درس بعد

الدرس الثاني والخمسون

درس قبل

الدرس الثاني والخمسون

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٣


شماره جلسه : ۵۲

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • واستدل البعض لنفي مشروعية التقليد بالآيات الناهية عن اتّباع الظن وتقليد و الدليل الرابع على حجية الفتوى و جواز التقليد

الجلسات الاخرى

الدرس الثاني والخمسون

الآيات النافية للتقليد:

واستدل البعض لنفي مشروعية التقليد بالآيات الناهية عن اتّباع الظن وتقليد

صفحه 155

الآباء، وبما أنّ التقليد أو فتوى المجتهد لا تورث لدى المكلّف سوى الظن بالحكم الشرعي فتكون مشمولة للنهي الوارد في هذه الآيات الشريفة إمّا بنحو العموم أو بنحو الخصوص، أمّا الآيات الناهية عن إتّباع الظن فمن قبيل قوله تعالى:

(وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ...) (1)، أو (إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً...) (2)

وأمّا التي تنهى وتذم التقليد فقوله تعالى:

(إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) (3)،

وقوله تعالى:

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ) (4).

وقوله تعالى أيضاً:

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ) (5).

والنتيجة أنّ الاستدلال بالآيات على حجيّة الفتوى ومشروعية التقليد معارض بمثل هذه الآيات الشريفة الناهية بنحو العموم أو الخصوص.

المناقشة:

وقد اُجيب على الاستدلال بهذه الآيات لنفي مشروعية التقليد بأجوبة مختلفة وتنتهي بصورة عامة إلى ثلاثة أجوبة.

الجواب الأول: إنّ هذه الآيات واردة في اصول الدين والعقائد حيث لا مجال

1 ـ سورة الإسراء، الآية 36.
2 ـ سورة يونس، الآية 36.
3 ـ سورة الزخرف، الآية 23.
4 ـ سورة المائدة، الآية 104.
5 ـ سورة البقرة، الآية 170.

صفحه 156

للتقليد فيها كما يشهد بذلك سياق الآيات المذكورة، وما نحن فيه هو التقليد في الأحكام والفروع.

الجواب الثاني: إنّ الأمارات التي نرى فيها الحجيّة رغم أنّها من جملة أفراد الظن، إلاّ أنّه ظن ينتهي إلى العلم، وإلاّ فلا يكون مؤمّناً من العقاب، فالخبر الواحد مثلاً وإن كان يفيد الظن إلاّ أنّ الأدلة القاطعة تقرر أنّه حجّة، أي أننا نعلم بأنّ الشارع قد جعله حجّة.

والشاهد على ذلك أنّ نفس ظواهر هذه الآيات الناهية لا يفيد سوى الظن، فلو كان الظن مطلقاً غير حجة، فإنّ الاستدلال بهذه الآيات سيتعرض للإشكال أيضاً، وهذا يعني أنّ الأمارات الظنية المستندة إلى العلم خارجة عن مصاديق الظن المذموم والمنهي عنه.

الجواب الثالث: إنّ التقليد محلّ البحث هو من باب رجوع الجاهل إلى العالم، والتقليد المنهي عنه في هذه الآيات ليس كذلك، بل هو من باب رجوع الجاهل إلى الجاهل، لأنّ الآية تقول: «أولو كان أباؤهم لا يعقلون شيئاً، أو لا يعلمون شيئاً»، فالآباء أيضاً مثل الابناء في الجهل.

الجواب الرابع: إنّ النهي عن اتّباع الظن في هذه الآيات ليس نهياً مولوياً، بل هو نهي إرشاري إلى ما حكم به العقل، أي أنّه من المستقلات العقلية في أنّ الأصل عدم حجيّة الظن، فالعقل يقول: بما أنّ الظن يتضمن احتمال الخلاف، واحتمال الخلاف موجب لاحتمال العقاب، فالعقل يقول هنا بوجوب دفع الضرر المحتمل، وعليه فمثل هذا الظن غير حجّة وغير معتبر، ونفس هذا العقل يقول أيضاً إنّ الظن الذي ينتهي إلى العلم معتبر ولا مانع من اتّباعه.

الدليل الرابع:

الدليل الرابع على حجيّة الفتوى وجواز التقليد، الروايات الكثيرة الواردة في هذا الشأن بحيث يدّعى التواتر الإجمالي فيها، وقد أوردها السيد الخوئي (قدس سره) في

صفحه 157

«التنقيح» ضمن ثلاث طوائف:

الطائفة الاُولى: ما ورد في ارجاع الأئمّة (عليهم السلام) إلى أشخاص معيّنين لأخذ الحكم الشرعي من قبيل قوله (عليه السلام) لمن سأله عمّن يأخذ أحكام دينه: «العمري وابنه ثقة» أو «خذ من عبدالرحمن» أو ما ورد في رواية اسحاق بن يعقوب: «أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا».

أمّا وجه الاستدلال بهذه الروايات على صحة التقليد، فهو من خلال اطلاق الأمر بالرجوع إلى الرواة «خذ من يونس» أو «خذ من زكريا بن يحيى»، أي سواء قال بأنّ هذا الحكم سمعته من الإمام أم لم يقل، فكلامه حجّة على هذا السائل، وارجاعهم (عليهم السلام) الناس إلى هؤلاء الرواة المعيّنين لا يعني أنّ هؤلاء الرواة ينقلون إلى الناس عين كلام المعصومين، بل قد يحملون المقيد على المطلق والخاص على العام ويفتون بما يرونه حقاً وإن لم تكن فيه رواية بالخصوص، وعلى أيّة حال فالارجاع مطلق من هذه الجهة.

ملاحظة دقيقة: وهي ما ذكره السيد الخوئي (قدس سره) في كلامه عن قوله(عليه السلام): «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا» فقد يقال: إنّ الرواة لا يشمل الفقيه، وجوابه أنّ قوله (عليه السلام): «وأمّا الحوادث الواقعة» يشير إلى أنّها من الحوادث المستجدة التي لم يرد فيها نصّ، وارجاع الناس إلى الرواة في هذه الحوادث يؤيد كونهم فقهاء، لأنّ الفقيه هو الذي يتمكن من استنباط الحكم الشرعي للحوادث المستجدة، والسبب في أنّه (عليه السلام) لم يذكر كلمة «فقيه» لأنّ فقهاء العامّة كانوا يفتون بالرأي والقياس والاستحسان.

الطائفة الثانية: ما ورد فيها الأمر الصريح بالفتوى من قبيل قوله (عليه السلام): «يا أبان اُجلس في مسجد المدينة وافتِ للناس فانّي أحب أن يرى مثلك في شيعتي».

وهذه الروايات تدلّ بالمطابقة، على حجيّة فتوى أبان، وتدلّ بالدلالة الالتزامية على جواز التقليد، وإلاّ كانت حجيّة الفتوى لغواً.

صفحه 158

الطائفة الثالثة: ما ورد فيها النهي عن الفتوى بغير علم: «من أفتى بغير علم فليتبوأ مقعده من النار»، حيث يستفاد من هذه الروايات أنّ النهي لم يرد على مطلق الافتاء، بل الافتاء بغير علم وبلا حجّة وبرهان، أي ما كان مستنداً إلى الرأي والقياس والاستحسان لا مطلق الافتاء.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .