درس بعد

الدرس الخمسون:الآية الثانية التي استدلوا بها على حجيّة الفتوى

درس قبل

الدرس الخمسون:الآية الثانية التي استدلوا بها على حجيّة الفتوى

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٣


شماره جلسه : ۵۰

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • الآية الثانية: التي استدلوا بها على حجيّة الفتوى وجواز التقليد هي قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)

الجلسات الاخرى

الدرس الخمسون

الآية الثانية: التي استدلوا بها على حجيّة الفتوى وجواز التقليد هي قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (3).

وفي مقام الاستدلال بهذه الآية الشريفة على المطلوب لابدّ من تقديم أربع مقدمات يتوقف عليها الاستدلال بالآية:

المقدمة الأولى: أنّه ورد الأمر بالسؤال «فسألوا» وهو ظاهر في الوجوب

1 ـ سورة التوبة، الآية 120.
2 ـ سورة التوبة، الآية 122.
3 ـ سورة الأنبياء، الآية 7.

صفحه 149

وهذا الوجوب لا يختص بفرد معين بل يشمل كل جاهل، فيجب السؤال على كلّ جاهل.

المقدمة الثانية: أنّ هذا السؤال ليس له موضوعية بحدّ ذاته، بل هو طريق للعمل بمضمون الجواب، فلو قلنا بعدم لزوم العمل بالجواب، كان السؤال لغواً.

المقدمة الثالثة: أنّ «أهل الذكر» عنوان عام ويتضمّن في أفراده جميع أهل العلم في كل زمان، ففي الأزمنة السالفة كان أهل العلم هم الأنبياء، وبعد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان الأئمّة (عليهم السلام) هم المصداق، ومن بعدهم أي زمن الغيبة، الفقهاء.

المقدمة الرابعة: قد يقال إنّه يترتب على هذه المقدمات الثلاث أنّ جواب أهل الذكر إنّما يكون حجّة فيما لو كان مسبوقاً بالسؤال كما هو ظاهر الآية، وحينئذ تكون النتيجة أخص من المدّعى، لأنّ المطلوب هو إثبات حجّية قول الفقيه سواء سئل أم لم يسأل، وهنا نحتاج إلى هذه المقدمة في إثبات الحجية للفتوى بصورة عامّة، وذلك بطريقين:

«الأول» عن طريق عدم القول بالفصل، فمن يقول بعدم الحجّية لقول الفقيه يرى ذلك مطلقاً، ومن يقول بالحجّية يرى ذلك مطلقاً أيضاً، أي سواء سبقه سؤال أم لا.

«الثاني» عن طريق إلغاء الخصوصية، فالعرف يرى الحجّية لقول العالم سواء سأل الجاهل منه أم لا، فالسؤال غير دخيل في حجّية قول العالم.

التحقيق في المقدمات:

وقد أوردوا على الاستدلال بهذه الآية ثلاثة إشكالات:

الإشكال الأول: ما يتعلق بالمقدمة الاُولى، وهو أنّ شأن النزول يقرر أنّ الخطاب في هذه الآية غير عام بل هو خطاب للمشركين، والمراد من أهل الذكر هم علماء اليهود والنصارى الذين لديهم كتب سماوية ويعلمون بورود اسم النبي

صفحه 150

الأكرم (صلى الله عليه وآله) في كتبهم، فالمخاطب في هذه الآية ليس هو الجاهلين بعامة، وكذلك المقصود من أهل الذكر ليس أهل العلم مطلقاً لكي يشمل الفقهاء أيضاً، بل المقصود إمّا علماء أهل الكتاب، أو الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) على تفسير آخر.

مناقشة السيد الخوئي (رحمه الله):

قد أجاب السيد الخوئي في التنقيح(1) عن هذا الإشكال بأنّ الآية الشريفة تتضمن كبرى كلية حتى لو كان المراد من أهل الذكر هم طائفة خاصة، وهذه الكبرى تقرر رجوع الجاهل إلى العالم في كل زمان، ففي عصر النزول كان مصداق أهل الذكر هم علماء اليهود والنصارى، وبعد رحلة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان الأئمّة هم المصداق، وفي عصر الغيبة الفقهاء هم أهل الذكر.

جواب الشيخ اللنكراني:

وقد أجاب سماحة الوالد(2) في «تفصيل الشريعة» على مناقشة السيد الخوئي (قدس سره) بأنّ الآية لو كانت في مقام بيان كبرى كلية، فهذا يعني أنّها تقرر حكماً إرشادياً وعقلائياً بلزوم رجوع الجاهل إلى العالم، والحال أنّ ظاهر الآية يقرر شيئاً آخر، وهو لزوم رجوع المشركين خاصة إلى أهل الكتاب خاصة ليسألوهم عن علامات النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الموجودة في كتبهم.

نظر الاستاذ:

ولكن يمكن أن يقال في مقام الدفاع عن كلام السيدالخوئي (قدس سره) بأنّه لو دار الأمر في أن يكون المراد من النص الحكم الإرشادي أو الحكم التعبدي، فيقال

1 ـ التنقيح، ج1، ص68.
2 ـ تفصيل الشريعة، كتاب الاجتهاد والتقليد، ص59.

صفحه 151

حينئذ إنّ المتعين هو الحكم التعبدي وأنّ الحكم الصادر من المولى هو حكم تعبدي لا إرشادي، ولكن هذا كله في الأحكام الفرعية، ولكن ظاهر هذه الآية وخاصة ما ورد في صدرها من قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ...) ، يؤكّد أنّ الآية الشريفة ليست في مقام بيان حكم تعبدي مولوي واقعاً بل تريد أن تقول للمشركين: اذهبوا واسألوا علماء أهل الكتاب، وذلك في زمان لم يكن غيرهم من العلماء، ولو كان هناك علماء غير علماء أهل الكتاب ومع ذلك تقول الآية: اذهبوا واسألوا من علماء أهل الكتاب، لأمكن أن يقال بالحكم التعبدي في الآية، وعليه فإنّ الآية ظاهرة جدّاً في الكبرى الكلية التي ذكرها السيد الخوئي (قدس سره) من لزوم رجوع الجاهل إلى العالم.

وعلى هذا الأساس تبيّن بطلان الإشكال الأول على مقدمات الاستدلال وهو اختصاص الخطاب بالمشركين واختصاص المراد من أهل الذكر بعلماء أهل الكتاب.

ملاحظة مهمّة:

هناك روايات في ذيل بعض الآيات الكريمة (مثل هذه الآية محل البحث) تقرر أنّ الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) هم أهل الذكر: «نحن أهل الذكر» أو «نحن العلماء» وأمثال ذلك، وهذا يعني أنّ المصداق المنحصر بالفرد في ذلك الزمان لهذا العنوان هم الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) ، أي أنّ هذا الحصر ليس حصراً كلياً بل متعلق بزمانهم وعصر حضورهم، وأمّا في عصر الغيبة فمصداقه أشخاص آخرون كالفقهاء مثلاً.

وعلى سبيل المثال فقد ورد في باب ولاية الفقيه من أنّ «علماء اُمتي أفضل من أنبياء بني اسرائيل» أو «اللهم ارحم خلفائي» وقول الإمام (عليه السلام): «نحن العلماء»، أو «نحن الخلفاء»، فالمنكرون لولاية الفقيه يستدلون بهذه الروايات على حصر المراد من العلماء أو الخلفاء بالأئمة المعصومين (عليهم السلام) فلا تشمل الفقهاء،

صفحه 152

ولكن من خلال ما تقدم من الجواب يتضح لنا أنّ الحصر المذكور في هذه الروايات يختص بعصر الأئمّة (عليهم السلام) ولا يتنافى مع كون المصداق في زمن الغيبة هم الفقهاء، نعم لو ظهر الإمام (عليه السلام) الآن فسيكون هو المصداق الوحيد لهذه العناوين.

ومن هنا تبيّن وجه التناقض العجيب في كلمات السيد الخوئي (قدس سره) ، فهو يقرر هنا وجود كبرى كلية في مدلول الآية بحيث تشمل الفقيه أيضاً، ولكنّه في بحث ولاية الفقيه وعندما يصل إلى هذه الروايات يؤكّد أنّ مصاديقها هم الأئمّة المعصومون (عليهم السلام) فقط.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .