درس بعد

الدرس الثامن والتسعون:بحث الأعلمية

درس قبل

الدرس الثامن والتسعون:بحث الأعلمية

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٨


شماره جلسه : ۹۸

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • البحث فى الروايات الدالة على الأخذ بقول الأعلم

الجلسات الاخرى

الدرس الثامن والتسعون

هنا طرحوا عدّة روايات بعنوان دليل على الأخذ بقول الأعلم، منها:

ما ورد في مقبولة عمر بن حنظلة أوردها المشايخ الثلاثة الشيخ والصدوق والكليني (رحمهم الله) في كتبهم، وهي رواية مفصلة نأخذ منها مورد الحاجة، قال عمر بن حنظلة سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا ـ كان بينهما نزاع على الميراث ـ فتحاكما إلى القاضي... إلى أن قال فإن كان كل واحد اختار رجلاً من أصحابنا فرضيا الناظرين في حقهما، واختلف فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم ـ يعني كل اختار رجلاً من الأصحاب واختلف الرجلان في الحديث عن الأئمة عليهم السلام ـ فقال الإمام(عليه السلام): «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر».

فاستدلوا بهذا الحديث وقالوا: إنّ صدر الحديث منشأ اختلاف في الحكم هو اختلاف في الحديث، ولذا قال الإمام إذا اختلفا في الحديث، فيقدم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما وأورعهما. يستفاد من ذلك إجمالاً أنّ قول الأفقه مقدّم على قول غير الأفقه دون الالتفات إلى المرجحات الاُخرى، إذن، إذا اختلف قولان وكان منشأ هذا اختلاف هذين القولين، وبذلك ثبتت نظريتنا في قضية الأعلمية في باب التقليد إذا كان أحدهما أفقه فكلامه مقدّم على غير الأفقه، هذا هو الاستدلال الإجمالي لهذه الرواية.

نبحث هذه الرواية تارة من حيث السند، واُخرى من حيث الدلالة:

أمّا البحث السندي:

لم يوثق عمر بن حنظلة وكذلك لم يُذم في الكتب الرجالية، ولكن الفقهاء الإمامية تلقوا هذه الرواية من عمر بن حنظلة بقبول حسن، وإن حاول المرحوم

صفحه 359

التستري أن يجرح في هذا الراوي، وهناك رواية عن يزيد بن خليفة عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: قلت: إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت ـ يعني بيّن ميقاتاً ـ فقال الإمام (عليه السلام): «إذن لا يكذب علينا»، فقال البعض: نظراً إلى هذه الرواية «لا يكذب علينا» كان عمر بن حنظلة مورد تأييد الإمام الصادق(عليه السلام)، فيستفاد منها التوثيق.

نقول: أولاً: إنّ يزيد بن خليفة يواجه نفس الإشكال الذي واجهه عمر بن حنظلة من حيث التوثيق، بمعنى أنّ ابن خليفة لم يوثق في الكتب الرجالية.

ثانياً: إنّ جملة «لا يكذب علينا» فيها إشارة الإمام(عليه السلام) إلى اُمور حول الميقات وأيّده، كون ذلك المحل ميقاتاً ولكن نقلها ابن حنظلة، يعني أنّ جملة «لا يكذب علينا» تحمل في نفسها احتمالين، الأول: توثيق عمر بن حنظلة وأنّه لا يكذب علينا، والآخر: لم يكن الإمام (عليه السلام) في مقام بيان جواب واضح وصريح للسائل، ولذا لم يبيّن هل أنّ هناك ميقاتاً أم لا؟ لماذا؟ يحتمل للتقية أو لخصوصية دفعت الإمام أن يصرف النظر عن الجواب، فيظهر أنّ الإمام لم يكن في مقام التوثيق، ولذا «لا يكذب علينا» هل كان المراد منها مسألة الميقات أو أمر آخر؟ لا نستطيع استفادة هذا المعنى من هذه الرواية، فعليه لا يكون جواب الإمام تأييداً كلياً لا إيجاباً ولا سلباً، فجاء الجواب مجملاً في جملة واحدة.

النتيجة: أنّ في سند هذه الرواية، يزيد بن خليفة الذي لم يوثق في الكتب الرجالية، وثانياً: لا تحمل جملة «لا يكذب علينا» معنىً واضحاً للتوثيق.

ولكن بعض الفقهاء استفادوا من هذه الرواية مقبولية عمر بن حنظلة وكذا عملوا في روايته التي تبحث في مسألة خيار الرؤية وقالوا: بمقبولة عمر بن حنظلة انطلاقاً من هذه الرواية، إذن لا يوجد عندنا شهادة قولية على وثاقة عمر بن حنظلة، إذن لا إشكال في سند هذه الرواية.

ولكن السيد الخوئي (قدس سره) في كتابه «التنقيح» أشكل صغروياً على هذا المعنى من قبول الفقهاء لرواية عمر بن حنطلة، وقال: لا دليل لدينا على تلقي الفقهاء

صفحه 360

الإمامية هذه الرواية بالقبول، والحال كما ذكرنا، لا شك أنّ الفقهاء عملوا برواية عمر بن حنظلة في خيار الرؤية، وعند عدم الترديد يكفي هذا المعنى في توثيق روايته.

أمّا البحث الدلالي:

يطالعنا في أول البحث الدلالي قول المرحوم الرشتي (قدس سره) حيث أصدر رسالة في لزوم تقليد الأعلم، وينقل هذه الرواية ويعتبرها كافية على المدّعى.

بيان المرحوم الرشتي (قدس سره) حيث قال: دلت على تقديم قول الأفقه والأصدق في الحديث على قول غيرهما، عند الاختلاف في حكم الله تعالى، ثم بعد الاستدلال على المطلوب، قال: ورد في الرواية «الحكم ما حكم به أعدلهما»، وليس المراد من هذا الحكم، الحكم الاصطلاحي الذي يصدره القاضي ـ لأنّ الحكم الاصطلاحي ما يقابل الفتوى ـ بل المراد منه الحكم اللغوي الذي ورد من الشارع سواء كان في باب الخصومات أو الفتوى.

إن قلت: إنّ المراد منه هوالحكم الاصطلاحي في خصوص القضاء بسبب القرائب الموجودة في الرواية مثل «فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة».

قلت: إذا كان هناك قاضيان أحدهما أعلم وأعدل فقوله مقدّم على غيره، وكذا الفتويين إذا كان أحدهما أعلم فقوله مقدّم على غير الأعلم وذلك بسبب عدم القول بالفصل، بمعنى أنّ الفقيه الذي يفتي بمقدّمية الأعلم في القضاء يفتي بمقدّمية الفتوى أيضاً دون التفصيل بينهما، انتهى بيانه (قدس سره) .

ولكن أذعن أكثر الفقهاء على أنّ هذه الرواية غير كافية في اعتبار الأعلمية والأفضلية ، ومنهم، السيد الخوئي والسيد الحكيم (قدس سرهما) في «المستمسك» وكذلك الوالد المعظم وآخرون، واعتبروا الاستدلال بهذه الرواية في مسألة الأعلمية باطل، لأنّ الرواية في باب القضاء ولم يقبلوا بعدم القول بالفصل، وجاء في صدر

صفحه 361

الرواية: «عن رجلين من أصحابنا منازعة» يعني الخصومة، وفصل الخصومات يرتبط بباب القضاء، كما أنّ في ذيلها مرجحات من قبيل، موافق للقرآن الكريم، مخالف للعامة، موافق للإجماع والشهرة، وكل هذه الاُمور ترتبط بمسألة القضاء. هذا أولاً.

وثانياً: طُرح في هذه المسألة تعدد القاضي، يعني أنّ كُلاً من الرجلين اتخذ لنفسه قاضياً ينظر في أمره، وما نحن فيه أنّ الإنسان العامي إذا اختار من بين المجتهدين، أحدهما، أصبح مستفتياً، وهذا العامي أعجز من أن يشخص ـ حسب ما ذكره الحديث ـ أيّهما أعدل أو أصدق كي يرحج أحدهما على الآخر، ولكن في مسألة القاضي، فهذا الأمر سهل ميسّر، والحال، أنّ هذا الأمر في مسألة الأعلمية أمر مشكل وصعب، ولذا نقول: إنّ هذه الرواية كما هو واضح ومعلوم ترتبط بمسألة القاضي دون المفتي، مضافاً إلى ذلك، لم تكن عادة المتشرعة سائرة على هذا المنوال أن يلتمسوا الفتوى من السلطان، وما جاء في هذه الرواية من «فتحاكما إلى السلطان» ظاهر في القاضي.

ثالثاً: ذكرت الرواية، مسألة الأصدقية التي لا تدخل في مسألة اختلاف المجتهدين والفتوى، ولم يذكر فقيه الأصدقية بعنوان من المرجحات، مثلاً، إذا كانت لدينا فتويان متساويتان من كل الجهات أمّا إحداهما أصدق من الاُخرى، فلا يلتفت إلى هذا المعنى أي من الفقهاء ولا يعتبرها أبداً، نعم يجعل بعضهم الأورعية مرجحة، إذن، هناك قرائن كثيرة تدل على أنّ هذه الرواية ليس لها ظهور في مسألة الفتوى لا من قريب ولا من بعيد، مضافاً إلى ذلك، لا يمكن التخيير بين القاضيين، أمّا في مسألة الفتوى فهذا الأمر ممكن وجار.

النتيجة: أنّ ما ذكره المرحوم الرشتي لا يقوم دليلاً على مسألة الأعلمية فالرواية جاءت في باب قاضي التحكيم، وإلاّ في باب القضاء لا يمكن التعدد في القاضي، ولذا يقول الإمام (عليه السلام): أن يختارا من هو أعدل وأصدق وأفقه وأورع.

صفحه 362

وإن سلّمنا أنّها في قاضي التحكيم فهو في زمن حضور الإمام، لأنّ الرواية تقول في ذيلها، قول من وافق قوله القرآن، ومخالف للعامة مخالف للإجماع، وبعد طيه جميع السبل وتساويهما في جميع الأطراف يقول الإمام(عليه السلام): «إذا كان ذلك فأرجئه حتى تلقى الإمام، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات».

إشكال آخر

ورد هذا الإشكال في كلمات السيد الخوئي (قدس سره) ، إنّ هذه الرواية غير متلائمة مع المدعى أبداً، لأنّ المدعى إذا كان بين الفقهاء أحدهم أعلم من الأخرين، هل يتعين قوله أم لا؟ وفي الأعلمية المطلقة، ولو كانت الرواية بهذا الصدد لقال الإمام(عليه السلام): انظروا أيّهما أفقه، فلا يمكن طرح مسألة تعدد الرواية كي يقال إنّ هاتين الروايتين متعارضتان، ثم ننظر أيّهما أرجح من الاُخرى، حينئذ يكون أحد الرواة زرارة والآخر عمر بن حنظلة، وزرارة أفقه من عمر بن حنظلة، فنأخذ برواية زرارة، وليس هناك فقيه ذهب إلى هذا المذهب، إذن، فلا يمكن طرح مسألة الأعلمية والافقهية في هذه الرواية، فتكون الرواية مخدوشة دلالة أيضاً.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .