درس بعد

التعبدی و التوصلی

درس قبل

التعبدی و التوصلی

درس بعد

درس قبل

موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٩/٥


شماره جلسه : ۳۵

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • استکمال إجابات المحقّق الخوئيّ تجاه الاستحالات

  • مُعارَضة صاحب المنتقی تجاه المحقّق الخوئيّ

  • نقاشٌ حارّ حول أساس وقوع «الانحلال»

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين

استکمال إجابات المحقّق الخوئيّ تجاه الاستحالات

لقد استَمسک المحقّق الخوئيّ بنکتة «الأمر الضّمنيّ» فحلَّل الأمرَ الکليّ الاستقلاليّ إلی أوامر مُتصغِّرة ضمنیّة، فمن خلال هذه النّکتة قد قَلَع کافّةَ الاستحالات المطروحة، فمن هذا المُنطَلق قد استَکمل إجابته قائلاً: [1]

«و اما الوجه الثالث (الذي أسلفناه من المحقّق الاصفهانيّ) فلأنه أيضاً مبتنٍ على أن يكون المأخوذ في المتعلق هو قصد الأمر النفسيّ الاستقلالي، فعندئذ بطبيعة الحال يلزم من فرض وجوده عدمه و ذلك لأن معنى أخذ داعوية الأمر بالصلاة في متعلقه هو ان الصلاة جزء الواجب فإذا كانت جزء الواجب فلا محالة الأمر المتعلق بها ضمني لا استقلالي، فإذن يلزم من وجوده عدمه و هو محال. و لكن قد عرفت أنّ المأخوذ فيه (الواجب) انما هو قصد الأمر الضمني (فبالتّالي إنّ الصّلاة تَمتلک أمراً ضمنيّاً -من ذاک الأمر الکليّ- و کذا القصد یَمتلک أمراً ضمنيّاً للصّلاة، فیُنتِج: امتثِلِ الصّلاةَ مع القصد بأمرهما الضّمنيّ) و عليه فلا موضوع لهذا الوجه كما هو واضح.

و أمّا الوجه الرابع (للاستحالة ضمن الکفایة) فلأنه يقوم على أساس أن يكون ما (القصد) أخذ داعويّته في متعلّق الأمر كالصلاة مثلاً عينَ ما يدعو إليه (أي استقلالاً) فعندئذ بطبيعة الحال يلزم داعويّة الأمر لداعوية نفسه (إذ حینما یأمر المولی بالمجموع فسیُنتِج أنّ الأمر قد دَعا إلی قصد الأمر الذي یُعدّ جزءَ المجموع و لهذا سیَدعو الأمر إلی نفسه فهو مستحیل) و لكن قد ظهر من ضوء ما حققناه ان الأمر ليس كذلك (فلا داعویّة إلی نفسه) فان (القصد) المأخوذ في المتعلق إنّما هو داعويّة الأمر الضّمني و ما يدعو إلى داعويّته انما هو امر ضمني آخر (فلا یَمتلک أمراً استقلاليّاً کي یدعو إلی نفسه) و من الطبيعي انه لا مانع من ان يكون أحد امرين متعلقاً لأمر (ضمنيّ) آخر و يدعو إلى داعويته (فالأمر الضّمني للقصد سیُحرِّک الأوامر الضمنيّة التّالیة کالرّکوع و... کما أنّ الأمر الاستقلاليّ بإمکانه أن یُحرِّک أمراً استقلالیّاً آخر فلا تَتحقّق الدّعوة إلی النفس إذن) بداهة انه لا يلزم من ذلك داعوية الأمر لداعوية نفسه، بيان ذلك ان الأمر المتعلق بالصلاة مثلا مع داعوية امرها الضمني بطبيعة الحال ينحل ذلك الأمر إلى امرين ضمنيين: أحدهما: متعلق بذات الصلاة. و الاخر متعلق بداعوية هذا الأمر يعني الأمر المتعلق بذات الصلاة، و لا محذور في ان يكون الأمر الضمني يدعو إلى داعوية الأمر الضمني الآخر، كما انه لا مانع من ان يكون الأمر النفسيّ الاستقلالي يدعو إلى داعوية الأمر النفسيّ الاخر كذلك. نعم لو كان المأخوذ فيه الأمر النفسيّ الاستقلالي لزم داعوية الأمر لداعوية نفسه (و عادَ المحذور).»

ثمّ في هذا الحَقل سیَستَنتج المحقّق الخوئيّ من مسألة «داعویّة الأمر الضّمنيّ» قائلاً:

«قد انتهينا في نهاية المطاف إلى هذه النتيجة: و هي أنه لا محذور في أخذ داعوية الأمر الضمني في متعلق الأمر النفسيّ الاستقلالي:

1. لا من ناحية التشريع، لابتنائه على عدم الأمر بذات الفعل الخارجيّ كالصلاة مثلا، و لكن قد عرفت خلافه و ان الأمر الاستقلالي بها و ان كان منتفياً الا ان الأمر الضمني موجود.

2. و لا من ناحية عدم القدرة، لابتنائه على اعتبار القدرة على متعلقات التكاليف من حين الأمر، و قد عرفت نقده.

3. و لا من ناحية الخلف، لابتنائه على أن يكون المأخوذ فيه داعوية الأمر الاستقلالي و لكن قد سبق خلافه.

4. و لا من ناحية داعوية الأمر لداعوية نفسه، لابتنائه على ان يكون الأمر المتعلق بالصلاة مع داعوية امرها عين ذلك الأمر (الاستقلاليّ) و لكن قد مر خلافه و ان الأمر المتعلق بالمجموع حيث انه ينحل إلى امرين ضمنيين فلا مانع من ان يكون أحد الأمرين متعلقاً للآخر. و لا يلزم من ذلك المحذور المذكور.»

مُعارَضة صاحب المنتقی تجاه المحقّق الخوئيّ

لقد أبَی صاحب المتنتقی عملیّة «الانحلال» و هویّةَ «الأمر الضّمنيّ» فعارضَ المحقّقَ الخوئيّ قائلاً:

«إنّ تمامية الإيراد الّذي ذكره (المحاضرات) تبتني على أمرين:

1. الأمر الأول: الالتزام بانحلال الوجوب المتعلق بالمركب إلى أوامر ضمنية يتعلق كل منها بجزء من أجزاء المركب (وفقاً للمحقّق الاصفهانيّ أیضاً) توضيح ذلك: انه وقع الكلام في ان الأمر بالمركب:

- هل هو امر واحد بسيط متعلق بمجموع الاجزاء و لا يقبل التعدد و الانحلال بل ينسب إلى كل الاجزاء على حد سواء، و لا يقال عن كل جزء انه مأمور به، نظير الحُمى التي تعرُض على البدن، فإنّه يتصف بها جميع اجزاء البدن لكنها عرفا حُمىً واحدة، و لذا لا يقال لليد وحدها انها مَحمومة، بل يقال عن جميع البدن إنه محموم و ان عرضت الحمى على كل الاجزاء؟

- أو انه أوامر متعددة بتعدد الاجزاء، بحيث يكون كل جزء متعلقا لأمر مختص به، و يقال انه مأمور به كالبياض الطارئ على الجسم الإنساني فانه يعرض على جميع الاجزاء و يوصف به كل جزء، فيقال وجهه أبيض و يده بيضاء و هكذا، كما انه يقال لمجموع جسمه أنه أبيض‌؟ [2]

فعلى الالتزام بعدم انبساط الأمر بالمركب على الاجزاء (و عدم الانحلال کعروض الحُمی) و انه ليس إلا أمر واحد، لا معنى لما ذكره من كون الحصة من الأمر (الضّمنيّ) المتعلقة بقصد الامتثال تكون محركة نحوَ محركية الحصة المتعلقة بذات الفعل (الصّلاة) فلا يكون الأمر محركاً نحو محركية نفسه، إذ لا يتحصَّص الأمر و ليس هو إلا امر واحد متعلق بالمركّب (فلا انحلال إذ لا محرکیّة للأمر الضّمنيّ) فلا يتجه الإيراد، كما انه لا يكفي في صحة الإيراد، الالتزام بتحصّص الأمر و انحلاله و انبساطه على الأجزاء، بل يتوقف على ثبوت.

فبالتّالي إنّا نَتحاور حول «الأمر بالمرکّب» لا «الأمر بالمقیَّد» إذ القید مندَمج مع المقیَّد -کالصّوم- بمثابة عنصر موحَّد، فلا یَتجزَّء الأمر الکليّ بالمقیَّد إلی عدد قیوده، بینما موضوع المرکّب -کالصّلاة- فیَحتمل عقلاً أن یَنحلّ فیَترشَّح إلی أوامر متکاثرة بعدد أجزائه، إلا أنّ الحقّ هو انعدام انحلال الأمر التّرکیبيّ إلی الضّمنيّ -وفقاً للکفایة و المنتقی-

ثمّ باشرَ مسألة «داعویّة الأمر الضّمنيّ» معترِضاً قائلاً:

2. «الأمر الثاني: و هو الالتزام بأنّ الأمر الضمني المنحل عن الأمر بالكل يصلح للداعوية نحو ما تعلق به (نظیر الأمر الاستقلاليّ المتأهِّل لدعوة المکلّف) و إلاّ فلا يتم الإيراد (إذ لو لم یُحرّک الأمر الضّمنيّ المکلّف فلا تتحقّق داعویّته لقصد الامتثال إذن) لأنه و ان كان كل من الفعل و قصد الامتثال متعلقا للأمر الضمني، لكن كلا منهما لا يصلح للمحركية كي يكون أحدهما محرّكا نحو محركية الآخر (کما زعمه المحقّق الخوئيّ) و يرتفع بذلك محذور محركية الشيء نحو محركية نفسه، بل الّذي يصلح للمحركية هو الأمر الاستقلالي بالمجموع فيعود المحذور (إذ سیدعو إلی نفسه).

و الحاصل: ان الإيراد يتم لو التزم بانبساط الوجوب و انحلاله و صلاحيته الأمر الضّمنيّ للمحركيّة (وفقاً للمحقّقین الخوئيّ) إذ يقال حينئذ: إنّ كلاً من الفعل و قصد الامتثال يكون متعلقا للأمر الضمني، و يكون الأمر المتعلق بقصد الامتثال محركا نحو قصد امتثال الأمر الضمني المتعلق بالفعل عند إتيانه، فيكون الأمر محركا نحو محركية غيره لا نفسه كما عرفت تقريره.

ثم شیَّد استشکاله بتحریر أوسعَ قائلاً:

«و إذا كانت النكتة -التي هي أساس المحذور- هي عدم صلاحية الأمر الضمني للداعوية، فلابدّ لنا من تحقيق الحال في هذه الجهة، و الّذي يبدو لنا بعد التأمل موافقة المحقق الأصفهاني و الالتزام بعدم داعوية الأمر الضمني.

و السر في ذلك: ان الشيء انما يكون داعيا للعمل و باعثا نحوه، اما لكونه بنفسه أثرا مرغوبا، فيقصد بالعمل ترتبه عليه. أو لكونه ذا أثر مرغوب، بحيث يكون تصوّر ترتبه (الأثر المرغوب) على الفعل باعثاً نحو العمل باعتبار أن لوجوده أثراً مرغوباً عقلاً أو شرعاً أو عرفاً أو نفسياً إلى غير ذلك.

و بالجملة: الشيء لا يصلح للداعوية ما لم يكن بوجوده ذا أثر محبوب، أو كان هو بنفسه محبوباً (کالأوامر النّفسیّة) اما بدون ذلك فلا يصلح للداعوية نحو العمل بل يكون العمل لغواً (کالأمر الضّمنيّ بالقصد).

و عليه، فالأمر الضمني إنما يصلح للداعوية إذا كان لموافقته أثر مرغوب شرعا أو عقلا من تحصيل مثوبة أو دفع عقوبة أو حصول التقرب و نحوها، اما إذا لم يكن لموافقته أي أثر بل كانت هذه الآثار التي يترتب على الموافقة (للأمر الضّمنيّ) انما يترتب على موافقة الأمر بالكلّ (الصلاة) لم يكن الأمر الضمني صالحاً للداعوية، و الأمر كذلك، فإن حصول الامتثال و الطاعة و الثواب انما يكون على موافقة الأمر بالمركب و لذا لا تتعدد الطاعة و المعصية و لا يتعدد الثواب و العقاب، بل ليس هناك إلا إطاعة واحدة و عصيان واحد و ثواب واحد و عقاب كذلك تترتب على موافقة الأمر بالمركب أو مخالفته، و ليس لموافقة الأمر بالجزء أي أثر من ذلك.

و لا يخفى ان موافقة الأمر بالكل أمر بسيط غير قابل للتعدد (الانحلال) لأنه ينتزع عن الإتيان بجميع الاجزاء و الشرائط، فهي تكون داعية للمجموع بما هو كذلك (أي إتیان الأمر الاستقلاليّ) و ليست أمرا قابلا للتعدد كي يترتب الإطاعة و الأثر على كل حصة بنفسها فيصلحَ الأمر بها للداعوية، لترتب الأثر على المجموع، فيكون كل جزء دخيلا في ترتب الأثر، بل يترتب عليه بعض الأثر بنسبته. فلاحظ.» [3]

و یَبدو أنّه إشکال شکیلٌ غیر شنیع.

نقاشٌ حارّ حول أساس وقوع «الانحلال»

لقد أسلفنا استنکارَنا تجاه حدوث «الانحلال» و تحقّق «الأوامر الضّمنيّة» و قد أشار صاحب المنتقی أیضاً قائلاً:[4]

«إذا تبين ذلك: فبما أنّ الظّاهر من كلام الكفاية هو عدم انبساط الوجوب و انحلاله كما يشير إليه قوله: «و يكون تعلقه (الأمر) بكل (أجزاء) بعين تعلقه بالكلّ (أي أنّ الأمر بالأجزاء کالقصد یُعدّ استقلاليّاً أیضاً)[5] و ان كان هذا خلاف التزام المحقق الأصفهاني[6] فانه يلتزم بانحلال الوجوب و انبساطه (وفقاً للمحقّق الخوئيّ)».

فالنّظرة الصّائبة أنّ نفس الأمر الاستقلاليّ الکليّ قد تعلّق بأجزائه تماماً وفقاً للمحقّق الآخوند، فلأجله سیَدعو الأمر إلی نفسه -أي إلی نفس الجزء- و سیَتجدّد المحذور، و لهذا نَعتقد أنّ صاحب الکفایة لم یَتطرّق إلی الأمر الضّمنيّ -في هذه السّاحة- أساساً، فقد تَحدّث قائلاً:

«لأن ذات المقيد لا يكون مأموراً بها فإنّ الجزء التحليلي العقليّ لا يتصف بالوجوب أصلا فإنه ليس إلا وجود واحد واجب بالوجوب النفسي (کليّ استقلاليّ)»[7]

و تَحکیماً أکبر لاحظ عبارته التّالیة أیضاً قد أکمل قائلاً:

«إذ المركب ليس إلا نفس الأجزاء بالأسر و يكون تعلقه بكل بعين تعلقه بالكل و يصح أن يؤتى به بداعي ذاك الوجوب ضرورة صحة الإتيان بأجزاء الواجب بداعي وجوبه (الکليّ).»

و في نسقه قد هتَف مُعلِناً:

«إنما يصح الإتيان بجزء الواجب بداعي وجوبه (الاستقلاليّ) في ضمن إتيانه (الجزء) بهذا الداعي (أي داعي الوجوب الاستقلاليّ) و لا يكاد يمكن الإتيان بالمركب من قصد الامتثال بداعي امتثال أمره (نظراً للاستحالة)».[8]

 -----------------
[1] خوئی ابوالقاسم. محاضرات في أصول الفقه (الخوئي). Vol. 2. ص170 قم - ایران: انصاريان.
[2] روحانی محمد. منتقی الأصول. Vol. 1. ص422-423 قم - ایران: دفتر آيت الله سيد محمد حسينی روحانی.
[3] روحانی محمد. منتقی الأصول. Vol. 1. قم ص425 - ایران: دفتر آيت الله سيد محمد حسينی روحانی.
[4] المصدر السّابق.
[5] الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول –٧٣ص- طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
[6] الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢-٢٦٤ - الطبعة الأولى.
[7] آخوند خراسانی محمدکاظم بن حسین. کفایة الأصول (طبع آل البيت). قم ص73 مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
[8] نفس المصدر.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .