درس بعد

التعبدی و التوصلی

درس قبل

التعبدی و التوصلی

درس بعد

درس قبل

موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/١٠/٣


شماره جلسه : ۴۶

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • تشریح إضافيّ لتحقیقة المحقّق البروجرديّ

  • مقایسَةٌ ما بین نَمط تقریر النّهایة و نمط تقریر اللّمحات

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين

تشریح إضافيّ لتحقیقة المحقّق البروجرديّ

قد تصوَّرنا مسبقاً بأنّ المحقّق البروجرديّ (1380ق) یُحاول «إهمال القصد کلیّاً» و ذلک وفقاً لمنهَج المحقّق الحائريّ (1355ق)[1] بینما اکتَشفنا بأنّ السّیّد احتَفظ علی «لزوم القصد» من دون أن یَتزحلَق في کارثة «الدّور» أو استحالة «دعوة الأمر إلی نفسه» حیث قد استَخلَص بیاناته ضمن أسطُر قائلاً:

«و الحاصل: أن كل ما كان من الأجزاء و الشرائط حاصلاً قبل داعوية الأمر إليه أو يحصُل (القید) بنفس داعويّته (الأمر) إلى سائر الأجزاء (کالقصد فإنّ الأمر قد دعا إلی متعلّقه الصلاتيّ بأجزائها أیضاً فجزئیّة «القصد» قد تحقّق منذ البدایة قهراً) فهو ممّا لا يحتاج في حصوله إلى دعوة الأمر إليه (لدی الجعل لأنّه سیَتحقّق خارجاً بنفس الأمر الکليّ) و لا محالة تنحصر دعوته (الأمر) في غيره (من الأجزاء الأخَر)».

تسائل: ألا تُعدّ مقالة المحقّق البروجرديّ هي نفس معتقَد المحقّق العراقيّ السّالف -بأنّ «القصد» یُعدّ جزءَ الواجب-؟

الإجابة: کلّا، إذ:

Ø أوّلاً: إنّ المحقّق العراقيّ قد اعتقَد بتوصّلیَّة «القصد» إذ لو لاحظناه تعبدیّاً لَتسلسَلت القصود بلا انتهاء.

Ø ثانیاً: إنّ المحقّق البروجرديّ لا یَصُبّ الدّعوة إلی الجزء -القصد- أیضاً فلا داعویّة للأمر إلی القصد حتّی نَستدیر في الدّور، بل یراه متحقِّقاً قهراً في الخارج، إذ المکلّف حینما یَمتثل الأمر الکلّيّ فبالتّالي یُعدّ موجِداً أیضاً «للجزء» تلقائیّاً، و لهذا قد استَغنی السّیّد عن مطلق الدّاعویّة سواء اعتبرناه تعبدیّاً أو توصّلیّاً.

و عقیب هذا المستَحصَل قد استعرَض المحقّق البروجرديّ اعتراضاً ثمّ طَمسه قائلاً: [2]

«إن قلت: بعد اللتيا و التي فإشكال الدّور الوارد في مقام الامتثال بحاله (فإنّ الأمر یَدعو إلی نفسه إذ سیَدعو إلی جزئه المأمور به -القصد- أیضاً بحیث سیتوقّف الأمر علی تحقّق القصد و کذا العکس) فإن داعويّة الأمر تتوقف على كون المدعوّ إليه (أي المتعلّق) منطبِقاً على عنوان المأمور به و مصداقاً له (أي أنّ الصّلاة تُعدّ مأموراً بها) و المفروض فيما نحن فيه أن مصداقيّته (المتعلّق) للمأمور به أيضاً تتوقّف على (تحقّق القصد و) داعوية الأمر إليه (فیجِب أن یَنوي الامتثال حتّی یَتحقّق عنوان «المأمور به» للمتعلّق).

قلت:

- أمّا أوّلاً: فلا يعتبر في داعوية الأمر كونُ المدعوّ إليه (أي المتعلَّق) قبل الداعوية منطبِقاً على عنوان المأمور به (فقبلَ تحقّق الدّاعویّة لا نَفترِض الصّلاة مأموراً بها کي یَتولَّد الدّور) و إنّما المعتبر فيها هو كونه منطبقاً عليه (بحیث ستُصبح الصّلاة مأموراً بها حتّی) و لو بعد داعويّة الأمر، و هاهنا كذلك:

Ø أمّا بناءً على قيديّة داعوية الأمر فواضح، فإنّ وجود المقيَّد (الصّلاة المقیَّدة بالقصد) بعين وجود المطلق الّذي في ضمنه (فهنا نَمتلک مأموراً به واحداً لا شیئَین) و على هذا فنفس المدعوّ إليه (المتعلّق) يصير منطبِقاً على عنوان المأمور به (بالأمر الکلّيّ).

Ø و أمّا بناءً على جزئيّتها (الدّاعویّة في القصد) فلا إشكال أيضاً فإنّ المدعوَّ إليه حينئذ و إن لم يكن عين المأمور به وجوداً (إذ القصد أو الدّاعي لم یتحقّق) لكنّه (المتعلّق الصّلاتيّ سوف) يلازمه (المأمورَ به) في الوجود (الخارجيّ قهراً) كما عرفت.»

فمُستخلَص الإجابة أنّا نَمتلک منزلتَین:

1. منزلة المأمور به -و هو تمام المطلوب النّهائيّ-.

2. و منزلة المدعوِّ إلیه -و هو المتعلَّق ثبوتاً-.

فلو طبَّقنا عنوان «المأمور به» علی «المدعوّ إلیه» -المتعلّق- قبل تحقّق الدّاعویّة، لَتولَّدت إشکالیّة الدّور إذ سیتوقَّف تحقّق المتعلّق -المأمور به- علی تحقّق القصد و بالعکس، بینما نَعتقِد أنّ المتعلَّق قد أصبح مأموراً به عقیبَ تحقّق القصد -لا قبلَه- إذ نفس الأمر الشّرعيّ الکلّيّ قد جعل المتعلَّقَ بقیوده -أیضاً- مأموراً به تماماً بلا توقّفه علی شیئ أبداً، و إنّما القصد سیَتجلّی قهراً في الخارج، إذن فلا تَتولّد أیّة استدارة إطلاقاً، إذ ببرکة «الأمر الکلّيّ بأجزائه» ستَتجلّی الدّاعویّة الباطنیّة لدی الخارج حتماً.

- «و أما ثانياً: فإنّا لا نسلِّم كونَ داعوية الأمر متوقّفةً على كون المدعوّ إليه (المتعلّق) منطبقاً على عنوان المأمور به «و لو بعد الداعوية أيضاً» (فعقیب الدّاعویّة أیضاً لا یُعدّ المتعلّق مأموراً به و لهذا لا یَتولّد الدّور و التّوقّف) لما عرفت من أن الأمر كما يدعو إلى المتعلق يدعو أيضاً إلى كلّ ما له دخل في وجوده و تحققه (کما نقّحناه ضمن المقدّمة الثّانیة) و إذا كان المأمور به شيئاً لا يمكن دعوة الأمر إليه بجميع أجزائه و قيوده كما فيما نحن فيه (أي محذوریّة القصد) و لكن كانت دعوة الأمر إلى بعض أجزائه و إتيانه (غیر القصد) بهذا الداعي ملازمةً لتحصّل المأمور به (حصولاً خارجیّاً) بجميع ما يعتبر فيه فلا محالة يصير الأمر المتعلق بالكلّ داعياً إلى ما يمكن دعوته إليه من الأجزاء (فیقصِد الصلاة بالأمر الکليّ ثمّ سیَتحقق القصد تلقائیّاً إذ المفترَض أنّ العمل من زمرة العباديّات).

و الحاصل: أن كل واحد من المكلفين بعد ما وجد في نفسه أحد الدواعي و الملكات القلبية المقتضية لإطاعة المولى و موافقته، و صار باعتبار ذلك متهيّئاً منتظرا لصدور أمر من قبل مولاه حتى يمتثله، إذا عثر على أمر المولى بالصلاة بداعي الأمر مثلا فلا محالة يصير بصدد إيجاد متعلقه في الخارج بأي نحو كان (من دون أن یحدث أي توقّف علی الآخر) و حينئذ فإذا رأى أن إيجاد الأجزاء التي يمكن دعوة الأمر إليها في الخارج بداعوية الأمر المتعلق بالكل يلازم وجود المأمور به بجميع أجزائه و شرائطه قهرا، فلا محالة تنقدح في نفسه إرادة إتيان هذه الأجزاء و يصير الأمر بالكل داعيا إليها، و بإتيانها يتحقق الامتثال و القرب إلى المولى أيضا. فإن الملاك في المقربية على ما عرفت هو استناد الفعل إلى الملكات و الدواعي القلبية التي أشرنا إليها في المقدمة الأولى، و المفروض فيما نحن فيه إتيان الأجزاء بإرادة متولدة من إرادة موافقة المولى المتولدة من أحد الدواعي القلبية التي أشرنا إليها، فتدبر.»

مقایسَةٌ ما بین نَمط تقریر النّهایة و نمط تقریر اللّمحات

و لکنّا حینما أمعنّا النّظر علی تقریر اللّمحات فقد استَکشفنا تمایزاً ملموساً ما بین التقریرَین، فإنّ صاحب اللّمحات قد حرَّر إجابة المحقّق البروجرديّ عن الاستشکال الثّاني -إن قلت- بإجابة موحَّدة -لا اثنَتَین- قائلاً:

«قلت: كلاّ؛ فإنّ داعويّة الأمر لا تتوقّف على ما ذكرَ: بمعنى لزوم تقدُّم كون الأفعال (و المتعلّقات) معنوَنةً به (بعنوان المأمور به، فلا تتقدَّم) على الداعويّة، بل لو صارت الأجزاء معنوَنةً بعنوان المأمور به، و مصداقاً له و لو بنفس داعويّة الأمر، يكون كافياً (بخلاف تقریر نهایة الأصول) فالمكلّف إذا وَجد في نفسه أحدَ المبادئ الخمسة المحرّكة نحو طاعة المولى، و كان متهيِّئاً لإطاعة أوامره، منتظراً لصدورها عنه، و رأى إيجاد الأجزاء في الخارج بقصد التقرّب إلى المولى إيجاداً لما هو مصداقٌ حقيقيّ للمأمور به (التّعبديّ) و لتمام المطلوب، و معنوَناً بعنوان الطاعة له (فسوف) يصير الأمر -لا محالة- داعياً إلىٰ إتيانها (الأجزاء أیضاً).»[3]

فبالتّالي إنّا نَلحظ تمایزات هامّة ما بین التّقریرَین إذ:

1. أوّلاً: إنّ إجابة صاحب النّهایة قد مالَت إلی معتقَد المشهور مصرِّحاً بأنّ الأمر هو المحرِّک بالتّحدید، بینما صاحب اللَّمحات قد تَجاهر بأنّ الباعِث هي الملکات النّفسانیّة الخمس.[4]

2. ثانیاً: إنّ صاحب النّهایة قد بیَّن أنّ الصّلاة ستُلازم أجزائها خارجاً -حتّی القصد- بحیث سیُهیِّأ المکلّف بقیّة الأجزاء کالقصد -لا کلَّها- بینما صاحب اللَّمحات قد تحدّث بأنّ المکلّف سیُوجد المتعلّق خارجاً بحیث سیُهیِّأ کافّة الأجزاء.[5]

بیدَ أنّ عُصارة تفکیر المحقّق البروجرديّ تَتلخَّص -وفقاً للنّهایة-:

1. إنّ الأمر، في نفس الحین الذي یدعو إلی متعلّقه الصلاتيّ و لکنّه لا یُعدّ مأموراً به، إلا في مرحلة الخارج حیث بمجرِّد أن یقصد التّقرب سیَتحقّق مُتطلَّب الشّارع بأتمّه، فبالتّالي إنّ الأمر لم یَبعَثنا نحوَ «القصد» فحسب -کي نَستدیرَ في الدّور- بل إلی منظومة المتعلّق بأجزائه أیضاً.

2. ثمّةَ انفکاک ما بین منزلة المأمور به -و هو المطلوب الخارجيّ النّهائيّ- و بین منزلة المدعوِّ إلیه -و هو المتعلَّق ثبوتاً- فالقصد یُعدّ قیدَ المأمور به بوجوده الخارجيّ لا قیدَ المدعوِّ إلیه ثبوتاً -کي نَتورَّط في الدّور- بینما الرّأي الشّهیر قد أدغَم المنزِلتَین معاً تماماً و لکنّ السّیّد قد فکَّکهما.

-------------------
[1] قد توفّی المحقّق الحائريّ في نفس السَّنة التي قد تَوفّی المحقّق النّائینيّ فیها أیضاً.
[2] بروجردی حسین. نهاية الأصول. Vol. 1. ص120-121 تهران - ایران: نشر تفکر.
[3] بروجردی حسین. لمحات الأصول (چاپ قدیم). ص78 ایران -: مؤسسة تنظیم و نشر آثار الإمام الخمینيّ.
[4] بینما صاحب النّهایة قد استَذکَر نفس بیانات صاحب اللّمحات حیث قد أوضَح مقالة أستاذه قائلاً: «الحاصل: أن كل واحد من المكلفين بعد ما وجد في نفسه أحد الدواعي و الملكات القلبية المقتضية لإطاعة المولى و موافقته، و صار باعتبار ذلك متهيّئاً منتظرا لصدور أمر من قبل مولاه حتى يمتثله، إذا عثر على أمر المولى بالصلاة بداعي الأمر مثلا فلا محالة يصير بصدد إيجاد متعلقه في الخارج بأي نحو كان (من دون أن یحدث أي توقّف علی الآخر) و حينئذ فإذا رأى أن إيجاد الأجزاء التي يمكن دعوة الأمر إليها في الخارج بداعوية الأمر المتعلق بالكل يلازم وجود المأمور به بجميع أجزائه و شرائطه قهرا، فلا محالة تنقدح في نفسه إرادة إتيان هذه الأجزاء و يصير الأمر بالكل داعيا إليها، و بإتيانها يتحقق الامتثال و القرب إلى المولى أيضاً».
[5] بینما لا یَتّجِه هذا الفارق أیضاً إذ قد أسلفنا للتَّوِّ تصریحات صاحب النّهایة حیث قد قال بأنّ المکلّف سیوفِّر کافّة الشّرائط أیضاً، فلاحِظ الهامش الماضي، و لهذا أعتقِد بأنّ نوعیّة تقریرات صاحب النّهایة هي الأدقّ و الأضبَط و الأوسَع مقارنةً مع اللّمحات.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .