موضوع: الواجب النفسی و الغیری
تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٧/٢١
شماره جلسه : ۱۹
-
خلاصة البحث السابق
-
نفي دخالة الصلاة في أطراف العلم الإجمالي في الصورة الثالثة وإبطال دعوى الانحلال
-
البيان الصناعي للإشكال
-
قاعدة مجاري الأصول: الأصل في «أصل التكليف» لا في «كيفيات الوجوب»
-
تقريب المحقق الخوئي: ضرورة إيراد مثالٍ أدقّ للصورة الثالثة
-
الفرق بين الصورة الثالثة والأولى ونقد معيار «الانحلال» عند السيد الخوئي
-
بيان تقرير السيد الخوئي ونقده
-
الإشكال الأول: الشرط الصناعي للانحلال (وهو انطباق المعلوم بالإجمال)
-
الإشكال الثاني: عدم الانسجام في كبرى «استحقاق العقاب على كلا التقديرين»
-
إشكالٌ وجوابه
-
الإشكال الثالث: التحديد الصحيح لأطراف العلم في الصورة الثالثة
-
الفارق المبنائي بين الصورة الثالثة والأولى
-
الجلسة ۱
-
الجلسة ۲
-
الجلسة ۳
-
الجلسة ۴
-
الجلسة ۵
-
الجلسة ۶
-
الجلسة ۸
-
الجلسة ۹
-
الجلسة ۱۰
-
الجلسة ۱۱
-
الجلسة ۱۲
-
الجلسة ۱۳
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
خلاصة البحث السابق
تحديد طرفي العلم الإجمالي: في الصورتين السابقتين، كان وجوب الصلاة محرزاً على نحوٍ مستقل؛ ولهذا، وُضِع «الوضوء/التقييد» في عرض «الصلاة» على نحوٍ صحيح. وأما في الصورة الثالثة، فإنّ أصل وجوب الوضوء معلوم، والشك منحصرٌ في كيفيته (نفسي/غيري). ولهذا، فإنّ الصلاة ليست طرفاً للعلم الإجمالي في هذه الصورة أساساً حتى يُبنَى «الانحلال» على محور الوضوء والصلاة.
تصوير الشك في فعلية الصلاة: فإن لم يكن وجوب الصلاة فعلياً، كان التردد بالنسبة إليه عديم الأثر، ولا مجال للعلم الإجمالي. وإن كان الشك في «فعلية وجوب الصلاة»، فإنّ هذا الشك «بدويٌّ» من الأساس، ولا يقع طرفاً للعلم الإجمالي إلى جانب «وجوب الوضوء المعلوم»، حتى يُدَّعى الانحلال بعد ذلك. وعليه، ففي كلا الفرضين، لا تكون الصلاة طرفاً للعلم الإجمالي محل البحث.
إنّ البراءة ناظرةٌ إلى «أصل التكليف المجعول»، لا إلى «كيفيات الجعل في الوجوب» (نفسي/غيري). وعليه، فهي لا تنفي النفسية ولا الغيرية. وفوق ذلك، فبناءً على مبنى صاحب «المنتقى»، فإنّ «الوجوب الغيري المترشِّح» لا يكون مجرىً للبراءة. وفي مقامنا أيضاً، حيث إنّ أصل وجوب الوضوء معلوم، فإنّ موضوع البراءة بالنسبة إلى الوضوء منتفٍ. النتيجة: لو لم تكن ثمة أمارةٌ أو بيانٌ على فعلية ذي المقدِّمة (وهي الصلاة)، فإنّ البراءة تجري في ذي المقدِّمة نفسه، لا في المقدِّمة معلومة الوجوب.
شرط التنجيز في العلم الإجمالي: إنّ تنجُّز العلم الإجمالي فرعٌ لأن يكون لكلا طرفي العلم «إلزامٌ فعلي»، حتى يستلزم الترخيص في كلا الطرفين مخالفةً قطعيةً عملية. ففي الصورة الثالثة، فإنّ الصلاة — بناءً على فرض عدم فعليتها — خارجةٌ عن الأطراف من الأساس. ولو فُرضت فعلية الصلاة، فإنّ الصلاة هي الأخرى ليست طرفاً للعلم بـ«نفسية الوضوء أو غيريته»؛ بل ترجع المسألة إلى الصورة السابقة (وهي فعلية ذي المقدِّمة)، التي لها بنيةٌ مستقلة. وإنّ كون الوجوب نفسياً أو غيرياً ليس مساوقاً للفعلية أو عدمها. فبناءً على مبنى الجعل الاستقلالي في الغيريات (لا مجرد الترشّح)، من الممكن أن يكون الوجوب الغيري هو الآخر فعلياً من حيث الجعل. وفي هذه الحالة، لا يمكن تعليق فعلية وجوب المقدِّمة على فعلية ذي المقدِّمة على نحوٍ مطلق؛ إلا أن تُفرَض الغيرية إرشاديةً لا تأسيسية. وعليه، فإنّ بناء التعارض بين «البراءة من نفسية الوضوء» و«البراءة من نفسية الصلاة» على أساس «جعل الصلاة طرفاً للعلم» والخلط بين مقام الفعلية وكيفيات الجعل، هو بناءٌ مخدوش.
النتيجة: في الصورة الثالثة، لا تكون الصلاة في أيٍّ من الفرضين (الفعلي وغير الفعلي) طرفاً للعلم الإجمالي. وعليه، فإنّ مبنى «الانحلال» بمعنى تحليل العلم الإجمالي إلى «علمٍ تفصيلي وشكٍّ بدوي» ينتفي موضوعاً. فالتكليف الامتثالي بيّن: وهو أنّ «معلوم الوجوب» (كالوضوء أو الخِتان) يجب امتثاله؛ وإنما تجري البراءة في التكاليف المستقلة الفاقدة للفعلية فحسب (كالصلاة المشكوكة الفعلية). وقياس هذا المقام بباب الأقل والأكثر غير تامّ؛ وذلك لأنّ «الأقل» هناك معلومٌ بالتفصيل و«الأكثر» مجرىً للبراءة، وأما هنا، فإنّ بناء طرفٍ ثانٍ (وهو الصلاة) للعلم الإجمالي لا وجه له أساساً، ولا ترتكز دعوى الانحلال على مثل هذا الأساس.
ينبّه السيد الخوئي على أنّه كان ينبغي للمحقق النائيني أن يورد مثالاً أنسب للصورة الثالثة. فلو لم يكن «الواجب الآخر» فعلياً، لكان مثال المرأة الحائض ملائماً: ففي حقها، لا فعلية لوجوب الصلاة، ولو كان وجوب الوضوء مردَّداً بين النفسي والغيري، فلا ريب في أنّ البراءة (بالنسبة إلى الوجوب النفسي للوضوء) تجري، كما هو الحال في مثال الخِتان؛ وذلك لأنّه على تقدير الغيرية، لا ينعقد تكليفٌ فعلي أصلاً. وأما للفرض الذي يكون فيه «الواجب الآخر» فعلياً، فإنه (قده) يقترح مثال النذر: وهو أن يكون المكلف قد نذر ولكنه لا يعلم هل متعلَّق النذر هو «الوضوء» أم «الصلاة». وهنا نواجه شبهتين اثنتين: 1- التردد في متعلَّق النذر (وضوء/صلاة). 2- وعلى تقدير تعلّق النذر بالوضوء، التردد في كون وجوب الوضوء نفسياً أم غيرياً.
الضابطة: في كل انحلال — حقيقياً كان أم حكمياً — لا بد أن «ينطبق المعلوم بالإجمال» على أحد الطرفين، حتى يغدو ذلك المعلوم نفسه «معلوماً بالتفصيل»، ويرجع الطرف الآخر إلى «شكٍّ بدوي». وهذا نظير العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين الذي ينحلّ بعد إحراز نجاسة أحد الإناءين، حيث ينطبق ذلك المعلوم الإجمالي عليه تفصيلاً.
إنّ المحقق الخوئي يسلِّم في آنٍ واحدٍ بقضيتين اثنتين: 1- أنّ البراءة تجري بالنسبة إلى الوجوب النفسي للصلاة (وعليه، يكون العقاب على ترك الصلاة — بما هي هي — «عقاباً بلا بيان»). 2- وأنّ ترك الوضوء على تقدير غيريته يوجب العقاب (بملاك ترك الصلاة). وهذا الجمع، عند التدقيق، يجمع بين النقيضين؛ وذلك لأنّه لو كان ترك الصلاة «مؤمَّناً عنه» بالبراءة، فإنّ العقاب المترتب على ترك الوضوء من جهة ترك الصلاة هو الآخر منتفٍ. وفي هذه الحالة، فإنّ «استحقاق العقاب على تقدير الغيرية» لا يكون ثابتاً، فتنهدم كبرى «على كلا التقديرين». النتيجة: حتى مع التنزّل والقبول بالكبرى، فإنّ خروج الصلاة عن الأطراف وتحقق الانحلال — بالمعنى الصناعي الدقيق — لا يثبت.
وبعبارة أخرى، فإنّ المراد من هذا النقد هو تقييم مبنى آية الله الخوئي في الصورة الثالثة؛ حيث يقول لإثبات الانحلال الحكمي إنّ الوضوء يستتبع تركه «استحقاق العقاب على كلا التقديرين»، فيحلّ العلم الإجمالي حكماً إلى «علمٍ تفصيلي (في الوضوء) وشكٍّ بدوي (في الصلاة)»، وتجري البراءة من الوجوب النفسي للصلاة بلا معارض. وهذا التقرير يبدو غير تامٍّ من جهتين:
أولاً) المناقشة في كبرى «استحقاق العقاب على كلا التقديرين» من حيث النذر: في مثال النذر — الذي يعتبره المحقق الخوئي ملائماً للصورة الثالثة — نواجه فرضين متمايزين: 1- فإن كان النذر قد تعلّق بالوضوء، فإنّ تركه يوجب مباشرةً العقاب الناشئ عن النذر. 2- وإن كان النذر قد تعلّق بالصلاة، فإنّ الالتزام بشروط الصلاة — ومنها الوضوء — إنما يلزم من «حيث شرطية الصلاة»، لا «من ناحية النذر». ففي هذا الفرض، فإنّ ترك الوضوء، إن استتبع عقاباً، فإنما هو من جهة ترك شرط الصلاة، لا من حيث مخالفة النذر؛ إذ إنّ الوضوء لم يكن متعلَّقاً للنذر أساساً. فدعوى «استحقاق العقاب على كلا التقديرين من جانب النذر» تمثّل خلطاً بين حيثية النذر وحيثية الشرطية. ولازم ذلك هو أنّ إثبات استحقاق العقاب بالنسبة إلى الوضوء — بوصفه متعلَّقاً للنذر — لا يتمّ في كلا التقديرين. وعلى هذا، فإنّ مبنى السيد الخوئي في هذا المثال، بل وبالنسبة إلى مثال المحقق النائيني أيضاً، هو بدقةٍ أسوأ حالاً ومفتقرٌ إلى تنقيح الحيثيات.
فإن قيل: إنّ تنجُّز العلم الإجمالي منوطٌ بتعارض الأصول في الأطراف؛ فإذا لم يجرِ الأصل في أحد الطرفين أساساً (كحال الوضوء الذي يستتبع تركه «استحقاق العقاب على كلا التقديرين»)، فإنّ العلم الإجمالي لا أثر له، ويجري الأصل في الطرف الآخر (وهو البراءة من وجوب الصلاة) بلا معارض.
