درس بعد

الدرس السادس والتسعون:بحث الأعلمية

درس قبل

الدرس السادس والتسعون:بحث الأعلمية

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٨


شماره جلسه : ۹۶

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • الأدلة الاجتهادية في لزوم تقليد الأعلم

الجلسات الاخرى

الدرس السادس والتسعون

الإشكال الرابع: إنّ هذا الاستصحاب له معارض، وذلك إذا كان هناك عالمان أحدهما مجتهد والآخر غير مجتهد، فقلَّد المكلّف المجتهد، ثم بعد فترة، أصبح الثاني مجتهداً، ولكن الأول أعلم من الثاني، فهل نستصحب جواز الرجوع إلى الأعلم؟ إذن يكون من قبيل عكس هذه القضية، حيث كان هناك مجتهدان متساويان، فقلَّد أحدهما وبعد مدّة استطاع الآخر أن ينال درجة الأعلمية، فقد أجريتم هنا استصحاب الرجوع إلى المفضول، والآن، الرجوع إلى نفس المفضول جائز، والآن لو عكسنا هذه القضية وقلنا: إنّه كان هناك مقلِّد لمجتهد ثم تبيّن له أنّ هذا المجتهد، بالنسبة إلى الثاني، أعلم، فهل هنا يجوز الرجوع إلى الأعلم تمسكاً بالاستصحاب، أم لا؟ هنا يتعارض هذا الاستصحاب مع ما قبله، فلا يكون له صلاحية التمسّك به، بل يخرج ويسقط عن الحجية.

الإشكال الخامس: نحن بحاجة في الاستصحاب إلى اليقين والشك، فأين ما وجدا أجرينا الاستصحاب، وإلاّ فلا، فتكون النتيجة أنّ قولكم أينما وجدتم اليقين والشك بالنسبة إلى الرجوع إلى قول المفضول وغير الأعلم، يجري الاستصحاب، والحال أنّكم لا تستطيعون إجراء الاستصحاب في موارد اُخرى لعدم وجود اليقين والشك، وبعبارة اُخرى يريد القول في الإشكال الخامس، إنّ هذا الدليل أخص من المدّعى، حيث نقول بحجية قول الأعلم في مقابل قول غير الأعلم، والحال أنّ الاستصحاب يثبت قول غير الأعلم الذي قلَّده المكلّف سابقاً، فيحصل عنده اليقين السابق والشك اللاحق، وأمّا المكلّف الذي لم يكن مقلِّداً أبداً ويريد ـ

صفحه 344

ابتداءً ـ أنّ يتخذ مقلَّداً محصوراً بين الأعلم وغير الأعلم، فهنا لا يحصل له اليقين السابق ولا الشك اللاحق أبداً كي نجري الاستصحاب، إذن ففي غير الاستصحاب يعني في سائر الامارات أنّ مثبتات الامارات لها حجية، فتكون حجيتها بالمداليل الالتزامية كما هي حجة بالمداليل المطابقية، كما نعمل بذلك في الخبر الواحد إذا ورد في مورد خاص، فيكون له حجية مطلقة نستطيع العمل به في جميع الموارد، أمّا الاستصحاب فيحتاج إلى أركان ومن أركانه اليقين السابق والشك اللاحق، ولكن عندما أردتم جريان الاستصحاب في هذه الموارد ضممتم إليه ضميمة وهي باسم «عدم القول بالفصل» يعني إذا قلتم بجريان الاستصحاب في مورد واحد عممّتموه إلى سائر الموارد بطريق عدم القول بالفصل، وبهذا الطريق لا يدخل أحد في التفصيل.

الجواب: لو قلنا بهذا الكلام فلا معنى للإشكال الخامس، لأنّ الإشكال الخامس بهذا البيان قابل للجواب، نحن إذا أردنا في سائر الموارد بهذا الاستصحاب أن نصل إلى النتيجة فهذا الاستصحاب صحيح، ولكن لا حجية للمدلول الالتزامي للاستصحاب، ولكن لو أردنا أن نرد من باب عدم القول بالفصل فلا يرد هذا الاشكال، وجاء هذا البيان في كلمات السيد الخوئي (قدس سره) أيضاً.

النتيجة:

إنّ الأصل العملي وجريان الاستصحاب عمدة وردت عليها إشكالات خمس، ونحن قبلنا بإشكالين منها، الأول: كان في تغيير الموضوع، والثاني: كان في وجود المعارض، فتبيّن من بين الاُصول العملية، والاستصحاب، وقلنا في الاستصحاب بالتخيير بين الأعلم وغيره، يعني أنّ الرجوع إلى قول المفضول لا إشكال فيه، ومع هذين الإشكالين لا يمكن جريان الاستصحاب في هذا الموضوع. وأمّا في الاصول العملية، فكان هناك إشكال مهم، وهو مسألة وجود

صفحه 345

المعارض، وقد حاولنا أن نثبت بأصالة البراءة أنّه لا بأس في الرجوع إلى غير الأعلم، وأردنا من الاستصحاب وأصالة البراءة أن نحصل على نتيجة، وهي أنّه لا فرق بين قول الأعلم وقول غير الأعلم، فلاحظنا أنّ كلا هاتين المسألتين تواجه إشكالاً، ولكن هناك أصل ثالث هو دوران الأمر بين التعيين والتخيير، وقلنا أنّه أيضاً يواجه مسألة المبنائية، يعني إذا كان مبناه التعيين يجب عليه اختيار قول الأعلم، وإذا كان التخيير يتساوى عند القول بين الأعلم وغيره، كما اختار المرحوم المحقق النائيني (قدس سره) وكثير من الأكابر ـ في دوران الأمر بين التعيين والتخيير ـ وأجروا أصالة الاشتغال، فنحن أيضاً إذا لم نجد دليلاً اجتهادياً فيجب أن نقول بنفس الكلام ونختار التعيين والأعلمية.

الأدلة الاجتهادية

بعد البحث في أدلة الاصول العملية، نعرج على الأدلة الاجتهادية وفيها شقان من البحث:

1 ـ البحث في أدلة لزوم تقليد الأعلم.

2 ـ البحث في أدلة عدم لزوم تقليد الأعلم.

وردت بعض كلمات الفقهاء والأكابر أربعة أدلة وفي بضعها خمسة، وفي بعضها ستة أدلة.

الدليل الأول: الإجماع

أولاً: ادّعى المرحوم المحقق الثاني (قدس سره) في «حاشية الشرائع» الإجماع على اعتبار الأعلمية.

ثانياً: ادّعى السيد المرتضى (قدس سره) في كتابه «الذريعة» أكثر من الإجماع وقال: «من المسلمات عند الشيعة».

ثالثاً: ما ذهب إليه الحنابلة من أهل السنة باعتبار الأعلمية.

صفحه 346

رابعاً: قال صاحب المعالم: وهو قول الأصحاب الذين وصل كلامهم إلينا.

خامساً: لم يخالف أحد من علماء الشيعة قبل المرحوم الشهيد الثاني (قدس سره) اعتبار الأعلمية عند الإمامية.

الإشكالات على الإجماع:

أوردوا على الإجماع عدّة إشكالات، نذكر منها:

الإشكال الأول: إنّ هذا الإجماع يواجه إشكالاً صغروياً، لماذا؟ لأنّ السيد المرتضى (قدس سره) ادّعى في الذريعة أنّه من المسلمات، الوقت نفسه ادّعى في الذريعة أيضاً قولاً مخالفاً لهذا وقال: وإن كان بعضهم عنده أعلم من بعض، أو أورع أو أدين، فقد اختلفوا ـ بمعنى اختلف علماء الإمامية مع أنّ السيد نفسه من المتقدمين ومع ذلك صرّح بوجود هذا الاختلاف ـ فمنهم من جعله مخيّراً ومنهم من أوجب أن يستفتي المقدم في العلم والدين، إذن يفهم من كلام السيد أنّ الإجماع لم يتحقق صغروياً، هذا من جهة، ومن جهة اُخرى، أنّ الشيخ الطوسي (قدس سره) في كتابه «العدة» ـ الذي يعتبر من الكتب الاُصولية للشيخ ـ عندما ذكر شرائط المفتى لم يتطرق إلى الأعلمية أصلاً، والحال، إذا كانت هذه المسألة من المسلمات عند الإمامية كان من الضروري أن يتطرق إليها.

والثالثة: أنّ ابن زهرة ادّعى الإجماع في كتابه (الغنية)، ولكنّه في هذه المسألة لم يدعِ الإجماع.

والرابعة: وقد خالف صاحب الفصول هذا الإجماع، وقال: بعد تصريح جماعة بالجواز لا يبقى مجال لادّعاء الإجماع.

ولكن يمكن أنّ يكون لهذا الإجماع مخرج واحد هو أنّ هذا الإجماع تحقق في زمان المرحوم المحقق الثاني، ولا يمكن انعقاد الاطمئنان على الاحتمال، لأنّه (إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال).

صفحه 347

الإشكال الثاني: لو سلّمنا بوجود مثل هذا الإجماع المنقول عن المحقق الثاني (قدس سره) ، إذن هو اجماع منقول، والإجماع المنقول لا يُغني ولا يسمن.

الإشكال الثالث: لو سلّمنا بعدم انعقاد الإشكال الأول والثاني وهذا الإجماع إجماع مدركي، لماذا؟ لأنّهّ عندما يقول صاحب المعالم: إنّ الأعلمية معتبرة، وذلك هو قول الأصحاب الذين وصل كلامهم إلينا، ثم يقول: وحجتهم عليه إن سقط به قول الأعلم أقرب وأوكد، ولذا يكون إجماعاً مدركياً، وإذا لم يكن يقين المدرك تحتمل مدركيته، والحال، لا عتبار لليقين المدركي أو الاحتمال المدركي.

الدليل الثاني: سيرة العقلاء

إنّ سيرة العقلاء قائمة على الرجوع إلى الأعلم عند دوران الأمر بين الأعلم وغير الأعلم، يعني إذا كان هناك مجتهدان مختلفان في الفتوى أحدهما عالم والآخر أعلم، وهذه من القضايا الخطيرة والمهمة جدّاً(1)، ففي هذه الصورة ما هي سيرة العقلاء في هذه المسألة؟ هل يقال إنّهما متساويان؟ مثلاً، إذا كان هناك طبيب، وطبيب حاذق قد احتلفا في معالجة المريض، فالعقلاء عند هذه المسألة يرجعون إلى الحاذق قطعاً، وما نحن فيه أيضاً كذلك، فالعقلاء إذا ما تعارضت فتاوى الفقهاء يرجعون إلى الأعلم قطعاً .

قال المرحوم السيد الحكيم (قدس سره) في كتابه «المستمسك»: والتشكيك في سقوط بناء العقلاء يندفع به أقل تأمله(2).

وارتضى المرحوم السيد الخوئي (قدس سره) في كتابه: «التنقيح» قول العقلاء، ماعدا

1 ـ لأنّه يرتبط بدين الإنسان وأحكامه الشرعية التي يبني عليها حياته العبادية والمعاملاتية والعقود والايقاعات.
2 ـ ولكن الكشف عن الأعلم بالدقّة العقلية أمر مشكل، فيبقى هناك مجال للتشكيك، بل أحياناً يشخص الطبيب غير الحاذق مورد العلاج قبل الطبيب الحاذق، ولذا لا يمكن أن يقال بالدقّة العقلية أنّ الطبيب الحاذق هو الوحيد الذي يعالج المريض، وقس على ذلك مسألة الأعلمية.

صفحه 348

مورد واحد هو أنّ سيرة العقلاء تقضي بالرجوع إلى الأعلم، إلاّ إذا طابق قول غير الأعلم للاحتياط(1).

بناء على هذه الكلمات وأقوال أكابر الفقهاء لاسيّما سماحة آية الله العظمى الشيخ اللنكراني (دامت بركاته) في كتابه «تفصيل الشريعة» حيث قال: العمدة في هذه الأدلة هو دليل سيرة العقلاء ولا مجال للمناقشة في جريان سيرة القعلائية، ويعتبر السيرة العقلائية دليلاً مهماً في هذه المسألة.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .