درس بعد

صلاة الجمعة

درس قبل

صلاة الجمعة

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة الجمعة


تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٦/٣١


شماره جلسه : ۷

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • الاستدام الحَريّ مع بیانات الشّیخ مرتضی الحائريّ

الجلسات الاخرى
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِیم
الحمدللّه ربّ العالمین وصلّی اللّه علی محمّد و آله الطّاهرین

الاستدام الحَريّ مع بیانات الشّیخ مرتضی الحائريّ

لقد أدامَ الشّیخ مرتضی الحائريّ بیاناته الرّائعة تجاه آیة الجمعة قائلاً:

«هذا، مع أنّه لو عُلم المشروعيّة الوجوبيّة التّعيينيّة العينيّة (حتّی قبل نزول الآیة و لکن) لم يكن ذلك مانعاً عن الأخذ بإطلاق الحكم، لأنّ‌ بيان وجوب ما ثبت وجوبه (مسبَقاً) عند المسلمين للتّأكيد و «ضرب القانون» (لنستخرج إطلاقَها) كثيرٌ جدّاً .... مثل قوله تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»[1] مع أنّ‌ الوفاء بالعقود و العهود كان أساساً للانتظام (البشريّ) و كان مشروعيّته من الضّروريّات (فرغمَ أنّ لزوم الوفاء قد أصبَح حکماً إمضائيّاً تأکیدیّاً لا تأسیسيّاً و لکنّا سنُعمِل الإطلاق علیه أیضاً) و مع ذلك صار بصدد البيان (المطلَق) لضرب القانون و لمزيد التّأكيد، أو لجهات أخر.

· و منها: أنّ‌ اشتمال الحكم المطلق على خصوصيّة من الخصوصيّات الدّخيلة في الوجوب أو الواجب لا يصلح أن يكون قرينةً على عدم كون المتكلّم في مقام البيان بالنّسبة إلى ذات الحكم (بل مزیداً لإدخال القید فبوُسعه أن یُقنِّن أصل الحکم و یَلحظ سائر الخصال أیضاً) كيف‌؟ و لازم ذلك (أي لو استَنکرنا البیان لأصل الحکم و سائر الخِصال فسیَتوجَّه) الإشكالُ:

Ø في المثال المعروف أعني: «أعتق رقبة مؤمنة» و جعلُ القيد قرينةً على كونه في مقام بيان أنّه لابدّ أن يكون المعتَق مؤمناً في الظّرف الثّابت وجوبه، و لكنّ‌ الوجوب لا إطلاقَ له!

Ø و كذا قوله تعالى في سورة المائدة «فَكَفّٰارَتُهُ‌ إِطْعٰامُ‌ عَشَرَةِ‌ مَسٰاكِينَ‌ مِنْ‌ أَوْسَطِ مٰا تُطْعِمُونَ‌ أَهْلِيكُمْ‌ أَوْ كِسْوَتُهُمْ‌»[2] فإنّ‌ اشتمال الآية على خصوصيّات مّا، يكون واجباً في مقام كفّارة اليمين لا يكون قرينة و لا صالحة للقرينيّة على عدم كون المتكلّم في مقام البيان بالنّسبة إلى أصل الواجب (و سائر الجهات بل قد بیَّن أصل الواجب أیضاً إضافة إلی قیود الکفّارة، و ذلک مُضادّاً للمحقّقَین البروجرديّ و الخوئيّ حیث قد حَصرا آیةَ الجمُعة علی مقام تبیین خصوصیّة الشّرائط فحسب).

- و يظهر من ذلك أنّ‌ اشتمال الآية على وجوب السّعي إلى الجمعة في ظرف «دخول الوقت و عدم التّأخير» لا يكون دليلاً على أنّها في مقام بيان أنّ‌ الجمعة الواجبة بشرائطها يكون وقتها مضيّقاً أو أنّه لابدّ من الإتيان بها جماعة.

- و يظهر أيضاً أنّ‌ الرّوايات المشتملة على الوجوب (الجمعة) إذا كان عدد خاصّ‌ (للحُضّار) من السّبعة أو الخمسة (لتشکیل صلاة الجمعة فهي) صالحةٌ للدّلالة، و لا وجه لأن يقال: إنّها في مقام بيان اشتراط العدد (فلا تُبیِّن أصل الوجوب) إذ ليس ذلك إلّا مثل أن يقال: إنّ‌ آية الكفّارة إنّما تكون في مقام بيان عدد المساكين (بلا تبیین لوجوب التّکفیر).»

- و لَعَمري إنّ‌ المناقشة في التّمسّك بالإطلاق صارت معضلة، فإنّه:

1. لو كان الدّليل في مقام بيان أصل وجوب الجمعة مثلاً -فيكون مفاده أنّ‌ صلاة الجمعة واجبةٌ و أنّها فريضة من فرائض اللّه تعالى (فلا تُبیِّن بقیّة الخصوصیّات إذن و هذا سوف) يَشكُل في إطلاقه -بأنّه في مقام بيان أصل التشريع- و أنّه ليس في مقام الإطلاق (للجزئیّات).

2. و لو كان الدّليل متضمِّناً لخصوصيّة من خصوصيّات الواجب أو الوجوب (فسوف) يَشكُل بأنّه في مقام بيان دخالة الخصوصيّة و ليس في مقام بيان (أصل) الوجوب من حيث السّعة و الضّيق.

Ø فحينئذ يَتوجّه عليهم، بأنّه بأيّ‌ إطلاق يُتمسّك‌ (بل سیَنسدّ باب الإطلاق تماماً)؟ لأنّه إمّا أن يكون غيرَ مشتمل على الخصوصيّة (و اختصَّت بأصل التّشریع) فيتوجّه الإشكال الأوّل (بأنّا کیف نَستنبط إطلاق الخصوصیّات؟) و إمّا أن يكون مشتملاً عليها (الخصوصیّة) فيتوجّه الإشكال الثّاني (بأنّا سنَعجُز عن استخراج أصل الوجوب) و الحقّ‌ هو التّمسّك بالإطلاق في الموردين (معاً) بلا إشكال و ترديد، و الدّليل عليه هو المراجعة إلى العرف المُحكَّم في هذا الباب المتَّضِح بما ذكرناه من بعض الأمثلة.»[3]

و لکن سنُناقِش بعض أبعاد بیاناته:

· أوّلاً: إنّ استشهاده و تمثیله بآیة «أوفوا بالعقود» بأنّها تَحظی بالإطلاق رغمَ تأکیدیَّتها و إمضائیَّتها، فنَرفضه لأنّها نائیة عن محطّة الصّراع إذ المدّعي -کالمحقّقَین البروجرديّ و الخوئيّ- قد استَنکر جذراً إجراءَ الإطلاقات من الجُمل المؤکِّدات أساساً فلو أسَّس الشّارع حکماً -کأقیموا الصّلاة- ثمّ شرح خصالَها ضمن دلیل آخر -کلا صلاةَ إلّا بطهور- فإنّ الثّاني لا یُدلِّل علی أصل التّشریع بل قد رکَّز علی خِصلتها فحسب أو علی أقلّ التّقادیر إنّ بعض المؤکِّدات لا تُضیف علی المؤکَّد شیئاً فیَتوجَّب عرفاً تفتیشُ أحوال الدّلیل المؤکَّد -فهل یَتمتَّع بالإطلاق أم لا- لا تمحیص المؤکِّد فإنّه عقلائیّاً محضُ تأکید لیس إلّا، إذن فأنّی لنا بإطلاقه؟[4]

· ثانیاً: إنّ مقالته: «إمّا أن يكون (الکلام) غيرَ مشتمل على الخصوصيّة (و اختصَّت بأصل التّشریع) فيتوجّه الإشكال الأوّل (بأنّا کیف سنَستنبط إطلاق الخصوصیّات؟) و إمّا أن يكون مشتملاً عليها (الخصوصیّة) فيتوجّه الإشكال الثّاني (بأنّا سنَعجُز عن استخراج أصل الوجوب» مَنبوذة و مُجابة بأنّ معظَم الخطابات القرآنیّة قد تکفَّلت بیان أصل التّشریع، نظیر: «کُتب علیکم الصّیام» و «أقیموا الصّلاة» و «آتوا الزّکاةَ» و «أحل الله البیع و حرّم الرّباء» و... فرغمَ أنّ الفقهاء القُدامی قد استَمسکوا بإطلاق آیة البیع و الرّباء، و لکن یُعدّ استظهاراً مُشوَّشاً و مخدوشاً تماماً إذ قد بَدت ساطعةً أنّها لم تَتصدَّ لتشریح أبعاد البیع و الرّباء حتّی یُطلَقا من کافّة الأبعاد حیث لم تَتوفّر فیهما مقدّماتُ الحِکمة أساساً.

· ثالثاً: حینما أجری الإطلاقَ لاصطیاد: «أصل التّشریع و الخصوصیّات معاً» فإنّا أیضاً نَرتَئي إمکانیّة هکذا إطلاقاتٍ بلون «الموجَبة الجزئیّة» إذ نماذَجه ضئیلةٌ و یسیرة فلا نَعتقد وفورَ موارد «الإطلاق لأصل التّشریع مع إطلاق خصوصیّاته أیضاً» فإنّ النّاطق سیُسلِّط الضّوءَ إمّا علی أصل الحکم أم علی سِمةٍ محدَّدة نظیر «أکرم کلّ عالم عادل» فلا یَنبع إطلاق إذن، فتطبیقاً له علی آیَتنا المبحوثة سنَعي أنّه تعالی لم یُطلِقها -من بُعد الحضور أم الغَیبة- بل رکَّز فتَحدَّث حول نداء الصّلاة -سواء بمعنی شرف الانعقاد أم دخول وقتها- فکیف ستُدلِّل علی مقام تشریع أصل وجوب الصّلاة أیضاً؟ أجل إنّ النَّموذَج الشّهیر: «إذا زالت الشّمس فصلّ» سیَسعُه أن یُنبأنا حکمَین: «أصل تشریعها و إطلاق وقتها» إذ قد أُطلِقَت الکلِمتان -زالت و صلّ- بینما آیة الجمُعة لم تُحدِّد بقیّة الشّرائط و لا أصل التّشریع أساساً.[5]

----------------------------
[1] سورة المائدة الآية ١.
[2] سورة المائدة الآية ٨٩.
[3] حائری مرتضی. صلاة الجمعة (حائری). ص127 قم جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.
[4] بینما نلاحظ علی الأستاذ المعظَّم بأنّ نماذج إطلاق المؤکِّدات وفیرة للغایة ضمن الأدلّة -الآیة والرّوایة- فإحداها نظیر: أقیموا الصّلاة، ثمّ نطَق تعالی: «و أقمِ الصّلاة طرَفي النّهار و زلفاً من اللّیل» (هود الآیة114) و أیضاً: «أقمِ الصّلاة لدُلوک الشّمس إلی غسق اللّیل» (الإسراء الآیة78) فرغمَ تأکیدها لأصل وجوب الصّلاة و لکنّها قد بیَّنت بعض خصالها و قد أجری الفقهاء أشکال الإطلاقات بشأنها ضمن الفقه فلاحظها، إذ مجرّد التّأکید لا یَحجُب الإطلاق أبداً و لم یَمنعه أصوليّ ضمن أبحاثه أساساً، بل حیث یَتمتّع القرآن بمختلَف الوجوه و المعاني فبالتّالي سیَستیسِر للفقیه أن یَستَنبط عدّة معانٍ و مرادات من الآیات الطّاهرة بلا محذور إطلاقاً، إذن سیَتبرَّر مقال و تماثیل الشّیخ مرتضی الحائريّ تماماً.
[5] و لکنَّک تُعاین تجشُّمات الأستاذ المکرَّم لدی ردّیّاته علی الشّیخ مرتضی الحائريّ فإنّ الأستاذ قد أغفَل الدّلالة الالتزامیّة بمعنی الأخصّ للآیة حیث إنّ منطوقها قد تحدَث حول النّداء و فعلیّة وقتها غیرَ أنّها تَستَبطن أیضاً دلالة اقتضائیّة و التزامیّة علی أنّ العمل الّذي سیُمتَثل حین النّداء فیُفترَض أن یُعدّ واجباً تشریعیّاً مسبَقاً حتّی یُنفَّذ و یُمتثل و إلّا فلو أمرَنا بالسّعي نحوَها بلا إیجاب لأصل الصّلاة لأصبح أمره لاغیاً و عبثیّاً -و العیاذ بالله- فالعقلاء یُدرکون هذا التّرابط بین المنطوق و التزاماته العرفیّة النّیِّرة تماماً، فلا یَتضرَّر استدلال الشّیخ مرتضی الحائريّ بهذه التّکلّفات أبداً و خاصّةً أنّ القرآن حازَ بوجوه عدیدة کلُّها مرادات بنفس الوقت کما علّقنا مسبقاً.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .