درس بعد

الدرس المائة وتسعة وعشرون

درس قبل

الدرس المائة وتسعة وعشرون

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٧/٥


شماره جلسه : ۱۲۹

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • المسألة (20): «عمل الجاهل المقصّر الملتفت من دون تقليد باطل، إلاّ إذا أتى به برجاء درك الواقع وانطبق عليه أو على فتوى من يجوز تقليده، وكذا عمل الجاهل القاصر أو المقصّر مع تحقق قصد القربة صحيح إذا طابق الواقع أو فتوى المجتهد الذي يجوز تقليده».

الجلسات الاخرى

الدرس المائة وتسعة وعشرون

المسألة (20): «عمل الجاهل المقصّر الملتفت من دون تقليد باطل، إلاّ إذا أتى به برجاء درك الواقع وانطبق عليه أو على فتوى من يجوز تقليده، وكذا عمل الجاهل القاصر أو المقصّر مع تحقق قصد القربة صحيح إذا طابق الواقع أو فتوى المجتهد الذي يجوز تقليده».

وهنا أمور:

1 ـ هل أنّ عمل الجاهل المقصر مطلقاً باطل بدون تقليد؟

2 ـ تقليده صحيح ولا يحتاج للرجوع إلى أحد.

صفحه 481

3 ـ القول بالتفصيل.

حاول الإمام الراحل (قدس سره) أن يصور المسألة في دوائرها الثلاث: 1 ـ جاهل مقصّر ملتفت، 2 ـ جاهل مقصّر غافل قاصر، 3 ـ جاهل قاصر.

وقد قسّم المرحوم السيد اليزدي قبل الإمام الراحل هذه المسألة إلى ثلاثة أقسام أيضاً.

ما هو معنى القاصر والمقصّر؟

أمّا الجاهل المقصّر الملتفت، فهو من كان باستطاعته أن يسأل عن المسألة ولم يسأل وعمل على رأيه ثم تبيّن خلافه، مثلاً هل كان عليه في يوم الجمعة أن يأتي بالجمعة أو الظهر، مع تمكنه من الرجوع إلى المجتهد ولكنه لم يرجع. والآن لا يدري هل أنّ عمله مطابق للواقع أم لا؟

وأمّا الجاهل المقصّر الغافل، فهو من له القدرة لمراجعة المجتهد ولكنه غافل عن جهله، يعني غافل عن جهله بالرجوع إلى المجتهد الحكم الواقع.

وأمّا الجاهل القاصر، فهو الذي لا يتمكن من الرجوع إلى المجتهد، فيكون جهله جهل قصوري. فيقع البحث في مقامين:

المقام الأول: هل أنّ الجاهل بالأحكام الشرعية يستحق العقاب أم لا؟

ذهب المشهور من الفقهاء إلى عدم استحقاق الجاهل القاصر للعقاب، يعني الشخص الذي لا قدرة له على الاستنباط، وكذلك الرجوع إلى المجتهد ثم عمل بما يخالف الواقع، فهذا جاهل قاصر لا يستحق العقاب، ولكن في المقابل قالوا: الجاهل المقصّر يستحق العقاب، لأنّه مع احتماله لمخالفة الواقع قام بالعمل فيعتبر ذلك من مصاديق التجري.

فإذا احتملنا عمل الجاهل المقصر مطابقاً للواقع، هل يمكن أن نقول مع احتمال المخالفة أنّه من مصاديق التجري، الظاهر كذلك، لأنّه ليس من الضروري

صفحه 482

في باب التجري حصول اليقين، كما ذكر في محل في (الرسائل) مثلاً، يشرب الخمر بعنوان أنّه خمر ثم يتبيّن له أنّه ماء، هنا يقال إنّه تجري، وقيل: هل أنّ التجري فيه عقاب أم لا؟ على كل حال فإنّ الجاهل المقصر يستحق العقاب سواء كان عمله مخالفاً للواقع أو موافقاً له.

المقام الثاني: إذا خالف الواقع فلا شك في بطلان عمله، وكيف لو طابق الواقع؟ مثلاً، لو جهل أنّ صلاته في هذا المكان قصر أم تمام وعمل بدون تقليد وصلى قصراً، ثم تبيّن له أنّ صلاته مطابقة للواقع، فهل أنّ هذا العمل صحيح أم لا؟ قلنا يجب التفصيل في الفرض بين الجاهل القاصر والجاهل المقصر، قال الإمام الراحل (قدس سره) : «عمل الجاهل المقصّر الملتفت من دون تقليد باطل، إلاّ إذا أتى به برجاء درك الواقع وانطبق عليه أو على فتوى من يجوز تقليده...»، هذا في الجاهل المقصر الملتفت، أو حصل له علم وجداني أنّ عمله مطابق للواقع أو مطابق لفتوى من يريد تقليده.

ذكرت هذا المسألة في (العروة) تحت عنوان المسألة (16)، فقد قال السيد (قدس سره) : «عمل الجاهل المقصر ا لملتفت باطل وإن كان مطابقاً للواقع».

بعد هذا الكر والفر فأيّ من هاتين النظريتين صحيحة، هل ما طرحه الإمام الراحل (قدس سره) حيث قال بالصحة مع مطابقته للواقع، أم ما طرحه السيد (قدس سره) حيث ذهب إلى بطلانه مطلقاً.

هنا ملاحظة يجب الالتفات إليها وهي، إنّ مفروض الكلام في الواجبات التعبدية التي تحتاج إلى قصد القربة، وإلاّ فالواجبات التي لا تحتاج إلى قصد القربة مثل غسل الثوب بعد ملاقاته البول في ماء الكر مرّة أو مرتين، فإذا غسله مرّة واحدة، ثم علم أنّ عليه أن يغسله مرّتين فلا يحتاج إلى قصد القربة لأنّه واجب توسلي والأمر فيه دائر بين الوجود والعدم، أو مثلاً، يجب التسمية في الذبح، فإنّه ليس عنواناً تعبدياً ـ كما ذكر ذلك في الاصطلاح الأصولي، يعني أن

صفحه 483

يأتي العمل بقصد الامتثال لأمر الله تعالى ـ بل واجب توسلي، فإذا ذبح دون أنّ يعلم بشرائط الذبح وذكر التسمية وقطع الأوداج الأربعة وطابق عمله للواقع دون أن يقلد أحداً، قالوا: لا إشكال فيه، وعليه فأنّ الواجبات التوسلية خارجة عن مفروض الكلام، ويدور أصل البحث في محورية الواجبات التعبدية، فإذا جهل شخص حكم العمل العبادي لا يدري حكمه التمام أم القصر في الصلاة، فهذا الشخص مقصر وملتفت إلى جهله لأنّه يمكنه الرجوع إلى المجتهد ولم يرجع، قالوا: إن خالف عمله الواقع فهو باطل حتماً، وإن طابق الواقع أو طابق فتوى المجتهد الذي كان يجوز له الرجوع إليه، فهل يقال هنا أيضاً ببطلان عمله أم لا؟ ذكر الفقهاء جميعاً لبطلان هذا العمل أربعة أدلة نحاول التعرض إليها.

قبل بيان الأدلة هناك مسألة جديرة بالإهتمال وهي إذا لم يكن المكلّف مجتهداً ولم يكن محتاطاً وعمل بدون تقليد فما هو حكمه؟ قيل للمسألة ثلاث صور: إمّا جاهل مقصر ملتفت ، أو جاهل قاصر، أو جاهل مقصر غافل، ما ذكرناه كان في الصورة الأولى المقصر الملتفت مع تمكنه من الاحتياط، أو مع تمكنه من الرجوع إلى المجتهد ولكنه لا يحتاط ولا يرجع إلى المجتهد مع جهله أنّ عمله مطابق للواقع أو مخالف له، فكان نظر الإمام الراحل (قدس سره) التفصيل فأمّا إذا وافق عمله الواقع صدفة، فيكون مطابقته ليس عن علم وجداني لأننا نعيش في زمن عدم القدرة الوصول إلى الإمام المعصوم، فإحراز الواجدان غير ميسر، وأمّا إذا أحرز طابق عمله فتوى المجتهد الذي يجوز له الرجوع إليه، فهذا الاحراز احراز تعبدي، فيبقى هنا شي، وهو ما ذهب إليه الإمام الراحل (قدس سره) وهو مطابقته لفتوى المجتهد الذي يجوز له الرجوع إليه، فعندما لا تتيسر الطريق إلى العلم الوجداني يبقى أمامنا احراز مطابقة عمله للفتوى، أمّا لو قلنا بالاحتياط، وعمل المكلّف بالاحتياط وحصل عنده اليقين فلا شك أنّ عمله يطابق الواقع، والحال أنّ مسألة الاحتياط خارجة عن محل النزاع.

صفحه 484

النتيجة: إنّ ما ورد في كلمات الفقهاء لا يخرج عن العناوين الثلاثة: إمّا مطابقة الواقع، وإمّا مطابقة فتوى المجتهد الذي يجوز الرجوع إليه حين العمل، وإمّا مطابقته لفتوى المجتهد الذي يجوز الرجوع إليه بالفعل، ولأنّه عمل عشر سنوات دون تقليد والآن يريد الرجوع إلى مجتهد جامع للشرائط، وعليه فإنّ إحراز الوجداني للواقع غير متوفر، فيبقى طريق المطابقة مع فتوى المجتهد، وهذه الطريقة إمّا حين العمل أو بالفعل، وما ذهب إليه الإمام الراحل (قدس سره) في كلامه يخلو من قيد حين العمل أو الرجوع بالفعل، وما أشار إليه السيد اليزدي (قدس سره) في كتابه العروة هو بطلان عمله مطلقاً وإن طابق العمل الواقع أو من يجوز الرجوع إليه.

ممّا ذكرناه سابقاً يمكن ملاحظة وجوه أربعة في مستند فتوى السيد (قدس سره) :

الوجه الأول: أنّ هذا النزاع في الواجبات التعبدية دون الواجبات التوسلية، يعني كان المكلّف جاهلاً مقصراً ملتفتاً يمكنه الرجوع إلى المجتهد ولم يرجع ولذا لا يتماشى مع قصد القربة، لأنّه لا يعلم أنّ هذا الفعل واجب عليه أو لا، وسواء كان عمله مطابقاً للمأمور به أم لا؟ وأنّ الواجب العبادي قوامه مع قصد القربة فإذا خلى الواجب من قصد القربة يكون باطلاً.

إن قلت: كيف استفدنا من كلام السيد أنّ قصد القربة لا تماشي من هذا الشخص؟

قلت: يظهر ذلك من كلامه وأمّا الجاهل القاصر أو الجاهل المقصر الغافل غير الملتفت حين العمل وحصل منه قصد القربة.

نظر الاستاذ المعظم:

يظهر أنّ هذا الدليل مخدوش وباطل، أولاً: ما هو معنى الواجب التعبدي؟ وثانياً: يراد من الواجب العبادي هو العمل الذي يُؤتى به مضاف إلى الله تبارك وتعالى دون الأغراض الدنيوية، فالعامل بالعمل العبادي مثلاً لا يعلم هل أنّ صلاة

صفحه 485

الجمعة واجبة أم لا؟ فاذا أتى بهذه الصلاة بقصد القربة لا إشكال فيه، لأنّ الجاهل المقصر لا جزم له وقيل في محله لا اعتبار للجزم في امتثال العمل، بل المعتبر في الامتثال هو اتيان العمل وتحقق غرض المولى، فعليه إذا تحقق العمل تحقق قصد القربة حينئذ فهو عمل عبادي.

الوجه الثاني: ما ذكره الشيخ الأنصاري (قدس سره) في كتاب (الرسائل) في تنبيهات (الشبهة الوجوبية) في التنبيه الثاني قال: إذا كان المكلّف جاهلاً مقصراً وملتفتاً ومحتملاً مطابقة عمله للواقع أو عدم مطابقته، فلو اكتفى بهذا قال مثلاً، يصلي الجمعة دون الظهر ودون أن يحتاط، وعليه فإنّ هذا المكلّف لا يريد أن يأتي المأمور به على جميع التقادير، لأنّه لا يأتي العمل على تقدير تعلق أمر المولى به، بل يأتيه على تقدير ما تعلق به في الواقع وهذا المقدار لا يكفي في الامتثال.

نظر الاستاذ المعظم:

يظهر أنّ هذا الدليل مخدوش أيضاً، لأنّه لا يعتبر كافياً في مقام الامتثال التقديري، وما هو الامتثال التقديري؟ هو عبارة عن على تقدير تعلق الأمر بالفعل، والحال لقد ثبت في محلّه أنّ العقلاء يعتبرون كافية الامتثال التقديري، وبعبارة أخرى، نقول أنّ امتثال اتيان العمل المأمور به لازم.

إن قلت: ما معنى الاتيان؟

قلت: هو اتيان العمل المطابق للمأمور به.

إن قلت: ما معنى الامتثال؟

قلت: هو موافقة المأتي به للمأمور به.

فإذا شككنا في هذا الامتثال لكونه على جميع التقادير، فيرجع شكّنا إلى هل أنّ الشيء الزائد معتبر في الامتثال أم لا؟ دعوى أصالة البراءة العقلية والنقلية أنّه يكفي في الامتثال مطلق الامتثال حتى الامتثال التقديري، فعليه إذا قصد المكلّف

صفحه 486

الامتثال التقديري على نحو المطلق قائلاً إذا كان مراد المولى هذا الأمر أمتثل له بقصد امتثال التقديري، يكفي هذا الامتثال التقديري.

الوجه الثالث: ادّعى الشيخ الأنصاري (قدس سره) الاجماع نقلاً عن السيد المرتضى، «من لا يعلم أحكام الصلاة فصلاته باطلة» فتكون النتيجة أنّ المكلّف إذا لا يعلم هل أنّ صلاته هذه واجبة أم لا؟ فهو جاهل يشمله الإجماع فيكون عمله باطلاً.

نظر الاستاذ المعظم:

يمكن مناقشة هذا الدليل أيضاً بعدّة أجوبة: أولاً: أنّ هذا الاجماع اجماع منقول لا حجية له. وثانياً: أنّ هذا الاجماع مدركي أو محتمل المدركي يعني أنّ المجمعين استندوا إلى أدلة ومدارك، والإجماع بهذه الصورة لا حجية ليقينه ولا لمحتمله. ثالثاً: ما هو مرادكم من الإجماع في بطلان عمله، هل هو باطلٌ وإن كان مطابقاً للواقع؟ فهذا غير صحيح، وإنّ كان مرادكم من الاجماع هو باطلٌ لعدم علمه بأحكام الصلاة، فهذا أيضاً غير صحيح، والحال أنّ معنى باطل هنا شيء آخر، وهو هل أنّه باطل لعدم علمه لمطابقته للواقع أم لا؟ أو مطابق لفتوى من يجوز الرجوع إليه أم لا؟ أو أنّ بطلانه مع عدم مطابقته للواقع وأمّا لو انكشف مطابقته للواقع بعدئذ فلا بطلان لعمله.

الوجه الرابع: نفس هذا الاجماع ادعي في خصوص الجاهل المقصر، خلافاً للوجه الثالث الذي كان يقول: إنّ هذا الاجماع شامل للجاهل المقصر دون الحصر به، ولكن في هذا الدليل يحصره في الجاهل المقصر، يعني أنّ الجاهل المقصر بالخصوص إذا عمل عملاً عبادياً يكون عمله باطلاً بالاجماع.

نظر الاستاذ المعظم:

هذا الدليل مخدوش أيضاً كسابقه وما ذكرناه في الجواب الثالث يأتي هنا

صفحه 487

أيضاً النعل بالنعل.

النتيجة: لم نجد دليلاً على صحة فتوى السيد (قدس سره) بعد ما ذكرنا الوجوه الأربعة، ولا أدري هل هنا دليل خامس أم لا؟ يبقى ذلك للمتتبع الخبير ليقف على صحة دليله وما ذكره الإمام الراحل في (التحرير) هو خالف للسيد في العروة.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .