درس بعد

الدرس الثامن والعشرون

درس قبل

الدرس الثامن والعشرون

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٢


شماره جلسه : ۲۸

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • البحث في أنّ الضروري هل هو وصف لنفس الحكم الشرعي مع غضّ النظر عن علم المكلّف وجهله

الجلسات الاخرى

الدرس الثامن والعشرون

وهنا عدّة اُمور:

الأول: لابدّ من البحث في أنّ الضروري هل هو وصف لنفس الحكم الشرعي مع غضّ النظر عن علم المكلّف وجهله، أي أنّ نفس الحكم الشرعي يكون مقسماً، فينقسم تارة إلى «أحكام تكليفية» و «أحكام ضرورية»، وأخرى ينقسم إلى: «أحكام ضرورية» و «أحكام غير ضرورية»، فهنا لابدّ من معرفة المعيار للحكم الضروري وما هو المراد منه، وما الفرق بين الضروري وغير الضروري؟

مثلا أن يقال بأنّ الضروري هو ما ورد في الروايات من قوله(عليه السلام): «بني الإسلام على خمس...»، ولكن هناك أحكام ضرورية كثيرة لا تدخل في نطاق هذه الخمسة، مثل أنّ شرب الخمر حرام، فهذا من ضروريات الدين ولا يدخل في الصلاة ولا في الصوم و لا في الزكاة، وكذلك في الصلاة نفسها هناك أحكام ضرورية من قبيل أنّ صلاة الصبح ركعتان، بل يقول الفقهاء في باب الحدود: إنّ من استحل شيئاً من المحرمات فهو مهدور الدم، ويقتل على أساس أنّه مرتد، ألا يكشف هذا الحكم عن كون الضروري شيئاً آخر لا يتحدد بالصلاة أو الخمس؟

التعريف الذي نراه للضروري هو: ما كان ثابتاً في الدين بالضرورة وبوضوح تام، ولذا يقال أحياناً أنّ نجاسة الدم أو نجاسة الكافر ثابتة في الدين بالضرورة، أي لا حاجة لإثباتها إلى الاستدلال ومن هنا تكون الضرورة وصفاً لنفس الحكم.

كلام صاحب مجمع الفائدة والبرهان:

يقول المحقق الأردبيلي (قدس سره) : «والمراد من الضروري الذي يكفر منكره الذي

صفحه 88

ثبت عنده يقيناً أنّه من الدين» فلو لم يكن لديه يقين بأنّ الحكم الفلاني من الدين فهو غير ضروري، والحال أنّه تقدم أنّ هذا الوصف إنّما هو للحكم مع قطع النظر عن علم المكلّف وجهله، مثلا: الحجاب من الأحكام الضرورية في الدين ولكن بعض المسلمين كالعلوية في سوريا لا يعتقدون به، فعدم الاعتقاد به لا يؤثر في عدم وصف هذا الحكم بالضروري. ولذا لا يصح تقييد الضروري بهذا القيد، وهو علم المكلّف به بأنّه من الضروري، لأنّه في هذه الصورة يكون الضروري أمراً نسبياً، فتارة يكون الحكم ضرورياً لدى البعض، وغير ضروري لدى البعض الآخر، وهذا غير صحيح لأننا قلنا أنّ بعض الأحكام ثابتة في الدين من دون حاجة إلى الاستدلال.

النتيجة:

إنّ الحكم لو كان ثابتاً في الدين بالضرورة فهو حكم ضروري ويقول الفقهاء أحياناً: هو ضروري، وأخرى يقولون: كاد أن يكون ضرورياً، أو: لعله من الضروريات، أي أنّ الحكم الشرعي قد يكون من الضروريات مسلّماً، وقد لا يكون، فمن قال بأنّ الحكم الضروري لا يصح فيه الاجتهاد والتقليد يمكنه أن يضيف إليه هذا القيد، وهو: في الأحكام التي ثبت أنّها من ضروريات الدين، فلا معنى لأن يقول شخص: أنا أريد أن اجتهد في حكم القصاص أو الصلاة.

وعليه فالزمان والمكان لا يردان في مثل هذه الأحكام.

الثاني: هناك أحكام ضرورية، وأحكام يقينية في الفقه، وهناك المجمع عليه، ففي بحث الارتداد يقول المشهور: إنّ المنكر للضروري من الدين مرتد ويجب قتله، وهكذا من أنكر حكماً إجماعياً، فلو علم بالصغرى وأنّ هذا الحكم إجماعي وقال إنّه لا يقبل بهذا الإجماع فهو شخص مرتد.

صفحه 89

كلام صاحب الجواهر (قدس سره):

يقول صاحب الجواهر في (ج11 ـ ص229) في لزوم تقدم الخطبتين على صلاة الجمعة بأنّ هذا الحكم من ضروريات الدين، وذكر أنّ البعض استند إلى رواية تبيح تأخير الخطبتين عن صلاة الجمعة، إلاّ أنّ صاحب الجواهر قال بأنّه يجب الإعراض عن هذه الرواية لأنّها مخالفة لضروريات الدين.

وكذلك قال في (ج16 ـ ص307): من أفطر في شهر رمضان عامداً عالماً، فإن كان مستحلا فهو مرتد لانكاره الضروري.

ويقول أيضاً في (ج21 ـ ص778) بالنسبة إلى اشتراط إذن الإمام في الجهاد الابتدائي: يلزم الاذن، ويمكن دعوى كونه من الضروري.

ويقول في (ج27 ـ ص191) بالنسبة إلى استحباب الهدية إلى الوالدين بأنّ ذلك: لعله من الضروري.

ويقول في (ج41 ـ ص464) بالنسبة إلى من يستحل الخمر: يقتل، وفي (ج41 ـ ص469) يقول: «من استحل شيئاً من المحرمات المجمع عليها كالميتة، يقتل ضرورة كونه كالضروري في إنكار صاحب الشرع، ومن خالف المجمع عليه بين الأصحاب لا يحكم بكفره ولكن يقتل» وهذا يعني الفرق بين الحكم الضروري والإجماعي، فمن يخالف الضروري يحكم بكفره ويقتل، ومن يخالف الإجماع يقتل ولكن لا يحكم بكفره.

الثالث: إنّ الأحكام الإجماعية من الأحكام اليقينية، أي الأحكام التي علمنا يقيناً أنّها من الشرع، والفرق بين الحكم اليقيني والضروري أنّ الثاني لا يحتاج إلى الدليل والبرهان بخلاف الأول، مثلا الخبر المتواتر حيث يحصل لدينا يقين بصدوره من المعصوم، وهكذا في الخبر المحفوف بالقرائن القطعية، والقسم الثالث من الأحكام هي الإحكام الإجماعية لأنّ الإجماع يفيد اليقين أيضاً.

ملاحظة: وقد ذكر سماحة الوالد في «تفصيل الشريعة» أنّه ليس لدينا حكم في

صفحه 90

الشريعة متصف بأنّه يقيني بنفسه، نعم أحياناً يحصل اليقين لدى المكلّف بالحكم الشرعي، ولكن هذا لا يعني أنّ نفس الحكم متصف باليقيني، أي أنّه يمكن وصف الحكم بأنّه ضروري، وليس كذلك في اليقيني، وهذا هو الصحيح، فتارة يحصل اليقين لدى المكلّف من خلال الإجماع أو الخبر المتواتر أو الخبر المحفوف بالقرائن القطعية.

ويقول السيد في «العروة»: «وكذا في اليقينيات إذا حصل له اليقين» وهذا يعني أنّه إذا ثبت الإجماع لدى الفقيه فلا معنى لأن يتوجه إلى دليل آخر من رواية وغيرها.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .