درس بعد

الدرس التاسع والثمانون:جواز البقاء على تقليد الميت

درس قبل

الدرس التاسع والثمانون:جواز البقاء على تقليد الميت

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٨


شماره جلسه : ۸۹

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • الدليل الثاني و الثالث و الرابع على جواز البقاء على تقليد الميت

الجلسات الاخرى

الدرس التاسع والثمانون

الدليل الثاني: اطلاقات أدلة جواز التقليد

يراد من اطلاقات أدلة بقاء جواز التقليد هي الأدلة اللفظية التي تدلّ على جواز البقاء، ولهذه الأدلة اللفظية اطلاقات في هذا المورد، مثلاً كانت إحدى أدلة جواز البقاء الآية الشريفة آية «النفر»، وقد استفاد المشهور من هذه الآية جواز

صفحه 271

التقليد، وقلنا إنّ الآية ليس فيها دلالة على المدّعى، ولو فرضنا دلالتها على المدّعى، فيكون العمل بموجبها واجباً، ولا فرق حينئذ بين أن يكون المجتهد حياً أو ميتاً من منظار عمل المكلّف، وهذا أمر مسلّم به، لأنّ الآية مطلقة في هذا الأُفق، وكذلك الآية الشريفة: (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) والأدلة اللفظية الأخرى الواردة في هذا المضمار أيضاً، وكذلك الروايات الواردة في هذا المجال حيث كان الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) يُرجعون الناس إلى محمد بن مسلم أو زكريا بن آدم، وكانوا (عليهم السلام) يقولون: كل ما قاله محمد بن مسلم قاله عنّا، نفهم من هذا الاطلاق العموم سواء كان محمد بن مسلم موجوداً بعد ذلك أم لم يوجد.

ملاحظة: عمل الفقهاء في مسألة البقاء على تقليد الميت على صورتين:

الأولى: الموافقة

أن يكون قول الميت موافقاً لقول الحي الذي يقول بعدم جواز البقاء على تقليد الميت، مثلاً إذا كانت فتوى الميت بوجوب صلاة الجمعة ـ مع عدم جواز البقاء على تقليد الميت ـ فيجب أن تكون فتوى الحي أيضاً بوجوب صلاة الجمعة، ونصطلح على هذا بالموافقة.

الثانية: المخالفة

أن يكون قول الميت مخالفاً لقول الحي، مثلاً: أن يكون قول الميت بوجوب صلاة الجمعة والحي ـ الذي يقول بعدم جواز البقاء على تقليد الميت ـ يقول بعدم وجوب صلاة الجمعة، وإطلاق الأدلة اللفظية لا تشمل إلاّ صورة الموافقة فقط، يعني عندما يكون رأي الميت موافقاً لرأي الحي ودون أن يكون معارضاً له، وأمّا إذا تخالفا فلا تشملهما إطلاق الأدلة اللفظية، ولأنّه لا يمكن أن يكون للتقليد حجية في الوجوب والحرمة في آن واحد، وإلاّ تعارضا وتساقطا.

صفحه 272

الدليل الثالث: سيرة العقلاء

تتركب سيرة العقلاء دائماً من جزءين، الأول: بناء العقلاء، والثاني: عدم ردع الشارع عن هذه السيرة.

أمّا الأول فنقول: إنّ بناء العقلاء قائم على رجوع الجاهل إلى العالم، وإذا مات العالم الذي عمل بقوله فترة من الزمن فيجب عليه البقاء على قوله بعد موته أيضاً، وخير مثال على ذلك ما قلناه سابقاً من مراجعة المريض للطبيب الذي يعطيه نسخة من الاُدوية، وبعد موت الطبيب تكون النسخة نفسها نافذة في حق هذا المريض، وبعبارة اُخرى: استقرار بناء العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم في حياته وبعد موته، بل أكثر من ذلك رجوع الجاهل إلى العالم الميت ابتداءً، يعني على الجاهل الرجوع إلى العالم حتى لو كان موت العالم قبل خمسمائة عام، وهذه النظرة الواسعة لبناء العقلاء في مسألة رجوع الجاهل إلى العالم، ولكن هناك رادع الشارع المقدّس لمثل هذا البناء ـ بناء العقلاء ـ وهذا الرادع هو الإجماع، لأنّ الإجماع قائم على عدم جواز تقليد الميت ابتداءً، ولكن ينتفي مثل هذا الاجماع بالنسبة إلى البقاء على تقليد الميت.

لابدّ من بيان أمرين في مسألة سيرة العقلاء:

الأمر الأول: قال الشيخ مرتضى الأنصاري (أعلى الله مقامه الشريف) في رسالة الاجتهاد والتقليد : إنّ الإجماع القائم على عدم جواز تقليد الميت ابتداءً مطلقاً، يعني أنّ الفقهاء أجمعوا على عدم جواز تقليد الميت ابتداءً وبقاءً مطلقاً، فيكون هذا الاجماع رادعاً شرعياً على عدم جواز تقليد الميت مطلقاً.

يرد عليه: أنّ هذا الكلام غير تام، وعندما تأملت في كلمات الفقهاء لم أقف على هذا الرأي من غير الشيخ، والإجماع دليل لبي، والقدر المتيقين من الإجماع هو التقليد الابتدائي، وليس هناك دليل على جواز البقاء ليشمله الإجماع، هذا أولاً:

صفحه 273

وثانياً: ذهب أكثر الفقهاء إلى عدم جواز تقليد الميت ابتداءً، ولكنهم أجازوا ذلك بقاءً، بل ليس بين الفقهاء من منع البقاء على تقليد الميت إلاّ نفران أحدهما ابن صاحب جواهر الكلام والآخر المرحوم الشيخ النائيني، إذن ما استظهره الشيخ الانصاري ليس في محله ومخدوش في اطلاقه.

الأمر الثاني: قلنا في بحوثنا السابقة إنّ التقليد الابتدائي من المسائل المستحدثة يرجع بدايتها إلى زمن المرحوم المحقق (قدس سره) حيث كتب بعد ذلك المرحوم المقدّس الاردبيلي (قدس سره) رسالة يرد عليه، بل عندما تتبعت أقوال القدماء لم أجد لهذه المسألة وجوداً في زمن المرحوم الشيخ الطوسي والشيخ المفيد والسيد المرتضى(قدس سرهم) أصلاً.

وأخيراً ظهر لهذه المسألة موافقون ومخالفون، فعليه لا يمكن أن يتحقق بحث الإجماع هنا لمنعه صغروياً، كي يقال إنّ هذه المسألة تواجه الرادعية، فعليه تدل سيرة العقلاء على جواز البقاء على تقليد الميت ولا تواجه الرادعية.

الدليل الرابع: سيرة المتشرعة

لم يرد هذا الدليل اثباتاً ونفياً في كلمات الأكابر مثل المرحوم السيد الخوئي (قدس سره) في كتابه «التنقيح»، والمرحوم السيد الحكيم (قدس سره) في «المستمسك» حيث ذكره وفي عبارته تردد بين الاثبات والنفي، والوالد المعظم (أدام الله ظلّه) ذكر هذا الدليل في كتابه «الشريف تفصيل الشريعة»، حيث قال: أكثر ما اعتمدنا عليه في مسألة جواز البقاء على تقليد الميت هذا الدليل، نسأل ما هو هذا الدليل؟ قال: تمتد جذور هذه المسألة بعنوان المتشرعة من زمن الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) إلى يومنا هذا، وقام بناء سيرة المتشرعة على إذا قلّد شخص مجتهداً ثم مات ذلك المجتهد، كان المقلِّد يبقى على تقليده، دون أن يرجع إلى الحي، وسيرة المتشرعة حجة علينا.

هنا فرقان بين سيرة العقلاء وسيرة المتشرعة، وهما:

صفحه 274

الأول: في سيرة العقلاء بما هم عقلاء لهم بناء علمي، والمتشرعة بما هم متدينون لهم بناء عملي.

الثاني: إنّ سيرة العقلاء تحتاج إلى عدم وجود رادع من الشرع، أمّا سيرة المتشرعة فتقول يجب الاتصال بزمن المعصومين (عليهم السلام) ويكون مورد تأييدهم. فهل يجب علينا قبول هذه السيرة أو ردّها، قلنا إنّ السيد الخوئي (قدس سره) لم يذكر هذه المسألة في كتابه (التنقيح)، وذهب السيد الحكيم في المستمسك إلى أنّ بناء سيرة المتشرعة على البقاء، ثم قال: «لكن بلوغه حدّاً يصح التعويل عليه لا يخلو من إشكال». يعني أنّ المتدينين بما هم متدينون يقولون بالبقاء على تقليد من كانوا في زمن الأئمة (عليهم السلام) وما بعد لم يثبت عندنا، ثم بعد صفحتين ذهب إلى خلاف ما ذكره وقال: بل دعوى الجزم بذلك قريبة جدّاً، يعني ادّعاء أن سيرة المتشرعة في عصر المعصومين (عليهم السلام) كانت مستقرة على البقاء على تقليد الميت بصورة جازمة وقطعية قريبة جدّاً.

نقول: هل كانت سيرة العقلاء بناء مثل هذا أم لا؟ الواقع إننا لا نتمكن من الاذعان لمثل هذا البناء، بل كان الناس بعد موت محمد بن مسلم يذهبون إلى تقليد شخص آخر، وأن نقول إنّ السيرة كانت قائمة على هذا المعنى وهو البقاء على تقليد الميت وهو ما ذهب إليه السيد الحكيم من عدم الوصول إلى حدّ يعتمد عليه هذا القسم الأول من كلامه، هذا أولاً.

وثانياً: الملفت للنظر في مورد قيام سيرة العقلاء القول بقيام سيرة المشترعة بما هم متشرعة مشكل جدّاً.

ملاحظة: يجب الالتفات إلى أنني لم أجد في كلمات الفقهاء هذا المعنى وهو أن يقول الفقيه: هل مع قيام سيرة العقلاء هناك دليل مستقل بعنوان سيرة المتشرعة؟، فهذا الأمر مشكل جدّاً، لأننا لا نتمكن من القول إنّ سيرة المتشرعة بما هم متدينون قاموا بهذا العمل أيضاً، وإذا قاموا بهذا العمل فليس من باب أنّهم

صفحه 275

متدينون بل من باب أنّهم عقلاء، وهذا هو الإشكال الثاني عليهم.

نعم، إذا لم تكن هناك سيرة العقلاء يمكن التمسك بسيرة المتشرعة، مثلاً في مسألة حلق اللحية حيث لا وجود لسيرة العقلاء في مثل هذه المسألة بل السيرة قائمة على خلافه، فتقوم سيرة المتشرعة خلافاً لسيرة العقلاء باصدار الحكم بعدم جواز الحلق.

النتيجة: لا يمكن أن نعتبر سيرة المتشرعة دليلاً على المطلوب. فعليه يمكن التعويل على ثلاثة من هذه الأدلة دون الدليل الرابع.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .