درس بعد

الدرس الثلاثون:بيان الإمام الراحل في مقدمات الاجتهاد

درس قبل

الدرس الثلاثون:بيان الإمام الراحل في مقدمات الاجتهاد

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٢


شماره جلسه : ۳۰

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • كتب الإمام الراحل في رسالة له في الاجتهاد والتقليد عدّة مقدمات لازمة للاجتهاد

الجلسات الاخرى

الدرس الثلاثون

بيان الإمام الراحل في مقدمات الاجتهاد:

لا بأس بعد أن تمّ البحث في مقدمات الاجتهاد باستعراض بيان الإمام الراحل في هذا الصدد، حيث كتب في رسالة له في الاجتهاد والتقليد(1) عدّة مقدمات لازمة للاجتهاد:

المقدمة الاُولى: من مقدمات الاجتهاد هي: «الاُنس بالمحاورات العرفية وفهم الموضوعات العرفية»، فالأساس في خطابات القرآن والسنّة يقوم على فهم المحاورات العرفية الجارية بين الناس، فلابدّ لمن أراد الاجتهاد أن يكون عارفاً بما هو مأنوس لدى العرف في مخاطباتهم وقادراً على تشخيص النكات والدقائق العقلية من العرفية، وفي الحقيقة فإنّ المجتهد مضافاً إلى فهم المحاورات والموضوعات العرفية لابدّ أن يكون عارفاً بموارد الدقائق العقلية والعرفية، فلو كان عارفاً بمواضيع الفلسفة فقط ويمكنه التعرف على دقائق الأمور في بحث العليّة مثلا، ولكنّه ضعيف في فهم المحاورات العرفية، فإنّه لا يستطيع فهم الكتاب والسنّة بصورة سليمة.

المقدمة الثانية: «تفريع الفروع على الأصول حتى تحصل له قوّة الاستنباط،

1 ـ رسالة الاجتهاد والتقليد، ص9.

صفحه 94

فإنّ الاجتهاد من العلوم العملية وللعمل فيه دخالة كاملة» فالاجتهاد لا يتوقف فقط على أن يتعلم الإنسان المباني الاُصولية والرجاليّة وكذلك القواعد الأدبية ثم يتصور أنّه وصل إلى مقام الاجتهاد والحال أنّه لم يتحرك على مستوى العمل والممارسة اطلاقاً، أي لم يستنبط مسألة شرعية بالفعل ولم يستخرج الفرع من الأصل، والحاصل أنّه لابدّ أن يمارس عملية الاستنباط مراراً لتحصل له قوّة الاستنباط وملكة الاجتهاد ويعرف مثلا الأصل في مورد العبادة المنهي عنها هل تقع فاسدة أو لا؟ أو إذا كان في ذمّته قضاء صيام هل يمكنه أن يصوم ندباً؟ لأنّه مأمور بالإتيان بقضاء الصوم، فهل أنّ هذا الأمر يلازم النهي عن ضده؟ وهل أنّ الأمر بالضد يقتضي الفساد؟ وحينئذ يستنتج من تلك المقدمات الأصولية فساد الصوم المستحب فيما لو كان في ذمته قضاء الصيام.

المقدمة الثالثة: وقد تقدم مثلها في كلمات العلاّمة (قدس سره) في شرائط الاجتهاد وهي «الفحص الكامل عن كلمات القوم» لمعرفة ما إذا كان هناك إجماع على المسألة أو لا، حتى لا يتورط بمخالفة الإجماع، ويضيف الإمام «بل يجب الفحص في كلمات العامّة» ليكون على علم بالرواية الصادرة عن تقية ليتمكن من حلّ التعارض بين الروايات.

المسألة الاولى: الاحتياط

كلام الإمام في تحرير الوسيلة:

بعد أن يذكر الإمام في بداية تحرير الوسيلة: «اعلم أنّه يجب على كل مكلّف غير بالغ مرتبة الاجتهاد...» فإنّ أول مسألة يبحثها في هذا الباب هي مسألة الاحتياط حيث يقول: «مسألة(1): يجوز العمل بالاحتياط وإن كان مستلزماً للتكرار على الأقوى» ومثله ما ورد في «العروة الوثقى» حيث يقول السيد: «المسألة(4): الأقوى جواز الاحتياط ولو كان مستلزما للتكرار وأمكن الاجتهاد

صفحه 95

والتقليد» مثلا في السفر لو لم يعلم هل يصدق عليه عنوان المسافر أو لا؟ فهنا يجمع بين القصر والتمام، أو في الظهر من يوم الجمعة يجمع بين صلاة الظهر والجمعة احتياطاً.

محل النزاع:

قبل الورود في أصل البحث لابدّ من تحرير محل النزاع أولا، فقد ذكروا هنا أمرين:

الأمر الأول: ذكروا أنّ محلّ النزاع في هذه المسألة هو فيما لو لم يكن الاحتياط مستلزماً للعسر والحرج، لأنّ قاعدة «لا حرج» يستفاد منها العزيمة، فهي حاكمة على هذا المورد وتنفي الاحتياط، ولكن البعض استفاد من هذه القاعدة الرخصة، أي أنّها تنفي وجود الحكم الحرجي ويبقى جوازه ومشروعيته.

الأمر الثاني: ذكروا أنّ النزاع في باب الاحتياط إنّما يجري في العبادات لا في المعاملات من العقود والايقاعات، مثلا إذا أراد الشخص أن يجري عقد النكاح عشرين مرّة فلا مانع من ذلك.

نظر الاستاذ:

أمّا بالنسبة إلى «الأمر الأول» فالظاهر أنّه لا يصح أن يؤتى به قيداً لمحل النزاع، فلا يمكن القول بأنّ الاحتياط الموجب للعسر والحرج خارج عن محل النزاع، لأنّنا في هذا المورد نريد أن نعلم الحكم الشرعي للإنسان الذي لم يتوجه نحو الاجتهاد والتقليد، بل توجه نحو العمل بالاحتياط ووقع في هذا المشكل، فليس الكلام في أنّ هذا الاحتياط مشروع أو غير مشروع، بل إنّه هل يصدق عليه عنوان الإمتثال أو لا؟ وفرق بين المقامين، فمن يرفض التقليد في مسألة صلاة الجمعة وقرر الاحتياط بالإتيان بصلاة الظهر وصلاة الجمعة، فهنا نريد أن نعرف

صفحه 96

أنّ عمله هذا يصدق عليه عنوان الإمتثال، أو لا؟ فالمشكلة أنّ هذا الإمتثال الإجمالي هل يعتبر إمتثالا تفصيلياً؟ ولأنّه لا يعلم المأمور به على وجه التفصيل فيكون إمتثاله إجمالياً، اذن فالنزاع ليس في جواز مثل هذا الاحتياط وعدمه، أي ليس الموضوع هو الاحتياط لمعرفة حكمه الشرعي من الوجوب أو الحرمة أو الجواز كما يرد هذا المعنى في كثير من أبواب الفقه فيقال: هنا الاحتياط واجب أو حرام أو جائز، وهنا يمكن القول بدخوله أحياناً في مسألة العسر والحرج فتنفي هذه القاعدة وجوب الاحتياط، بل النزاع هنا فيما يتحقق به الاحتياط، فهل يكون مثل هذا الاحتياط إمتثالا لأمر المولى؟

من هنا يتبين وجه الفرق بين عبارة الإمام في «التحرير»: «يجوز العمل بالاحتياط» وتعبير السيد في «العروة»: «الاقوى جواز الاحتياط»، فعلى الأول يعني أنّ المكلّف يمكنه الإمتثال التفصيلي بالاجتهاد أو التقليد، ولكن الإمتثال الإجمالي بالاحتياط صحيح، ولا لزوم لورود القيد المذكور من كونه لا يلزم العسر والحرج، لأنّنا نريد أن نقول هنا أنّه لدينا طريق آخر لإمتثال التكليف وهو طريق الاحتياط والإمتثال الإجمالي، فلا معنى لتقييده بالقاعدة المذكورة «قاعدة لا حرج» فالكلام في المحقق للاحتياط لا في نفس عنوان الاحتياط، أي أنّ الاحتياط يجزي في مقام الإمتثال.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .