موضوع: الجمل الخبریة فی مقام الانشاء
تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٨/٢١
شماره جلسه : ۲۹
خلاصة الدرس
-
إشکالیّة المحقّق الخوئيّ تجاه أستاذه النّائینيّ
-
منازَعة السّید الرّوحانيّ تجاه بیانات المحقّق الخوئيّ
الجلسات الاخرى
-
الجلسة ۱
-
الجلسة ۲
-
الجلسة ۳
-
الجلسة ۴
-
الجلسة ۵
-
الجلسة ۶
-
الجلسة ۷
-
الجلسة ۸
-
الجلسة ۹
-
الجلسة ۱۰
-
الجلسة ۱۱
-
الجلسة ۱۲
-
الجلسة ۱۳
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۲۸
-
الجلسة ۲۹
-
الجلسة ۳۰
-
الجلسة ۳۱
-
الجلسة ۳۲
-
الجلسة ۳۳
-
الجلسة ۳۴
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين
إشکالیّة المحقّق الخوئيّ تجاه أستاذه النّائینيّ
و بعد اللَّتیّا و الّتي، قد تولّی المحقّق الخوئيّ بنفسه الإجابةَ علی استحالة المحقّق النّائینيّ قائلاً:
«فالصحيح في الجواب ان يقال: ان لزوم أخذ القيد مفروض الوجود في القضية (الحقیقیّة) في مقام الإنشاء (کما یؤکده و یکرره دوماً المحقّق النّائینيّ فهو یَعني أنّه لا یجب تحصیل قید التّکلیف و الموضوع) انما يقوم على أساس أحد أمرين:
- الأول: الظهور العرفي (فهو الذي یحکم بأنّ القید مفروض الوجود) كما في قوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» فان المستفاد منه عرفاً هو لزوم الوفاء بالعقد على تقدير تحققه و وجوده في الخارج رغم كون العقد مقدوراً للمكلّف (فالعقد متعلّق المتعلق أي الموضوع فلا یجب تحصیل العقد کي یتوجّب وفائه بل قد افتَرض المولی وجود العقد فحسب) و من هذا القبيل وجوب الوفاء بالنذر و الشرط، و العهد و اليمين، و وجوب الإنفاق على الزوجة، و ما شاكل ذلك، حيث ان القيود المأخوذة في موضوعات هذه الأحكام رغم كونها اختيارية أخذت مفروضة الوجود في مقام جعلها بمقتضى المتفاهم العرفي، فان العرف يفهم ان النذر الّذي هو موضوع لوجوب الوفاء قد أخذ مفروض الوجود فلا يجب تحصيله و هكذا الحال في غيره و هذا هو الغالب في القضايا الحقيقية.
- الثاني: الحكم العقلي (فیحکم بأنّ القید مفروض الوجود) و من الطبيعي ان العقل انما يحكم فيما إذا كان القيد خارجاً عن الاختيار (کتحصیل الوقت و البلوغ و العقل) حيث ان عدم أخذه مفروض الوجود يستلزم التكليف بالمحال (إذ سیَستدعي أن یدعو المولی إلی إنجاز ما هو خارج عن القدرة و لهذا لا یجب تحصیله) كما في مثل قوله تعالى «أَقِمِ اَلصَّلاٰةَ لِدُلُوكِ اَلشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اَللَّيْلِ» فان دخول الوقت حيث انه خارج عن قدرة المكلف و اختياره لا مناص من أخذه مفروض الوجود في مقام الإنشاء و الخطاب (فلا یجب تحصیله) و إلا لزم التكليف بغير المقدور، و هو مستحيل.
فالنتيجة ان أخذ القيد مفروض الوجود في مرحلة الجعل و الإنشاء انما يقوم على أساس أحد هذين الأمرين فلا ثالث لهما و اما في غير هذين الموردين (العرفيّ و العقليّ) فلا موجب لأخذه مفروض الوجود أصلاً (بینما:) و لا دليل على ان التكليف لا يكون فعلياً الا بعد فرض وجوده في الخارج (بل حتّی لو لم نفترِض وجوده لأصبح الموضوع فعلیّاً حتماً) و من هنا قد التزمنا بفعلية الخطابات التحريمية قبل وجودات موضوعاتها بتمام القيود و الشرائط فيما إذا كان المكلف قادراً على إيجادها (فمنذ الإنشاء سیعدّ الخطاب فعلیّاً لمن یَقدِر إیجاده) مثلاً التحريم الوارد على شرب الخمر فعليٌّ و ان لم يوجد الخمر في الخارج إذا كان المكلف قادراً على إيجاده بإيجاد مقدماته فلا تتوقف فعليته على وجود موضوعه.
· و السر في ذلك (التّمایز ما بین فعلیّة «حرمة الخمر» و بین انعدام فعلیّة «أوفوا بالعقود» فهو) ما عرفت من ان الموجب لأخذ القيد مفروض الوجود إمّا الظهور العرفي، أو الحكم العقلي، و كلاهما منتف في أمثال المقام:
- أما الأوّل (الظّهور العرفيّ) فلأن العرف لا يفهم من مثل لا تشرب الخمر ان الخمر أخذ مفروض الوجود في الخطاب: بحيث تتوقف فعلية حرمة شربه على وجوده في الخارج فلا حرمة قبل وجوده، بل المتفاهم العرفي من أمثال هذه القضايا هو فعلية حرمة الشرب مطلقا و ان لم يكن الخمر موجوداً (و لم یُفرَض وجوده) إذا كان المكلف قادراً على إيجاده بما له من المقدمات، و هذا بخلاف المتفاهم العرفي من مثل قوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» كما عرفت (إذ حینما یَنعقِد العقد -الموضوع- لَتفعَّل وجوب الوفاء، بینما الخمر سیَتفعَّل تحریمه عرفاً منذ إنشاء المولی لا حین تواجد الموضوع، و لکنّ المحقّق النّائینيّ قد صرّح بأنّ کافة المواضیع تعدّ مفروضةَ الوجود بحیث لا یَتفعّل حکمٌ سوی لدی تواجد الموضوع و شرطه)
- و أمّا الثاني (العقل) فلأنّ المفروض تمكّن المكلف من إيجاده، و في مثله لا يحكم العقل بأخذه مفروض الوجود.
- فالنتيجة ان المناط في فعلية الخطابات التحريمية انما هو فعلية قدرة المكلف على متعلقاتها إيجاداً و تركاً و لو بالقدرة على موضوعاتها كذلك، فمن كان متمكناً من شرب الخمر و لو بإيجاده كانت حرمته فعلية في حقه، و من كان متمكنا من تنجيس المسجد مثلا و لو بإيجاد النجاسة كانت حرمته كذلك فلا تتوقف على وجود موضوعه (الخمر) في الخارج. و من هنا لا ترجع (دوماً) تلك القضايا (الحقیقیّة) في أمثال هذه الموارد (التّحریمیّة) إلى قضايا شرطية، مقدّمُها وجود الموضوع و تاليها ثبوت الحكم له (کما زعمه النائینيّ) حيث ان ترتب الأحكام فيها على موضوعاتها ليس كترتب الجزاء على الشرط. و على ذلك تترتب ثمرة مهمة في عدة موارد و فروع و ستأتي الإشارة إلى بعضها في ضمن البحوث الآتية.[1]
· (و أمّا تطبیقه علی منصّة نزاعنا:) و بعد ذلك نقول: ان القيد فيما نحن فيه -و هو نفس الأمر- و ان كان خارجاً عن الاختيار (لأنّه بید المولی) الا أنّ مجرد ذلك لا يوجب أخذه مفروض الوجود، لما عرفت من الملاك الموجب لأخذ قيد كذلك إما الظهور العرفي أو الحكم العقلي، و عندئذ فهل نرى ان الملاك لأخذه كذلك (مفروض الوجود) موجود هنا أم لا و التحقيق عدم وجوده:
Ø أما الظهور العرفي فواضح، حيث لا موضوع له فيما نحن فيه، فان الكلام هنا انما هو في إمكان أخذ قصد الأمر في متعلقه بدون أخذه مفروض الوجود و عدم إمكانه (القصد و لهذا لا نتحدّث حول فعلیّته بل حول إمکانیّة تواجده خارجاً) و من الطبيعي انه لا صلة للعرف بهذه الناحية.
Ø و أمّا الحكم العقلي فأیضاً كذلك، فلأن ملاكه هو ان القيد لو لم يؤخذ مفروض الوجود في مقام الإنشاء لزم التكليف بما لا يطاق (إذ کیف لا یُفترض وجودُه ثم یکلّف العبد به فهو تکلیف قبیح) و من المعلوم انه لا يلزم من عدم أخذ الأمر مفروض الوجود ذلك (التّکلیف بما لا یُطاق) و السبب فيه ان الأمر الّذي هو متعلق للداعي و القصد يتحقق بمجرد جعله و إنشائه، و من الطبيعي ان الأمر إذا تحقق و وجد أمكن للمكلف الإتيان بالمأمور به بقصد هذا الأمر و بداعيه، و لا حاجة بعد ذلك إلى أخذه مفروض الوجود في مقام الإنشاء (و بهذه الطّریقة ستَنحلّ معضلة الدّور أیضاً)
· و بكلمة واضحة أن الأمر و ان كان خارجاً عن قدرة المكلف و اختياره، حيث انه فعل اختياري للمولى، كما انه لا يمكن للمكلف الإتيان بشيء بقصده بدون فرض تحققه و وجوده، الا ان كل ذلك لا يستدعي أخذه مفروض الوجود (کما زعمه المحقّق النّائینيّ فتَورّط في الدّور) و الوجه في ذلك هو ان المعتبر في صحة التكاليف انما هو قدرة المكلف على الإتيان (حین الامتثال) بمتعلقاتها بكافة الاجزاء و الشرائط في مرحلة الامتثال (لا الإنشاء) و ان كان عاجزاً و غير قادر في مرحلة الجعل. (و لهذا لو لم نَفترض وجود القید لَما أولَدَ التّکلیف بالمحال إذ القدرة حین الامتثال ستُغنینا تماماً).
Ø و على هذا الضّوء فالمكلّف و إن لم يكن قادراً على الإتيان بالصّلاة مثلاً بداعي أمرها و بقصده قبل إنشائه و جعله، و لكنه قادر على الإتيان بها كذلك بعد جعله و إنشائه و قد عرفت كفاية ذلك، و عدم المقتضى لاعتبار القدرة من حين الجعل (کي نتورَّط في الدّور) و عليه فلا مانع من تعلق التكليف بالصلاة مع قصد امرها، لفرض تمكن المكلف من الإتيان بها كذلك في مقام الامتثال، فاذن لا ملزم لأخذه مفروض الوجود (کما زعمه النائینيّ) فإنّ الملزِم لأخذه كذلك هو لزوم التكليف بالمحال و هو غير لازم في المقام (قصد الأمر).[2]
- و من هنا يظهر ان الأمر يمتاز عن بقية القيود غير الاختيارية في نقطة و هي انه يوجد بنفس الإنشاء و الجعل دون غيره و لأجله لا موجب لأخذه مفروض الوجود. فالنتيجة هي انه لا يلزم من أخذ قصد الأمر في متعلقه شيء من المحذورين السابقين حيث ان كليهما يرتكز على نقطة واحدة و هي أخذ الأمر مفروض الوجود في مقام الإنشاء، و بانتفاء تلك النقطة انتفى المحذوران.»[3]
فبالتّالي، إنّ المحقّق الخوئيّ قد خَضَع -بصورة موجِبة جزئیّة- أنّ بضعاً من القیود الخارجة عن القدرة سیَجب لحاظها «مفروضة الوجود» مؤکَّداً نظیر البلوغ و الوقت و العقل، فلو لم نَفترض وجودها لأنجَبَت محذور «التّکلیف بالمحال» و لهذا سیَتصوّر المولی وجودها ثمّ یُکلّف العبد تجاهَها لکي یُطیق امتثالَها، و أمّا القیود التي لا تَخلُق الاستحالة نظیر القصد و الطّهارة و الاستقبال، فلیس من الصّواب أن نَلحظها «مفروضة الوجود» کي نُعاني من الدّور المذکور -الإنشاء و الفعلیّة و الامتثال- بینما المحقّق النّائینيّ قد أدرَج کافّة القضایا الحقیقیّة بحذافیرها -أي المواضیع بقیودها- ضمن القضایا الشّرطیّة فافترَضها مفروضة الوجود تماماً ثمّ تَزحلَق ضمن الدّور -فرض القصد قبل الأمر-.
و بالختام قد حسَم المحقّق الخوئيّ الدّورَ ببرکة عالم الامتثال فإنّ المکلّف سیُطیق نیّةَ الحصّة الخاصّة خارجاً، فقدرتُه ستُغنینا لقصد الأمر حتماً، فلا تَظُنّ أنّ نقطة الدّور هو «حین الجعل» بل عالم الامتثال سیُعالج «قصد الأمر» بالکامل بلا دور نهائیّاً، فرَغم أنّ «القصد» لدی الجعل خارج عن قدرة المکلّف تماماً إلا أنّه یُتقِن إنجازَ «القصد الخارجيّ» حین الامتثال، فانحسَم الصّراع إذن.
ونلاحظ علیه في الوَهلة الأولی: بأنّه لم یَتکفَّل الإجابةَ علی الدّور في مرحلة الإنشاء -الذي قد استَعرضه المحقّق النّائینيّ و بقیّة عَمالِقة الأصول- بل قد اقتَصر علی تبریر الدّور الواقع لدی «الفعلیّة و الامتثال» فحسب.[4]
منازَعة السّید الرّوحانيّ تجاه بیانات المحقّق الخوئيّ
لقد استَشکل علیه صاحب المنتقی من جادّة أخری قائلاً: [5]
«و يَرِد عليه: بأنّ مفروض الكلام:
- اما ان يكون مرحلة الثبوت، بمعنى كون البحث في ثبوت أصل الدعوى بان كل ما يؤخذ في متعلق الخطاب و لم يصلح للداعوية إليه، يكون مفروض الوجود مع غض النّظر عن مقام الإثبات و الدليل.
- و اما أن يكون مرحلة الإثبات و ما يستفاد من دليل الحكم.
Ø فان كان فرض البحث مع المرحوم النائيني (قدس سره) في مرحلة الثبوت - كما هو اللازم - فذلك لا يتلاءم مع ما ذكره (المحقّق الخوئيّ) من ان استفادة فرض الوجود تكون بالبرهان العقلي و بظهور الدليل، فان البحث الثبوتي لا يلاحظ فيه الدليل الخارجي و ما يستفاد منه في موضوع الكلام، لأنه بحث عن الضرورة و الإمكان بحسب ما يدركه العقل، و (لهذا إنّ) عالم الأدلة و النصوص مغفول عنه في هذا البحث بالمرة، لأنه ترتبط بمقام الكشف عن الواقع و تشخيص الثابت فيه و إثباته.
Ø و ان كان فرض البحث في مرحلة الإثبات بدعوى ان معرفة كون الشيء مفروض الوجود و الكشف عنه تكون تارة بواسطة برهان العقل و أخرى بواسطة ظهور الدليل الشرعي في ذلك و لا طريق آخر لتشخيص ذلك، فله وجه و لا إشكال فيه من هذه الجهة -أعني جهة أسلوب الإيراد (علی المحقّق النّائیتيّ)-.
لكن يورد عليه:
بأنّ ما ينظر إليه من البرهان العقلي في الأمور غير الاختيارية (کالوقت و البلوغ) لا يَفي بإثبات فرض الوجود في هذه الأمور (و أن نَدعي بأنّ القید لو استَلزم المحال لتَوجَّب أخذه مفروضَ الوجود) و ذلك لأن محصَّل الدليل العقلي هو لزوم التكليف بما لا يطاق، بتقريب: ان التكليف:
- إمّا ان يتحقق عند وجود الأمر غير الاختياري، كالوقت بالنسبة إلى وجوب الصلاة (بحیث إنّ قبلَ الوقت لا وجوب لها أساساً).
- أو قبله (الأمر) مع اشتراطه في الفعل.
Ø فالأوّل هو المطلوب و هو معنى فرض الوجود و توقف فعلية الحكم على تحقق ذلك الأمر (فیتفعَّل التّکلیف لدی قیده).
Ø و الثاني يستلزم التكليف بما لا يطاق، لأن اشتراط الوقت و نحوه من الأمور غير الاختيارية مع تحقق الحكم قبل حصولها، يستلزم التكليف و تعلق الحكم بغير المقدور فعلاً، و هو محال على المولى الحكيم، فلا بد ان يترتب الحكم على تحققه و ذلك هو معنى فرض الوجود.
و أنت خبير: بان القدرة على المكلف به من الشرائط العامة المأخوذة في موضوع الحكم على رأي الأكثر -و منهم السيد الخوئي- فالحكم لا يصير فعليّاً بدون القدرة على امتثاله (فالقدرة هي الّتي تُعدّ قیدَ الموضوع و فعلیّته) و عليه فإذا كان منشأ أخذ الأمور غير الاختيارية مفروض الوجود في موضوع الحكم -هو استلزام عدم ذلك للتكليف بغير الاختيارية مفروض الوجود في موضوع الحكم- هو استلزام عدم ذلك للتكليف بغير المقدور، كان أخذ شرط القدرة على الامتثال في موضوع الحكم و مفروض الوجود كاف عن أخذ كل منها كذلك، إذ بدونها لا تحصل القدرة، فعدم التكليف يكون لأجل عدم القدرة لا من جهة عدم الوقت مثلا، و ان كان تحقق الوقت ملازما لحصول القدرة، لكنه مع أخذ القدرة في الموضوع لا حاجة لأخذ الوقت و نحوه مما تتوقف عليه القدرة في الموضوع أيضاً، و لا يخفى ان الحكم و ان لم يحصل الا بحصولها لتوقف القدرة عليها لكنه لا يستلزم ذلك كونها مأخوذة في الموضوع و مفروض الوجود، بل تكون من ملازمات الموضوع لا من مقوماته، فلا يترتب عليها آثار الموضوع و فرض الوجود في غير المقام.
· و (لُبّ الاعتراض:) بالجملة: لا وجه و لا ملزم لأخذ الأمور غير الاختيارية (کالبلوغ و الوقت و العقل) في موضوع الحكم بملاك لزوم التكليف بما لا يطاق بدونه بعد كون القدرة عند هذا القائل من الشرائط العامة المأخوذة في موضوع الحكم، لأن تحقق هذه الأمور محصِّل للقدرة لا أكثر فاشتراط القدرة يكفي عن اشتراطها (هذه العناصر غیر الاختیاریّة، و لهذا لا یصحّ افتراضُ وجودها حتمیّاً بل عنصر القدرة هي الّتي تعدّ مفروض الوجود فحسب و أما تلک العناصر فستُحصِّل القدرة) فتدبر.»
فالحاصد أنّ المحقّق الخوئيّ قد أخطأ حینما تَصوَّر سائرَ القیود -غیر الاختیاریّة- لحاظاً مستقلّاً و ثمّ أفرَد للقدرة أیضاً لحاظاً مستقلاً آخر، بینما القدرة هي العُنصرة الوحیدة التي تعدّ مفروضةَ الوجود بتاتاً، إذ کافّة الأعلام یُذعِنون بأنّ القدرة تعدّ إحدی الشّرائط العامّة للتّکلیف -لا بقیّة القیود کالقصد- و لهذا قد انحرَف الباحثون حینما أدخلوا بقیّة القیود غیر الاختیاریّة ضمن التّکلیف -فواجَهوا الدّور- بینما مَهامّ سائر القیود أن تُکوِّن «القدرة» خارجاً، لأنّها المِقیاس الأساسيّ للتّکالیف فحسب -لا شتّی القیود-.
فصاحب المنتقی -في ثنایا هذه الهَجمة- قد دافع أیضاً عن المحقّق النائینيّ، هاتفاً بأنّ کافّة القیود ستَعود إلی القدرة و حیث إنّ القدرة تعدّ مفروضة الوجود فبالتّالي ستُحسَب «عامّة القیود» مفروضة الوجود أیضاً و بلا تفکیک أساساً -وفقاً للمحقّق النّائینيّ-.
---------------------
[1] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص158-159 قم - ایران: انصاريان.
[2] و یَبدو جلیّاً أنّ هذه المقالة تُماثِل النّقاشات التي مرّت في الکفایة حیث إنّ المتوهِّم آنذاک کان یحاول تصحیح اتّخاذ القید ضمن المتعلّق من خلال مقام الامتثال، بینما الأستاذ المعظَّم وفقاً للکافیة قد رفضاه هناک إلا أنّ المحقّق الخوئيّ قد رحَّب بهذا الحلّ، و بین یدیک الآن نصّ بیانات المتوهِّم ضمن الکفایة: «إمكان تعلق الأمر بفعل الصلاة بداعي الأمر و إمكان الإتيان بها بهذا الداعي ضرورة إمكان تصور (المولی) الأمر بها مقيّدة (في مقام الثّبوت) و التمكن من إتيانها كذلك (مقیَّدة) بعد تعلق الأمر بها (لا الامتثال حین الأمر کي یَستحیل) و المعتبر من القدرة المعتبرة عقلا في صحة الأمر إنما هو في حال الامتثال (الخارجيّ) لا حال الأمر (فبالتالي قد تَلاشَی الدّور المذکور)» (الکفایة ص73)
[3] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص160-161قم - ایران: انصاريان.
[4] و لهذا حیث إنّ الدّور في الجعل و الإنشاء قد أصبَح راسخاً لدی القائلین به، فبالتّالي لا یُطیق المکلّف الخارجيّ أن یمتثل تلک الحصّة الخاصّة الثّبوتیّة لدی المولی أبداً إذ قد افترضنا أنّ جعل المولی هو المستحیل لدی تصوّره ثبوتاً، فطبعاً سیَستحیل المجعول و الامتثال الخارجيّ أیضاً بحیث سیَعجُز المکلّف عن نیّة تلک الحصّة الخاصّة المشوبة بالدّور.
[5] روحانی محمد. منتقی الأصول. Vol. 1. ص433-434 قم - ایران: دفتر آيت الله سيد محمد حسينی روحانی.
نظری ثبت نشده است .