درس بعد

التعبدی و التوصلی

درس قبل

التعبدی و التوصلی

درس بعد

درس قبل

موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/١١/٢


شماره جلسه : ۶۱

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • التّمایز الأساسيّ بین داعي الأمر و سائر الدّواعي

  • فَذلَکَة البحوث حول مختلَف القصود

  • معارَضَة المحقّق الخوئيّ علی جامع الدّواعي

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين

التّمایز الأساسيّ بین داعي الأمر و سائر الدّواعي

و استِکمالاً لإجابتنا علی مقالة المحقّق البروجرديّ، قد استَعرَضنا التّمایزات الأساسیّة بین «داعي الأمر» و بین «سائر الدّواعي»:

1. حیث إنّ بقیّة الدّواعي -الحُسن و المصلحة و المحبوبیّة- متوفِّرة في کُنه المأموربه ذاتاً -لا أنّها قید المأموربه- إذ المفترَض أنّ حُسن المأمور به یُعدّ ذاتیَّه فلا یتوقّف أساسُ العمل الحَسن علی قصده کما زعمه المحقّق البروجرديّ[1] بینما قصد الامتثال و داعي الأمر، لم یَکمُن في کُمون المأمور به ذاتاً و لهذا قد انفتَح مجال «تصوّر الدّور» فیه، إذ داعي الأمر یُعدّ قیداً، فبالتّالي فلنُفکِّک ما بین داعي الأمر و بین سائر الدّواعي کي لا نتورَّط في الدّور الذي زعمه السّیّد الجلیل، فنظراً لهذا الانفکاک سیُعدّ الدّور في سائر الدّواعي – کما في نهایة الأصول و المناهج و...- خطأً جلیّاً.

2. إنّ المشهور -أي مدرسة النّجف- یَعتقد بأنّ «الأمر هو الدّاعي و لا یدعو إلا إلی متعلَّقه» -وفقاً لتصریح الأعلام الماضین-و حیث قد افتَرضوا داعویَّة الأمر و أنّ القصد جزئُه أیضاً، فقد تَورَّطوا في مأساة «دعوة الشّیئ إلی نفسه» بینما بقیّة الدّواعي -کالحسن و المصلحة- عدیمةُ الدّاعویّة أساساً فإنّ مجرّد معرفة «حُسن العمل أو مصلحته» لا یَدعو دعوةً شرعیّة و لا یُصحِّح انتسابه إلی المولی عقلائیّاً، بل لو رکَّزنا لَشاهَدنا أنّهما من متعلِّقات أمر المولی فکیف یَدعُوان إلی إتیان العمل؟ فحیث إنّهما متعلِّقان للأمر و مَدعوٌّ إلیهما، فبالتّالي لا یُصبِحان داعِیَین شرعیَین إلی شیئ -بکلّ وضوح- فبالنّهایة، إنّ سائر الدّواعي لا تُورِّطنا في «محذور داعویّة الشّیئ إلی نفسه» لأنّها مدعوٌّ إلیها بالأمر لا داعیة إلی شرعیّة العمل، فلا یَتحقّق موضوع الدّاعویّة فیها أبداً -بخلاف داعي الأمر الذي یُعدّ داعیاً شرعیّاً-.

3. و المائز الثّالث مطروحٌ ضمن الجواهر: بأنّ «دواعي الحسن و المصلحة و...» تُعدّ في طول «داعي الأمر» لا في عرضه، ولهذا لا تَخلُق عنواناً قربیّاً للعمل فلا تُقرِّب المکلَّف إلی المولی شرعاً بل یَتوجَّب قصد الأمر أوّلاً ثمّ بقیّة القصود.[2] أجل، إنّ الشّیخ الأعظم و المحقّق النّائینيّ و... قد اعتَقَدوا -عکسَ الجواهر- بأنّ سائر القصود تَقع عرضَ قصد الأمر لا في طوله -و لهذا قد تَزحلَقوا في معضَلة الدّور-.

فَذلَکَة البحوث حول مختلَف القصود

و نَستَخلِص الآن کافّة النّقاشات السّالفة بإیجاز:

1. إنّ المشهور -أي مکتبة النّجف- قد أذعَن باستحالة «قصد الأمر» ثمّ ارتَقی صاحب الکفایة بحیث قد هاجَم أیضاً الأمرَ الثّاني، و لکنّا قد أجبناه عبرَ مدرسة القمیّین -ووفقاً لمقالة المحقّق العراقيّ أیضاً- فاستَنتَجنا بأنّ «الدّاعویّة الواقعیّة الباعثة هي الملکات الخمس» في الحقیقة لا «نفس الأمر» بل أمر المولی سیُکوِّن صغری موضوع الطاعة فحسب، فببرکة هذه الرّؤیة، سیتغیّر أساس النّزاع تماماً من دون أن نَتزَحلَق في الأدوار المذکورة و الاستحالات المطروحة، بل و لا یَلغو الأمر الثّاني -لو سلَّمناه- إذ مدرسة قم المقدّسة قد عرَّفت العبادیّة في واد آخَر مغایرٍ لتعریف مدرسة النّجف الأشرف.

2. و أمّا سائر الدّواعي فقد استَنتَج صاحب الکفایة «إمکانیَّتها العقلیّة» و لکنّه استَیقن «بانعدام الدّلیل الإثباتيّ» تجاهَها[3] و علی صعید آخر، إنّ السّادة البروجرديّ و الخمينيّ و... -علی فرض توفّر سائر الدّواعي- قد أسرَوا و طبَّقوا «محذور الدّور» علی «سائر الدّواعي» أیضاً -عکسَ مقالة الکفایة- و لکنّا قد أجبناهم آنفاً.

3. و أمّا المحقّق النّائینيّ فقد رَسم شقّاً ثالثاً فصَنَع «جامعاً کلیّاً حاویاً لکافّة العناوین» المزبورة -أي قصد الأمر و الحسن و المصلحة و أهلیّة المولی- قائلاً: «و أمّا على المختار من كون جميع الدّواعي القربية في عرض واحد و ان الجامع بين الجميع «كونُ العمل للّٰه» كما يستفاد من قوله عليه السلام: «و كان عملُه بنية صالحة يَقصد بها ربَّه.».[4] و السّرّ الذي قاده لاتّخاذ الجامع بین الدّواعي هو أنّ الدّاعي قد سبَق مرحلةَ الإرادة بحیث إنّها مبعوثة و معلولة من الدّاعي، فعلی أساسه، لا یُعقَل تعلّق إرادة المولی -و تکلیفه- بالدّاعي حتّی ضمن التّکلیف، إذ بنظره سیَلزم تأخّر المتقدّم -أي الدّاعي- و تقدّم المتأخّر -أي الإرادة- فبالتّالي سیَستحیل اتخاذ القدر الجامع أیضاً.

معارَضَة المحقّق الخوئيّ علی جامع الدّواعي

و لکنّ المحقّق الخوئيّ قد فنَّد مقالة أستاذه قائلاً:

«و لنأخذ بالمناقشة عليه أوّلاً بالنّقض، و ثانياً بالحلّ.

· أمّا الأول: فلو تمّ ما أفاده (قده) من عدم إمكان تعلق الإرادة التشريعية و التكوينية بداعي من الدواعي القُربية، لَكان ذلك موجباً لعدم إمكان تعلقهما به بمتمِّم الجعل و بالأمر الثاني أيضاً، مع انه (قده) قد التزم بإمكان أخذه بالأمر الثّاني. و السّبب في ذلك هو ما عرفت من أنّ الداعي عبارة عما تنبعث الإرادة منه في نفس المكلف للقيام بالعمل، و عليه فبطبيعة الحال تكون الإرادة متأخرة عنه، فاذن كيف يعقل ان تتعلّق الإرادة به (الدّاعي) كما تتعلق بالفعل الخارجي؟ و من الواضح انه لا فرق في استحالة أخذه (الدّاعي) في متعلق الإرادة بين ان يكون بالأمر الأول أو بالأمر الثاني.

· و أمّا الثّاني: فلان ما أفاده (قده) إنّما يتمّ في الإرادة الشّخصيّة حيث إنّها لا يعقل أن تتعلق بما تنبعث منه (أي الدّاعي) بداهةَ استحالة تعلق الإرادة الناشئة عن داع بذلك الداعي، لتأخرها عنه رتبة فكيف تتقدم عليه كذلك؟ أو فقل: إنّ هذه الإرادة معلولة لذلك الدّاعي فكيف يعقل ان تتقدم عليه و تتعلق به؟

Ø و أمّا تعلق فرد أخر من الإرادة به غير الفرد (و الإرادة) النّاشئ منه (الدّاعي) فلا استحالة فيه أصلاً، و ما نحن فيه من هذا القبيل، و ذلك لأن الواجب فيه مركّب على الفرض 1. من فعل خارجي كالصلاة مثلاً 2. و فعل نفسانيّ كأحد الدواعي القُربيّة (و هو القدر الجامع) حيث إنّه فعل اختياريّ للنّفس يصدر منها باختيارها و إرادتها و بلا واسطة إحدى قواها كقصد الإقامة و ما شاكله، و قد تقدم تفصيل ذلك بصورة موسعة في ضمن البحوث السابقة، هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى قد ذكرنا سابقاً بشكل مفصل ان الملاك في كون الفعل اختيارياً ما كان مسبوقاً باعمال القدرة و الاختيار، سواء أكان من الأفعال الخارجية أم كان من الأفعال النفسانيّة.

- فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي ان الاختيار المتعلق بالفعل الخارجي كالصلاة مثلا غير الاختيار المتعلق بالفعل النفسانيّ‌ (فالعبد یرید الدّاعي ثمّ یرید امتثال الفعل الخارجيّ فبالتّالي قد تحقَّقت إرادتان) فإنّ تعدّد الفعل بطبيعة الحال يَستلزم تعدّد الاختيار (و الإرادات) و إعمال القدرة فلا يعقل تعلّق اختيار واحد بهما معاً، فإذن لا يلزم المحذور المتقدم (عدم تعلّق الإرادة بالدّواعي) حيث إنّ الاختيار المتعلِّق بالفعل الخارجيّ هو النّاشئ عن الفعل النفسانيّ يعني أحد الدواعي القُربية، و الاختيار المتعلق به غير ذلك الاختيار و لم ينشأ منه.

- و أمّا ما أفاده (قده) من أنّ الإرادة التشريعية تتعلق بما يوجده العبد و تتعلق به إرادته التكوينية فيرد عليه ما ذكرناه سابقاً من انه لا معنى للإرادة التشريعية في مقابل الإرادة التكوينية الا ان يكون المراد من الإرادة التشريعية الأمر الصادر من المولى المتعلق بفعل المكلف.»[5]

و لکن نُناقشه بأنّ تعدّد الإرادة تتحقَّق لو امتَلکنا فعلَین مستقلَّین -لا عملاً واحداً ذا أجزاء- بینما المحقّق النّائینيّ قد افترَض المتعلِّقَ عملاً مرکَّباً -من الدّاعي و غیره- فترکُّب العمل لا یَستدعي «تکثّر الإرادات بتکثّر الأجزاء» فمقالة المحقّق الخوئيّ:

- یَتضارَب مع الوجدان إذ الممتثِل لا یَنوي إرادتَین بل یَحِسّ إرادة واحدة.

- و یُضادّ البرهان أیضاً إذ المراد المستقلّ -المتعلّق- بحاجة إلی إرادة مستقلّة.

فبالتّالي، إنّ الإرادة ستَظَلّ موحَّدة رغمَ تکثّر أجزاء العمل، و کشاهد فقهيّ: قد صرّح الفقهاء بأنّ المکلّف:

Ø لا یَفتقِر إلی استحضار النّیة أو تجدیدها ضمن العبادات أیضاً.

Ø و لا یَتوجَّب أیضاً في «أیّام شهر رمضانَ» أن یَنوي الصّیام لکلّ یوم و یوم، إذ الشّارع قد اعتَبَر هذا «الشّهرَ» منظومةً موحَّدة و بمنزلة عمل واحد، أجل، قد أفتَی شِرذمة من الأعلام بتجدید النّیة «لکلّ یوم» إذ یَری أنّ کلّ یوم یُعدّ عملاً مستقلّاً فیحتاج إلی إرادة و نیّة مستقلّة، بینما الحقّ ما تلوناه للتَّوّ.

 ---------------------
[1] أجل إنّ «قصد الحُسن» هو المتوقِّف علی الحسن الذّاتيّ أوّلاً لا عکساً فإنّ الحَسن الذّاتيّ لا یَرتهن علی قصده (الأستاذ المعظَّم).
[2] حیث قد أعلَن قائلاً: ««نعم يعتبر الإخلاص في العبادة الذي هو عبارة عن وقوع الفعل بقصد الامتثال للسيد المنعم باعتبار ما قام في النفس و دعاها إلى الفعل من الألطاف و رجاء الثواب و دفع العقاب، و هو أمر آخر خارج عن النية التي هي بمعنى القصد للفعل الذي لو كلف الله بالفعل بدونه لكان كالتكليف بما لا يطاق، ضرورة خروج صدور الفعل مع الغفلة عن القدرة، و لذا قبح تكليف الغافل و نحوه ...... أما العبادات فلا إشكال في اعتبار القصد فيها، لعدم صدق الامتثال و الطاعة بدونه، و اعتبارهما في كل أمر صدر من الشارع معلوم بالعقل و النقل كتابا و سنة بل ضرورة من الدين، بل لا يصدقان إلا بالإتيان بالفعل بقصد امتثال الأمر فضلا عن مطلق القصد، ضرورة عدم تشخص الأفعال بالنسبة إلى ذلك عرفا إلا بالنية، فالخالي منها عن قصد الامتثال و الطاعة لا ينصرف إلى ما تعلق به الأمر، إذ الأمر و العبثية فضلا عن غيرها على حد سواء بالنسبة اليه» (جواهر الکلام (ط. القدیمة)، جلد: ۹، صفحه: ۱۵۵، بیروت)
[3] حیث قد صرّح قائلاً: «و أما إذا كان بمعنى الإتيان بالفعل بداعي حسنه (الذّاتيّ) أو كونه ذا مصلحة «أو له تعالى» فاعتباره في متعلّق الأمر و إن كان بمكان من الإمكان (ثبوتاً و عقلاً) إلا أنّه غير معتبر فيه قطعاً (إثباتاً).» (کفایة الأصول (طبع آل البيت). ص74)
[4] نایینی محمدحسین. أجود التقریرات. Vol. 1. ص109 قم.
[5] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص182 قم - ایران: انصاريان.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .