درس بعد

الدرس الخامس والتسعون :بحث الأعلمية

درس قبل

الدرس الخامس والتسعون :بحث الأعلمية

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٨


شماره جلسه : ۹۵

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • أصالة الإستصحاب في عدم سقوط فتوى غير الأعلم و الإشكال عليه

الجلسات الاخرى

الدرس الخامس والتسعون

كلام السيد الخوئي(قدس سره):

لقد مرّالكلام الذي ذكره السيد الخوئي في جواب الذين أشكلوا على استاذه المحقق الاصفهاني، وقال: إنّ الصلاة تتعلق بالقدر الجامع، ونشك في القيد الإضافي فنجري البراءة، لأننا مخيّرون بين صلاة الظهر والجمعة، ولكن ما نحن فيه البحث في الحجية من حيث المعذّرية، وهذا لا يتأتى إلاّ بفتوى الفقيه الأعلم لأنّ فتواه معذّرة يقيناً، وعند الشك في معذّرية فتوى الأعلم وهل نحكم بالتخيير بين الأعلم وغيره فتأتي قاعدة الاشتغال، وهذه القاعدة تقتضي الأخذ بفتوى الأعلم وهو الاحتياط.

ولكن هنا أمر لابدّ من الالتفات إليه وهو، هل أنّ هذا التفصيل الذي ذكره السيد الخوئي صحيح أم لا؟

ينقسم الأصوليون في باب الدوران الأمر بين التعيين والتخيير إلى طائفتين:

الطائفة الاُولى: قالوا بالتعيين، يعني اقتضاء الأمر إجراء أصالة الاحتياط.

والطائفة الثانية: قالوا بالتخيير، يعني اقتضاء الأمر إجراء أصالة البراءة.

فنقول: هل ـ مع إمكان الإمتثال التفصيلي ـ يجوز التمسّك بالامتثال

صفحه 339

الإجمالي أم لا؟ قلنا: كان مبنى المرحوم المحقق النائيني هو عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير الاحتياط، ولذا قال المرحوم النائيني، إذا أمكنا من الإمثتال التفصيلي فلا يجوز لنا التمسك بالإمتثال الإجمالي.

ولكن المرحوم المحقق الخوئي أظهر هناك كفاية التمسك بالامتثال الإجمالي. ولذا نريد أن نعرف هل أنّ ما طرحه السيد الخوئي (قدس سره) من التفصيل صحيح، أم لا؟ وهل لنا أن نتمسك أحياناً بالاحتياط وأحياناً بالبراءة أم يجب علينا أن نطرح بحثاً كلياً يتعين فيه أحد الأمرين إمّا الاحتياط أو البراءة.

نظرية الاستاذ:

إنبرى سماحة الاستاذ «دام ظله» إلى بيان المسألة من زاوية اُخرى، وقال: إنّ ما ذكره السيد الخوئي من باب التفصيل والفرق، غير تام، دليله هو، نحن نشك في القيد الزائد في باب التكليف، والحال أنّ تعلق أصل التكليف بالجامع في يوم الجمعة مسلّم، يعني نعلم أنّ هناك وجوباً وتعلق هذا الوجوب بصلاة، ولكن لا ندري هل أنّ للصلاة قيداً باسم الجمعة أم لا؟، فنجري بالنسبة إلى هذا القيد أصالة البراءة، ثم جاء وطرح باب الحجية وقال: عندنا فتوى المفضول وفتوى الأفضل «الأعلم» فما هو الخلاف في إجراء نفس تلك العملية هنا، وأنّ تعلق أصل الحجية بنحو الجامع بفتوى مجتهد، مسلّم، وقد استفدنا من الأدلة أنّ فتوى الفقيه حجة، فالحجية ـ حجية الفتوى ـ بقدر الجامع مسلّم لنا، فإذا قلنا «الوجوب = للحجية» و«الصلاة = للفتوى»، عندئذ نقول: إنّ تعلق أصل الحجية بالجامع باسم فتوى، مسلّم، ثم نقول: ولكن لا ندري هل أنّ الشارع أضاف قيداً على هذه الفتوى وهو كونه فتوى الأعلم، أم لا؟ فلا يضرّ أن نجري بالنسبة إلى هذا القيد الزائد، أصالة العدم ـ لأنّه لا يمكن هنا تعبير أصالة البراءة ـ يعني جريان عدم اشتراط هذا القيد، عندئذ تكون النتيجة أنّ المكلّف مخيّر بين فتوى المفضول والأفضل.

صفحه 340

وإن قلت: ا نّه اعتمد على بُعد المعذّرية، حيث قال: إننا نعلم بوجود تكليف، وذلك بالعلم الإجمالي، ولكن لا ندري هل أنّ هذه المعذّرية بالنسبة إلى فتوى الأعلم أم مخيّر بين الأعلم وغيره؟

قلت: نفس الكلام يأتي هنا ونقول: إنّ الشارع والعقلاء جعلوا لنفس الفتوى معذّرية ولكن لا ندري هل أنّ هذا القيد بالنسبة إلى لأعلم أم لا؟ فنجري أصالة عدم الاشتراط.

بعد تدقيقنا وتحقيقنا في هذا الفرق المذكور لم نجد له مخرجاً علمياً; واستدلالياً، بل يمكن اجراء أصالة الاشتغال، إذن فلا مجال لهذا الفرق المذكور على لسانه وهذا الكلام غير تام.

فعليه إذا كنّامن القائلين بالتعيين تكون فتوى الأعلم معتبرة، وإلاّ عند الدوران بين التعيين والتخيير تكون النتيجة التخيير بين الأخذ بفتوى الأعلم أو غيره.

أصالة الاستصحاب:

إذا عمل شخص بفتوى المفضول ثم ظهرت الأعلمية في شخص آخر أو أصبح شخص أخر أعلم، وإذا قلنا أنّ الأعلمية معتبرة يجب علينا الرجوع إليه، هنا نشك، هل بعد ظهور الأعلمية في شخص آخر تسقط فتوى غير الأعلم من الاعتبار أم لا؟ نستصحب عدم السقوط، وذلك بدليل، أنّ فتوى غير الأعلم قبل ظهور الأعلم كانت حجة علينا، والآن يقتضي الاستصحاب الرجوع إليه لبقاء الحجية.

ولكن لو ثبت الرجوع إلى غير الأعلم بالاستصحاب، صحيحاً في بعض الموارد، نرفقه بعدم القول بالفصل، فتكون النتيجة أنّ الإنسان مخيّر بين الأخذ بفتوى الأعلم أو غير الأعلم مطلقاً.

صفحه 341

إشكال:

ترد على هذا الاستصحاب إشكالات:

الإشكال الأول: لقد أورد السيد الخوئي على هذا الاستصحاب اشكالاً مبنائياً، وهو أنّ الاستصحاب لا يجري في باب الأحكام الكلية.

الجواب: هذا الإشكال لا يستحق الرد لأنّه مبنائي، وكثير من الفقهاء لا يقبلون بهذا المبنى، بل قالوا: إنّ جريان الاستصحاب، في الشبهات الحكمية وفي الأحكام الكلية.

الإشكال الثاني: وهو إشكال من السيد الخوئي (قدس سره) أيضاً في كتابه التنقيح(1)، قال: إنّ الاستصحاب بحاجة إلى يقين سابق وشك لاحق، وهنا لا نملك الحالة السابقة، فإذا كنّا قائلين بتساوي المجتهدين من أول الأمر من عمل بالتخيير، بناءً على الحجية التخييرية، ثم عمل بفتوى أحدهما وأصبح الثاني أعلم فعليه التخيير. ولكن يقول: نحن قلنا: إنّه ليس هنا شيء باسم الحجية التخييرية، ـ عندما بحثنا ذلك في تعارض الفتويين عدم جريان التخيير بل الرجوع إلى أحوط القولين، يعني عند تساوي أو تخالف الفتويين فلا تخيير هناك، بل يتعارضان ويتساقطان، فعلينا أن نعمل بأحوط القولين.

نظرية الاستاذ:

ما ذهب إليه السيد الخوئي (قدس سره) في الإشكال الثاني، غير تام، أولاً: نحن ذكرنا في أبحاثنا السابقة أنّه يمكن التمسك بالحجية التخييرية وحل المسألة من هذا الطريق.

وثانياً: هنا لا ترتبط هذه المسألة بالحجية التخييرية، بل نسوق الفرض إلى

1 ـ التنقيح، ص 122.

صفحه 342

زمن لم يكن عندنا فيه سوى مجتهد واحد، والناس يعملون بفتواه، وبعد مرور عشرة أو عشرين عاماً ظهر مجتهد أعلم آخر ـ وإلاّ لا نسوق الكلام إلى وجود أعلمين متساويين كي تقول هنا لا تأتي الحجية التخييرية ـ فنحن في هذه الحالة نشك هل أنّ المجتهد السابق تبقى حجيته أم لا؟ فهنا تغيّر موضوع جريان الاستصحاب.

الإشكال الثالث: قلت: يجب بقاء الموضوع في الاستصحاب، وبذلك تريدون بالاستصحاب سراية الحكم من موضوع إلى موضوع آخر، وذلك: عندما عملتم بفتوى المفضول لم يكن هناك أعلم، إذن فلا موضوع لدينا، إنّما يكون الموضوع في محل وجود الأعلم والناس يعملون بفتواه، وبعد مرور عشرين سنة وظهور أعلم آخر تغيّر الموضوع، عندئذ لا نستطيع أنّ نقول: كانت فتوى هذا المفضول علينا حجية، إنّما كانت فتوى المفضول حجية علينا عندما كان وحده دون وجود الأعلم، فهل تريدون القول إنّه كان في الزمن السابق مجتهدان أحدهما عالم والآخر أعلم ثم تتمسكون بالاستصحاب في حجية قول العالم، والحال ما نحن فيه كان هناك مجتهد ثم أصبح الآخر أعلم فتغير الموضوع، وعند تغير الموضوع فلا جريان للاستصحاب.

نظرية الاستاذ:

هذا الإشكال ـ أعني الثالث ـ إشكال جيد ووارد، إذا أردتم استصحاب مع تغيّر الموضوع فيكون مثل أنّ مجتهداً كان عدلاً أو مات أو صار خنثى، ثم شككنا هل يجوز تقليده أم لا؟ لا يجوز تقليده لأنّ موضوعه تغيّر، لماذا؟ يعني لأن موضوعه قد تغير عرفاً، لأنّه في هذا الموضوع يكون الحاكم هو العرف، فلابدّ للعرف أن يقرر بقاء الموضوع أو عدم بقائه، ويقول العرف هنا: عندما كنت أعمل بقول ذلك المجتهد لم يكن أحد غيره، والآن قد ظهر مجتهد أعلم، والعرف يقول قد

صفحه 343

تغير الموضوع، وكان الاستصحاب في زمن العالم دون وجود الأعلم، فمع ظهور الأعلم تغير الموضوع. فيكون الإشكال الثالث إشكالاً تاماً ووارداً.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .