موضوع: الواجب النفسی و الغیری
تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٧/١٢
شماره جلسه : ۱۳
-
خلاصة البحث السابق
-
الصورة الثانية في كلام المحقق النائيني: الجريان الثلاثي للبراءة
-
المحور الأول: الشك في تقييد متعلَّق الصلاة بالطهارة
-
المحور الثاني: الشك في الوجوب النفسي للطهارة «قبل الوقت»
-
المحور الثالث: الشك في وجوب الوضوء للمتوضئ قبل الوقت
-
إشكال المحقق الخوئي على المحقق النائيني في الصورة الثانية
-
الفرض الأول: كون النفسية المحتملة للوضوء مقيَّدةً بما قبل الوقت
-
المصادر
-
الجلسة ۱
-
الجلسة ۲
-
الجلسة ۳
-
الجلسة ۴
-
الجلسة ۵
-
الجلسة ۶
-
الجلسة ۸
-
الجلسة ۹
-
الجلسة ۱۰
-
الجلسة ۱۱
-
الجلسة ۱۲
-
الجلسة ۱۳
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
الحمدللّه ربّ العالمین وصلّی اللّه علی محمّد و آله الطّاهرین
خلاصة البحث السابق
والشك هنا هو في أنّ «وجوب الطهارة بعد الوقت» هل هو مطلق، أم أنه يختص بمن لم يتوضأ «قبل الوقت»؟ أي أنّ من أتى بالطهارة «قبل الوقت»، فهل يتوجه إليه وجوبٌ بالطهارة بعد دخول الوقت أم لا؟ وبصياغةٍ اصطلاحيةٍ أدقّ: هل «وجوب الطهارة بعد الوقت» مطلقٌ في حق الجميع، أم أنه يختص بـ«من لم يتوضأ قبل الوقت»؟ وهنا أيضاً تجري «أصالة البراءة» من الوجوب بعد الوقت بالنسبة إلى «المتطهر قبل الوقت»؛ وذلك لأننا نشكّ في تعلّق إلزامٍ جديد بمثل هذا المكلف، والأصل يرفع الإلزام المشكوك.
النتيجة: تكون النتيجة من هذه الحيثية لصالح النفسية؛ أي أنّ المكلف لو كان قد حصّل الطهارة «قبل الوقت»، فإنه لا يثبت في عهدته إلزامٌ جديد بعد دخول الوقت. وهذه النتيجة لا تتنافى مع نتيجة المحور السابق؛ فالمحور الثاني قد نفى نطاق الإلزام عن مرحلة «ما قبل الوقت»، والمحور الثالث قد أثبت أنّه حتى بعد الوقت، لا ينعقد إلزامٌ جديد بالنسبة إلى «المتطهر قبل الوقت».
الخلاصة النهائية للصورة الثانية: بناءً على التفكيك الثلاثي المتقدم، تجري ثلاثة أصولٍ ترخيصيةٍ بلا معارض، وينقِّح كلٌّ منها حيثيةً من حيثيات المسألة: 1- أصالة البراءة من تقييد الصلاة بالوضوء. 2- وأصالة البراءة من الوجوب النفسي للوضوء قبل الوقت. 3- وأصالة البراءة من الوجوب بعد الوقت بالنسبة إلى من تطهر قبل الوقت. وهذه الأصول الثلاثة لا تتعارض فيما بينها؛ وذلك لأنّ موضوعاتها وظروف جريانها متباينة، و«وحدة المورد» التي هي شرط التعارض مفقودة. كما أنّ «أصل وجوب الطهارة بعد الوقت» — في حق من لم يتوضأ بعد — معلومٌ في الجملة؛ إلا أنّ هذا العلم أعمّ من أن تكون الصلاة مقيَّدةً به أم لا، وهو أعمّ أيضاً من أن يسري ذلك الوجوب إلى «المتطهر قبل الوقت» أم لا. وعليه، فإنّ العلم المذكور لا يمنع من جريان الأصول في تلك المحاور الثلاثة؛ إذ إنّ كل أصلٍ منها إنما يتصدى لرفع الإلزام المشكوك في نطاقه الخاص، فلا يزاحم الآخر.
الثمرة الامتثالية وصلتها بالصورة الأولى: إنّ الثمرة الامتثالية لهذه الصورة بيّنة. فمن جهةٍ، وبسبب جريان البراءة من التقييد، لا يكون المكلف ملزماً بالإتيان بالصلاة على نحو التقييد، فتثبت «نتيجة الإطلاق» في جانب الصلاة. ومن جهةٍ أخرى، وبواسطة البراءة من الوجوب قبل الوقت، لا يثبت في عهدته تكليفٌ بتحصيل الطهارة قبل حلول الوقت. وكذلك، وبناءً على البراءة في المحور الثالث، فلو كان المكلف قد تطهر قبل الوقت، لم يتوجه إليه إلزامٌ جديد بعد دخول الوقت. نعم، إنّ «أصل وجوب الطهارة بعد الوقت» بالنسبة إلى من لم يتوضأ بعدُ معلومٌ في الجملة. إلا أنّ هذا العلم، بحسب التحليل الصناعي، أعمّ من أن تكون الصلاة مقيَّدةً به، وهو أعمّ أيضاً من أن يكون تقديم الطهارة على الصلاة لازماً. وعليه، فإنّ الجمع عرفاً بين امتثال الصلاة وامتثال الطهارة متأخراً (على فرض ثبوت وجوبها النفسي) لا يستتبع محذوراً. وعلى تقدير الغيرية أيضاً، فبما أنّ تقييد الصلاة قد انتفى، فلا يثبت الإلزام بتقديم الطهارة على الصلاة. وعلى هذا القياس، فإنّ نتيجة هذه الصورة من حيث نفي التقييد تتفق مع نتيجة الصورة الأولى، مع فارقٍ هو أنّ نسبة وجوب الطهارة إلى ظرف الزمان قد نُقِّحت هنا على نحوٍ مستقل.
وجه عدم التعارض وعدم الحاجة إلى الانحلال: والنكتة الصناعية المهمة هي أنّه لا حاجة في هذه الصورة إلى طرح مسألة «الانحلال» — لا الحقيقي ولا الحكمي؛ وذلك لأنّه لا يقع تعارضٌ بين الأصول أساساً حتى نلجأ إلى الانحلال. فالأصول الثلاثة تجري جميعها في أفقٍ موضوعي متباين وعلى وفق القاعدة: فالبراءة من التقييد تجري في ساحة الحكم الوضعي القابل للجعل. والبراءة من الوجوب قبل الوقت تجري في ساحة الحكم النفسي المحتمل. والبراءة من الوجوب بعد الوقت بالنسبة إلى «المتطهر قبل الوقت» تجري في ساحة ذلك الحكم نفسه بحسب موضوعه المضيَّق. وعليه، فلا يُعَدُّ أيٌّ منها «أصلاً مؤمِّناً معارِضاً» للآخر، ويكون الجمع بينها جمعاً صناعياً متسقاً. وقد قرّر المحقق النائيني هذه البنية بوضوح، حيث يقول:
و أمّا الصورة الثانية و هی ما علم فیه اشتراطُ خصوص الوجوب المعلوم کونُه نفسیاً، فالشكّ فیها من جهة تقیّد ما علم کونُه نفسیاً بالآخر یکون مجرى للبراءة، كما أنّ الشكّ فیها من جهة الشكّ فی الوجوبِ النفسیّ قبل حصولِ ما هو شرطٌ للوجوب الآخر مجرى للبراءة أیضاً، فتكون النتیجة من هذه الجهة نتیجة الغیریّة، فیختصّ وجوب الطهارة فی مفروض المثال بما بعد الوقت الّذی هو شرط لوجوب الصلاة. نعم، هناك جهة أخرى للشكّ و النتیجة معها للنفسیة، و هی جهة الشكّ فی أنّ الوضوء مثلاً إذا أتى به قبل الوقت یسقط به الوضوء فیما بعد الوقت أو لا؛ و بعبارة أخرى، یكون الشكّ فی أنّ وجوب الوضوء بعد الوقت مطلق أو مختص بمن لم یتوضّأ قبله، و مقتضى البراءة هو عدم الوجوب بالإضافة إلى المتوضّئ قبله، فیكون النتیجة مع الوجوب النفسیّ. و بالجملة، أصالة البراءة بالإضافة إلى تقیید الصلاة بالوضوء و بالإضافة إلى وجوبه قبل الوقت و وجوبه بعد الوقت لمن توضّأ قبل الوقت بلا معارض؛ فإنّ أصلَ وجوبه لمن لم یتوضّأ قبل الوقت و إن كان معلوماً بعد دخوله إلاّ أنّه أعمّ من أن تكون الصلاة متقیّدةً به حتى لا یجوز الإتیانُ به بعدها.[1]
صورة الشك في هذا الفرض هي كالتالي: إنّ لدينا علماً إجمالياً بأحد إلزامين زمانيين متباينين في ظرف الامتثال: إمّا «لزوم الإتيان بالوضوء قبل الوقت» (لو كان وجوب الوضوء نفسياً ومقيَّداً بما قبل الوقت). وإمّا «لزوم الإتيان بالوضوء بعد الوقت» (لو كان وجوب الوضوء غيرياً وتابعاً لوجوب الصلاة). وببيان آخر: فإنّ العلم الإجمالي يتحقق بمعنى أنّه «إمّا أن أتوضأ الآن، وإمّا أن أتوضأ لاحقاً»، من دون أن يتعيّن أحد الطرفين. والقاعدة المحورية عند المحقق الخوئي هي أنّ «العلم الإجمالي» منجِّزٌ في التدريجيات كما هو منجِّزٌ في الدفعيات. ويعني ذلك أنّ هذا المقدار من العلم كافٍ لسقوط الأصول الترخيصية عن الأطراف، فلا يمكن التمسك بـ«أصالة البراءة» في أيٍّ من الطرفين (قبل الوقت أو بعده). والملاك في ذلك بيّن: وهو أنّ جريان البراءة في كلا الطرفين مستلزمٌ للمخالفة القطعية العملية؛ وهذا مما لا يمكن الالتزام به بناءً على السيرة العقلائية والارتكاز الأصولي.
وعلى هذا الأساس، تتضح النتيجة الأصولية والامتثالية في هذا الفرض: وهي أنّ الرجوع إلى البراءة في أيٍّ من طرفي ما قبل الوقت وما بعده غير جائز، وأنّ الوظيفة هي الاحتياط. والاحتياط الناجع والمطمئن في هذا المقام هو أن يأتي المكلف بـ«الوضوء قبل الوقت»؛ وذلك لأنّه: إن كان الواقع هو «الوجوب النفسي قبل الوقت»، فقد امتثل. وإن كان الواقع هو «الوجوب الغيري بعد الوقت»، فإنّ ذلك الوضوء نفسه — مع فرض بقاء الطهارة — يكفي للصلاة بعد دخول الوقت. ومن الطبيعي أنّه لو بطل الوضوء المتقدِّم، فإنّ المكلف، بمقتضى حكم العقل بالاحتياط، يكرر الوضوء بعد دخول الوقت حتى يتحقق الامتثال القطعي للوظيفة.
ولا يخلو التدقيق في النكتة التي يصرّح بها المحقق الخوئي من فائدة: وهي أنّ مراده من أنّ «البراءة لا تجري في أيٍّ منهما» إنما هو ناظرٌ إلى «أصل الإلزامين الزمانيين المتنافيين» (وهما لزوم الإتيان بالوضوء قبل الوقت على تقدير النفسية المقيَّدة، أو لزومه بعد الوقت على تقدير الغيرية)؛ لا أنّه لو توضأ أحدٌ «قبل الوقت» وبقي وضوؤه إلى ما بعد الوقت، وجبت عليه الإعادة حتماً. ففي هذا الفرض الأخير، فإنّ «لزوم وقوع الوضوء حتماً بعد الوقت» يُعَدُّ عنواناً زائداً لا دليل عليه؛ وعليه، فإنّ تقييد وقوع الوضوء بما بعد الوقت يكون مشكوكاً، ويجري الأصل الترخيصي بالنسبة إلى هذا القيد الزائد، فينفي بذلك الإعادة.
تبيين نسبة البراءات إلى العلم الإجمالي: مع لحاظ الفرعين المتقدمين، يتضح أنّ ركن تحليل السيد الخوئي هو «تنجُّز العلم الإجمالي في التدريجيات». فالعلم الإجمالي بين «لزوم الإتيان بالوضوء قبل الوقت» و«لزومه بعد الوقت» يمنع من جريان أي براءةٍ ناظرةٍ إلى نفي هذين الإلزامين المتقابلين. وعليه، فإنّ «البراءة من تقييد الصلاة بالوضوء» هي الأخرى، بحسب دعواه (قده)، تتعارض مع «البراءة من الوجوب النفسي للوضوء قبل الوقت»، فتسقطان معاً؛ وذلك لأنّ الجمع بين المؤمِّنين، مع وجود علمٍ إجمالي منجِّز، يستلزم المخالفة القطعية العملية. وبيانه (قده) في المقام هو كالتالي:
و لنأخذ بالنظر في هذه الجهات بيان ذلك: إنّ وجوب الوضوء في مفروض المثال المردّد بين النفسيّ و الغيري إذا كان نفسيّاً فلا يخلو من أن يكون مقيّداً بإيقاعه قبل الوقت أو يكون مطلقاً، و أمّا وجوبه الغيري فهو مقيّد بما بعد الوقت على كلّ تقدير. وعلى الأوّل فلا يمكن جريان البراءة عن تقييد الصلاة بالوضوء لمعارضته بجريانها عن وجوبه النفسيّ قبل الوقت، وذلك للعلم الإجمالي بأنّه إمّا واجب نفسي أو واجب غيري، و جريان البراءة عن كليهما مستلزم للمخالفة القطعيّة العمليّة، و قد ذكرنا في محلّه أنّه لا فرق في تنجيز العلم الإجمالي و سقوط الأصول عن أطرافه بين أن تكون أطرافه من الدفعيّات أو التدريجيّات. وعلى ذلك فلا بدّ من الاحتياط والإتيان بالوضوء قبل الوقت، فإن بقي إلى ما بعده أجزأ عن الوضوء بعده، ولا يجب عليه الإتيان به ثانياً، وإلّا وجب عليه ذلك بمقتضى حكم العقل بالاحتياط. فالنتيجة هي نتيجة الحكم بالوجوب النفسيّ والغيريّ معاً من باب الاحتياط.[2]
الخلاصة النهائية: بناءً على التقرير المتقدم، فإنّ إشكال السيد الخوئي على مسلك المحقق النائيني في الصورة الثانية يرتكز على دعامتين اثنتين: الأولى، تنجُّز العلم الإجمالي في التدريجيات وسقوط الأصول الترخيصية عن أطرافه. والثانية، تحليل نسبة النفسية المحتملة إلى ظرف الزمان. وعليه، ففي فرض «كون النفسية مقيَّدةً بما قبل الوقت»، فإنّ العلم الإجمالي بين «لزوم الإتيان بالوضوء قبل الوقت» و«لزومه بعد الوقت» يمنع من جريان البراءة في كلا الطرفين. كما أنّ البراءة من تقييد الصلاة هي الأخرى تقع في معرض المعارضة مع البراءة من الوجوب النفسي قبل الوقت؛ فالمسلك الصحيح إذن هو الاحتياط. ويتحقق الامتثال الاحتياطي بالإتيان بالوضوء قبل الوقت؛ فإن بقي إلى ما بعد الوقت، كان مجزئاً ولا تلزم الإعادة. وإن بطل، تُدارِك بعد الوقت.
[1]- محمدحسین نائینی، أجود التقریرات، با ابوالقاسم خویی (قم: مطبعة العرفان، 1352)، ج 1، 170.
[2]- ابوالقاسم خویی، محاضرات فی أصول الفقه، با محمد اسحاق فیاض (قم: دارالهادی، 1417)، ج 2، 393-394.
المصادر
- خویی، ابوالقاسم. محاضرات فی أصول الفقه. با محمد اسحاق فیاض. ۵ ج. قم: دارالهادی، 1417.
- نائینی، محمدحسین. أجود التقریرات. با ابوالقاسم خویی. ۲ ج. قم: مطبعة العرفان، 1352.
نظری ثبت نشده است .