قلنا: أولاً، في كل انحلال — حقيقياً كان أم حكمياً — لا بد أن «ينطبق المعلوم بالإجمال» على أحد الطرفين، حتى يغدو ذلك المعلوم نفسه «معلوماً بالتفصيل»، ويرجع الطرف الآخر إلى «شكٍّ بدوي». وفي مقامنا، فإنّ مجرد دعوى «استحقاق العقاب على كلا التقديرين» بالنسبة إلى الوضوء لا تُحرِز انطباق المعلوم بالإجمال (وهو الوجوب النفسي المردَّد بين الوضوء والصلاة) على الوضوء؛ وذلك لأننا لا نزال نحتمل أن يكون متعلَّق النذر هو الصلاة، وأن لا يكون الوضوء متعلَّقاً للنذر أساساً. فـ«العلم التفصيلي» بوجوب الوضوء — بوصفه ناتجاً للانحلال — غير متحصِّل، والطرف الآخر هو الآخر لا يرجع إلى «شكٍّ بدوي» محض.
وثانياً، حتى بناءً على التسليم بالكبرى، فإنّ الجمع بينها وبين «البراءة من الوجوب النفسي للصلاة» لا يخلو من تناقض. فلو كانت البراءة بالنسبة إلى نفسية وجوب الصلاة مؤمِّنة، لكان العقاب المترتب على ترك الوضوء من جهة ترك الصلاة — من تلك الحيثية نفسها — منتفياً أيضاً؛ وذلك لأنّ العقاب التبعي فرعٌ لثبوت العقاب الأصلي. فيتزلزل بذلك عنوان «استحقاق العقاب على تقدير الغيرية»، ويضعف مبنى خروج الطرف وتحقق الانحلال.
الصورة الأولى: العلم تفصيليٌ بوجوب الوضوء ووجوب الصلاة، والشك في التقييد. ولهذا، فإن قُبِل بتعارض البراءتين (نفي التقييد/نفي نفسية الوضوء)، كانت النتيجة هي الاحتياط. وإن اعتُبر أنّ مجرى الأصل هو «المجعول» (وهو التقييد)، جرت البراءة من التقييد بلا معارض.
الصورة الثالثة: لدينا علمٌ إجمالي بوجوب شيءٍ واحد (وهو الوضوء) إمّا نفساً وإمّا غيراً، والصلاة خارجةٌ عن أطراف العلم. ولهذا، فإنّ معايير الصورة الأولى لا تُطرَح هنا. فدعوى «الانحلال» في هذه الصورة، من دون إحراز «انطباق المعلوم بالإجمال على أحد الطرفين»، غير تامة.
النتيجة الصناعية: إنّ معيار السيد الخوئي في الانحلال الحكمي، المرتكز على «استحقاق العقاب على كلا التقديرين» بالنسبة إلى الوضوء، قاصرٌ من جهة الشرط اللازم للانحلال (وهو انطباق المعلوم بالإجمال)، وهو يقع في تناقضٍ عند جمعه مع البراءة الجارية في الصلاة. وعليه، فإنّ خروج الصلاة عن أطراف العلم وتحقق «الانحلال» بالمعنى الصناعي الدقيق لم يثبت. فمقتضى الصناعة في الصورة الثالثة هو: أنّ امتثال «معلوم الوجوب» (وهو الوضوء) واجب؛ وإنما تجري البراءة بالنسبة إلى التكليف المستقل الفاقد للبيان (وهو نفسية وجوب الصلاة، على فرض عدم الحجة). فأين الانحلال؟
الخلاصة: إنّ دعوى «استحقاق العقاب على كلا التقديرين من حيث النذر» تمثّل خلطاً بين حيثية النذر وحيثية شرطية الصلاة، وهي غير تامة. وإنّ التفريق الذي يضعه المحقق الخوئي بين الصورة الأولى (حيث الاحتياط) والصورة الثالثة (حيث الانحلال) يفتقر إلى توضيح مبنائي بيّن؛ فمع مجرد العلم الإجمالي وفقدان المؤمِّن، يكون مقتضى الصناعة هو الاحتياط. كما أنّ جعل «تعارض الأصول» قواماً للتنجيز هو بنفسه محل تأمل؛ فالتنجيز فرعٌ للعلم وفقدان المؤمِّن، و«الانحلال» لا يتمّ إلا بإحراز انطباق المعلوم بالإجمال على أحد الطرفين. وعليه، فلا انحلال في البين.
نظری ثبت نشده است .