درس بعد

الدرس المائة وثلاثة وعشرون

درس قبل

الدرس المائة وثلاثة وعشرون

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٧/٥


شماره جلسه : ۱۲۳

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • بقي هناك شيء بالنسبة للمسألة السابقة وهو قول الإمام الراحل (قدس سره) في بحث الاستصحاب في الصفحة 230 من كتاب الاستصحاب الذي كتبه بقلمه الشريف: «لا نتمكن الاستفادة من الروايات الواردة في باب الاستصحاب قاعدة اليقين، بل ليس هناك دليل آخر لهذه القاعدة».

الجلسات الاخرى

الدرس المائة وثلاثة وعشرون

بقي هناك شيء بالنسبة للمسألة السابقة وهو قول الإمام الراحل (قدس سره) في بحث الاستصحاب في الصفحة 230 من كتاب الاستصحاب الذي كتبه بقلمه الشريف: «لا نتمكن الاستفادة من الروايات الواردة في باب الاستصحاب قاعدة اليقين، بل ليس هناك دليل آخر لهذه القاعدة».

هنا يطرح هذا الإشكال: لماذا ذكر في الفرع السابق: على الأحوط، والحال أنّ المشهور والسيد (قدس سره) لم يقبلوا بدليل هذه القاعدة التي تقول بعدم الاعتناء بالشك، وقال على الأحوط؟ لماذا لم يفتِ بصورة قاطعة بوجوب الفحص، فحينئذ يبقى الإشكال على قوته، إمّا أن نقول لا وجه لهذا الاحتياط ولابدّ من فتوى قاطعة لوجوب الفحص، أو نقول إنّ الإمام الراحل (قدس سره) كان يحتمل جحية قاعدة اليقين انطلاقاً من بعض روايات الاستصحاب التي يمكن استفادة قاعدة اليقين منها فيكون ذلك منشأ الاحتياط الذي ذكره، ولكن حسب تتبعي للمسألة في الحواش التي كتبت على العروة لم أجد من الفقهاء من احتاط في المسألة بل إنّ الجميع أفتوا بوجوب الفحص.

المسألة (18): «إذا عرض للمجتهد ما يوجب فقده للشرائط من فسق أو

صفحه 460

جنون أو نسيان يجب العدول إلى المجتهد الجامع لها، ولا يجوز البقاء على تقليده، كما أنّه لو قلَّد من لم يكن جامعاً للشرائط ومضى عليه برهة من الزمان كان كمن لم يقلد أصلاً فحاله حال الجاهل القاصر أو المقصر».

في هذه المسألة فرعان:

الفرع الأول: إذا قلَّد مجتهداً كان جامعاً للشرائط، ثم عرض عليه عارض مثل الجنون أو الفسق أو النسيان، وجب عليه العدول إلى من هو جامع لها، إنّ مسألة الجنون والفسق معناها ظاهر وواضح، فما هو النسيان؟ هل أنّ المراد من النسيان نسيان الأراء والفتاوى، فهذا كثير الحدوث عند المجتهدين والفقهاء، لأنّه قد ينسى المجتهد فتوى أو رأياً من آرائه أو فتاواه لكثرة المسائل والفروعات والآراء، ولذا لو سألت بعض الفقهاء عن رأيه في مسألة يقول لك ارجع إلى رسالتنا العملية، يعني أنّه لا يتذكر المسألة أو الفتوى بصورة كلية أو جزئية، فهذا الأمر محتمل وواضح، والمشهور اليوم عند الفقهاء وعند الناس رجوعهم إلى الرسائل العملية عند الحاجة إلى رأي المجتهد. إذن ما هو المراد من النسيان المذكور في هذه المسألة؟ قيل هناك احتمالان:

الاحتمال الأول: إذا لم يكن هناك مجال لدى المجتهد لكتابة هذه الآراء والفتاوى، بل يأخذها المكلّف من المجتهد مباشرة عن طريق السماع، ثم بعد فترة يسئل عنها فيقول لا أدري، فهل المراد هذا النوع من النسيان أم لا؟

الاحتمال الثاني: ورد هذا الاحتمال في كلمات الوالد المعظم (دام ظلّه) حيث قال: إنّ المراد من النسيان هو نسيان المباني الاجتهادية، بمعنى أنّه ينسى المباني التي اعتمد عليها في الاستنباط فحينئذ لا تبقى القواعد الفقهية والأصولية في ذاكرته، أو بعبارة أخرى، زوال ملكة الاجتهاد.

إن قلت: يمكن طرح هذه الفرضية إذا كان لشخص ملكة اجتهادية ثم عرض عليه النسيان فهل يسري الحكم على جميع الفتاوى التي كانت قد صدرت منه في

صفحه 461

زمان الاجتهاد أو يقتصر على ما بعد النسيان؟

قلت: يجب عليه العدول إلى من تتوفر الشرائط عنده.

إن قلت: لماذا؟

قلت: لأنّ الدليل هو أنّ أدلة التقليد ظاهرة في اشتراط توفر الشرائط في المجتهد حدوثاً وبقاءً، مثل شرط العقل والعدل والاجتهاد. والحديث الوارد في هذا المضمار: «أمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه» دليل واضح على توفر هذه الشروط حدوثاً وبقاءً، نعم، إنّ شرط الحياة لا يعتبر بقاءً بل يكفي حدوثاً، فيجوز البقاء على تقليد الميت حسب الأدلة المذكورة في محلها.

قال السيد الخوئي (قدس سره) : نسب إلى بعض ـ لا نعلم من هو المنسوب إليه ـ الفقهاء: يكفي في التقليد كونه حدوثاً، لا يلزم شرط البقاء، يعني إذا ثبت عدالته واجتهاده وعقله يكفي هذه الشروط حدوثاً دون البقاء، ولكن قلنا: إنّ أدلة التقليد ظاهرة ومعتبرة حدوثاً وبقاءً.

الفرع الثاني: ما يظهر من هذه المسألة في العبارة المذكورة: «كما لو قلَّد من لم يكن جامعاً للشرائط ومضى عليه برهة من الزمان»، فيكون حال هذا المكلّف كحال من لم يقلد من البداية إمّا تقصيراً أو قصوراً، فوردت هذا المسألة في العروة تحت عنوان المسألة (37): «إذا قلَّد من ليس له أهلية الفتوى، ثم التفت وجب عليه العدول، وحال أعماله السابقة حال عمل الجاهل غير المقلِّد».

توضيح ذلك: إذا قلَّد المكلّف زيداً ثم تبيّن له أنّ زيداً ليس له أهلية الفتوى، فهذه المسألة لها صورتان:

الصورة الأولى: قلَّده عن عذر شرعي مثل العلم والبيّنة على أنّه تتوفر فيه الشرائط ثم تبيّن له أنّه فاقد لها، قالوا: وجب عليه العدول، وأعماله السابقة باطلة.

الصورة الثانية: لم يكن له عذر شرعي ولا العلم والبيّنة، قال الفقهاء في كلتا الصورتين كأنّه لم يقلّد أبداً، وفي تفصيل هاتين الصورتين قالوا: إذا كان له عذر

صفحه 462

شرعي مثل العلم والبيّنة فيعتبر جاهلاً قاصراً، وإذا لم يكن له عذر شرعي فيعتبر جاهلاً مقصّراً.

ما هو دليل هذا التفصيل؟ الدليل هو يجب على الإنسان أن يستند في أعماله على دليل وحجة، فعندما قلَّد من ليس له أهلية الفتوى من البدء لم يكن قوله حجة، إذن لم يتحقق تقليده، لأنّ التقليد الصحيح هو أن يستند الإنسان إلى حجة، وهذا التقليد لم يستند إلى حجة، وبعبارة أخرى: أنّ الشرائط المذكورة في مرجع التقليد ليست شرائط الذكورية والعلمية، بل شرائط واقعية، يعني إذا حصل لديك أنّه عالم ثم تبيّن أنّه ليس بعالم يظهر من ذلك أنّه لم يكن حائزاً للشرائط من البداية فلا يصحّ أخذ الفتوى منه، وقس على ذلك بقية الشرائط الأحد عشر التي ذكرناها في أول البحث. فعليه إذا كانت الشرائط واقعية تكون النتيجة أنّ تقليده من أول الأمر كان لمن ليس له أهلية التقليد والفتوى، ونظراً لذلك يكون تقليده باطلاً وحكمه حكم الجاهل سواء كان قاصراً أو مقصراً.

ملاحظة: ذكرنا فيما سبق بحثاً حول من قلَّد مجتهداً ثم مات هذا المجتهد فقلَّد الآخر الذي يخالف الأول في الفتوى، قلنا: هناك بحث تحت عنوان الإجزاء، يعني أنّ تقليده كان طبقاً لنظر المجتهد الأول فهو حكم ظاهري والحكم الظاهري مجز عن الحكم الواقعي، فوقع الاختلاف في الكبرى، هل هو مجز أم لا؟ بالأخرى لو قلنا بالاجزاء نرجع إلى الفرع الثاني حيث قلنا إذا قلَّد من ليس له أهلية الفتوى، إمّا كان له عذر شرعي من علم وجداني أو قامت البيّنة على أهلية زيد للتقليد وعمل بتقليده مدّة من الزمن ثم تبيّن له أنّ زيداً ليس له أهلية الفتوى فهل هذا من مصاديق الإجزاء أم لا؟ مثلاً قلَّد مرجعاً يقول بكفاية التسبيحات الأربع مرّة واحدة ثم مات هذا المرجع، فرجع إلى آخر يقول بعدم كفاية التسبيحات الأربع مرّة واحدة، فقلنا أحد طرق تصحيح أعمال هذا المكلّف هو الإجزاء ـ وذلك إذا قبلنا بالكبرى في بحث الإجزاء ـ الأحكام الظاهرية عن الأحكام الواقعية، فيقع

صفحه 463

سؤالنا على مسألة الإجزاء يعني هل أنّ هذا البحث هو من مصاديق الإجزاء أم لا؟

أشار السيد الخوئي (قدس سره) في كتاب (التنقيح(1)) إلى مسألة الكبرى فقط، وقال: انّ الحكم الظاهري لا يجزي عن الحكم الواقعي، ولكنّه لم يشر إلى الصغرى باب الإجزاء وهل أنّ هذا البحث من حيث الصغرى من مصاديق الإجزاء أم لا؟ فعليه أنّ هناك حجة قائمة بعمل المكلّف بفتوى المجتهد الجامع للشرائط بقيام بيّنة فهذا حكم ظاهري، ثم تبيّن أنّه ليس أهلاً للتقليد، فلا يمكن القول إنّه عمل بالحجة والبرهان هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان عمله بعذر شرعي قائم على علم أو بيّنة.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .