درس بعد

الدرس المائة وستة وعشرون

درس قبل

الدرس المائة وستة وعشرون

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٧/٥


شماره جلسه : ۱۲۶

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • الإشكال الثالث: إذا استفدنا من رواية مسعدة بن صدقة حجية البيّنة، ومن المسلّم أنّ حجية البيّنة في الموضوعات الحسية، مثلاً أن تقوم البيّنة على أنّ هذا دم، فإذا قامت البيّنة على أمر حسي نقبل بها، وأمّا إذا قامت البيّنة على الأمور الاجتهادية أو العلمية فلا تعتبر الاُمور الاجتهادية والعلمية من الاُمور الحسية حتى تكون البيّنة أو قول العدلين حجة عليه لأنّ هذه الاُمور من الأمور الحدسية، يعني عندما يراه يدرس أو يقرأ أو يكتب ينقدح عنده الحدس احتمالاً أو يقيناً على اجتهاده.

الجلسات الاخرى

الدرس المائة وستة وعشرون

الإشكال الثالث: إذا استفدنا من رواية مسعدة بن صدقة حجية البيّنة، ومن المسلّم أنّ حجية البيّنة في الموضوعات الحسية، مثلاً أن تقوم البيّنة على أنّ هذا دم، فإذا قامت البيّنة على أمر حسي نقبل بها، وأمّا إذا قامت البيّنة على الأمور الاجتهادية أو العلمية فلا تعتبر الاُمور الاجتهادية والعلمية من الاُمور الحسية حتى تكون البيّنة أو قول العدلين حجة عليه لأنّ هذه الاُمور من الأمور الحدسية، يعني عندما يراه يدرس أو يقرأ أو يكتب ينقدح عنده الحدس احتمالاً أو يقيناً على اجتهاده.

صفحه 472

وكان الجواب عن هذا الإشكال من قِبل بعض الأكابر مثل السيد الخوئي (قدس سره) في كتاب «التنقيح»(1)، قال: نقبل بأنّ الاجتهاد ليس من الاُمور الحسية، ولكنها أمور حدسية قريبة من الأمور الحسية.

نقول: ما هي الضابطة بأنّ الأمور الحدسية قريبة من الأمور الحسية.

قال: إنّ الأمور الحسية احتمال الخطأ فيها قليل جدّاً، مثلاً عندما نرى زيداً يضرب شخصاً نشهد عليه ولا نخطىء في شهادتنا إلاّ نادراً، وكذلك في باب الاجتهاد أو الأعلمية يقل فيه الخطأ، لأنّ شهادة خمسه أو أكثر على اجتهاد أو أعلمية فيها مقدمات يمكن أن يوصل الإنسان غالباً إلى النتيجة، وهذا الإشكال أيضاً مخدوش.

النتيجة أنّ هذه الإشكالات الثلاثة مع ما ورد عليها من الردود، إلاّ أنّ البيّنة لها حجية في جميع الموضوعات، وما ورد في ذيل رواية مسعدة ـ إذا قال أحد ما هو الدليل على حجية البيّنة ـ حيث يقول: «الأشياء كلها على ذلك حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة» فذيل الرواية ضابطة كلية على حجية البيّنة، فيستفاد حجية البيّنة في جميع الموضوعات الخارجية، وبذلك يظهر الجواب على الإشكال الثالث أنّ البيّنة في الأمور الحسية أو القريبة من الحس حجة، وما نحن فيه في باب الاجتهاد أو الأعلمية من هذا القبيل.

وهناك رواية أخرى جعلوها ضميمة إلى رواية مسعدة وهي ما ورد في الجزء 25 الصفحة 188 من أبواب الأطعمة والاشربة، الباب 61، الحديث 2 عن أحمد بن محمد الكوفي، عن محمد بن أحمد النهدي، عن محمد بن الوليد، عن أبان بن عبدالرحمن، عن عبدالله بن سليمان، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في الجبن، قال: «كل شيء لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان أنّ فيه ميتة»، 1 ـ إنّ هذه الرواية وردت بصورة كلية، 2 ـ إنّ البيّنة لا تختص بالميتة والجبن وغيرهما، 3 ـ كل

1 ـ التنقيح، ج 1، ص 175.

صفحه 473

الموضوعات الخارجية حجة، فقد قال السيد الخوئي (قدس سره) في كتابه (التنقيح): سندها غير قابل للاعتماد، فنجعلها مؤيدة لرواية مسعدة بن صدقة، وأكثر أسماء رواتها مشتركة ومرددة، مثلاً، أنّ أحمد بن محمد الكافي مردد بين الاثنين وهما، محمد بن أحمد بن سعيد بن عقدة وأحمد بن محمد العاصمي، وهناك قرائن في الرواية تدل على المراد هو أحمد بن محمد العاصمي، وكلا الراويين موثّقان، ومحمد بن أحمد النهدي ثقة أيضاً، أمّا محمد بن الوليد مشترك بين أربعة أشخاص وهم، محمد بن الوليد البجلي، ومحمد بن الوليد بن خالد الكوفي، محمد بن الوليد السيرفي، محمد بن الوليد الكرماني، وأمّا أبان بن عبدالرحمن فهوغير ثقة أصلاً، وأمّا عبدالله بن سليمان فهو مشترك بين شخصين وهما، عبدالله بن سليمان السيرفي، وعبدالله بن سليمان العامري وهما غير موثوقين أيضاً، وبما أنّ هذا الاشتراك في الأسماء وقع في هذه الرواية وعدم وثاقة رواتها، لهذا لا يعتمد عليها، فنجعلها من مؤيدات الرواية السابقة.

النتيجة: عرفنا أنّ معرفة الاجتهاد أو الاعلمية فحصل عن طريقين أولاً: الوجدان وحصول العلم الذاتي للإنسان نفسه، وثانياً: البيّنة.

وهنا ملاحظة لم ترد في كلمات الأعاظم وهي، أنّ الشاهدان بنفسيهما يشهدان على أنّ زيداً مجتهد أو أعلم، بعد حصول العلم لهما وكونهما من أهل الخبرة، فهذه الشهادة والبيّنة مفيدة ونافذة، وأمّا إذا لم يكونا من أهل الخبرة ولم يحصل لهما العلم، بل شهد شخصان آخران على وثاقتهما بأنّ زيداً مجتهد، فهذه الشهادة والبينة غير مجدية ولا مفيدة، لأنّ الشاهدين على وثاقتهما لا علم لهما باجتهاد زيد، ولذا قيل هل أنّ الحجية تشمل البينة على البينة أم لا؟ فهذا بحث إن شاء الله نتطرق إليه في القواعد الفقهية.

وهنا فرع آخر، لو شهد شاهد عادل أو شخص ثقة على اجتهاد زيد، يعني أنّ قوام البينة على التعدد، لأنّه لم يرد في البيّنة شخص واحد سواء عادل وثقة، وهل

صفحه 474

يكفي العدل الواحد في هذه الموضوعات كما هو في الأخبار أم لا؟ مثلاً لو قال زرارة: قال الصادق(عليه السلام): كذا. فكما تقبلون بحجية خبر الواحد في روايات الأئمة (عليهم السلام) ، أو موارد أخرى في الفقه، مثلاً إذا جاء شخص وأخبر عن دخول الوقت يقول الفقه يكفي هذا الواحد العادل الثقة، أو أخبر البائع بأنّ وزن هذا الشيء عشرة كيلوغرام، أو في عزل الوكيل في جميع هذه الصور يكفي وهو حجة، وهذا ما ذهب إليه جميع الاصوليين، فلماذا لا يكفي في باب الاجتهاد والأعلمية؟ مثلاً إذا جاء خبر الواحد العادل ولثقة وقال: زيد مجتهد، هنا ذكر الفقهاء جميعهم ثلاثة أدلة:

الدليل الأول: قال السيد الخوئي (قدس سره) في كتابه (التنقيح)(1): نتمسك بسيرة العقلاء، لأن سيرة العقلاء قائمة في الموضوعات الخارجية على الاعتماد على خبر العدل أو الثقة الواحد، مثلاً لو جاء عدل أو ثقة وقال مات زيد أو ذهب زيد وبما أنّ هذه الأمور ترتبط بالموضوعات الخارجية وخبر الواحد الثقة يعتمد عليه، ولكن يمكن التمسك بسيرة العقلاء مع ضميمة عدم رادعية الشارع، وما لم يردع الشارع سيرة العقلاء فهي حجة.

إن قلت: هنا لم يردع الشارع سيرة العقلاء.

قلت: يكفي في رادعية الشارع لسيرة العقلاء موثقة مسعدة بن صدقة، لأنّه ورد في الرواية: «الأشياء كلها على ذلك إلاّ أن يستبين لك خلاف ذلك أو تقوم بيّنة»، يستفاد من هذه القاعدة الكلية ـ الأشياء كلها على ذلك ـ الواردة في ذيل رواية مسعدة، الحصر، يعني يجب الحكم ظاهراً بالحلية في كل شبهة موضوعية يشك في حلية أو حرمة شيء، إلاّ أن تقوم بيّنة على خلافه، فتفيد أداة «إلاّ» هنا الحصر، ولذا نفهم من كلام الإمام(عليه السلام) الضابطة الكلية وهي (الأشياء كلها على ذلك) ثم قال: (الاّ أن يستبين خلاف ذلك أو تقوم بيّنة)، فعليه إذا لم تقم بيّنة ولا علم كان

1 ـ التنقيح، ج 1، ص 174.

صفحه 475

ما يخبر به العادل أو الثقة بلا فائدة.

أجاب السيد الخوئي (قدس سره) على هذا الموضوع بثلاثة أجوبة:

الجواب الأول: لا يستفاد من (الاّ أن يستبين خلاف ذلك أو تقوم بيّنة) الحصر، لماذا؟ إذا وقع الحصر لزم تخصيص الأكثر، لأنّه نعلم من الخارج بوجود اثباتات خارجية يمكن اثبات الحرمة في صورة وجود الاقرار والاستصحاب وحكم الحاكم، وهذه المثبتات ليست بقليلة، مثلاً إثبات الحرمة بالاستصحاب، أو اقرار الشخص على حرمة الشيء، أو حكم الحاكم على حرمته.

الجواب الثاني: يراد من كلمة «البيّنة» في الرواية، البيّنة اللغوية، يعني ما به البيان أو ما يوضح الشيء ويبينه، فيكون عموميته كلما تكتب أو تبيّن لابدّ من اثباته من الخارج، فهل يستطيع العدل الواحد أن يكون مبيناً أم لا؟ فاستفدنا من سيرة العقلاء بأنّ العدل الواحد يمكنه أن يكون مبيّناً.

الجواب الثالث: كان الإمام(عليه السلام) في هذه الرواية في مقام بيان أنّ الأشياء معتبرة على الاطلاق، مثل العلم أو البيّنة معتبرة مطلقاً، فيواجه العدل الواحد في هذا المورد قاعدة اليد حيث لا قدرة للخبر الواحد على مواجهة قاعدة اليد.

فأثبتت هذه الأجوبة الثلاثة عدم رادعية الشارع لسيرة العقلاء، وإذا فُقد الرادع اعتمد على سيرة العقلاء في خبر الثقة، ولذا لو شهد شخص واحد عدل على اجتهاد زيد كانت هذه الشهادة كافية في اثبات الاجتهاد لزيد.

مناقشة الوالد المعظم لأجوبة السيد الخوئي:

لقد أجاب الوالد المعظم (دام ظلّه) في كتابه (تفصيل الشريعة) على أجوبة السيد الخوئي (قدس سره) وقال: ما استفاده المرحوم السيد الخوئي عدم الرادعية ولا الحصر وهذا يكفي في اثبات موضوعات الخبر الواحد أو العدل والثقة نقول: لا نريد الاستفادة من الحصر الرادعية بل من نفس كلمة «البيّنة) الواردة في الرواية،

صفحه 476

لأنّ للبيّنة خصوصيتين: الأولى، كميّة، والأخرى، كيفية، ويراد من الكمية هي الشاهدين، ومن الكيفية هي العدالة، فعليه حتى لو كانت أداة «إلاّ» غير واردة في الرواية كنّا نستفيد الرادعية من كلمة «البيّنة» وبهذا يسقط خبر الواحد أو خبر الثقة عن الاعتبار.

بيان ذلك: إن كلمة «البينّة» تارة يراد بها مفهوم الوصف وأخرى مفهوم اللقب، فهذان المفهومان كما هو واضح لا حجية لهما، مثلاً إذا قال المولى: إذا قامت البيّنة تثبت النجاسة، وهذا لا يدل على إذا لم تقم البيّنة لا تثبت النجاسة، بل ا نّ البيّنة إحدى طرق اثبات النجاسة لا كلها، وفي هذه الرواية أمران بالنسبة للخبر العادل ونستفيد من «تقوم البيّنة» عدم اعتبارية الخبر الواحد، وهذان الأمران هما:

الأول: أنّ الإمام(عليه السلام) في مقام بيان ضابطة كلية، ويمكن اثبات هذه الضابطة بالبيّنة القائمة حتى مع فقدان أداة الحصر، وهذه البيّنة ليست بيّنة لغوية بل اصطلاحية، وإذا سلّمنا، بكفاية الخبر الواحد في الموضوعات كان على الإمام بيان ذلك.

الثاني: أنّ الخبر الواحد غير مباين للبيّنة بل بينهما سنخية، فعليه أنّ البيّنة تتحقق بالتدريج يعني يشهد زيد أولاً، ثم يشهد عمر، وبذلك تتحقق البيّنة لعدم إمكانية تحقق إدلاء الشهادتين في آن واحد، فعليه إذا كان الخبر الواحد كافياً في الموضوعات، تكون البيّنة حينئذ لغواً، وبذلك تثبت رادعية الشارع لسيرة العقلاء من ذيل رواية مسعدة بن صدقة.

هذا بالنسبة إلى أداة الحصر «إلاّ»، وأمّا ما ذكره المرحوم السيد الخوئي أنّ المراد من البيّنة هنا معنى «ما به البيان»، قال الوالد المعظم: لقد أجبنا عن ذلك فقلنا: إنّ البيّنة وردت في زمان الصادقين (عليهما السلام) بمعناها الاصطلاحي دون اللغوي، بل كان ذلك في زمن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، حيث ورد: «البيّنة على المدعي واليمين على من أنكر»، وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات الأيمان». فعليه إذا لم

صفحه 477

تتوفر قرينة على خلاف ذلك فيحمل على البيّنة الاصطلاحية.

وقال المرحوم السيد الخوئي في الجواب الثالث: إنّ الرواية جاءت لبيان قاعدة اليد دون الخبر الواحد، وقال الوالد المعظم (دام ظلّه) في جوابه: صحيح أن ما ورد في الرواية هو استناد الحلية إلى قاعدة اليد، ولكن هذا لا يمنع اعتبار الخبر الواحد في سائر الموارد، ألستم تقرون أنّ هذه الرواية في مقام بيان الضابطة الكلية، فعليه إذا كانت الرواية في مقام بيان الضابطة الكلية وقاعدة اليد وحاكميتها على الخبر الواحد، ولكن هذا لا يمنع من حجية الخبر الواحد والثقة في مجال آخر. نعم يستفاد من الخبر في أخبار الوقت حيث ذهب الفقهاء جميعاً إلى حجية الخبر الواحد في مسألة دخول الوقت، وبعض الموارد الأخرى مثل عزل الوكيل واخبار البائع في وزن المبيع وأمثال ذلك.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .