درس بعد

الدرس السادس عشر:هل كان هناك اجتهاد في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) ؟

درس قبل

الدرس السادس عشر:هل كان هناك اجتهاد في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) ؟

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢١


شماره جلسه : ۱۶

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • هل كان هناك اجتهاد في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) ؟

الجلسات الاخرى

الدرس السادس عشر

هل كان هناك اجتهاد في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) ؟

عندما نراجع كتب التاريخ، نرى أنّ المؤرخين يصرّون على وجود احتهاد من قبل المسلمين في زمن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، وقد ذكروا لذلك بعض الموارد أيضاً كما وردت في كتاب «ادوار علم الفقه واطواره»، وهي:

المورد الأول:

بعد أن انتهت معركة الأحزاب، أمر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) جميع المسلمين أن لا يقيموا صلاة العصر إلاّ في بني قريضة، وقد ذكر المؤرخون أنّ المسلمين صاروا جماعتين، فجماعة توجهوا إلى دور بني قريظة حتى فاتتهم صلاة العصر حيث وصلوا هناك وقد غربت الشمس وصلوها قضاءاً، وجماعة اُخرى صلوا صلاة العصر في الطريق أداءً ثم أكملوا مسيرتهم إلى بني قريظة، وأخبروا النبي بذلك فلم ينكر على أحد منهم، وهذا يعني أنّ هذه الطائفة من المسلمين اجتهدوا في صلاتهم لأنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان قد نهاهم عن الصلاة إلاّ في بني قريضة، وكذلك اجتهدوا

صفحه 52

أفراد الطائفة الاُولى حيث لم يتوقفوا في الطريق للصلاة.

المناقشة:

هل كان تصرف هؤلاء اجتهاداً منهم واقعاً؟

الجواب: هنا يمكن الإجابة عن هذ التوهم بعدّة أجوبة، رغم أنّ هذا البحث هو بحث تاريخي إلاّ أنّه يرتبط بما نحن فيه:

الجواب الأول: أن يقال بأنّ هذه القضية هي قضية خارجية، والاجتهاد لا يرد في القضايا الخارجية اطلاقاً، لأنّ الاجتهاد عبارة عن استنباط الأحكام الكلية ولا دخل له في القضايا الخاصة الخارجية من قبيل أن يقول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) : لا تشربوا من هذا الماء لمدة ساعتين، فسواء شرب بعضهم أو لم يشرب فان ذلك لا علاقة له بالاجتهاد.

الجواب الثاني: لابدّ أن نرى الغرض الذي كان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يهدف إليه، فلم يكن غرضه أن يقف المسلمون للصلاة ويضيّعون الوقت حتى ينتبه بنو قريظة ويستعدوا للأمر، فعندما قال لهم الرسول: «لا تصلوا إلاّ في بني قريظة» كأن يهدف إلى المسارعة وحثّ المسلمين على الاسراع في الوصول إلى بني قريظة، غاية الأمر أنّ جماعة رأوا أنّهم لو صلّوا في الطريق فسوف لن يصلوا بسرعة إلى بني قريظة فلم يصلّوا، وجماعة اُخرى رأوا خلاف ذلك، فالاختلاف هنا في تشخيص المصداق وهو تشخيص موضوعي وليس من الاجتهاد.

المورد الثاني:

اجتهاد «سعد بن معاذ» بعدما وقع يهود بني قريظة اسرى بيد المسلمين وجعلوا حكمهم بيد سعد بن معاذ الذي حكم بقتل رجالهم وسبي نسائهم

صفحه 53

وذراريهم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «لقد حكمت فيهم بحكم الله...»(1)، وقد صرح في كتاب «الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه» أن سعداً اجتهد هنا.

ولكن هل أنّ سعداً اجتهد واقعاً في هذا المورد، أو أنّه عمل على طبق الآية الشريفة: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الاَْرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَف أَوْ يُنفَوْا مِنْ الاَْرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الاْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (2)؟.

الصحيح أنّ سعد بن معاذ حكم على طبق الآية الشريفة، وهو ليس من الاجتهاد في شيء.

المورد الثالث:

ذكروا أيضاً اجتهاد عمر و عمّار بن ياسر في مسألة التيمم، فقد ورد في كتب التاريخ أنّ عمر و عمّار اصطحبا في سفر فاصابتهما جنابة فنزع عمار ثيابه وتمرّغ في التراب وصلى، أمّا عمر فلن يصلّ، ثم جاءا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحكى عمّار ما جرى لهما في الطريق، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) (مازحاً): لقد فعلت فعلة الدواب، ثم قال له بأنّه لا فرق في التيمم بين ما كان بدل الوضوء وما كان بدل الغسل.

هنا ذكروا بأنّ عمار اجتهد في كيفية اليتيمم، وتصور أن التيمم إذا كان بدلّ الغسل فيجب أن يمس جميع بدنه التراب، وقد رأينا أنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) لم يقرّه على هذا الاجتهاد.

ولكن أين هذا من الاجتهاد؟

الجواب: أولاً: إنّ هذا الاجتهاد وقع مرفوضاً من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) ، والمفروض في مورد البحث أن يقع الاجتهاد مقبولاً ليصح الرجوع إليه و الاستدلال به.

1 ـ الكامل، لابن الأثير، ج2، ص127 غزوة بني قريظة.
2 ـ سورة المائدة، الآية 33.

صفحه 54

ثانياً: أنّه ليس من الاجتهاد اطلاقاً، بل هو قياس كيفية التيمم في الغسل على كيفية التيمم في الوضوء، وبعبارة اُخرى: إنّ عمّار كان جاهلاً بكيفيه التيمم بدلاً عن الغسل وتصور أنّه لو مرّغ نفسه في التراب لأجزى عن الغسل، ولو لم يكن جاهلاً وكان الاجتهاد صحيحاً ومشروعاً في ذلك العصر، فلا حاجة اذن إلى سؤاله من رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن صحة ما قام به.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .