درس بعد

الدرس الثاني والثلاثون

درس قبل

الدرس الثاني والثلاثون

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٢


شماره جلسه : ۳۲

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • أنّ المحقق النائيني يرى إمكان الاحتياط فيما لو ورد أمر من المولى و لم نعلم أنّه يراد به الوجوب أو الاستحباب

الجلسات الاخرى

الدرس الثاني والثلاثون

وهكذا نرى أنّ المحقق النائيني يرى إمكان الاحتياط فيما لو ورد أمر من

1 ـ فوائد الاصول، ج3، ص773.

صفحه 100

المولى و لم نعلم أنّه يراد به الوجوب أو الاستحباب، فيحتاط المكلّف لوجود العلم لديه بالأمر، ولكن في الموارد التي لا يعلم بوجود الأمر أصلا، فلا مشروعية للاحتياط، لأنّ الانبعاث إلى العمل يجب أن يكون ناشئاً من البعث لا احتمال البعث.

ولذا ما نراه أحياناً في بعض الكتب الفقهية من قولهم: يؤتى بهذا العمل رجاءاً، فهو مخالف لمبنى المحقق النائيني، لأنّ العمل في باب الإمتثال والطاعة يجب أن يكون ناشئاً عن البعث الواقعي لا احتمال البعث، ويقول السيد الخوئي (قدس سره) : إنّ الشيخ النائيني ذكر هذا التفصيل في الدورة الأخيرة لعلم الأصول، وفي السابق كان يرى أنّ الإمتثال الإجمالي ليس في عرض الإمتثال التفصيلي بل في طوله، فمع التمكن من الإمتثال التفصيلي لا تصل النوبة إلى الإمتثال الإجمالي، ومع الشك يتم الرجوع إلى أصالة الاشتغال، لوجود التكليف اليقيني الذي يستدعي البراءة اليقينية، ولا نعلم مع الإمتثال الإجمالي هل حصلت براءة الذمة أو لا؟ فلابدّ من الإمتثال التفصيلي.

إشكال: هذا وقد خالف السيد الخوئي والسيد الحكيم (رحمهما الله) هذه النظرية وذهبا إلى أنّ الإمتثال الإجمالي في عرض الإمتثال التفصيلي من حيث التحقق والإمتثال.

كلام السيد الخوئي (قدس سره):

فقد ذكر في كتاب التنقيح(1) أنّ الإمتثال الإجمالي يقع في عرض الإمتثال التفصيلي، والشاهد على ذلك أنّ العقلاء لم يشترطوا في الاحتياط عدم التمكن من الإمتثال التفصيلي ويرون أنّ الاحتياط حسن في جميع الأحوال، حتى في صورة احتمال المطلوبية، فعندما يأتي المكلّف بالعمل بداعي احتمال المطلوبية

1 ـ التنقيح، ج1، ص51.

صفحه 101

فالعقلاء يرونه ممتثلا، ولهذا ذهب البعض إلى إمكان الإتيان بالعمل رجاء المطلوبية.

ثم إنّ السيد الخوئي يقول في القسم الثاني من جوابه على كلام النائيني: إنّ قوله بالرجوع إلى أصالة الاشتغال عند الشك في مثل هذه الموارد، غير صحيح، لأنّه مجرى أصالة البراءة، لأنّنا نعلم وجوب إمتثال واحد عقلا، والشك هنا يعود إلى الشك بين الإمتثال التفصيلي أو التخيير بينه وبين الإجمالي، أي يعود الشك إلى دوران الأمر بين التعيين والتخيير، وبعبارة أخرى: لا نعلم أنّ هذا الإمتثال الذي يجب علينا الإتيان به هل نأتي به بداعي الأمر نفسه، أو يكفي أن يكون بداعي احتمال الأمر؟ وفي دوران الأمر بين التعيين والتخيير يقال حينئذ بالتخيير.

نظر الاستاذ:

إنّ القسم الأول من كلام السيد الخوئي (قدس سره) تام وأنّ العقلاء يرون صحة الإتيان بالعمل باحتمال المطلوبية ويعدّون الشخص ممتثلا.

وأمّا في القسم الثاني ففي نظرنا أنّ كلامه قابل للخدشة، لأنّنا نجد أنفسنا في مقابل أمر المولى بين أمرين: فإمّا أن يقال بلزوم الاجتهاد والإمتثال التعييني لأمر المولى، وإمّا أن لا نتوجه نحو الاجتهاد أو التقليد بل نعمل بالاحتياط ونأتي بكلا الفعلين المحتملين، فلو قلنا إنّ هذا من باب دوران الأمر بين التعيين والتخيير، فانّ ذلك يعني لا نعلم هل كلّفنا الشارع بهذا الأمر تعييناً من أول الأمر، أو جعله تخييرياً، وبعبارة أخرى: نحن لا نعلم أنّ التكليف ورد متعيّناً أو بصورة تخييرية، فبعض يرى التعيين، وآخر يرى التخيير، ولكن فيما نحن فيه يختلف الحال، حيث لا نعلم هل أنّ صلاة الظهر هي الواجبة تعييناً أو صلاة الجمعة؟ فأصل التكليف معلوم هنا، والشك في متعلق التكليف لا في أصل التكليف، أي أنّنا على يقين من وجود تكليف بصورة تعيينية ونعلم أنّ الواجب إمّا صلاة الظهر أو الجمعة، أو

صفحه 102

الواجب إمّا التمام أو القصر، وأمّا في الدوران بين التعيين والتخيير نشك في أصل التكليف هل ورد بصورة تعيينية أو تخييرية.

وأمّا بالنسبة إلى كلام النائيني من لزوم قاعدة الاشتغال، فالصحيح في جوابه أن يقال بأنّ الاحتياط هنا يفضي إلى البراءة اليقينية أيضاً، وفي أصالة الاشتغال يقول العقل بأنّ الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، ولم يشترط في هذا الفراغ اليقيني أن يكون على سبيل الإجمال أو التفصيل، بل مجرّد فراغ الذمة يكفي في تحقق الإمتثال وسقوط الاشتغال اليقيني، وهو حاصل هنا.

كلام السيد الحكيم (رحمه الله):

فقد ذكر في «المستمسك»(1) إشكالا على النائيني بأنّنا في المقام لا نواجه احتمال البعث، بل يتحرك المكلّف في الاحتياط بداعي الأمر والتكليف الواقعي، غاية الأمر أنّه لا يعلم بأنّه تعلق بالقصر أو بالتمام؟ فيأتي بكلتا الصلاتين بداعي ذلك الأمر، وليس بداعي احتمال الأمر.

ثم إنّه ذكر نقضاً على كلام النائيني بأنّه في صورة العلم بوجوب صلاة المغرب مثلا فالداعي للإتيان بالصلاة ليس هو العلم بالبعث بل البعث نفسه، فالعلم بالتكليف ليس هو المحرك حتى في نظر النائيني نفسه بل وجود التكليف، والعلم في الحقيقة كاشف عن الأمر والتكليف الواقعي، وحينئذ فلماذا فيما نحن فيه يكون الداعي هو الاحتمال، وفي مورد العلم التفصيلي لا يكون العلم هو الداعي بل نفس البعث الواقعي؟

التحقيق في كلام السيد الحكيم (رحمه الله):

وقد ذكر البعض في جوابه بوجود فرق بين المقامين، ففي مورد العلم

1 ـ المستمسك، ج1، ص8.

صفحه 103

بالتكليف والبعث يكون العلم كاشفاً عن الواقع فقط ويكون الداعي هو الواقع نفسه، وليس كذلك في مورد الاحتمال فلا كاشفية له عن الواقع، ولذا يكون الاحتمال نفسه داعياً.

نظر الاستاذ:

وفي نظرنا أنّ هذا الجواب على كلام السيد الحكيم (قدس سره) غير تام، لأنّه يقرر أنّ الداعي والمحرك في الإمتثال الإجمالي البعث الواقعي أيضاً لا الاحتمال، فالداعي للإتيان بصلاة القصر والتمام احتياطاً هو الأمر الواقعي لا احتمال الأمر، كما هو الحال في العلم التفصيلي، وبعبارة أخرى: إذا كان الاحتمال بدوياً فكلام النائيني صحيح، ولكن الاحتمال هنا مسبوق ومقترن بالعلم بالتكليف، فكما أنّه في باب العلم بالتكاليف لا يكون العلم هو المحرك بل الأمر والتكليف نفسه، فكذلك في صورة الاحتمال المسبوق بالعلم يكون المحرك والداعي هو الأمر الواقعي نفسه لا الاحتمال.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .