درس بعد

التعبدی و التوصلی

درس قبل

التعبدی و التوصلی

درس بعد

درس قبل

موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٩/٣


شماره جلسه : ۳۳

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • طریقة أخری مُستجِدَّة لتِبیان الاستحالة

  • استِراتِیجیّة المحقّق الخوئيّ لمعالَجة الاستحالات الخمس

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين

طریقة أخری مُستجِدَّة لتِبیان الاستحالة

و عقیب ما ناقش المحقّق الاصفهانيّ کافّةَ الاستحالات المُحتملة ضمن الکفایة، فقد رسَم بنفسه وجهاً آخر للاستحالة -مغایِراً لاستحالة مقام الفعلیّة و الامتثال- بحیث قد شرَح أنّ اتخاذ «القصد ضمن المتعلّق» سیَنتُج من وجوده عدمه، و ذلک وفقاً للتّنقیح التّالي: [1]

«نعم لازم التقييد بداعي الأمر محذور آخر: و هو «لزوم عدمه من وجوده» و ذلك لأن أخذ الإتيان بداعي الأمر في متعلّق الأمر يقتضي اختصاص ما عداه (القصد) بالأمر (فبقیّة الأجزاء ستَحظی بالأمر فحسب دون القصد) لما سمعت من أن الأمر لا يدعو إلاّ إلى ما تعلّق به (أي الصّلاة) و هو مساوق لعدم أخذه (الدّاعي) فيه (المتعلّق إذ الأمر لا یدعوا إلا لمتعلَّقه الصّلاتيّ بنفسها و لم یَلحظ القصدَ فإنّ الأمر لا یَدعوا إلی دواعیها إطلاقاً، فلو تعلّق الأمر بالمجموع -حتّی القصد- لاستَتبع من وجود القصد عدمه إذ لا یدعو الأمر إلی القصد) إذ لا معنى لأخذه فيه إلاّ تعلّق الأمر بالمجموع من الصلاة و الإتيان بداعي الأمر (فلو اتّخذنا القصد) فيلزم من أخذه فيه عدم أخذه فيه، و ما يلزم من وجوده عدمه، محال (بینما المحقّق النّائینيّ قد رَسم محذورَ الجعل عبرَ «تقدّم الشّیئ علی نفسه»)

و من الواضح أن عبارته -قدس سره- هنا[2] غير منطبقة على بيان هذا المحذور (أي لزوم العدم من وجوده) و إلا لكان المناسب أن يقال: لا يكاد يمكن «الأمر» بإتيانها بقصد امتثال أمرها، لا أنّه لا يمكن «إتيانها» بقصد امتثال أمره (کما صرّح به الکفایة حیث قد تَحدّث ظاهراً حول استحالة الامتثال لا الإنشاء و الأمر).

نعم هذا المحذور -أيضاً- (أي الدّور في الجعل) إنما يرد إذا أُخذ «الإتيان» بداعي الأمر بنحو الجزئية، أو بنحو القيديّة (لا بعنوان الشرط حیث لا یَتولّد المحذور حینئذ) فإنّ لازم نفس هذا الجزء أو القيد (القصد) تعلّقُ الأمر بذات الصلاة (بلا أمر بأجزاءها) و لازم جعل الأمر داعياً إلى المجموع أو إلى المقيّد -بما هو مقيّد- عدم تعلّق الأمر ببعض الأجزاء بالأسر أو بذات المقيَّد. (إذ لو اعتَبرنا القصد قیداً داخلیّاً ثمّ صَببنا الأمر علی المجموع فقط لَانعدَم اعتبارُ القصد في ذات الصّلاة فسیَنتُج من وجوده العدم، بینما لو اعتبرَناه شرطاً خارجیّاً لَما أنجَب المحذور الدّوريّ لدی الإنشاء).

بیدَ أنّ المحقّق الاصفهانيّ قد عالَج هذه الاستحالةَ أیضاً قائلاً:

و أما إذا تعلق الأمر بذات المقيد -أي بهذا الصنف من نوع الصلاة و ذات هذه الحصة من حصص طبيعي الصلاة (التي مع شرط القصد)- فلا محذور من هذه الجهة أيضاً لفرض عدم أخذ قصد القربة فيه (لأنّه شرط خارجيّ) و إن كان هذه الحصة خارجا لا تتحقّق إلاّ مقرونة بقصد القربة، فنفس قصر الأمر على هذه الحصّة (المقیَّدة) كاف في لزوم القربة (بلا حدوث دور أساساً) و حيث إنّ ذات الحصة غير موقوفة على الأمر، بل ملازمة له (للأمر) على الفرض، فلا ينبعث القدرة[3] عليها من قبل الأمر بها، بل حالها حال سائر الواجبات -كما سيجيء إن شاء اللّه تعالى- مع أن إشكال القدرة مندفع -أيضاً- بما تقدّم[4] و ما سيأتي[5]».

استِراتِیجیّة المحقّق الخوئيّ لمعالَجة الاستحالات الخمس

لقد لَملَم المحقّق الخوئيّ المحاذیرَ الخمسة: بدءاً من محاذیر المحقّق النّائینيّ الثّلاثة و اثنَین من المحقّق الاصفهانيّ، فنَظَّمها بأسرها ثمّ باشرَ إجابتها عبرَ نکتة فاردة فحسب، قائلاً:[6]

«و لكن تندفع تلك الوجوه بأجمعها ببيان نكتة واحدة:

و تفصيل ذلك قد تقدم في صدر المبحث ان الواجب على قسمين:

1. تعبدي و هو ما يعتبر فيه قصد القربة فلا يصح بدونه.

2. و توصلي و هو ما لا يعتبر فيه قصد القربة فيصح بدونه. هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى يمكن تصوير الواجب التعبدي على أنحاء:

- الأول: ان يكون تعبدياً بكافة اجزائه و شرائطه.

- الثاني: ان يكون تعبدياً باجزائه مع بعض شرائطه.

- الثالث: ان يكون تعبدياً ببعض اجزائه دون بعضها الآخر (أي هناک جزء توصليّ کالقصد).

Ø اما النحو الأول فالظاهر انه لا مصداق له خارجاً و لا يتعدى عن مرحلة التصور إلى الواقع الموضوعي.

Ø و اما النحو الثاني فهو واقع كثيراً في الخارج، حيث ان أغلب العبادات الواقعة في الشريعة المقدسة الإسلامية من هذا النحو منها الصلاة مثلاً، فان اجزائها بأجمعها اجزاء عبادية. و اما شرائطها فجملة كثيرة منها غير عبادية، و ذلك كطهارة البدن و الثياب و استقبال القبلة و ما شاكل ذلك، فانها رغم كونها شرائط للصلاة تكون توصلية و تسقط عن المكلف بدون قصد التقرب. نعم الطهارة الثلاث خاصة (بمفردها) تعبدية فلا تصح بدونه (القصد) و أضف إلى ذلك ان تقييد الصلاة بتلك القيود أيضاً لا يكون عبادياً فلو صلى المكلف غافلا عن طهارة ثوبه أو بدنه ثم انكشف كونه طاهرا صحت صلاته مع ان المكلف غير قاصد للتقيد فضلا عن قصد التقرب به فلو كان أمراً عبادياً لوقع فاسداً، لانتفاء القربة به، بل الأمر (بالصّلاة) في التقيد بالطهارات الثلاث أيضا كذلك (صحیح) و من هنا لو صلى غافلا عن الطهارة الحدثية ثم بان انه كان واجداً لها صحت صلاته، مع انه غير قاصد لتقيّدها بها فضلاً عن إتيانه بقصد القربة، هذا ظاهر.

Ø و اما النحو الثالث و هو ما يكون بعض اجزائه تعبدياً و بعضها الآخر توصلياً فهو امر ممكن في نفسه و لا مانع منه، الا انا لم نجد لذلك مصداقاً في الواجبات التعبدية الأولية كالصلاة و الصوم و ما شاكلها، حيث انها واجبات تعبدية بكافة اجزائها. و لكن يمكن فرض وجوده في الواجبات العرضية، و ذلك كما إذا افترضنا ان واحداً مثلاً نَذَر بصيغة شرعية الصلاة مع إعطاء درهم بفقير على نحو العموم المجموعي بحيث يكون المجموع بما هو المجموع واجباً و كان كل منهما جزء الواجب، فعندئذ بطبيعة الحال يكون مثل هذا الواجب مركباً من جزءين: أحدهما: تعبدي و هو الصلاة. و ثانيهما توصلي و هو إعطاء الدرهم. و كذلك يمكن وجوب مثل هذا المركب بعهد أو يمين أو شرط في ضمن عقد أو نحو ذلك. فالنتيجة انه لا مانع من الالتزام بهذا القسم من الواجب التعبدي إذا ساعدنا الدليل عليه. هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى ان الأمر المتعلق بالمركب من عدة أمور فبطبيعة الحال ينحل بحسب التحليل إلى الأمر باجزائه و ينبسط على المجموع فيكون كل جزء منه متعلقاً لأمر ضمني و مأموراً به بذلك الأمر الضمني مثلاً، الأمر المتعلق بالصلاة ينحل بحسب الواقع إلى الأمر بكل جزء منها و يكون لكل منها حصة منه المعبر عنها بالأمر الضمني، و مرد ذلك إلى انحلال الأمر الاستقلالي، إلى عدة أوامر ضمنية حسب تعدد الاجزاء.

و لكن هذا الأمر الضمني الثابت للاجزاء لم يثبت لها على نحو الإطلاق (الاستقلاليّ) مثلا الأمر الضمني المتعلق بالتكبيرة لم يتعلق بها على نحو الإطلاق، بل تعلق بحصة خاصة منها و هي ما كانت مسبوقة بالقراءة، و كذا الأمر الضمني المتعلق بالقراءة فانه انما تعلق بحصة خاصة منها و هي ما كانت مسبوقة بالركوع و ملحوقة بالتكبيرة، و كذلك الحال في الركوع و السجود و نحوهما و على ضوء ذلك يترتب ان المكلف لا يتمكن من الإتيان بالتكبيرة مثلا بقصد أمرها بدون قصد الإتيان بالاجزاء الباقية، كما لا يتمكن من الإتيان بركعة مثلا بدون قصد الإتيان ببقية الركعات.

و ان شئت قلت: ان الأمر الضمني المتعلق بالاجزاء يتشعب من الأمر بالكل، و ليس أمراً مستقلا في مقابله، و لذا لا يعقل بقائه مع انتفائه. و من المعلوم ان الأمر المتعلق بالكل يدعو المكلف إلى الإتيان بجميع الاجزاء لا إلى الإتيان بجزء منها مطلقاً و لو لم يأت بالاجزاء الباقية، هذا إذا كان الواجب مركباً من جزءين أو أزيد و كان كل جزء أجنبياً عن غيره وجوداً و في عرض الآخر.

و أما إذا كان الواجب مركباً من الفعل الخارجي و قصد امره الضّمني كالتكبيرة مثلاً، إذا افترضنا ان الشارع أمر بها مع قصد امرها الضمني فلا إشكال في تحقق الواجب بكلا جزئيه و سقوط امره إذا أتى المكلف به بقصد امره كذلك، اما الفعل الخارجي فواضح، لفرض ان المكلف أتى به بقصد الامتثال، و أما قصد الأمر فائضاً كذلك، لأن تحققه و سقوط امره لا يحتاج إلى قصد امتثاله، لفرض انه توصلي (وفقاً لتنصیص المحقّق العراقيّ أیضاً و درءاً للتّسلسل)

و بكلمة أخرى ان الواجب في مثل الفرض مركب من جزء خارجي و جزء ذهني و هو قصد الأمر و قد تقدم ان الأمر المتعلق بالمركب ينحل إلى الأمر بكل جزء جزء منه، و عليه فكل من الجزء الخارجي و الجزء الذهني متعلق، للأمر الضمني غايته ان الأمر الضمني المتعلق بالجزء الخارجي تعبدي فيحتاج سقوطه إلى قصد امتثاله، و الأمر الضمني المتعلق بالجزء الذهني (کالقصد) توصلي فلا يحتاج سقوطه إلى قصد امتثاله. هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى قد سبق انه لا محذور في ان يكون الواجب مركباً من جزء تعبدي و جزء توصلي (کالقصد).

فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي انه لا مانع من أن يكون مثل الصلاة أو ما شاكلها مركباً من هذه الاجزاء الخارجية مع قصد أمرها الضمني (الطّوليّ) و عليه فبطبيعة الحال، الأمر المتعلق بها ينحل إلى الأمر بتلك الأجزاء و بقصد امرها كذلك، فيكون كل منها متعلَّقاً لأمر ضمني، فعندئذ إذا أتى المكلف بها بقصد امرها الضّمني فقد تحقق الواجب و سقط.

و قد عرفت ان الأمر الضمني المتعلق «بقصد الأمر» توصلي، فلا يتوقف سقوطه على الإتيان به بقصد امتثال امره (و لهذا یُعدّ القصد توصّلیّاً و إلا لَتسلسل) و من هنا يَفترق هذا الجزء و هو قصد الأمر عن غيره من الأجزاء الخارجية، فان قصد الأمر الضمني في المقام محقِّق لتمامية المركّب فلا حالة منتظرة له بعد ذلك (أي إنّا أغنیاء عن إحداث قصد آخر عقیبَ قصد الأمر فإنّ المرکّب قد تحقّق خارجاً مع القصد تماماً، فلا نتورّط في تسلسل قصد الامتثال لأنّه توصليّ) و هذا بخلاف غيره من الاجزاء الخارجية. فانه لا يمكن الإتيان بجزء بقصد أمره الا مع قصد الإتيان ببقية اجزاء المركّب أيضاً بداعي امتثال امره، مثلاً، لا يمكن الإتيان بالتكبيرة بقصد امرها الا مع قصد الإتيان ببقية اجزاء الصلاة أيضاً بداعي امتثال امرها و الا لكان الإتيان بها كذلك (بلا إتیان البقیّة) تشريعاً محرَّماً، لفرض عدم الأمر بها الا مرتبطة ببقية الاجزاء ثبوتاً و سقوطاً (و لهذا لا نَدّعي أنّ الصّلاة قد توقّفت علی القصد الضّمني المتوقّف علی قصد آخر کي ندورَ ضمن الدّور).

إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة و هي ان توهم استحالة أخذ قصد الأمر في متعلقه يقوم على أساس أحد امرين:

- الأول: أخذ الأمر مفروض الوجود في مقام الجعل و الإنشاء، و لكن قد تقدم نقده بشكل موسَّع (إذ دلیل «افتراض وجود المتعلّق» إمّا العقلاء أو العقل، بینما لم یتوفَّر أيٌّ منهما فلا داعي لافتراض وجود «قصد الأمر» کي یتقدّم الشّیئ علی نفسه زعماً من المحقّق النّائینيّ).

- الثّاني: أن يكون المأخوذ في متعلقه قصد الأمر «الاستقلالي» بمعنى ان يكون الواجب مركباً من الفعل الخارجي و قصد الأمر كذلك (الاستقلاليّ) و هذا غير معقول، و ذلك لأن الفعل الخارجي (کالقصد) مع فرض كونه جزء الواجب لا يعقل له الأمر الاستقلالي، ليكون الأمر متعلقاً به مع قصد ذاك الأمر له (کي یدوران معاً) ضرورة ان الأمر المتعلق به (القصد) في هذا الفرض لا يمكن الا الأمر الضمني ففرض الأمر الاستقلالي له خلفٌ، يعنى يلزم من فرض تركّب الواجب عدمه.

و لكن قد عرفت مما ذكرناه انه لا واقع موضوعي لهذا التوهم أصلاً حيث إنّ المأخوذ في متعلقه على ما بيناه هو قصد الأمر الضمني المتعلق به (لا الاستقلاليّ) و لا مانع من أن يكون الواجب مركّباً منهما، غاية ما يمكن أن يقال: ان لازم ذلك هو ان يكون أحد الأمرين الضمنيين متأخراً عن الآخر رتبةً، فان الأمر الضمني المتعلق بالفعل المزبور (الحصّة الخاصّة المقیَّدة) مقدَّم رتبة عن الأمر الضمني المتعلق بقصده (فقصد الأمر متأخّر رتبةً) و هذا لا محذور فيه أصلا بعد القول بالانحلال.»

----------------------------
[1] اصفهانی محمد حسین. نهایة الدرایة في شرح الکفایة. Vol. 1. ص327 مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[2] حیث تحدّث قائلاً: و ذلك لاستحالة أخذ ما (أي قصد الامتثال) لا يكاد يَتأتّى إلا من قِبل الأمر بشيء (کالصّلاة، فلا یؤخذ قصدها) في متعلق ذاك الأمر مطلقاً شرطا أو شطرا فما لم تكن نفس الصلاة متعلقة للأمر لا يكاد يمكن إتيانها بقصد امتثال أمرها (المتفرّع علی الصّلاة).» (کفایة الأصول طبعة آل البیت ص72)
[3] قولنا: (فلا ينبعث القدرة.. الخ) نعم لا ينبعث بلا واسطة، و اما مع الواسطة فلا، و ذلك لأن ذات الحصة معلومة لقصد الأمر فترشح الأمر الغيري إليه، مع انه لا قدرة على هذه المقدمة المنحصرة إلا من قبل الأمر، فيتوقف الأمر على القدرة على متعلّقه بواسطة المقدمة المنحصرة، توقّف المشروط على شرطه، و يتوقف القدرة على المقدمة على الأمر بذيها توقّف المسبب على سببه، و الجواب ما في الحاشية الآتية (منه عفي عنه).
[4] التعليقة: ١٦٧، عند قوله: و لا يخفى عليك.
[5] في التعليقة الآتية: ١٦٩.
[6] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص164-167 قم - ایران: انصاريان.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .