تنجُّز المركب»، غير تامة؛ وذلك لأنّ وجوب الصلاة «من جهة الوضوء» منجَّز (إذ إنّ ترك الوضوء يسبِّب ترك الصلاة فيستتبع العقاب). وأما من ناحية سائر الأجزاء والشرائط، فهو غير منجَّز (إذ لا حجة في البين). وعليه، فإنّ البراءة تجري في النواحي غير المنجَّزة من الصلاة، ولكنها لا تجري في الوضوء؛ والجمع بين هذين الأمرين منسجمٌ وصناعيٌ تماماً.
والمراد الدقيق للمحقق النائيني هو: أنّ «الانحلال» يعني رجوع العلم الإجمالي إلى علمٍ تفصيلي بلزوم الوضوء والعقاب على تركه، وشكٍّ بدوي في لزوم الصلاة من حيث سائر الأجزاء والشرائط؛ ولهذا، فإنّ البراءة بالنسبة إلى الصلاة تجري بلا معارض، لعدم جريان أي أصلٍ في الوضوء أساساً.
موافقة آية الله الخوئي: يرتضي السيد الخوئي هو الآخر هذا الجمع، قائلاً بوجود انحلالٍ حكمي في البين. فالوضوء معلوم الوجوب تفصيلاً (سواء كان نفسياً أم غيرياً)، فلا تجري فيه البراءة. والصلاة، لعدم قيام الحجة على وجوبها النفسي، تجري فيها البراءة الشرعية والعقلية. والملاك المحوري عند المحقق الخوئي هو أنّ تنجُّز العلم الإجمالي منوطٌ بتعارض الأصول في أطرافه؛ ولما كان الأصل لا يجري في طرف الوضوء أساساً، فلا ينعقد تعارض، وتجري البراءة في طرف الصلاة بلا معارض.
الخلاصة الصناعية والثمرة العملية: إنّ الانحلال الحقيقي لم يقع (إذ لا نزال نجهل بأيّهما قد تعلّق الوجوب النفسي)، ولكنّ الانحلال الحكمي متحقِّق؛ وذلك لأنّ الأصل المؤمِّن لا مجرى له في أحد الطرفين (وهو الوضوء)، ويجري بلا معارض في الطرف الآخر (وهو الصلاة). والتفكيك في تنجُّز المركب جائزٌ ومعقول. فالصلاة منجَّزةٌ من حيث مقدِّمية الوضوء (إذ إنّ تركها المستند إلى ترك الوضوء يوجب العقاب). ولكنها غير منجَّزةٍ من حيث سائر الأجزاء والشرائط — ما لم تصل الحجة — وهي مجرىً للبراءة. النتيجة: يجب الإتيان بالوضوء (امتثالاً للواجب المعلوم). وأما بالنسبة إلى نفسية وجوب الصلاة — ما لم تقم حجة مستقلة — فإنّ البراءة تكون مؤمِّنة. ويشير صاحب «المنتقى» إلى هذا المبنى بقوله:
المبنى المحوري هو أنّ الوجوب الغيري بما هو غيري ليس مجعولاً شرعياً مستقلاً حتى يكون مجرىً للبراءة (الشرعية أو العقلية). وعليه:
أ) فإنّ طبيعيّ الوجوب (الجامع بين النفسي والغيري) هو الآخر ليس مجرىً للبراءة. فمجرى البراءة هو «خصوص الوجوب النفسي» فحسب، وذلك إن كان مشكوكاً.
يضيف صاحب «المنتقى» قائلاً: إلا أن يُقبَل المبنى الخاص للمحقق النائيني، وهو أنّ «الشروط هي الأخرى متعلَّقٌ لأمرٍ نفسي ضمني كالأجزاء». وتبيين هذا المبنى هو: أنّ الأمر النفسي الواحد بـ«صَلِّ»، بحسب نظر المحقق النائيني، يتعلّق بالأجزاء وحتى بالشروط (كالطهارة) على نحوٍ «ضمني»؛ وهذا فوق الغيرية العقلية للمقدِّمات. وعلى هذا المبنى، فإنّ «الوجوب النفسي للوضوء» معلومٌ على كل تقدير. فإن كان متعلَّق النذر هو الوضوء، ثبتت النفسية الاستقلالية للوضوء. وإن كان متعلَّق النذر هو الصلاة، ثبتت النفسية الضمنية للوضوء في ضمن الأمر بالصلاة المقيَّدة.
والأثر الأصولي هو: أنّه لما كان «الوجوب النفسي للوضوء» معلوماً على نحوٍ ما، فإنّ البراءة بالنسبة إلى الوضوء لا موضوع لها (إذ إنّ المانع الكلي لجريان الأصل، وهو العلم بالتكليف، محرز). وعليه، فإنّ البراءة بالنسبة إلى «الوجوب النفسي للصلاة» تجري بلا معارض؛ وبهذا، يتحقق «الانحلال الحكمي» على نحوٍ صحيح. والنكتة الدقيقة هي أنّ «الأمر الضمني قابلٌ لجريان البراءة» لو كان هو نفسه مشكوكاً؛ ولكن في ما نحن فيه، وبناءً على مبنى المحقق النائيني، فإنّ الأمر النفسي الضمني بالوضوء مفروضٌ كونه «معلوماً»، فلا مجرى للبراءة بالنسبة إلى الوضوء، ولا ينشأ تعارضٌ مع البراءة من الصلاة.
الخلاصة التحليلية: بناءً على مبنى عدم جريان البراءة في الوجوب الغيري وعدم قبول الأمر النفسي الضمني بالشرط، فإنّ موضوع البراءة ينحصر في «النفسية». وعليه، تتعارض البراءتان (من نفسية الوضوء ونفسية الصلاة)؛ فيبقى العلم الإجمالي منجِّزاً؛ وتكون دعوى «الانحلال» غير تامة، وتكون النتيجة هي الاحتياط. وبناءً على مبنى المحقق النائيني في «تعلّق الأمر النفسي الضمني بالشروط»، فإنّ نفسية الوضوء تكون معلومةً إمّا استقلالاً وإمّا ضمناً؛ وعليه، فإنّ البراءة من الوضوء مسدودة. فتجري البراءة من الوجوب النفسي للصلاة بلا معارض؛ فيكون «الانحلال الحكمي» مقبولاً؛ ويلزم الوضوء، ويبقى التأمين من نفسية الصلاة قائماً بالبراءة حتى تأتي حجة مستقلة.
نكتةٌ منهجية: يبيّن صاحب «المنتقى» بهذا الاستثناء أنّ «الانحلال» المدَّعى عند المحقق النائيني منوطٌ بـ«بنيةٍ تحتيةٍ نظريةٍ خاصة» (وهي الأمر النفسي الضمني بالشروط). فإن لم تُقبَل تلك البنية، بقي إشكال تعارض الأصول (وقوام المنجِّزية بالتعارض) قائماً، وانهدم الانحلال المدَّعى. وأما مع قبولها، فإنّ مسلك الانحلال الحكمي للمحقق النائيني يكون قابلاً للدفاع. ويشير السيد الروحاني إلى هذا المبنى بقوله:
في مثال الخِتان: فإن لم يكن المكلف مستطيعاً فعلاً، لم يكن الحج فعلياً، وكان «الخِتان» هو طرف العلم لا «الحج». فيكون وجوب الخِتان معلوماً ومنجَّزاً، وتجري البراءة بالنسبة إلى الحج. وإن كان مستطيعاً، رجعت المسألة إلى الصور السابقة (وهي فعلية ذي المقدِّمة)، لا إلى الصورة الثالثة.
وفي مثال النذر (نذر الوضوء أو الصلاة): فإنّ هذا المثال ينطوي على شكّين مستقلين: الشك في متعلَّق النذر، والشك في كون وجوب الوضوء نفسياً أو غيرياً. وفي هذا المثال، يمكن تصوير «الانحلال الحكمي» على نحوٍ معقول؛ إلا أنّ هذا يغاير جعل «الصلاة» طرفاً للعلم في الصورة الثالثة — التي موضوعها هو كون الوجوب المعلوم نفسياً أو غيرياً.
النتيجة النهائية: إنّ أساس نقد السيد الروحاني، المرتكز على «تعارض البراءتين» في هذه الصورة، مبنيٌّ على جعل الصلاة طرفاً للعلم على نحوٍ غير صائب. ففي الصورة الثالثة، ليست «الصلاة» طرفاً للعلم الإجمالي بـ«نفسية وجوب الوضوء أو غيريته»؛ فالأطراف الحقيقية للعلم هي حيثيتان لإلزامٍ واحد معلوم. وعليه، فإنّ التعارض المدَّعى بين «البراءة من نفسية الوضوء» و«البراءة من نفسية الصلاة» لا محل له؛ وذلك لأنّ الثانية ليست طرفاً للعلم ولا مورداً للجريان في هذه البنية أساساً. فالتكليف الامتثالي بيّن، وهو أنّ امتثال معلوم الوجوب (كالوضوء أو الخِتان) لازم؛ وإنما تجري البراءة في التكاليف المستقلة الفاقدة للفعلية (وهي ذو المقدِّمة المشكوك الفعلية).
وعلى هذا المبنى، فإنّ قياس ما نحن فيه بباب الأقل والأكثر هو الآخر غير تامّ. ففي الأقل والأكثر، يكون «الأقل» معلوماً بالتفصيل، ويكون «الأكثر» مشكوكاً ومجرىً للبراءة. وأما هنا، فإنّ تحويل «الوضوء» إلى معلوم و«الصلاة» إلى مشكوك، ثم بناء «تعارض الأصول» لإثبات عدم الانحلال، إنما هو ناظرٌ في أساسه إلى صورةٍ أخرى، لا إلى الصورة الثالثة مورد كلام المحقق النائيني.
خلاصة الإشكال: إنّ الصورة العلمية التي طرحها السيد الروحاني، بجعلها الصلاة طرفاً للعلم، خارجةٌ عن محل نزاع المحقق النائيني. فالبراءة لا تجري في كيفيات الوجوب (النفسي/الغيري)؛ وموضوع البراءة هو «أصل التكليف»، وفي الصورة الثالثة لا شكّ لدينا في أصل وجوب الوضوء. كما أنّ شرط التنجيز هو فعلية الإلزام في الأطراف؛ وهذا الشرط غير متحققٍ في طرف الصلاة — على النحو المفروض في الصورة الثالثة. وعليه، فلا وجه لتعارض البراءتين وسقوط الانحلال.
[2]- همان، 229-230.
- الروحانی، محمد. منتقی الأصول. ۷ ج. قم: دفتر آيت الله سيد محمد حسينی روحانی، 1413.
نظری ثبت نشده است .