درس بعد

الدرس التاسع والأربعون:كلام المحقق الإصفهاني في آية النفر

درس قبل

الدرس التاسع والأربعون:كلام المحقق الإصفهاني في آية النفر

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٣


شماره جلسه : ۴۹

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • ذكر المحقق الإصفهاني في «رسالة الاجتهاد والتقليد» أنّ الآية الشريفة لا تدلّ على حجيّة الفتوى، بل تدلّ على حجيّة خبر الواحد فقط

الجلسات الاخرى

الدرس التاسع والأربعون

كلام المحقق الإصفهاني (قدس سره):

ذكر المحقق الإصفهاني في «رسالة الاجتهاد والتقليد» أنّ الآية الشريفة لا تدلّ على حجيّة الفتوى، بل تدلّ على حجيّة خبر الواحد فقط، لأنّ التفقه في زمان المعصومين (عليهم السلام) لم يكن على هذه الشاكلة بل كان بمستوى السماع من المعصومين بحيث يحصل له العلم من ذلك بالواقع وينقله إلى الآخرين، وهكذا الحال في مسألة القضاء أيضاً، ولهذا فالآية الشريفة لا تدلّ على حجية الفتوى بالصورة المتداولة في العصور المتأخرة.

المناقشة:

وقد ناقش الفقهاء كالسيد الخوئي (قدس سره) وآخرين هذا الكلام وأوردوا عليه إشكالين:

الإشكال الأول: إنّ هذا الكلام يقرر حجيّة مطلق خبر الواحد، والحال أنّ الآية الشريفة تقيده بقيدين، فمن جهة تؤكد على أنّ الراوي يجب أن يكون فقهياً «تفقهوا في الدين» ومن جهة أخرى تقرنه مع الإنذار، أي تفقهوا وأنذروا.

وهذا الإشكال غير وارد، حيث ذكروا في بحث خبر الواحد أنّ المستفاد من الآية حجيّة خبر الواحد إذا كان الراوي فقيهاً، ومع ضميمة عدم القول بالفصل نستنتج حجيّة خبر الواحد حتى لو كان الراوي غير فقيه، بل اللازم أن يكون ثقة فحسب.

الإشكال الثاني: إنّ الفرق بين التفقه في هذا الزمان وذلك الزمان في الدرجة فقط، أي في الصعوبة واليسر، وليس هو بالفرق الماهوي، فالتفقه كان موجوداً في ذلك الزمان بمعنى الاجتهاد أيضاً، غاية الأمر لم يكن هناك حاجة إلى التحقيق في

صفحه 147

السند ولا في الجمع بين الأدلة كما هو المعمول في العصر الحاضر، ويؤيد هذا المعنى ما ورد في الروايات أنّ الإمام (عليه السلام) كان يقول لأصحابه: «علينا إلقاء الاصول وعليكم بالتفريع» والتفريع هنا عنوان للإجتهاد، أو قوله (عليه السلام) لأبان بن تغلب: «اجلس في المسجد وافت للناس».

بقي أمران:

الأول: إنّ الفقهاء كالشيخ الأنصاري (قدس سره) وآخرين ذكروا بأنّ الآية الشريفة لا تدلّ على حجيّة خبر الواحد، والسؤال هو: هل هناك ملازمة بين حجيّة خبر الواحد على حجيّة الفتوى بحيث إنّ من يقول بعدم استفادة حجيّة خبر الواحد من الآية يقول بطريق أولى بعدم استفادة حجيّة فتوى الفقيه، أم لا؟

الصحيح أنّه لا توجد مثل هذه الملازمة والأولوية، نعم توجد أولوية في الطرف الآخر من المسألة، فمن يقول باستفادة حجيّة الفتوى من هذه الآية لابدّ أن يقول بحجيّة خبر الواحد بطريق أولى، لأنّ استنباط الفقيه لو كان حجّة في مدلول الآية، فالنقل من المعصوم يكون حجّة بطريق أولى.

ومن هنا يعرف وجه الخلل في كلام السيد الخوئي (قدس سره) في «التنقيح» حيث ذكر أنّنا إذا قلنا بعدم استفادة حجيّة خبر الواحد من مدلول الآية، فإنّ هذا لا يدلّ على عدم استفادة حجيّة الفتوى منها، فالآية تدلّ قطعاً على حجيّة الفتوى ولكن تبيّن أنّ الآية لو كانت تدلّ على حجيّة الفتوى، فهي تدلّ بطريق أولى على حجية خبر الواحد، وتقدم أنّ الآية لا تدلّ على حجية الفتوى لقصور المقدمات المذكورة.

الثاني: إنّ سياق هذه الآية وكذلك الآيات السابقة واللاحقة لها لا يرتبط بالنفر العلمي والحث على الاجتهاد الفقهي، بل هي واردة أساساً في باب الجهاد حتى أنّ البعض ذكر أنّ كلمة «نفر» في القرآن الكريم لم ترد إلاّ في الجهاد، فالمراد أن يتوجه المؤمنون إلى ساحات القتال ويدركوا جيداً آثار عظمة الله ونصرته

صفحه 148

لعباده المؤمنين وتأييداته لهم في حربهم ضد الكفّار، ثم ينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم، وهكذا نرى أنّ الشواهد والقرائن الكثيرة تؤكد أنّ المقصود من النفر في الآية هو النفر إلى الجهاد، بل ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّ هذه الآية ناسخة للآية التي قبلها وهي: (مَا كَانَ لاَِهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الاَْعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ...) (1)، حيث ذكر الإمام (عليه السلام) أنّ هذه الآية وردت حينما كان المسلمون قلّة، فأمرتهم الآية بأن لا يتركوا النبي (صلى الله عليه وآله) في النفر إلى الجهاد، بل عليهم أن ينفروا معه بأجمعهم، ولكن لما إزداد عدد المسلمين نزلت الآية محل البحث: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً...) (2).

وعليه فالآية الشريفة ليست في صدد تعلّم الأحكام من النبي (صلى الله عليه وآله) ونقلها إلى سائر الأقوام، وحينئذ تعود الضمائر بأجمعها في الآية على شيء واحد وهم المجاهدون المتوجهون إلى ساحات القتال، بخلاف ما لو قلنا بالثاني، فإنّ من يبقى ليتفقه هو غير من ينذر الناس، وهو تحكّم واضح.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .