درس بعد

الدرس الثامن والأربعون

درس قبل

الدرس الثامن والأربعون

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٢


شماره جلسه : ۴۸

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • «المقدمة الرابعة»: يجب في مقام الاستدلال بالآية أن يكون الحذر واجباً، ويكون المراد من الحذر هوالخوف العملي لا مجرّد الخوف النفساني.

الجلسات الاخرى

الدرس الثامن والأربعون

«المقدمة الرابعة»: يجب في مقام الاستدلال بالآية أن يكون الحذر واجباً، ويكون المراد من الحذر هوالخوف العملي لا مجرّد الخوف النفساني.

كلام المحقق النائيني (رحمه الله):

أمّا بالنسبة إلى وجوب الحذر فالمحقق النائيني(1) يرى أنّ كلمة «لعل» عندما ترد في الكلام فإنّ ما بعدها يكون غاية لما قبلها، فعندما تقول الآية: (لِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون) ، فهنا وقع الحذر غاية

1 ـ فوائد الاصول، ج3، ص180.

صفحه 143

للانذار، ولا فرق في هذه الغاية بين مقام التكوين والتشريع، وكذلك لا فرق في أن يكون ما بعدها من الأفعال الاختيارية أو غير الاختيارية، وهنا إذا كان ما قبل لعل من الأفعال الاستحبابية وقع ما بعدها مستحباً أيضاً لأنّه غاية له، وإن كان واجباً فهو واجب، وبما أنّ الإنذار في مورد الآية وقع واجباً فالحذر واجب أيضاً.

التحقيق:

يمكن أن يقال إنّ ملاحظة موارد استعمال لعل في القرآن الكريم لا تؤيد هذه الفرضية المذكورة، فليس دائماً يكون ما بعدها غاية لما قبلها كقوله تعالى: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (1).

وعليه فقد يكون ما بعدها «فائدة» لما قبلها وليس غاية، وبين الفائدة والغاية فرق بيّن، ولهذا قد يكون الإنذار واجباً ولكن الحذر غير واجب، والحال أنّه لو كان غاية فمعناه أنّ الحذر لو لم يتحقق على الناس فالإنذار لا يكون واجباً لانتفاء الغاية منه، ومن المعلوم أنّ الإنذار واجب على النافرين في حال رجوعهم لو علموا يقيناً بأنّه لا يورث الحذر لدى الناس، وعلى هذا الأساس لو لم نتمكن من إثبات وجوب الحذر فلا يمكن القول بحجية الفتوى وجواز التقليد، لأنّ الاستدلال بهذه الآية قائم على كون الحذر واجباً.

المسألة الأخرى هنا هي أنّ الحذر لا يقتصر على الخوف بل هو الحذر العملي، ومثّل له السيد الخوئي (قدس سره) بأنّ من يحتمل مواجهة العدو إذا أراد الخروج من البيت فإنّه يحمل معه سلاحاً، فهنا يصدق عليه أنّه يحذر، فالمراد من «لعلهم يحذرون» هو الحذر العملي، وبالتالي تكون فتوى المنذرين حجة ويكون الحذر الناشيء من تقليدهم مشروعاً.

1 ـ سورة الكهف، الآية 69.

صفحه 144

المعنى اللغوي للحذر:

وعندما نراجع كتب اللغة لتحصيل المعنى اللغوي لكلمه الحذر نجد أنّ «مصباح اللغة» يقول: حذر الشيء إذا خافه، وهكذا غيره من كتب اللغة، ولكن بعض المحققين في ألفاظ القرآن الكريم قالوا بالفرق بين الخوف والحذر، فالحذر لا يطلق على الخوف مطلقاً، بل على العمل الناشيء من الخوف، ولكن هذا الكلام ليس له شاهد من كتب اللغة فلا يمكن قبوله بمجرّد صدوره من بعض المفسرين، فاذا تقرر أنّ المراد من الحذر هوالخوف النفساني فقط فإنّ الاستدلال بالآية على المطلوب سينهار فلا يمكن أن نفهم مشروعية التقليد وحجية الفتوى منها.

نظر الاستاذ:

ونلاحظ على هذا القول أنّه مترتب على تعريف التقليد بالعمل، ولهذا لا طريق إلى استفادة جواز التقليد من الآية الشريفة إلاّ بالقول بأنّ الحذر هنا هو الحذر العملي، ولكن لو قلنا بأنّ التقليد عبارة عن الالتزام النفساني كما قررناه في محلّه تبعاً للآخوند وصاحب الفصول، فإنّ هذا الاستدلال ينتفي من الأساس، وحينئذ يصحّ الاستدلال بالآية على مشروعية التقليد حتى على فرض أن يكون المراد من الحذر هوالخوف النفساني فقط حيث ينسجم مع تعريف التقليد المختار وينسجم أيضاً مع المعنى اللغوي لكلمة الحذر.

تكلمة: وهنا قد يقال بأنّ الحذر إذا كان بالمعنى النفساني فسوف لا يكون متعلقاً للتكليف لأنّ الأمور النفسانية والقلبية غير اختيارية، ولكن يمكن الجواب على هذا الإشكال بأنّه:

«أولاً»: أنّ الأمور القلبية ليست كلها غير اختيارية.

«ثانياً»: سلّمنا ولكن هذا لا يعني أنّها لا تقع متعلقاً للتكليف لأنّ مقدماتها اختيارية.

صفحه 145

والملاحظة الأخرى في هذا المقام أنّ السيد الإمام ذكر في بحثه الاصولي أنّ الحذر المترتب على الإنذار هو من النوع التكويني لا التشريعي، أي أنّ النافرين والمنذرين إذا أدّوا ما عليهم من الإنذار فإنّ الحذر سيقع تكويناً وسيخاف بعض الناس، ولكن تقدم أنّ الحذر سواء وقع تكويناً أم لم يقع، فلا يختلف الحال في المقام، وسيكون بعنوان الفائدة وليس الغرض.

أمّا «المقدمة الخامسة»: فهي أنّه يستفاد مشروعية التقليد من الآية من مطلق الحذر سواء استوجب العلم أم لا، ولهذا يقال في باب التقليد أنّ التعبد بقول الفقيه لازم سواء حصل لدى المكلّف العلم بصحة الفتوى أم لا، وهنا يقول الآخوند (قدس سره) : إنّنا لا نستوحي من الآية الشريفة اطلاق الحذر، وهناك صيغتان لتقرير هذا المعنى:

«الصياغة الأولى»: إنّ الآية ليست في مقام بيان وجوب الحذر بل في مقام بيان وجوب النفر، ولهذا فلا معنى لاطلاق الحذر وعدم اطلاقه لأنّ الآية غير ناظرة أساساً إلى وجوب الحذر.

«الصياغة الثانية»: ما يسمى بمناسبة الحكم للموضوع، بمعنى أنّ الناس إذا أحرزوا صدق كلام المنذر أو الفقيه ومطابقة كلامه لواقع الأمر وقع الحذر منهم، وأمّا لو احتملوا خطأه في الخبر أو الفتوى فلا معنى للحذر، ولهذا يقول الآخوند أنّ الآية مختصة في مورد حصول العلم وبالتالي فإنّ الآية الشريفة غير مطلقة بالنسبة إلى وجوب الحذر.

النتيجة:

فقد تحصل بعد البحث والمناقشة في هذه المقدمات وخاصة المقدمتين الأخيرتين، أنّه لا يمكن استفادة الحذر العملي من الآية الشريفة لا اطلاق الحذر، ولهذا لا يمكن استفادة حجية فتوى المجتهد وحجية التقليد ومشروعيته من هذه الآية الشريفة.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .