درس بعد

صلاة الجمعة

درس قبل

صلاة الجمعة

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة الجمعة


تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٧/١٩


شماره جلسه : ۱۷

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • استکمال أبعاد التّصویر الثّالث

الجلسات الاخرى
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِیم
الحمدللّه ربّ العالمین وصلّی اللّه علی محمّد و آله الطّاهرین

استکمال أبعاد التّصویر الثّالث

لقد تَدارسنا الصّورة الثّالثة للفوائد حیث نظراً لعدم فعلیّة وجوب الصّلاة فقد حلَّ العلم الإجماليّ -بغیریّة الختان أو نفسیّته- فتَبرّأ عن نفسیّته و استنتَج الغیریّة.

و قد اصطفَی المحقّق الخوئيّ البرائة أیضاً ضمن محاضراته قائلاً:

««الثّاني: (الّذي یُعدّ التّصویر الثّالث ضمن الفوائد) ما إذا علم المكلّف بوجوب شيء (الوضوء) فعلاً و تردّد بين أن يكون نفسيّاً أو غيريّاً و هو يعلم أنّه لو كان غيريّاً و مقدمةً لواجب آخر فوجوب ذلك الواجب (الصّلاتيّ) فعليّ يتوقّف حصوله على تحقّق ذلك الشّيء (الوضوء) في الخارج و مثاله: هو ما إذا عَلم المكلّف مثلاً بتحقّق النّذر منه، و لكن تردّد متعلّقه بين الوضوء و الصّلاة، فإن كان الأوّلَ فالوضوء واجب نفساً و إن كان الثّاني فإنّه (الوضوء) واجب غيراً، ففي مثل ذلك يَعلم المكلّف بوجوب الوضوء على كلّ تقدير، و لا يمكن له الرّجوع إلى البراءة عن وجوبه (الوضوء) لفرض علمه التّفصيليّ به (علی کلّ تقدیر) و لا أثر لشكّه في النّفسيّ و الغيريّ (للوضوء) أصلاً، و إنّما الكلام في جواز الرّجوع إلى البراءة عن وجوب الصّلاة و عدم جوازه: الصّحيح هو الأوّل (أي البرائة) و السّبب في ذلك هو أنّ المكلّف و إن عَلم إجمالاً بوجوب نفسيّ مردّد بين تعلّقه (النّذر) بالصّلاة أو الوضوء إلّا أنّ العلم الإجماليّ إنّما يكون مؤثّراً فيما إذا تعارض الأصول في أطرافه، و أمّا إذا لم تتعارض فيها فلا أثر له (العلم الإجماليّ) و بما أنّ أصالة البراءة في المقام لا تجري بالإضافة إلى وجوب الوضوء لفرض العلم التّفصيليّ به و استحقاق العقاب على تركه على كلا التّقديرين: أي سواء أكان وجوبه نفسيّاً أم كان غيريّاً فلا مانع من الرّجوع إلى أصالة البراءة عن وجوب الصّلاة للشّكّ فيه و عدمِ قيام حجّة عليه (وجوبها) و معه لا محالة يكون العقاب على تركها (الصّلاة) عقاباً بلا بيان و حجّة.»[1]

و بالأحری أن نَستبدل التّمثیل الافتراضيّ «بالوضوء» فنُنظِّر له بتنظیر حقیقيّ: «کالختان الّذي نَتحیّر في نفسیّته أو غیریّته و مقدِّمیّتِه لصحّة الطّواف» و المفترَض أنّ الطّواف لم یَتفعّل لانعدام الاستطاعة، فبالتّالي لا یُتاح التّبرّي عن أساس وجوب الختان -نفساً و غیراً- إذ قد تَرسّخ بُنیان الوجوب تماماً بل بوُسعنا أن نستَبرِأ عن «نفسیّة الختان» -وفقاً للمحقّقَین النّائینيّ و الخوئيّ- و عن الطّواف أیضاً لانعدام فعلیّته.

فبالتّالي یَری المحقّق الخوئيّ مؤثریّة العلم الإجماليّ لدی انصدام الأصول العملیّة المؤمِّنة معاً فحینَها سیَتوجّب الاحتیاط، و لکنّا ضمن الصّورة الثّالثة حیث قد تیقّنّا بأصل وجوب الوضوء و الختان تماماً فحینئذ لا تتضارَب الأصول حتّی نحتاط بل سنَتبرّأ عن نفسیّة الوضوء و الختان و عن وجوب الصّلاة و الطّواف أیضاً لانعدام فعلیّتهما -لدی التّصویر الثّالث و وفقاً لتصریح البعض أیضاً[2]-.

فالمحقّق الخوئيّ یُفکِّک بین حکم الصّورة الثّالثة -أي البرائة- و بین الصّورة الأولی و الثّانیة -أي الاحتیاط- حیث قد افترَض فیهما فعلیّةَ و تنجّز وجوب الصّلاة و الطّواف تماماً فلم یَتصحَّح البرائة عن تقیّد الصّلاة و عن نفسیّة الوضوء معاً فإنّ البرائتَین ستُفضیان إلی محاربة العلم الإجماليّ قطعاً.

ثمّ استَکمل المحقّق الخوئيّ شارحاً الفارق الأساسيّ بین البرائة في الصّورة الثّالثة و بین الاحتیاط في الأولَیَین، فإنّه قد حرَّر هویّة «الانحلال الحکميّ» مشیراً لنکتة هامّة قائلاً:

«و بكلمة واضحة: إنّ الانحلال الحقيقيّ في المقام (الصّورة الثّالثة بأن شکَکنا في نفسیّة الختان و غیریّته) و إن كان غير موجود إلّا أنّ الانحلال الحكميّ موجود كما هو الحال في مسألة الأقلّ و الأكثر الارتباطيَّين، و لكنّ الانحلال الحكميّ في مسألتنا (الشّکّ في نفسیّة الختان و غیریّته) هذه لا بملاك الانحلال الحكميّ هناك (الأقلّ و الأکثر) بيان ذلك:

Ø أمّا في تلك المسألة (الأقلّ و الأکثر) فقد ذكرنا فيها أنّ العلم الإجماليّ قد تعلّق بالماهيّة المردّدة بين لا بشرط (أي إطلاق و نفسیّة الختان) و بشرط لا (أي شریطةَ عدم الاکتفاء بالأقلّ فیَنتج التّقیید) و هذا العلم الإجماليّ غير قابل للانحلال حقيقة من هذه النّاحية حيث إنّ تعلّقه بالماهيّة المزبورة (المردَّدة) مقوّم له (للعلم الإجماليّ) فكيف يعقل أن يكون موجباً لانحلاله، و لكن حيث إنّ الأصل لا يجري في أحد طرفي هذا العلم (أي الأقلّ) -و هو الإطلاق- (إذ مقطوع جزماً) فلا مانع من جريانه في طرفه الآخر -و هو التّقييد (بالقید الزّائد)- و معه لا أثر لهذا العلم الإجماليّ (إذ قد جری الأصل المؤمِّن في إحدی أطرافه أي الزّائد الأکثر) و هذا هو معنى انحلاله هناك حكماً...

Ø و أمّا في مسألتنا هذه (أي التّصویر الثّالث) فيما أنّ المكلّف يعلم بوجوب الوضوء تفصيلاً و إن لم يعلم أنّه لنفسه أو لغيره فلا يمكن له الرّجوع إلى البراءة عنه (أساس الوجوب) لعلمه باستحقاق العقاب على تركه على كلا التّقديرين، و أمّا وجوب الصّلاة فيما أنّه لا يَعلم به (لانعدام فعلیّتها) فلا مانع من الرّجوع إلى البراءة عنه: الشّرعية و العقليّة، لعدم قيام بيان عليه، و معه لا محالة يكون العقاب على تركها عقاب من دون بيان، و لا تُعارض أصالةُ البراءة عنه (وجوب الصّلاة) أصالةَ البراءة عن وجوب الوضوء نفسيّاً حيث إنّه (النّفسيّ) مشكوك فيه، و ذلك لما عرفت من عدم جريانها (البرائة) في طرف الوضوء من ناحية العلم بوجوبه (الوضوء و الختان) على كلّ تقدير و استحقاق العقاب على تركه كذلك، فإذن لا مانع من جريانها في طرف الصّلاة (لانعدام فعلیّته) بناء على ما حقّقناه من أنّ تنجيز العلم الإجماليّ يرتكز على تعارض الأصول في أطرافه (حتّی نَحتاط) و مع عدمه (التّعارض) فلا أثر له، و بما أنّ في المقام لا تعارض بين الأصلين فلا يكون منجِّزاً (مُضادّاً للصّورة الأولی و الثّانیة).

و قد تحصّل من ذلك أنّ العلم الإجماليّ بوجوب نفسيّ مردّد بين تعلّقه بالوضوء أو الصّلاة و إن لم ينحلّ حقيقة إلّا أنّه ينحلّ حكماً من ناحية عدم جريان الأصل (المؤمِّن) في أحد طرفيه، هذا من جانب، و من جانب آخر: إنّ ملاك عدم جريانه (الأصل) فيه (الوضوء و الختان) هو كونه معلومَ الوجوب على كلّ تقدير، و بهذه النّقطة يمتاز ما نحن فيه عن مسألة الأقلّ و الأكثر الارتباطيَّين حيث إنّ هناك عدمَ جريان الأصل في أحد طرفي العلم الإجماليّ من ناحية «عدم الأثر» (فلا تَجري البرائة في الأقلّ لهذا السّبب الرّئیسيّ) لا من ناحية كون التّكليف به معلوماً (کما في مسألتنا حیث أیقنّا بوجوب الوضوء علی أیّة تقدیرة)»[3]

فالنّکتة الرّئیسیّة لانتفاء الأصل العمليّ في الأقلّ هو «انعدام التّأثیر و عدیم الجَدوی» فإنّه:

1. مُتیقَّن جزماً.

2. بل لو تبرّأنا عن الأقلّ -أي النّفسیّة- لَتسبَّب التّضیّق علی المکلّف إذ سیَتکلَّف بتکلیف زائد و هو الغیريّ بینما قد شُرِّع حدیث الرّفع امتنانیّاً لارتیاح المکلّف و التّوسّع لا التّضییق، و قد انفرَد المحقّق الخوئيّ بهذه النّکتة اللّامعة النّافعة مسبَقاً بینما بقیّة الأعلام قد اقتَصروا علی «معلومیّة الأقلّ» فحسب فألغَوا الأصل العمليّ البرائيّ عنه للمعلومیّة فحسب-.

فبالتّالي إنّ فلسفة انعدام البرائة تجاه الأقلّ -في مبحث الأقلّ و الأکثر- هو انتفاء الأثر فلا أرضیّة للأصل العمليّ بحقّه بینما نقاشنا الحاليّ حیث قد أذعنّا بأصل وجوب الوضوء و الختان فلم تَتفعّل البرائة عن الأقلّ النّفسيّ لمعلومیّة الأقلّ.

--------------------------
[1] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص389 قم - ایران: انصاريان.
[2] و أمامَک نصّ حوار الشّیخ التّبریزيّ: «الصورة الثالثة: ما إذا دار أمر الفعل بين كونه واجبا نفسيا فيكون فعليا في حقّه، أو غيريّا مقدّمة لواجب لا يعلم المكلّف بفعليّته في حقّه أصلا و لو مستقبلا، كما إذا دار أمر الختان بين كونه واجبا نفسيا أو غيريّا من باب اشتراط الطواف به، و يفرض عدم علم المكلّف بحصول الاستطاعة له مستقبلا، ففي مثل ذلك لا بأس بالرجوع إلى أصالة البراءة بالإضافة إلى وجوبه النفسي.
و يلحق بهذه الصورة ما إذا علم بكونه واجبا غيريا و شرطا لواجب لا يعلم بفعلية وجوبه في حقّه، و لكن يشكّ في وجوبه نفسا، كما إذا علم بأنّ الختان شرط في طواف الحجّ‌، و لكن يشكّ في وجوبه نفسا، فإنّ أصالة البراءة عن وجوبه النفسي مع عدم العلم بحصول الاستطاعة له تجري بلا إشكال.» (تبریزی جواد. دروس في مسائل علم الأصول (تبریزی). Vol. 2. ص75 قم - ایران: دار الصديقة الشهيدة (سلام الله عليها).
[3] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص390-392 قم - ایران: انصاريان.




الملصقات :


نظری ثبت نشده است .