موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)
تاریخ جلسه : ١٤٠٤/١/٢٦
شماره جلسه : ۷۷
-
هدم الاستدلالیّة المَهینة بسورة البیّنة
-
الاستدلالیّة الثّانیة بالآیة التّالیة تجاهَ أصالة التّعبّدیّة
-
الدّلائل الرّوائیّة لترسیخ أصالة التّعبّدیّة
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۲۸
-
الجلسة ۲۹
-
الجلسة ۳۰
-
الجلسة ۳۱
-
الجلسة ۳۲
-
الجلسة ۳۳
-
الجلسة ۳۴
-
الجلسة ۳۵
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
-
الجلسة ۴۱
-
الجلسة ۴۲
-
الجلسة ۴۳
-
الجلسة ۴۴
-
الجلسة ۴۵
-
الجلسة ۴۶
-
الجلسة ۴۷
-
الجلسة ۴۸
-
الجلسة ۴۹
-
الجلسة ۵۰
-
الجلسة ۵۱
-
الجلسة ۵۲
-
الجلسة ۵۳
-
الجلسة ۵۴
-
الجلسة ۵۵
-
الجلسة ۵۶
-
الجلسة ۵۷
-
الجلسة ۵۸
-
الجلسة ۵۹
-
الجلسة ۶۰
-
الجلسة ۶۱
-
الجلسة ۶۲
-
الجلسة ۶۳
-
الجلسة ۶۴
-
الجلسة ۶۵
-
الجلسة ۶۶
-
الجلسة ۶۷
-
الجلسة ۶۸
-
الجلسة ۶۹
-
الجلسة ۷۰
-
الجلسة ۷۱
-
الجلسة ۷۲
-
الجلسة ۷۳
-
الجلسة ۷۴
-
الجلسة ۷۵
-
الجلسة ۷۶
-
الجلسة ۷۷
-
الجلسة ۷۸
-
الجلسة ۷۹
-
الجلسة ۸۰
-
الجلسة ۸۱
-
الجلسة ۸۲
-
الجلسة ۸۳
-
الجلسة ۸۴
-
الجلسة ۸۵
-
الجلسة ۸۶
-
الجلسة ۸۷
-
الجلسة ۸۸
-
الجلسة ۸۹
-
الجلسة ۹۰
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
هدم الاستدلالیّة المَهینة بسورة البیّنة
لقد رفضنا البَرهنة بالآیة حیث إنّ:
1. هاتِ الآیات تَخُصّ الکفّار و المشرکین فحسب فإنّ ظاهرها أنّها قد رکَّزت علی کُتبهم السّماویّة و رُسلهم و أوامرهم المُسجَّلة في شریعتهم و تفرُّقاتهم و... حیث انصَبّ حوارها علی العناوین التّالیة: «لم یکن الّذین کفروا من أهل الکتاب و المشرکین» منفکّین حتّی «تأتیهم البیّنة» * «رسولٌ من الله» یَتلو «صُحُفاً» مُطهَّرة * فیها کتب «قیّمة» * و ما تَفرَّق الّذین «أوتوا الکتاب» ...» إلی آخرها، و حیث إنّهم قد تَبنَّوا مُعتقَدات زائفة نظیر قوله تعالی: «لقد کَفَر الّذین قالوا إنّ الله ثالثُ ثلاثةٍ»[1] و قوله تعالی: «ما نَعبُدهم إلّا لِیُقرِّبونا إلی الله زُلفی»[2] فبالتّالي قد أجابهم تعالی بأنّ العبودیّة منوطة بالخلوص و الحَنفیّة فحسب.
إذن فالآیة مُنعدِمة الصِّلة بأوامر المسلمین -الّتي موقع صراعنا- فرغمَ أنّ المسلمین أیضاً مأمورون بالإخلاص و التّقرّب و لکنّ الآیة لا تَرتبط بهم.[3]
2. فلو تَنازَنا فسلَّمنا عدم خصوصیّة الکفّار و أهل الکتاب، لَاحتَوَت المسلمین أیضاً -وفقاً للمِقیاس المذکور: «و ذلک دین القَیِّمة» و حیث إنّ کافّة العباد مکلَّفون «بالدّین القیِّم» فسیَتوجَّب علی عامّة الطّوائف و الأدیان أن یُوحِّدوا الله تعالی- و لکن سنُجیب بأنّ الآیة لیست ضمن مقام تبیین «کیفیّة العمل مع قصد الأمر» أساساً بل تَمرکَزت فحصَرت «المعبود في الله تعالی» بأنّ الواجب أن یُعبد الله فحسب دون غیره -درءاً للشّرک- فبالتّالي لم تُحدِّد کیفیّةَ الامتثال و لزوم اتّخاذ القصد فیه.
3. و أساساً إنّ الّلام -لیَعبدوا الله- تُعدّ غایةً للأمر نفسِه -بأنّ الهدف و الأثر من الأمر هي العبودیّة- لا أن تُعدّ «العبادیّة» قیدٌ لمتعلّق الأمر کي یتقیّد المتعلّق به فتَتسجَّل أصالة التّعبّدیّة، إذ تُعدّ قید الأمر لا المأمور به، و ذلک نظیر الأمر بالتّطهیر حیث لو طهَّر بنیّة العبادة و الامتثال فلا یُنتِج «تقیّد المتعلَّق بلزوم نیّة العبادة» حتماً فبالتّالي إنّ أمر الآیة قد تعلَّق بالعبادة فحسب بحیث قد أصبَحت هي المأمور به، نظیر قوله تعالی: «إنّ الله ربّي و ربّکم فاعبُدوه».[4] لا أنّ أمر الآیة قد تعلَّق بشیئ ثمّ قیِّد بعنوان العبودیّة کما زعمه المستدلّ.
4. و نَحتمل قویّاً أنّ الّلام تُعطي معنی الباء: «أي قد أُمِروا بالعبادة» بحیث إنّ متعلق الأمر هي العبادة فحسب، فلیست غائیّة للفعل أو الأمر و لا تعلیلیّة لهما، إذ ظاهر سیاق الآیة أنّ الله تعالی قد طالَبهم بالعبادة المُخلِصة کي لا یُشرِکوا -لا أنّ العبادة مقیَّدة بالقصد کما زعموه- و من الجليّ أنّ العبادة -المأمور بها ضمن الآیة- لا تَنشقّ إلی التّعبّدیّة و التّوصّلیّة کي یَستخرجوا منها أصالة التّعبّدیّة.[5]
و من هذا المُنطَلَق، قد فسَّرها المجمع البیان أیضاً قائلاً:
«أي لم يأمرهم الله تعالى إلا لأن يَعبدوا الله وحدَه لا يشركون بعبادته فهذا ما لا تختلف فيه ملّةٌ و لا يقع فيه تبدّل «مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» لا يَخلطون بعبادته عبادة ما سواه «حُنَفاءَ» مائلين عن جميع الأديان إلى دين الإسلام مسلِمين مؤمنين بالرُّسل كلِّهم»[6]
5. و أساساً إنّ التّشقیق بالتّعبّدیّة و التّوصّلیّة قد أبدعَها الفقهاء في القرون الأخیرة، و لهذا إنّ لفظة «لیَعبدوا» لا تَعني التّعبّدیّة المصطَلَحة الحالیّة -کما توهَّمُوه- إذ کثیراً مّا یَنصبّ الثّواب علی صنیع من دون أن یُحسَب تعبّدیّاً مُصطلَحاً -بأن یَبطل بلا قصد القربة- فعلی إثره، لو غَسل الثّیاب متقرّباً بالله لاستحقّ المثوبة من دون أن تتحقّق تعبّدیّة العمل المَرهونة علی القصد حتماً -قبالاً للتّوصّليّ-.
6. بل لو فسَّرناها بالتّعبّدیّة المصطَلحة لأنجَب التّخصیص الأکثر إذ الفرائض التّوصّلیّة أصبحت أکثرَ عدد قیاساً بالتّعبّدیّة إلا أن یقال: «بأنّ هذا التّخصیص لم یَبلغ حدّ الاستهجان العرفيّ إذ حصص المستحبّات التّعبّدیّة غزیرة و وفیرة أیضاً».[7]
الاستدلالیّة الثّانیة بالآیة التّالیة تجاهَ أصالة التّعبّدیّة
لقد استَحضروا أیضاً آیة: «قل أطیعوا الله و أطیعوا الرّسول»[8] مستدلّینَ بأنّ الإطاعة یُساوي الامتثال و الامتثال یُعادل «إتیان الفعل بداعي أمره» بحیث لا یصدق الامتثال بلا داعیه، فبالتّالي قد سجَّلت الآیة أصالة التّعبّدیّة في کافّة أوامر الله تعالی و إلّا فلا إطاعة أساساً.
بینما قد خابَ ظنُّهم إذ:
· أوّلاً: إنّ هویّة «الطّاعة و الامتثال» لا تَتطلَّب «داعيَ الأمر» حتماً، بل الإطاعة هي مجرّد «موافقة المأتيّ به للمأمور به» فلو أناطَها الشّارع بالقُربة لَتوجَّبت، و إلا فلا، و لهذا إنّ التّوصّلیّات الّتي قد أمر الله بها تُمتَثل بتّاً بلا داع قُربيّ بتاتاً -نظیر تغسیل الثّیاب-.
· ثانیاً: إنّ الآیة لم تُحدِّد عدد الأجزاء کالنّیّة و... بل قد افتَرضت أنّ ما هو توصّليّ أو عباديّ قُربيّ فامتثله بذاک الشّکل کي تَصدق الإطاعة -و لیس أکثر-.
· ثالثاً: أساساً إنّ تتمّة الآیة تُعدّ أجلی قرینة علی أنّ المُستهدَف من «الإطاعة» هنا هو ألّا نُخالفه تعالی و لا نَعصیه، فقد صرَّحت قائلةً: «فإن تَولَّوا فإنّما علیه ما حُمِّل و علیکم ما حمِّلتم و إن تُطیعوه تَهتدوا»[9] و من المبرَم أنّ المعصیة تنطبق علی التّوصّلیّات أیضاً کرفض دفن المیّت.
· رابعاً: بل لو أغمَضنا البصر عنها، لَلاحظَتَ أنّ أمر الآیة إرشاديّ مستتبِع لنوعیّة المرشَد إلیه، فبالتّالي ستُفرَز الآیة عن محطّ صراعنا موضوعیّاً إذ الأوامر المولویّة هي المتأهِّلة لأن تَنقسم إلی التّعبّدیّة و التّوصّلیّة لا الإرشادیّة.
الدّلائل الرّوائیّة لترسیخ أصالة التّعبّدیّة
و عقیبَ ما نَجحنا لردّ استدلالهم بالآیات، فقد التَجَؤوا إلی دلیلهم الثّالث الرّوائيّ حسبَ التَنسیق التّالي:
1. «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قوله: «إنّما الأعمال بالنّيّات و لكل امرءٍ ما نَوى، فمن غَزا ابتغاءَ ما عند اللّه فقد وَقع أجرُه على اللّه عزَّ و جلّ و مَن غزا يريد عرَضَ الدّنيا أو نَوى عقالاً لم يكن له إلاّ ما نَوى»[10].
2. «مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ فِي بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْبَرْقِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْعَبْدِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: لاَ قَوْلَ إِلاَّ بِعَمَلٍ (وَ نِيَّةٍ)[11] وَ لاَ قَوْلَ وَ لاَ عَمَلَ إِلاَّ بِنِيَّةٍ[12].».[13]
فاستدلّوا بأنّ النّیات هي نفس قصد القربة، فلو نَوی القربة لَتمّ الامتثال و إلّا فمُنعدِم، و قد قرّر الشّیخ الأعظم استدلالهم بصیاغة أخری قائلاً:
«وجه الدّلالة أنّ العمل عبارة عن مطلق الأفعال الّتي يتعلّق بها الأمر و الطّلب من الأمور الواجبة و النّيّة عبارة عن قصد القربة و نفي العمل بدون النّية يوجب الكذب (إذ لا عمل بلا نیّة) فلابدّ من حمله على نفي الأثر كما في رَوادفه كقوله: لا صلاة إلّا بطهور، فالمعنى أنّه لا يترتّب على واجب من الواجبات أثر من الآثار المطلوبة منها من سقوط الأمر و فراغ الذّمة و استحقاق الثّواب إلّا بقصد القربة و هو المطلوب.»[14]
ثمّ باشَر الشّیخ الإجابة قائلاً:
· «أوّلاً: منع كون المراد من العمل مطلق الأفعال الواجبة بل الظّاهر بملاحظة ورود لفظ العمل في مقامات عديدة تُناظر المقام أنّ المراد بالعمل خصوص العبادات كما في قوله: «و العالمون كلُّهم هالكون إلّا العاملون» و في قوله: «لا عمل لي أستحقّ به الجنّة» و إن أبيتَ عن ذلك فلابدّ من حمله على ظاهره لغة و هو مطلق الأفعال من دون اختصاص له بالواجبات و لازمه عدم ترتيب الأثر على كلّ فعل و لو كان من الأفعال المحرَّمة إلّا بنيّة القربة، و (لکنّ) فساده غنيّ عن البيّنة.
· و ثانياً: نمنع كون المراد بالنّيّة هو قصد القربة إذ المقصود من لفظ النّيّة عرفاً و لغةً ليس إلّا مجرّد القصد إلى الفعل و لا دليل على أنّ المراد بها في المقام هو قصد القربة، غاية ما في الباب دلالته حينئذ على اعتبار قصد العنوان في العمل فما لم يتحقّق قصد الفاعل إلى عنوان الفعل و العمل لا يتحقّق عمل منه و لا فعل (بحیث لو نَوی حرکات الصّلاة الرّیاضة لأصبحت ریاضة و لو نواها قربیّة لَکُتبت صلاةً، فهَوِیّة العمل عالقة علی نمط النّیّة).
· «... فلابدّ من أن يحمل الرّواية على أنّ الفعل الاختياريّ بعنوانه الاختياريّ غير واقع إلّا بالقصد إلى ذلك العنوان، هذا ما يقتضيه قواعد اللّغة و أمّا ما يمكن استظهاره من الرّواية فهو ما عرفت من أنّ المراد بها خصوص الأفعال العباديّة و يدلّ على اعتبار القربة فيها (فلا في کافّة الأعمال کي تثبُت أصالة التّعبّدیّة) فلا دلالة فيها على المطلوب بوجه».[15]
و یَبدو أنّ النّقطة الثّانیة تُعدّ الأرجَح و الأنسب بالرّوایة.
---------------------------
[1] سورة المائدة الآیة 73.
[2] سورة الزّمر الآیة 3.
[3] و لکنّه استظهار مستَبعَد إذ أوّلاً: الآیة الثّانیة تُدلِّل علی أنّ المسلمین مندرجون أیضاً ضمن خطاب الآیة، حیث یُصرِّح تعالی: «رسول من الله یَتلو صُحفاً مُطهَّرة» فإنّ الرّسول -سواء الخاتم أم غیره- یَتلو الآیات علی العالَمین بأسرهم لا الکفّار فحسب، وثانیاً: إنّ المورد لا یُخصِّص القضیّة و التّعالیل الوارد ضمن الآیات.
[4] سورة آل عمران الآیة 51.
[5] و أساساً إنّ الحکم لا یَتکفَّل تبیین موضوعه فلو أمره بالطّاعة أو بالعبادة أو بالامتثال، فلا یُحدِّد الحکم ما هو نوع العبادة و الامتثال -تعبّدیّاً أو توصّلیّاً- إذ الحکم متأخِّر عن الموضوع.
[6] مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص: 794
[7] و قد استَحضَر المحقّق النّائینيّ هذه الاعتراضات أیضاً قائلاً: واضحة الفساد، لوضوح انّ قوله تعالى: و ما أمروا - انّما يكون خطابا للكفّار، كما يدلّ عليه صدر الآية، و معنى الآية: انّ الكفّار لم يؤمروا بالتّوحيد إلاّ ليعبدوا اللّه و يعرفوه و يكونوا مخلصين له غير مشركين، و هذا المعنى كما ترى أجنبي عمّا نحن فيه، مع انّه لو كان ظاهرا فيما نحن فيه لكان اللازم صرفه عن ذلك، لاستلزامه تخصيص الأكثر لقلة الواجبات التّعبديّة بالنّسبة إلى الواجبات التّوصّلية، فتأمل فانّه لو عمّ الأمر للمستحبّات لأمكن منع أكثريّة التّوصّليّات بالنّسبة إلى التّعبديّات لو لم يكن الأمر بالعكس لكثرة الوظائف التّعبدية الاستحبابيّة. (نایینی محمدحسین. فوائد الاُصول (النائیني). Vol. 1. ص157 قم - ایران: جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.)
[8] سورة النّور الآیة 54.
[9] نفس الیَنبوع.
[10] الوسائل ٣٤:١، الباب ٥ من مقدمة العبادات، الحديث ١٠. و ورد في صحيح البخاري عن رسول اللّه ٩ قوله: «انما الأعمال بالنيات و انما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر اليه». صحيح البخاري بحاشية السندي ٦:١.
[11] ليس في المصدر.
[12] في المصدر زيادة - و لا نية إلاّ باصابة السنة.
[13] تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة. Vol. 1. ص47 قم، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[14] انصاری مرتضی بن محمدامین. مطارح الأنظار / طبع قدیم. ص63 قم مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[15] إذ الحکم لا یَتکفَّل تبیین موضوعه فلو أمره بالطّاعة أو بالعبادة أو بالامتثال، فلا یُحدِّد الحکم ما هو نوع العبادة و الامتثال -تعبّدیّاً أو توصّلیّاً- إذ الحکم متأخِّر عن الموضوع.
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
هدم الاستدلالیّة المَهینة بسورة البیّنة
لقد رفضنا البَرهنة بالآیة حیث إنّ:
1. هاتِ الآیات تَخُصّ الکفّار و المشرکین فحسب فإنّ ظاهرها أنّها قد رکَّزت علی کُتبهم السّماویّة و رُسلهم و أوامرهم المُسجَّلة في شریعتهم و تفرُّقاتهم و... حیث انصَبّ حوارها علی العناوین التّالیة: «لم یکن الّذین کفروا من أهل الکتاب و المشرکین» منفکّین حتّی «تأتیهم البیّنة» * «رسولٌ من الله» یَتلو «صُحُفاً» مُطهَّرة * فیها کتب «قیّمة» * و ما تَفرَّق الّذین «أوتوا الکتاب» ...» إلی آخرها، و حیث إنّهم قد تَبنَّوا مُعتقَدات زائفة نظیر قوله تعالی: «لقد کَفَر الّذین قالوا إنّ الله ثالثُ ثلاثةٍ»[1] و قوله تعالی: «ما نَعبُدهم إلّا لِیُقرِّبونا إلی الله زُلفی»[2] فبالتّالي قد أجابهم تعالی بأنّ العبودیّة منوطة بالخلوص و الحَنفیّة فحسب.
إذن فالآیة مُنعدِمة الصِّلة بأوامر المسلمین -الّتي موقع صراعنا- فرغمَ أنّ المسلمین أیضاً مأمورون بالإخلاص و التّقرّب و لکنّ الآیة لا تَرتبط بهم.[3]
2. فلو تَنازَنا فسلَّمنا عدم خصوصیّة الکفّار و أهل الکتاب، لَاحتَوَت المسلمین أیضاً -وفقاً للمِقیاس المذکور: «و ذلک دین القَیِّمة» و حیث إنّ کافّة العباد مکلَّفون «بالدّین القیِّم» فسیَتوجَّب علی عامّة الطّوائف و الأدیان أن یُوحِّدوا الله تعالی- و لکن سنُجیب بأنّ الآیة لیست ضمن مقام تبیین «کیفیّة العمل مع قصد الأمر» أساساً بل تَمرکَزت فحصَرت «المعبود في الله تعالی» بأنّ الواجب أن یُعبد الله فحسب دون غیره -درءاً للشّرک- فبالتّالي لم تُحدِّد کیفیّةَ الامتثال و لزوم اتّخاذ القصد فیه.
3. و أساساً إنّ الّلام -لیَعبدوا الله- تُعدّ غایةً للأمر نفسِه -بأنّ الهدف و الأثر من الأمر هي العبودیّة- لا أن تُعدّ «العبادیّة» قیدٌ لمتعلّق الأمر کي یتقیّد المتعلّق به فتَتسجَّل أصالة التّعبّدیّة، إذ تُعدّ قید الأمر لا المأمور به، و ذلک نظیر الأمر بالتّطهیر حیث لو طهَّر بنیّة العبادة و الامتثال فلا یُنتِج «تقیّد المتعلَّق بلزوم نیّة العبادة» حتماً فبالتّالي إنّ أمر الآیة قد تعلَّق بالعبادة فحسب بحیث قد أصبَحت هي المأمور به، نظیر قوله تعالی: «إنّ الله ربّي و ربّکم فاعبُدوه».[4] لا أنّ أمر الآیة قد تعلَّق بشیئ ثمّ قیِّد بعنوان العبودیّة کما زعمه المستدلّ.
4. و نَحتمل قویّاً أنّ الّلام تُعطي معنی الباء: «أي قد أُمِروا بالعبادة» بحیث إنّ متعلق الأمر هي العبادة فحسب، فلیست غائیّة للفعل أو الأمر و لا تعلیلیّة لهما، إذ ظاهر سیاق الآیة أنّ الله تعالی قد طالَبهم بالعبادة المُخلِصة کي لا یُشرِکوا -لا أنّ العبادة مقیَّدة بالقصد کما زعموه- و من الجليّ أنّ العبادة -المأمور بها ضمن الآیة- لا تَنشقّ إلی التّعبّدیّة و التّوصّلیّة کي یَستخرجوا منها أصالة التّعبّدیّة.[5]
و من هذا المُنطَلَق، قد فسَّرها المجمع البیان أیضاً قائلاً:
«أي لم يأمرهم الله تعالى إلا لأن يَعبدوا الله وحدَه لا يشركون بعبادته فهذا ما لا تختلف فيه ملّةٌ و لا يقع فيه تبدّل «مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» لا يَخلطون بعبادته عبادة ما سواه «حُنَفاءَ» مائلين عن جميع الأديان إلى دين الإسلام مسلِمين مؤمنين بالرُّسل كلِّهم»[6]
5. و أساساً إنّ التّشقیق بالتّعبّدیّة و التّوصّلیّة قد أبدعَها الفقهاء في القرون الأخیرة، و لهذا إنّ لفظة «لیَعبدوا» لا تَعني التّعبّدیّة المصطَلَحة الحالیّة -کما توهَّمُوه- إذ کثیراً مّا یَنصبّ الثّواب علی صنیع من دون أن یُحسَب تعبّدیّاً مُصطلَحاً -بأن یَبطل بلا قصد القربة- فعلی إثره، لو غَسل الثّیاب متقرّباً بالله لاستحقّ المثوبة من دون أن تتحقّق تعبّدیّة العمل المَرهونة علی القصد حتماً -قبالاً للتّوصّليّ-.
6. بل لو فسَّرناها بالتّعبّدیّة المصطَلحة لأنجَب التّخصیص الأکثر إذ الفرائض التّوصّلیّة أصبحت أکثرَ عدد قیاساً بالتّعبّدیّة إلا أن یقال: «بأنّ هذا التّخصیص لم یَبلغ حدّ الاستهجان العرفيّ إذ حصص المستحبّات التّعبّدیّة غزیرة و وفیرة أیضاً».[7]
الاستدلالیّة الثّانیة بالآیة التّالیة تجاهَ أصالة التّعبّدیّة
لقد استَحضروا أیضاً آیة: «قل أطیعوا الله و أطیعوا الرّسول»[8] مستدلّینَ بأنّ الإطاعة یُساوي الامتثال و الامتثال یُعادل «إتیان الفعل بداعي أمره» بحیث لا یصدق الامتثال بلا داعیه، فبالتّالي قد سجَّلت الآیة أصالة التّعبّدیّة في کافّة أوامر الله تعالی و إلّا فلا إطاعة أساساً.
بینما قد خابَ ظنُّهم إذ:
· أوّلاً: إنّ هویّة «الطّاعة و الامتثال» لا تَتطلَّب «داعيَ الأمر» حتماً، بل الإطاعة هي مجرّد «موافقة المأتيّ به للمأمور به» فلو أناطَها الشّارع بالقُربة لَتوجَّبت، و إلا فلا، و لهذا إنّ التّوصّلیّات الّتي قد أمر الله بها تُمتَثل بتّاً بلا داع قُربيّ بتاتاً -نظیر تغسیل الثّیاب-.
· ثانیاً: إنّ الآیة لم تُحدِّد عدد الأجزاء کالنّیّة و... بل قد افتَرضت أنّ ما هو توصّليّ أو عباديّ قُربيّ فامتثله بذاک الشّکل کي تَصدق الإطاعة -و لیس أکثر-.
· ثالثاً: أساساً إنّ تتمّة الآیة تُعدّ أجلی قرینة علی أنّ المُستهدَف من «الإطاعة» هنا هو ألّا نُخالفه تعالی و لا نَعصیه، فقد صرَّحت قائلةً: «فإن تَولَّوا فإنّما علیه ما حُمِّل و علیکم ما حمِّلتم و إن تُطیعوه تَهتدوا»[9] و من المبرَم أنّ المعصیة تنطبق علی التّوصّلیّات أیضاً کرفض دفن المیّت.
· رابعاً: بل لو أغمَضنا البصر عنها، لَلاحظَتَ أنّ أمر الآیة إرشاديّ مستتبِع لنوعیّة المرشَد إلیه، فبالتّالي ستُفرَز الآیة عن محطّ صراعنا موضوعیّاً إذ الأوامر المولویّة هي المتأهِّلة لأن تَنقسم إلی التّعبّدیّة و التّوصّلیّة لا الإرشادیّة.
الدّلائل الرّوائیّة لترسیخ أصالة التّعبّدیّة
و عقیبَ ما نَجحنا لردّ استدلالهم بالآیات، فقد التَجَؤوا إلی دلیلهم الثّالث الرّوائيّ حسبَ
التَنسیق التّالي:
1. «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قوله: «إنّما الأعمال بالنّيّات و لكل امرءٍ ما نَوى، فمن غَزا ابتغاءَ ما عند اللّه فقد وَقع أجرُه على اللّه عزَّ و جلّ و مَن غزا يريد عرَضَ الدّنيا أو نَوى عقالاً لم يكن له إلاّ ما نَوى»[10].
2. «مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ فِي بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْبَرْقِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْعَبْدِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: لاَ قَوْلَ إِلاَّ بِعَمَلٍ (وَ نِيَّةٍ)[11] وَ لاَ قَوْلَ وَ لاَ عَمَلَ إِلاَّ بِنِيَّةٍ[12].».[13]
فاستدلّوا بأنّ النّیات هي نفس قصد القربة، فلو نَوی القربة لَتمّ الامتثال و إلّا فمُنعدِم، و قد قرّر الشّیخ الأعظم استدلالهم بصیاغة أخری قائلاً:
«وجه الدّلالة أنّ العمل عبارة عن مطلق الأفعال الّتي يتعلّق بها الأمر و الطّلب من الأمور الواجبة و النّيّة عبارة عن قصد القربة و نفي العمل بدون النّية يوجب الكذب (إذ لا عمل بلا نیّة) فلابدّ من حمله على نفي الأثر كما في رَوادفه كقوله: لا صلاة إلّا بطهور، فالمعنى أنّه لا يترتّب على واجب من الواجبات أثر من الآثار المطلوبة منها من سقوط الأمر و فراغ الذّمة و استحقاق الثّواب إلّا بقصد القربة و هو المطلوب.»[14]
ثمّ باشَر الشّیخ الإجابة قائلاً:
· «أوّلاً: منع كون المراد من العمل مطلق الأفعال الواجبة بل الظّاهر بملاحظة ورود لفظ العمل في مقامات عديدة تُناظر المقام أنّ المراد بالعمل خصوص العبادات كما في قوله: «و العالمون كلُّهم هالكون إلّا العاملون» و في قوله: «لا عمل لي أستحقّ به الجنّة» و إن أبيتَ عن ذلك فلابدّ من حمله على ظاهره لغة و هو مطلق الأفعال من دون اختصاص له بالواجبات و لازمه عدم ترتيب الأثر على كلّ فعل و لو كان من الأفعال المحرَّمة إلّا بنيّة القربة، و (لکنّ) فساده غنيّ عن البيّنة.
· و ثانياً: نمنع كون المراد بالنّيّة هو قصد القربة إذ المقصود من لفظ النّيّة عرفاً و لغةً ليس إلّا مجرّد القصد إلى الفعل و لا دليل على أنّ المراد بها في المقام هو قصد القربة، غاية ما في الباب دلالته حينئذ على اعتبار قصد العنوان في العمل فما لم يتحقّق قصد الفاعل إلى عنوان الفعل و العمل لا يتحقّق عمل منه و لا فعل (بحیث لو نَوی حرکات الصّلاة الرّیاضة لأصبحت ریاضة و لو نواها قربیّة لَکُتبت صلاةً، فهَوِیّة العمل عالقة علی نمط النّیّة).
· «... فلابدّ من أن يحمل الرّواية على أنّ الفعل الاختياريّ بعنوانه الاختياريّ غير واقع إلّا بالقصد إلى ذلك العنوان، هذا ما يقتضيه قواعد اللّغة و أمّا ما يمكن استظهاره من الرّواية فهو ما عرفت من أنّ المراد بها خصوص الأفعال العباديّة و يدلّ على اعتبار القربة فيها (فلا في کافّة الأعمال کي تثبُت أصالة التّعبّدیّة) فلا دلالة فيها على المطلوب بوجه».[15]
و یَبدو أنّ النّقطة الثّانیة تُعدّ الأرجَح و الأنسب بالرّوایة.
---------------------------
[1] سورة المائدة الآیة 73.
[2] سورة الزّمر الآیة 3.
[3] و لکنّه استظهار مستَبعَد إذ أوّلاً: الآیة الثّانیة تُدلِّل علی أنّ المسلمین مندرجون أیضاً ضمن خطاب الآیة، حیث یُصرِّح تعالی: «رسول من الله یَتلو صُحفاً مُطهَّرة» فإنّ الرّسول -سواء الخاتم أم غیره- یَتلو الآیات علی العالَمین بأسرهم لا الکفّار فحسب، وثانیاً: إنّ المورد لا یُخصِّص القضیّة و التّعالیل الوارد ضمن الآیات.
[4] سورة آل عمران الآیة 51.
[5] و أساساً إنّ الحکم لا یَتکفَّل تبیین موضوعه فلو أمره بالطّاعة أو بالعبادة أو بالامتثال، فلا یُحدِّد الحکم ما هو نوع العبادة و الامتثال -تعبّدیّاً أو توصّلیّاً- إذ الحکم متأخِّر عن الموضوع.
[6] مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص: 794
[7] و قد استَحضَر المحقّق النّائینيّ هذه الاعتراضات أیضاً قائلاً: واضحة الفساد، لوضوح انّ قوله تعالى: و ما أمروا - انّما يكون خطابا للكفّار، كما يدلّ عليه صدر الآية، و معنى الآية: انّ الكفّار لم يؤمروا بالتّوحيد إلاّ ليعبدوا اللّه و يعرفوه و يكونوا مخلصين له غير مشركين، و هذا المعنى كما ترى أجنبي عمّا نحن فيه، مع انّه لو كان ظاهرا فيما نحن فيه لكان اللازم صرفه عن ذلك، لاستلزامه تخصيص الأكثر لقلة الواجبات التّعبديّة بالنّسبة إلى الواجبات التّوصّلية، فتأمل فانّه لو عمّ الأمر للمستحبّات لأمكن منع أكثريّة التّوصّليّات بالنّسبة إلى التّعبديّات لو لم يكن الأمر بالعكس لكثرة الوظائف التّعبدية الاستحبابيّة. (نایینی محمدحسین. فوائد الاُصول (النائیني). Vol. 1. ص157 قم - ایران: جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.)
[8] سورة النّور الآیة 54.
[9] نفس الیَنبوع.
[10] الوسائل ٣٤:١، الباب ٥ من مقدمة العبادات، الحديث ١٠. و ورد في صحيح البخاري عن رسول اللّه ٩ قوله: «انما الأعمال بالنيات و انما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر اليه». صحيح البخاري بحاشية السندي ٦:١.
[11] ليس في المصدر.
[12] في المصدر زيادة - و لا نية إلاّ باصابة السنة.
[13] تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة. Vol. 1. ص47 قم، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[14] انصاری مرتضی بن محمدامین. مطارح الأنظار / طبع قدیم. ص63 قم مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[15] إذ الحکم لا یَتکفَّل تبیین موضوعه فلو أمره بالطّاعة أو بالعبادة أو بالامتثال، فلا یُحدِّد الحکم ما هو نوع العبادة و الامتثال -تعبّدیّاً أو توصّلیّاً- إذ الحکم متأخِّر عن الموضوع.
نظری ثبت نشده است .