درس بعد

الدرس المائة وتسع:بحث الأعلمية،المسألة الثامنة

درس قبل

الدرس المائة وتسع:بحث الأعلمية،المسألة الثامنة

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٣١


شماره جلسه : ۱۰۹

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • المسألة الثامنة: إذا كان مجتهدان متساويان في العلم يتخيّر العامي في الرجوع إلى أيّهما كما يجوز له التبعيض في المسائل، بأخذ بعضها من أحدهما وبعضها من آخر

الجلسات الاخرى

الدرس المائة وتسع

المسألة (8): «إذا كان مجتهدان متساويان في العلم يتخيّر العامي في الرجوع إلى أيّهما كما يجوز له التبعيض في المسائل، بأخذ بعضها من أحدهما وبعضها من آخر».

هنا أمران:

الأول: إذا كان هناك مجتهدان متساويان في العلم، فالعامي مخيّر في الرجوع إلى أيّهما شاء، ولكنّ البعض قال: يجب عليه الأخذ بأحوط القولين. وقلنا سالفاً:

صفحه 407

يمكن تأسيس الحجية التخييرية في هذه الموارد عقلاً ونقلاً، بمعنى أنّ العقل يخيّرنا بالأخذ بأيٍّ من الفتويين، وكذلك الأدلة النقلية لها حجية وشاملة في اختيار أيٍّ من الفتويين، وإن خالف ذلك، السيد الخوئي (قدس سره) نافياً وجود الحجية التخييرية، وقلنا في مقام الإجابة: يمكن التمسك بالحجية التخييرية في هذا المورد.

الثاني: قال السيد (قدس سره) : «كما يجوز له التبعيض في المسائل...»، بمعنى أنّ للعامي أن يأخذ بعض المسائل من هذا المجتهد وبعضاً آخر، من ذلك المجتهد.

هنا سؤال يطرح نفسه: ما هو الدليل على هذا الكلام في جواز التبعيض، هل من باب أحدهما أعلم في العبادات، والآخر في المعاملات؟ وهل أنّ هذا التبعيض واجب أم لا؟ فأشار السيد (قدس سره) في المسألة (47) وقال: «إذا كان مجتهدان أحدهما أعلم في أحكام العبادات والآخر أعلم في المعاملات، فالأحوط تبعيض التقليد. وتأتي هذه النظرية من السيد تبعاً لما ذهب إليه في تقليد الأعلم بالاحتياط الوجوبي، فتكون النظريات هنا ثلاث:

1 ـ النظرية القائلة بتقليد الأعلم وهي نظرية من السيد (قدس سره) حيث ذهب إلى تقليد الأعلم في الأحكام التي تثبت أعلميته بالاحتياط الوجوبي.

2 ـ النظرية القائلة بتقليد الأعلم في الفتوى.

3 ـ النظرية القائلة بالتخيير بين مجتهدين متساويين.

يخضع البحث هنا لهذا البيان: يجب دراسة أصل مستند التبعيض سواء كان بالجواز أو بالوجوب. وهل أنّ حجية الفتوى شاملة لكليهما أم لا؟، وهل هذه الحجية إطلاقية؟ حيث يشمل الاطلاق، الأخذ من كليهما، يعني يمكن أخذ بعض الأحكام من هذا المجتهد، والبعض الآخر من ذاك، فإذا استفدنا الحجية التخييرية من أدلة حجية الفتوى يقول الاطلاق عندئذ: يمكن التبعيض بينهما كما يدل على ذلك اطلاقه بالأخذ المعين في المسائل، فهل يمكن اعتبار هذا الأمر دليلاً على

صفحه 408

التبعيض أم لا، وإذا قال أحدهما: إن الدليل على التخيير، الإجماع في القدر المتيقن بالنسبة إلى جميع المسائل، يعني يمكن للعامي أن يرجع إلى زيد في جميع المسائل أو إلى عمر.

الجواب: إنّ الدليل على التخيير غير منحصر بالاجماع، ويمكن ذلك من اطلاق أدلة حجية الفتوى، حيث استفدنا التخيير من هذه الأدلة.

وقال البعض: نقبل بالتبعيض في المسائل غير المترابطة التي لها تركيب واحد، يعني نقبله، مثلاً، أن يقلّد زيد في الصلاة، وفي الحج، وفي الصوم، الثالث، وهكذا، ولكن في المسائل المركبة الارتباطية لا نقبل بالتبعيض بين المسائل، مثلاً،أن يقلد في الصلاة مجتهدين، حيث يقول أحدهما بوجوب قراءة السورة، ويقول الأخر، بعدم وجوبها، أو يقول أحدهما بالتسبيحات الأربع ثلاث مرات ويقول الآخر: يكفي مرة واحدة، فهل القائلون بجواز التبعيض يقولون بهذا التبعيض أيضاً، أم لا؟ وإذا أخذنا عبارة الإمام الراحل (قدس سره) في التحرير والسيد (قدس سره) في العروة نراها مطلقة دون أن يفرقا بين هذه الموارد.

كلام المرحوم السيد الخوئي:

ذهب السيد الخوئي (قدس سره) في كتاب «التنقيح»(1): إلى بطلان التقليد في التبعيض التركيبي والارتباطي بين الأجزاء، ودليله على ذلك: إنّ صحة كل جزء يتوقف على صحة بقية الأجزاء، مثلاً، إذا بطل جزء في مركب فتبطل بقية الأجزاء تبعاً لبطلان الجزء السابق، يعني حسب تعبيره: إنّ الصحة في المركبات الإرتباطية بنفسها صحة على الارتباط، فيتوقف صحة كل جزء على صحة الجزء السابق، وهكذا بقية الأجزاء، مثلاً، إذا كان مجتهدان ذهب أحدهما إلى ووجوب السورة وجوب التسبيحات الأربع ثلاث مرات، وذهب الآخر في التسبيحات إلى كفاية

1 ـ التنقيح، ج 1، ص 312.

صفحه 409

المرة الواحدة، وجاء المكلَّف وعمل ببعض ما ذهب إليه الأول دون ما ذهب إليه الثاني، فيقيناً ليس هناك من يفتي بصحة هذا التركيب، يعني كما قال المرحوم السيد الخوئي: «وليس في البين من يفتي بصحة العمل وعدم وجوب الاعادة» يعني ليس بين المجتهدين مَن أفتى بوجوب السورة والتسبيحات الأربع ثلاث مرات ثم قال بالإعادة، والعكس أيضاً صادق.

إشكال آية الله العظمى اللنكراني:

هناك أشكالان من قبل الوالد المعظم (دام ظلّه) في كتابه (تفصيل الشريعة) على المرحوم السيد الخوئي عمدتهما حيث قال: ما هو معنى الصحة في العمل المركب؟ ومتى يكون العمل المركب صحيحاً؟ نقول: إذا كان العمل المركب مشتملاً على الأجزاء المعتبرة وكل جزء منه مستند إلى حجة، وما نحن فيه جزء منها، يعني، السورة حجة برأي هذا المجتهد، وفي التسبيحات الأربع على رأي مجتهد آخر، فيمكن حينئذ أن يكون مجموع هذا العمل المركب مشتمل على الأجزاء المركبة، إذن هو صحيح، لأنّ الصحة لا معنى لها غير ذلك.

وبعبارة اُخرى، فمن أين جاء السيد الخوئي (قدس سره) بهذا المعنى أن يكون مجموع الأجزاء صحيحة عند مجتهد واحد، وأنّ جزء العمل حجة معتبرة، وإذا كان العمل المركب من مجتهدين باطل، فهذا لا يقدح في اعتبار حجية الجزء، إذن التبعيض في المركب لا إشكال فيه.

ولكن الدقة تقتضي أن يكون الحقّ مع السيد الخوئي (قدس سره) . لماذا؟ نقول للوالد المعظم: إنّ الصحة معناها الاشتمال على الأجزاء المعتبرة، فإذا أفتى مجتهد بعدم وجوب السورة وتركها المكلّف، فلا يبقى لهذا المجتهد حكم بالنسبة لهذا الجزء، لأنّه قال: يكفي اعتبار التسبيحات مرة واحدة، فحينئذ إتيانه بالتسبيحات مرة واحدة لا تنفعه بتركه للسورة، فقولنا: إنّ الصحة مشتملة على الأجزاء المعتبرة،

صفحه 410

واضحة ولها الحجية التامة، إذن في الأجزاء الارتباطية نحتاج إلى الصحة الارتباطية أيضاً، وبذلك لا ينبغي إيراد الإشكال المذكور من الوالد المعظم على السيد الخوئي (قدس سره) .

بيان الاستاذ المعظم:

لابدّ من طرح أمر آخر هنا وهو: نحتاج في بعض الموارد أحياناً إلى دليل الملازمة، مثلاً، ورد في مسألة التقصير في الصلاة وعدم الصوم، ذهب مجتهد إلى أنّ المكلَّف إذا كان له هذه الخصوصيات عليه التقصير في الصلاة والافطار في الصوم، وذهب الآخر إلى عكس ما ذهب إليه الأول، قد يسأل ما هو المحذور من تبعيض التقليد في هذا المورد أن يقلد في الصلاة، مجتهداًوفي الصوم، مجتهداً آخر، قيل: إن في ذلك نستفيد من دليل خارجي بسبب الملازمة بين الصلاة والصوم، فإذا قصّر المكلَّف فحلّ، فعليه أن يفطر أيضاً، وبذلك لا يجوز التبعيض بينهما، ولكن إذا قلنا لا ملازمة بينهما ولا دليل خارجي على هذه الملازمة، حينئذ يجوز التبعيض بينهما بسبب كونهما عملين مستقلين، فعليه تتعلق المسألة بوجود الملازمة وعدمه.

النتيجة: جواز التبعيض في التقليد بين مجتهدين متساويين، وعدم جوازه كما ذهب إليه السيد الخوئي (قدس سره) في المركبات الارتباطية، وإذا كان هناك دليل خارجي على الملازمة يكون الحكم من المركبات الارتباطية وإذا لم يكن هناك دليل خارجي على الملازمة تكون من الأفعال الاستقلالية يجوز فيها التبعيض، فالقائلون بوجوب تقليد الأعلم على نحو الفتوى يجب عليهم التبعيض بين العبادات والمعاملات، والقائلين بالاحتياط الوجوبي فعليهم الرجوع في العبادات إلى مجتهد وفي المعاملات، إلى مجتهد آخر أيضاً.

صفحه 411

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .