موضوع: الالفاظ (التعبدی و التوصلی)
تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٢/١
شماره جلسه : ۸۰
-
انتقادیّة المحقّق الخمینيّ تجاه أستاذه
-
التّفکیک بین إطلاقَي اللّفظيّ و المقاميّ تجاهَ أصل التّوصّليّ
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۲۸
-
الجلسة ۲۹
-
الجلسة ۳۰
-
الجلسة ۳۱
-
الجلسة ۳۲
-
الجلسة ۳۳
-
الجلسة ۳۴
-
الجلسة ۳۵
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
-
الجلسة ۴۱
-
الجلسة ۴۲
-
الجلسة ۴۳
-
الجلسة ۴۴
-
الجلسة ۴۵
-
الجلسة ۴۶
-
الجلسة ۴۷
-
الجلسة ۴۸
-
الجلسة ۴۹
-
الجلسة ۵۰
-
الجلسة ۵۱
-
الجلسة ۵۲
-
الجلسة ۵۳
-
الجلسة ۵۴
-
الجلسة ۵۵
-
الجلسة ۵۶
-
الجلسة ۵۷
-
الجلسة ۵۸
-
الجلسة ۵۹
-
الجلسة ۶۰
-
الجلسة ۶۱
-
الجلسة ۶۲
-
الجلسة ۶۳
-
الجلسة ۶۴
-
الجلسة ۶۵
-
الجلسة ۶۶
-
الجلسة ۶۷
-
الجلسة ۶۸
-
الجلسة ۶۹
-
الجلسة ۷۰
-
الجلسة ۷۱
-
الجلسة ۷۲
-
الجلسة ۷۳
-
الجلسة ۷۴
-
الجلسة ۷۵
-
الجلسة ۷۶
-
الجلسة ۷۷
-
الجلسة ۷۸
-
الجلسة ۷۹
-
الجلسة ۸۰
-
الجلسة ۸۱
-
الجلسة ۸۲
-
الجلسة ۸۳
-
الجلسة ۸۴
-
الجلسة ۸۵
-
الجلسة ۸۶
-
الجلسة ۸۷
-
الجلسة ۸۸
-
الجلسة ۸۹
-
الجلسة ۹۰
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
انتقادیّة المحقّق الخمینيّ تجاه أستاذه
لقد هزَّ المحقّق الخمینيّ جذورَ استدلال أستاذه قائلاً:
«و فيه:
· أوّلاً: إنّ قياس علل التّشريع بالتّكوين مع الفارق[1] لأنّ المعلول في العلل التّكوينيّة لا شيئيّة له و لا تشخّص قبل تأثير علّته، فبعلّته يصير موجوداً متشخِّصاً، و أمّا المبعوث إليه في الأوامر فتكون رتبتُه مقدَّمة على الأمر، فلابدّ للآمر من تصوّر المتعلَّق بكلّيّة قيوده حتّى يأمر به (بخلاف المعلول التّکوینيّ المعدوم تماماً قبل العلّة) فإذا أمر بنفس الطّبيعة بلا قيد تكون هي المأمور بها لا غير ... و بالجملة: إنّ الأمر التّعبّديّ -بعد اشتراكه مع التّوصّليّ في أنّ كلّ واحد منهما إذا تعلّق بشيء يُنتزع منه بلحاظ عنوان المأمور به و المبعوث إليه (فکلاهما مأمور بهما)- يفترق عنه بأنّ المطلوب منه و المبعوث إليه فيه لم يكن الطّبيعة (البحتة) بل هي مع «قصد الأمر» أو التّقرّب أو نحوهما.
· فلابدّ أن يكون مثل تلك القيود مورداً للبعث و التّحريك، و لا يكون كذلك إلاّ بأخذه في المتعلّق، و إلاّ فصرف الأمر بالطّبيعة لا يمكن أن يكون محرِّكاً إلى غيرها.
· و ثانياً: لقائل أن يقول: إنّه على فرض تسليم كون التّشريع كالتّكوين لا يلزم منه ما ذكره (بأنّ تحقّق الماهیة خارجاً سیَنطبق علی المقیَّد بلا تقیّد لمفهوم الماهیّة) لأنّ النّار المحرِقة للقُطن -مثلاً- إنّما تُحرِق نفسُ الطّبيعة (النّاریّة) لا ما لا ينطبق إلاّ على المقيَّد (و علی المعلول للإحراق و هو المُحترِق) نعم بتعلّق الإحراق بها تصير الطّبيعة موصوفةً بوصف لا يمكن لأجله أن تنطبق إلّا على المقيَّد (خارجاً و قهراً) لكنّ هذا القيد و الوصف (أي الاحتراق هو) بعد الإحراق رتبةً و بعلّيَّته، و لا يمكن أن يصير موجِباً لضيق الطّبيعة المتعلَّقة للإحراق.»[2]
فناتِج إجابته أنّ وصف «الاحتراق المعلول» لا یُقیّد الطّبیعة النّاریّة -الإحراقَ- بل سیَقع القُطن بعد الإحراق معلولاً للإحراق تلقائیّاً، فمعلولیّة الاحتراق ستَتحقّق تلوَ الإحراق الخارجيّ مستنِداً إلی نفس هذه العلّة، ففي نفس النَّسق، هي العلل الشّرعیّة حیث قد تقیَّد المتعلَّق بنفس العلّة -کداعي أمره- بحیث سیَستند المتعلَّق إلی علّته عقِبَ تحقّق العلّة الشّرعیّة -الأمر- و لکن لا تَتقیّد العلّة بالمعلول أو بالعکس -کي تَتولَّد أصالة التّعبّدیّة- فلا تتحقّق التّعبّدیّة قبل تحقّق المتعلَّق المعلول بل بعد تحقّق العلّة من تقیّدهما ببعض.
و لکن نُجیبه بأنّ المحقّق الحائريّ قد استَهدَف أصل «استناد المعلول إلی علّته» –حتّی عقیبَ تحقّق العلّة و الأمر الشّرعيّ- فبالتّالي قد توفَّر المعلول بداعي علّته، إذ سیَنتَسِب المعلول -المتعلَّق- إلی علّته -الأمر- تماماً فیُنجِب أصالة التّعبّدیّة.
التّفکیک بین إطلاقَي اللّفظيّ و المقاميّ تجاهَ أصل التّوصّليّ
و بعدَما دَحَضنا أصالةَ التّعبّدیّة و حسَمنا أیضاً استحالةَ تقیید المتعلَّق بداعي الأمر تماماً، فقد استَنتَجنا إمکانیّتَه العقلیّة فطبَّقنا «الإطلاق اللّفظيّ» حصولاً لأصالة التّوصّلیّة بحیث لو شککنا في رکنیّة قید -کقصد الأمر- و تعبّدیّته أم انعدام هذا القید، لَتفعَّلت أصالة التّوصّليّة تمسّکاً بالإطلاق لفظ الأمر.
· و ثمَّة شِجار حول سلامة «الإطلاق المقاميّ» أیضاً لتسجیل التّوصّلیّة، فإنّ الأصوليّ الّذي یَری استحالة «تقیید لفظ الأمر الأوّل بالقصد» فسیُتاح له أن یُجري الإطلاق المقاميّ لیُصحِّح تقیید الأمر الثّاني -لا الأوّل- وفقاً لمنهاج المحقّق النّائینيّ الشّهیر، فلو افتَقَدنا تقیّد الأمر الثّاني بالقصد أیضاً -سواء الأمر الإنشائيّ أم الخبر بداعي الأمر- لاستَنبطنا التّوصّلیّة، إذ الاستحالة المطروحة تَرتکز علی «تقیّد الأمر الإنشائيّ» بینما «الخبر بداعي الأمر» -نظیر یُعید- یُعدّ جعلاً و بیاناً للشّارع أیضاً بحیث لا تَشوبه الاستحالات السّالفة و الاختلافات السّابقة.
· و لکن لو استَنکر أصوليّ إطلاقَي اللّفظيّ و المقاميّ معاً تماماً، فلدی الارتیاب سیَلزمه الرُّکون إلی الأصل العمليّ بحیث إمّا أن یَعتصِم بالبرائة العقلیّة أم الشّرعیّة أم الاشتغال العقليّ، إلا أنّ إحداها فقط هي اللّائقة و المحِقّة، فلو صدر أمر قطعيّ -کالصّلاة أو الخُمس- فشککنا في رکنیّة قید مّا و عدم رکنیَّته، فهل العقل سیَستوجِبه -أي الاحتیاط مع داعي الأمر- أم سیُبرِّئه وفقاً لأصالة البرائة العقلیّة.
و في هذه السّاحة قد باحَ المحقّق الخراسانيّ بمُعتقده قائلاً:
«فاعلم أنّه لا مجال هاهنا إلا لأصالة الاشتغال (عقلاً) و لو قيل بأصالة البراءة (العقلیّة) فيما إذا دار الأمر بين الأقل و الأكثر الارتباطيين و ذلك لأن الشك هاهنا في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم مع استقلال العقل بلزوم الخروج عنها فلا يكون العقاب مع الشك و عدم إحراز الخروج عقابا بلا بيان و المؤاخذة عليه بلا برهان ضرورة أنه بالعلم بالتكليف تصح المؤاخذة على المخالفة و عدم الخروج عن العهدة لو اتفق عدم الخروج عنها بمجرد الموافقة بلا قصد القربة و هكذا الحال في كل ما شك دخله في الطاعة و الخروج به عن العهدة مما لا يمكن اعتباره في المأمور به كالوجه و التمييز.»[3]
فالحاصد أنّ المشهور رغمَ تطبیق البرائة العقلیّة لدی الأقل و الأکثر الارتباطیَّین -کوجوب السّورة- و لکنّ الجمیع سیَحتاطون في هذا المیدان مؤکَّداً -أي الشّکّ في لزوم قصد الأمر-:
- بل بطریق أولی إذ مسألة «قیدیّة السّورة ضمن المتعلَّق» لم تَستحیل فأتیحَ إجراء البرائة تماماً بینما في ساحة النّزاع قد استحال «التّقیید بقصد الأمر» -طبعاً وفقاً للآخوند و... لا الجمیع- فأُجبِروا بالاحتیاط فحسب، و لهذا، حتّی البرائیِّین سیَحتاطون جزماً.
- إذ لا یَنحلّ العلم الإجماليّ في هذا المضمار لأنّا مُرتابون في «کیفیّة تأدیة التّکلیف الیقینيّ» بحیث یَتوجَّب توفیر الغرض المستَیقَن -أي الأمر الرّاسخ- بینما الشّکّ في قیدیّة السّورة یَرتبط «بکمّیّة الأجزاء» فتَقبَّلَت الانحلالَ تماماً، و لکنّ محطّ حوارنا لا تَخصّ عدد الأجزاء بل کیفیّة الامتثال و تحصیل الغرض النّهائيّ -بقصد الأمر أم بدونه- و حیث لا تُبرَئ العُهدة الیقینیّة بلا إتیان قصد الأمر، فستَظلّ الذّمّة مشتغِلةً عقلاً حتّی یُمتَثل الأمر بأتمّ صورته.
---------------------
[1] و قد أکَّد الأستاذ المبجَّل هذه الإجابة کراراً قائلاً: «أساساً، إنّ المقارنة ما بین التّکوین -العرض- و التّشریع -الحکم- تُعدّ غلطة فادِحة تماماً لدی مَعشر الأصولیّین إذ هذه المحاذیر تَتوجّه إلی الأمور التّکوینیّة المستَتبِعة للعِلل و المعالیل، بینما أفق «الاعتباریّات» أجنبیّة عن هذه القوانین بتاتاً إذ بَوّابتُها منفتِحة لدی المعتبِر کیفما اعتبَر کجعل الإمامة للتّشریع -کآیة: «إنّي جاعلک للنّاس إماماً»- و کالأحکام الوضعیّة و کالعقود العقلائیّة و... و لهذا قد أکَّدنا کراراً بأنّا نرفُض الكبری المَزعومة بأنّ «الممتنع شرعاً كالمُمتنع عقلاً» و حیث إنّ حوارنا یَحول حول «نَمط الاعتبار» فسوف یُتاح للشّارع أن یَعتبر «قصد الامتثال ضمن نفس الإنشاء» فلا تَجرَحُها أيّةُ إشكالیّة عقلیّة إطلاقاً، فبالتّالي، قد تَزحلَقت خُطوات بعض العَمالِقة حینما أدخل البَراهین العقلیّة التّكوینیّة ضمن عالم الاعتبارات الشّرعیّة، إذ نِطاق عالم الاعتبار وسیع للغایة بحیث یَتولَّد وفقاً لمَشیئة المُعتبِر، ولهذا تُعدّ قضیَّتُنا هیِّنةً في عالم الاعتباریّات، أجل، إنّ نفس عملیّة «اعتبار المولی» ذات واقعيّة خارجیّة، إلا أنّ «الحکم المعتَبَر» عدیم الواقعيّة إذ یتقوّم بمدی «نوعیّة اعتباره» فنظراً لهذه اللّمعة اللّامعة ستَتلاشی کافّة المناقشات حول استحالة التّقدّم و التّأخّر و استحالة التّوقّف و الدّور و الخلف و ما شاکَلها إذ الاعتباریّات خارجة موضوعاً عن هذه الأبحاث المُستَعصِیة.
[2] مناهج الوصول إلی علم الأصول. Vol. 1. ص276-277 قم - ایران: مؤسسه تنظيم و نشر آثار امام خمينيّ.
[3] آخوند خراسانی محمدکاظم بن حسین. کفایة الأصول (طبع آل البيت). ص75 قم - ایران: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
انتقادیّة المحقّق الخمینيّ تجاه أستاذه
لقد هزَّ المحقّق الخمینيّ جذورَ استدلال أستاذه قائلاً:
«و فيه:
· أوّلاً: إنّ قياس علل التّشريع بالتّكوين مع الفارق[1] لأنّ المعلول في العلل التّكوينيّة لا شيئيّة له و لا تشخّص قبل تأثير علّته، فبعلّته يصير موجوداً متشخِّصاً، و أمّا المبعوث إليه في الأوامر فتكون رتبتُه مقدَّمة على الأمر، فلابدّ للآمر من تصوّر المتعلَّق بكلّيّة قيوده حتّى يأمر به (بخلاف المعلول التّکوینيّ المعدوم تماماً قبل العلّة) فإذا أمر بنفس الطّبيعة بلا قيد تكون هي المأمور بها لا غير ... و بالجملة: إنّ الأمر التّعبّديّ -بعد اشتراكه مع التّوصّليّ في أنّ كلّ واحد منهما إذا تعلّق بشيء يُنتزع منه بلحاظ عنوان المأمور به و المبعوث إليه (فکلاهما مأمور بهما)- يفترق عنه بأنّ المطلوب منه و المبعوث إليه فيه لم يكن الطّبيعة (البحتة) بل هي مع «قصد الأمر» أو التّقرّب أو نحوهما.
· فلابدّ أن يكون مثل تلك القيود مورداً للبعث و التّحريك، و لا يكون كذلك إلاّ بأخذه في المتعلّق، و إلاّ فصرف الأمر بالطّبيعة لا يمكن أن يكون محرِّكاً إلى غيرها.
· و ثانياً: لقائل أن يقول: إنّه على فرض تسليم كون التّشريع كالتّكوين لا يلزم منه ما ذكره (بأنّ تحقّق الماهیة خارجاً سیَنطبق علی المقیَّد بلا تقیّد لمفهوم الماهیّة) لأنّ النّار المحرِقة للقُطن -مثلاً- إنّما تُحرِق نفسُ الطّبيعة (النّاریّة) لا ما لا ينطبق إلاّ على المقيَّد (و علی المعلول للإحراق و هو المُحترِق) نعم بتعلّق الإحراق بها تصير الطّبيعة موصوفةً بوصف لا يمكن لأجله أن تنطبق إلّا على المقيَّد (خارجاً و قهراً) لكنّ هذا القيد و الوصف (أي الاحتراق هو) بعد الإحراق رتبةً و بعلّيَّته، و لا يمكن أن يصير موجِباً لضيق الطّبيعة المتعلَّقة للإحراق.»[2]
فناتِج إجابته أنّ وصف «الاحتراق المعلول» لا یُقیّد الطّبیعة النّاریّة -الإحراقَ- بل سیَقع القُطن بعد الإحراق معلولاً للإحراق تلقائیّاً، فمعلولیّة الاحتراق ستَتحقّق تلوَ الإحراق الخارجيّ مستنِداً إلی نفس هذه العلّة، ففي نفس النَّسق، هي العلل الشّرعیّة حیث قد تقیَّد المتعلَّق بنفس العلّة -کداعي أمره- بحیث سیَستند المتعلَّق إلی علّته عقِبَ تحقّق العلّة الشّرعیّة -الأمر- و لکن لا تَتقیّد العلّة بالمعلول أو بالعکس -کي تَتولَّد أصالة التّعبّدیّة- فلا تتحقّق التّعبّدیّة قبل تحقّق المتعلَّق المعلول بل بعد تحقّق العلّة من تقیّدهما ببعض.
و لکن نُجیبه بأنّ المحقّق الحائريّ قد استَهدَف أصل «استناد المعلول إلی علّته» –حتّی عقیبَ تحقّق العلّة و الأمر الشّرعيّ- فبالتّالي قد توفَّر المعلول بداعي علّته، إذ سیَنتَسِب المعلول -المتعلَّق- إلی علّته -الأمر- تماماً فیُنجِب أصالة التّعبّدیّة.
التّفکیک بین إطلاقَي اللّفظيّ و المقاميّ تجاهَ أصل التّوصّليّ
و بعدَما دَحَضنا أصالةَ التّعبّدیّة و حسَمنا أیضاً استحالةَ تقیید المتعلَّق بداعي الأمر تماماً، فقد استَنتَجنا إمکانیّتَه العقلیّة فطبَّقنا «الإطلاق اللّفظيّ» حصولاً لأصالة التّوصّلیّة بحیث لو شککنا في رکنیّة قید -کقصد الأمر- و تعبّدیّته أم انعدام هذا القید، لَتفعَّلت أصالة التّوصّليّة تمسّکاً بالإطلاق لفظ الأمر.
· و ثمَّة شِجار حول سلامة «الإطلاق المقاميّ» أیضاً لتسجیل التّوصّلیّة، فإنّ الأصوليّ الّذي یَری استحالة «تقیید لفظ الأمر الأوّل بالقصد» فسیُتاح له أن یُجري الإطلاق المقاميّ لیُصحِّح تقیید الأمر الثّاني -لا الأوّل- وفقاً لمنهاج المحقّق النّائینيّ الشّهیر، فلو افتَقَدنا تقیّد الأمر الثّاني بالقصد أیضاً -سواء الأمر الإنشائيّ أم الخبر بداعي الأمر- لاستَنبطنا التّوصّلیّة، إذ الاستحالة المطروحة تَرتکز علی «تقیّد الأمر الإنشائيّ» بینما «الخبر بداعي الأمر» -نظیر یُعید- یُعدّ جعلاً و بیاناً للشّارع أیضاً بحیث لا تَشوبه الاستحالات السّالفة و الاختلافات السّابقة.
· و لکن
لکن لو استَنکر أصوليّ إطلاقَي اللّفظيّ و المقاميّ معاً تماماً، فلدی الارتیاب سیَلزمه الرُّکون إلی الأصل العمليّ بحیث إمّا أن یَعتصِم بالبرائة العقلیّة أم الشّرعیّة أم الاشتغال العقليّ، إلا أنّ إحداها فقط هي اللّائقة و المحِقّة، فلو صدر أمر قطعيّ -کالصّلاة أو الخُمس- فشککنا في رکنیّة قید مّا و عدم رکنیَّته، فهل العقل سیَستوجِبه -أي الاحتیاط مع داعي الأمر- أم سیُبرِّئه وفقاً لأصالة البرائة العقلیّة.
و في هذه السّاحة قد باحَ المحقّق الخراسانيّ بمُعتقده قائلاً:
«فاعلم أنّه لا مجال هاهنا إلا لأصالة الاشتغال (عقلاً) و لو قيل بأصالة البراءة (العقلیّة) فيما إذا دار الأمر بين الأقل و الأكثر الارتباطيين و ذلك لأن الشك هاهنا في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم مع استقلال العقل بلزوم الخروج عنها فلا يكون العقاب مع الشك و عدم إحراز الخروج عقابا بلا بيان و المؤاخذة عليه بلا برهان ضرورة أنه بالعلم بالتكليف تصح المؤاخذة على المخالفة و عدم الخروج عن العهدة لو اتفق عدم الخروج عنها بمجرد الموافقة بلا قصد القربة و هكذا الحال في كل ما شك دخله في الطاعة و الخروج به عن العهدة مما لا يمكن اعتباره في المأمور به كالوجه و التمييز.»[3]
فالحاصد أنّ المشهور رغمَ تطبیق البرائة العقلیّة لدی الأقل و الأکثر الارتباطیَّین -کوجوب السّورة- و لکنّ الجمیع سیَحتاطون في هذا المیدان مؤکَّداً -أي الشّکّ في لزوم قصد الأمر-:
- بل بطریق أولی إذ مسألة «قیدیّة السّورة ضمن المتعلَّق» لم تَستحیل فأتیحَ إجراء البرائة تماماً بینما في ساحة النّزاع قد استحال «التّقیید بقصد الأمر» -طبعاً وفقاً للآخوند و... لا الجمیع- فأُجبِروا بالاحتیاط فحسب، و لهذا، حتّی البرائیِّین سیَحتاطون جزماً.
- إذ لا یَنحلّ العلم الإجماليّ في هذا المضمار لأنّا مُرتابون في «کیفیّة تأدیة التّکلیف الیقینيّ» بحیث یَتوجَّب توفیر الغرض المستَیقَن -أي الأمر الرّاسخ- بینما الشّکّ في قیدیّة السّورة یَرتبط «بکمّیّة الأجزاء» فتَقبَّلَت الانحلالَ تماماً، و لکنّ محطّ حوارنا لا تَخصّ عدد الأجزاء بل کیفیّة الامتثال و تحصیل الغرض النّهائيّ -بقصد الأمر أم بدونه- و حیث لا تُبرَئ العُهدة الیقینیّة بلا إتیان قصد الأمر، فستَظلّ الذّمّة مشتغِلةً عقلاً حتّی یُمتَثل الأمر بأتمّ صورته.
---------------------
[1] و قد أکَّد الأستاذ المبجَّل هذه الإجابة کراراً قائلاً: «أساساً، إنّ المقارنة ما بین التّکوین -العرض- و التّشریع -الحکم- تُعدّ غلطة فادِحة تماماً لدی مَعشر الأصولیّین إذ هذه المحاذیر تَتوجّه إلی الأمور التّکوینیّة المستَتبِعة للعِلل و المعالیل، بینما أفق «الاعتباریّات» أجنبیّة عن هذه القوانین بتاتاً إذ بَوّابتُها منفتِحة لدی المعتبِر کیفما اعتبَر کجعل الإمامة للتّشریع -کآیة: «إنّي جاعلک للنّاس إماماً»- و کالأحکام الوضعیّة و کالعقود العقلائیّة و... و لهذا قد أکَّدنا کراراً بأنّا نرفُض الكبری المَزعومة بأنّ «الممتنع شرعاً كالمُمتنع عقلاً» و حیث إنّ حوارنا یَحول حول «نَمط الاعتبار» فسوف یُتاح للشّارع أن یَعتبر «قصد الامتثال ضمن نفس الإنشاء» فلا تَجرَحُها أيّةُ إشكالیّة عقلیّة إطلاقاً، فبالتّالي، قد تَزحلَقت خُطوات بعض العَمالِقة حینما أدخل البَراهین العقلیّة التّكوینیّة ضمن عالم الاعتبارات الشّرعیّة، إذ نِطاق عالم الاعتبار وسیع للغایة بحیث یَتولَّد وفقاً لمَشیئة المُعتبِر، ولهذا تُعدّ قضیَّتُنا هیِّنةً في عالم الاعتباریّات، أجل، إنّ نفس عملیّة «اعتبار المولی» ذات واقعيّة خارجیّة، إلا أنّ «الحکم المعتَبَر» عدیم الواقعيّة إذ یتقوّم بمدی «نوعیّة اعتباره» فنظراً لهذه اللّمعة اللّامعة ستَتلاشی کافّة المناقشات حول استحالة التّقدّم و التّأخّر و استحالة التّوقّف و الدّور و الخلف و ما شاکَلها إذ الاعتباریّات خارجة موضوعاً عن هذه الأبحاث المُستَعصِیة.
[2] مناهج الوصول إلی علم الأصول. Vol. 1. ص276-277 قم - ایران: مؤسسه تنظيم و نشر آثار امام خمينيّ.
[3] آخوند خراسانی محمدکاظم بن حسین. کفایة الأصول (طبع آل البيت). ص75 قم - ایران: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث.
نظری ثبت نشده است .