درس بعد

التعبدی و التوصلی

درس قبل

التعبدی و التوصلی

درس بعد

درس قبل

موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٨/٦


شماره جلسه : ۲۰

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • الإلحاح علی فهم موطن النّزاع

  • مسایرة الکفایة لنَسف الإشکالیّة الواهیة

  • محاربة الکفایة مع الأجوبة الواهیة

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
 
الإلحاح علی فهم موطن النّزاع
لقد استعرض المحقّق الآخوند دلیلَیه تجاه استحالة «اتخاذ القصد في متعلَّق الأمر» و من ثَمَّ قد أکّدنا بکرّات علی أنّ أساس الاستحالة یَنبني علی رکنین -رغم أنّ الأعلام لم یُعلِنوهما ضمن کلماتهم-:

· أن نَعتبر الأمر «شخصیّا»ً -لا کلیّاً کما زعمه المحقّق المشکینيّ- بحیث یُعدّ «شخص الأمر» قیداً لمتعلّق الأمر، فیُصلّی «بقصد امتثال شخص هذا الأمر» فهذا هو بُرکان النّزاعات إذ ستَتولَّد منه استحالة الدّور تماماً، بینما لو نَوی «طبیعيّ الأمر» لَخرج عن دَور النّزاعات موضوعاً.

· و أنّ أمر المولی قد أُنیط علی «القصد الصّادر عن المکلّف خارجاً» لا القصد الثّبوتي، فمن ثَمَّ ستَستحکِم الاستحالة إذ تَستحیل إناطة متصوَّر المولی و أمره علی القصد الخارجيّ و بالعکس.

فالنّاتج أنّ مَن حاوَل إجابةَ الاستحالة من دون أن یَلحَظ النّقتطتَین فقد تَباعَد عن مسرح الصّراعات بتّآً.
 
مسایرة الکفایة لنَسف الإشکالیّة الواهیة

لقد ذَیَّل المحقّق الآخوند مقالته «بعجز المکلّف امتثالَ القصد حین أمر المولی» إذ نفس الأمر رهینُ القصد و نفس القصد رهینُ صدور الأمر منذ البدایة، فبالتّالي سیَستحیل الامتثال الخارجيّ أیضاً.

1. و لکنّ متوهِّماً قد عالَج هذه الاستحالة المستَحکَمة، بعلاج سطحيّ قائلاً:

«إمكان تعلق الأمر بفعل الصلاة بداعي الأمر و إمكان الإتيان بها بهذا الداعي ضرورة إمكان تصور (المولی) الأمر بها مقيّدة (في مقام الثّبوت) و التمكن من إتيانها كذلك (مقیَّدة) بعد تعلق الأمر بها (لا الامتثال حین الأمر کي یَستحیل) و المعتبر من القدرة المعتبرة عقلا في صحة الأمر إنما هو في حال الامتثال (الخارجيّ) لا حال الأمر (فبالتالي قد تَلاشَی الدّور المذکور)»[1]

2. و ثمّةَ أجلّاء أیضاً قد صحَّح الاستحالة من جادّة أخری معتقِداً: بأنّ المولی حینما یُنشئ الأمر فستَتواجَد القدرة «بنفس الإنشاء» أجل، لو لاحظنا قبل الإنشاء لَعجَز المکلّف عن الامتثال مع القصد بینما نحن نَعتبر قدرتَه عقیب الإنشاء فلا یَتعجَّز عن امتثاله أبداً، و بهذه الرؤیة سیَضمحلّ الدّور تماماً.

3. و قد تولَّی بعض الصّنادید الإجابة -من بُعد آخر- هاتفاً: «و توضيح النّظر في الجواب يتوقف على بيان المقصود من شرطية القدرة، فنقول: ان الشرط:

- قد يطلق و يراد به معناه الفلسفي، و ما هو المصطلح به عليه عند أهل ذلك الفن، و هو جزء العلة التامة و ما يكون دخيلا في وجود المشروط.

- و قد يطلق و يراد به معنى غير ذلك، بل ما يكون مصححا لإيجاد الفعل و رافعا للغويته و موجبا لكونه من الأفعال العقلائية و ان أمكن وجود الفعل بحسب ذاته بدونه.

و ذلك نظير ما يقال شرط اعتبار الملكية ترتب الأثر عليها، فان ترتب الأثر ليس دخيلا في وجود الملكية، بل هو مصحح لإيجادها من قبل العقلاء و به يخرج الفعل على تقدير وجوده عن اللغوية. و من الواضح ان الشرط بالمعنى الأول سابق رتبة على المشروط، فيمتنع ان يفرض تأخره عنه رتبة في حال من الأحوال سواء كان في وجوده لا حقا أم سابقا على وجود المشروط.

و اما الشرط بالمعنى الثاني، فليس هو في الرتبة سابقا على المشروط و لا يتوقف المشروط عليه، فلا يمتنع ان يفرض تأخره عنه في الرتبة.

و شرطية القدرة للتكليف لو أريد بها المعنى الأول كان الإشكال في محله، إذ القدرة على قصد الأمر يتوقف عليها الأمر مع ان قصد الأمر معلول لوجود الأمر

لكن الّذي يهون الخطب ان شرطية القدرة للتكليف ليس المقصود بها المعنى الفلسفي للشرطية، بل المقصود بها المعنى الثاني، فالقدرة مصححة للأمر و التكليف، إذ بدونها يكون لغوا و معها يخرج عن اللغوية، فهي شرط للتكليف الصادر من المولى الحكيم، فلا يمتنع ان تكون ناشئة عن نفس التكليف، كما أنها ثابتة، إذ ما هو شرط و مصحح للأمر انما هو القدرة في مقام الامتثال لا في ظرف الأمر كي يدعي عدم القدرة عليه بدون الأمر، و القدرة على قصد الأمر في ظرف الامتثال حاصلة لتحقق الأمر.»[2]

و تمثیلاً لمقالته -إزالة اللّغویّة ببرکة الشّرط- لاحِظ «تملیک المفلِس» فقد اشتَرط علیه الشّارع البلوغ و انعدام الإفلاس کي یَسوغ له التّملیک، فتأسیس فهذا الشرط لا یَستدعي توقّف وجود المشروط علی هذا الشّرط بل إنّ فقدان الشّرط سیَخلُق اللّغویّة، فکذلک شرطیّة «قصد الأمر» فإنّ الأمر لا یَتوقّف علیه -کي یَدورا معاً- بل قد اشتَرط القصدَ کي یَنسِف اللّغویّة عن العمل العباديّ.

Ø و لکنّا نَأبی عن هذه الإجابة لأنّها أیضاً لم تَحُلّ مصیبةَ الدّور إذ المولی بالتّحدید قد علَّق أمره علی القُربة تماماً و بالتّالي قد عجَز المکلّف عن امتثال التّکلیف المعلَّق ثبوتاً إذ حینما علّقه بالقصد و بانَ الدّور فسیَعجز المکلّف -حتّی في ظرف الامتثال- عن التّنفیذ إذ «ذات الصّلاة» بمُفردها عدیمةُ الأمر فلم تُصبِح مأموراً بها کي یَنويَ أمرها، إذن فما نواه المکلّف لم یقع للامتثال و ما أوقَعه لم یَقصده المولی.

محاربة الکفایة مع الأجوبة الواهیة
و حیث قد تَلخَّصت عُمدة الأجوبة ضمن استشکال المتوهِّم -أي اشتراط القدرة حین الامتثال لا حین الأمر- فسنَتلوا علیکم مقاولات صاحب الکفایة رافضاً قائلاً:

«(القدرة حین الامتثال) واضح الفساد ضرورة أنه و إن كان تصورها كذلك بمكان من الإمكان إلا أنه لا يكاد يمكن الإتيان بها (خارجاً) بداعي أمرها لعدم الأمر بها فإن الأمر حسب الفرض تعلق بها مقيدة بداعي الأمر (فاستَلزَم المحذور آنَذاک) و لا يكاد يدعو الأمر إلى ما تعلق به لا إلى غيره.»[3]

ثمّ حاوَل المتوهِّم أن یَصطَنِع «أمراً شرعيّاً» بتِقنیَّة خاصّة قائلاً:

«إن قلت: نعم و لكنّ نفس الصلاة أيضاً صارت مأمورة بها بالأمر بها مقيَّدة (فکلاهما مأموران نظیر المرکّب المأمور الذي قد تَعلّق الأمر بکلّ جُزَیئاته أیضاً فیَنوي ذاتَ الصّلاة الشّرعیّة).

قلت: کلا (لیست الصّلاة من نَمط المرکَّب کي تَحظی أجزائُها بالأمر أیضاً بل تُعدّ من نمَط «العمل المقیَّد بالقصد» لا «مرکّب مع القصد») لأنّ ذات المقيَّد (الصلاتيّ) لا يكون مأمورا بها (إذ القید و المقیّد بمنزلة عنصر مندَمِج و ذلک نظراً إلی أنّ التقیّد جزءٌ و القید خارجيّ) فإنّ الجزء التّحليليّ العقليّ (المقیَّد) لا يتّصف بالوجوب أصلاً فإنه ليس إلا وجود واحد واجب بالوجوب النفسي كما ربما يأتي في باب المقدمة.»[4]

و سُلالة إجابته: أنّ «تقیید» الصّلاة بالقصد و «شرطیّتها» هما اللّذان قد أوقَعا المکلّف ضمن الدّور إذ لا یُعقَل أنّ یَنوي «محض الصّلاة» فحسب بلا شروطها فإنّ أمر المقیَّد سیَنعدِم بانعدام قیده، بینما هدف المولی هي «الحصّة الخاصّة للصّلاة المقیَّدة» بأکملها، و لهذا سیَتغایر المأتيّ مع المأمور به -أي الحصّة المحدَّدة- في الخارج أیضاً، فبالتّالي إنّ مجرّد «القدرة لدی الامتثال» أجنبيّ تماماً عن حقیقة الدّور.

و لکنّ المستشکِل قد ألَحّ علی تبریر «قصد الأمر» بالنّحو التّالي قائلاً:

إن قلت: نعم لكنه إذا أخذ قصد الامتثال شرطا (فسیَستحیل) و أما إذا أخذ شطرا فلا محالة نفس الفعل الذي تعلق الوجوب به مع هذا القصد يكون متعلقا للوجوب إذ المركب ليس إلا نفس الأجزاء بالأسر و يكون تعلقه بكل بعين تعلقه بالكل و يصح أن يؤتى به بداعي ذاك الوجوب ضرورة صحة الإتيان بأجزاء الواجب بداعي وجوبه.

قلت: مع امتناع اعتباره (قصد الأمر بعنوان الجزء التّرکیبيّ) كذلك (أي تقید الأمر بالإرادة) فإنه يوجب تعلّق الوجوب بأمر غير اختياري (أي إرادة الأمر مع القصد) فإنّ الفعل و إن كان بالإرادة اختياريا إلا أن إرادته -حيث لا تكون بإرادة أخرى و إلا لتسلسلت- ليست باختيارية كما لا يخفى إنما يصح الإتيان بجزء الواجب بداعي وجوبه في ضمن إتيانه بهذا الداعي و لا يكاد يمكن الإتيان بالمركب من قصد الامتثال بداعي امتثال أمره.»

إذن:

- أوّلاً: إنّ الإرادة لا تُعدّ اختیاریّة أبداً کي یَستوجب الشاارع «إرادة الأمر» من المکلّف.

- ثانیاً: إنّ الأمر لا یدعو إلا إلی متعلّقه -الصّلاة- و المتعلَّق یُعدّ محرِّکاً لامتثال الأمر، بینما موضوع نقاشنا -أي امتثال الأمر بقصد الأمر- سیَستتبِع أن یُحرِّک الأمرُ قصد الأمر فهو المستحیل إذ الشّیئ الواحد لا یُعدّ علّة تحریک نفسه.[5]

فالنِتاج أنّ المتوهِّم قد صحَّح تَصوَّر «قصد شخص الأمر» ثبوتیّاً ثمّ ألحَق به نیّة المکلّف خارجیّاً، إلا أنّ المحقّق الآخوند حیث قد أهدَم أساس «تواجد الأمر» فبالتّالي قد استَأصَل شبهة المتوهّم تماماً.

-----------------------
[1] و قد تخَلَّص العلامة الحليّ عن الاستحالة بهذا التّقریب أیضاً قائلاً: «ما يصحّ أخذه في المتعلّق و ما لا يصحّ‌: و من ابتكاراتهم تقسيم القيود إلى قسمين:
قسم يتعلّق به الطلب و يقع تحت دائرته، كالطهارة، فيقال: صلّ مع الطهارة، أو صلّ إلى القبلة، إلى غير ذلك من القيود المأخوذة في جانب المتعلّق.
و هناك قيود لا يتعلّق بها الطلب، و لا يتحقّق إلاّ بعد تعلّق الطلب بالمتعلّق، و مثلها - ما يتولّد يعد تعلّق الطلب - لا يقع متعلّقا له، كقصد الأمر، و قصد الوجه (الوجوب أو الندب)، فإنّ هذه القيود، قيود فوق دائرة الطلب و إنّما تتولّد بعده، و يترتّب على ذلك أنّه لو شكّ في أنّ واجبا كذا تعبديّ أو توصليّ‌، لا يمكن الحكم بأنّه توصليّ بحجّة أنّ قصد الأمر لم يقع في متعلّق الأمر، لأنّ المفروض أنّ قصد الأمر على فرض وجوبه لا يمكن أخذه في متعلّق الطلب، فعدم أخذه فيه لا يكون دليلا على عدم أخذه قيدا للمتعلّق، و هذا التقسيم و إن وقع موقفا للنقاش و لكنّه لا يخلو عن فائدة.» (نهایة الوصول إلی علم الأصول (العلامة الحلي). Vol. 1. ص45 قم - ایران: مؤسسة الإمام الصادق علیه السلام.)
[2] روحانی محمد. منتقی الأصول. Vol. 1. ص416 قم - ایران: دفتر آيت الله سيد محمد حسينی روحانی.
[3] کفایة الأصول (طبع آل البيت). ص73 قم مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[4] نفس المصدر.
[5] و قد علَّق علیه الأستاذ هنا مستشکِلاً بأنّ الأمر یدعو إلی قصد الأمر لا إلی نفس الأمر کي یدعو إلی نفسه.




الملصقات :


نظری ثبت نشده است .