درس بعد

الدرس المائة:بحث الأعلمية

درس قبل

الدرس المائة:بحث الأعلمية

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٨


شماره جلسه : ۱۰۰

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • أدلة القائلين بجواز تقليد غير الأعلم مع وجود الأعلم

الجلسات الاخرى

الدرس المائة

أدلة القائلين بجواز تقليد غير الأعلم مع وجود الأعلم

الدليل الأول: الروايات

هناك عدّة رواية استدلت بها هذه الطائفة على جواز تقليد غير الأعلم مع وجود الأعلم، ولا فرق بينهما، منها: نقل المرحوم الكشي في مقدمة كتابه الشريف ـ حيث ذكرناه في بحث أدلة مشروعية التقليد ـ قال: «فصمدوا في دينكما على كل مسن في حبّنا وكل كثير القدم في أمرنا، فإنّهما كفوا كما إن شاء الله».

ورد في هذا الحديث عنوانان: 1 ـ مسن في حبّنا، 2 ـ كثير القدم في أمرنا، ويراد به الشدّة في حبّهم لا المعنى اللغوي، المسن في العمر، نعم، إنّ الفقيه الذي يصرف جلَّ عمره وطراوة شباب حياته في سبيل تحصيل علوم أهل البيت (عليهم السلام) أشدّ حبّاً للأئمة (عليهم السلام) من سائر الناس(2)، مضافاً إلى مراقبته لنفسه ودقته في أمر

1 ـ بحار الانوار، ج 50، ص 100 .
2 ـ يمكن تعميم هذا العنوان على جميع الفقهاء، والعكس موجود، نعم، يمكن أن يقال غالباً كذلك.

صفحه 368

الفتوى، فعليه أنّ انقضاء العمر في الفقاهة والعلم والاصرار على طلب العلم دليل على شدّة حبّه لأئمته وأوليائه، إذن يكون مصداق الجملة: «كل مسن في حبنا وكل كثير القدم في أمرنا» هو الفقيه بلا شك، لأنّه جاء بكلمة «كل» مرّتين في الجملة، والكل يدل على الاستغراق، بمعنى، كل فقيه مصمداً في دينكما، فهذه الرواية سنداً لا بأس فيها، لأن الكشي جا بها في مقدمة كتابه الذي جاء في باب تمييز الضعيف من القوي والصحيح من السقيم، والمجمل من غيره وأمثال ذلك، والنتيجة، أنّ الكشي يحكم على وثاقة الرواة وبذلك يحصل الاطمئنان لدينا على وثاقة الصدور، فعليه، يمكن العمل بقول الفقيه الأعلم وغير الأعلم.

لكن عمدة البحث في دلالة هذه الرواية، إذا قال القائل: إنّ المراد من «مسن في حبنا وكثير القدم في أمرنا» نفس الراوي لا المفتى، يعني الذي ينقل الرواية عنّا، ولم يكن مصطلح المفتي في زمن الأئمة (عليهم السلام) يطلق على ما نحن نطلقه اليوم على الذي يستنبط الأحكام، بل كان يطلق على الراوي الذي يروي الأحاديث، فإذا جاءه أحد يسأله عن مسألة ينقل له الحديث الذي سمعه من المعصوم(عليه السلام)بصورة كاملة دون زيادة كلمة واحدة، فالإشكال المطروح هو أنّ المراد من المفتي في الحديث: «مسن في حبّنا وكثير القدم في أمرنا» هو الراوي، ولكن أيُّ راو يجب البحث عنه؟ هل الراوي الذي ينطبق عليه هذان العنوانان أم غيرهما؟ الظاهر أنّ هذا الإشكال تام، لاننا لا نتمكن من الاستفادة من هذه الرواية بصورة قاطعة أنّ ا لمراد من «مسن في حبّنا وكثير القدم في أمرنا» هو الفقيه، هذا أولاً.

وثانباً: لو سلّمنا أن لهذه الرواية ظهور في الفقيه، لأنّ عنوان الراوي في تلك الأزمنة كان يطلق على الفقيه، أمثال زرارة ومحمد بن مسلم و بريد بن معاوية وغيرهم، فكانوا جميعاً رواة وفقهاء، بل لم يفكك بين هذين العنوانين في عصر الأئمة الاطهار (عليهم السلام) وإن كانت دائرة الفقاهة في تلك الأيام محدودة قياساً بدائرة الفقاهة في أيامنا، ولكن من أين لنا أن نقول لا فرق بين الفقيه اليوم وبين الفقيه في تلك الأيام، والحال، نحن نبحث في مسألة الأعلمية بين نفرين، أحدهما أعلم

صفحه 369

والآخر غير أعلم وأحدهما أفقه والآخر غير أفقه مع اختلاف فتواهما.

هذه المسألة تحتاج إلى تأمل أكثر، لأنّ الإمام(عليه السلام) لا يأتي ويقول بشكل استغراقي، يجب الاعتماد على الجميع، فهل أنّ أدلة الحجية تشملهما أم لا؟ حيث كان السيد الخوئي يقول: لا يمكن. ونحن قلنا: يمكن. والآن نحن في صدد بيان إذا اجتمع عشرة من الفقهاء في زمان واحد واختلفوا في الفتوى، هل يمكن أن يقول الإمام (عليه السلام): «فصمدوا على كل منهم». بشكل اشتغراقي، واذا فرضنا أنّه قال: فكيف يكون الحال مع اختلافهم في النظر والفتوى؟ هل يمكن الاعتماد عليهم ونقول إنّ المراد من كلام الإمام الاعتماد على زرارة ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وغيرهم؟ ثم نستفيد من هذه العبارة الاستغراق حتى في مورد الفقيه والأفقه مع اختلافهما في الفتوى، فنحن نستطيع استفادة الاستغراق من هذه الرواية في هذا المورد.

وهناك رواية اُخرى وردت في الوسائل عن الكشي، قال: روى الكشي(1)بسنده عن جميل بن درّاج قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: «بشّر المخبتين بالجنّة: بريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير ابن البختري المرادي، ومحمد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء اُمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست»(2).

وفي حديث آخر عن سليما نن خالد قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: «ما أجد أحداً أحيى ذكرنا وأحاديث أبي إلاّ زرارة، وأبوبصير ليث المرادي، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية العجلي، لولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا، هؤلاء حفّاظ الدين واُمناء أبي (عليه السلام)على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا، والسابقون إلينا في الآخرة»(3).

1 ـ رجال الكشي، ص113 و 90.
2 ـ وسائل الشيعة، ج 18، الباب 11، من أبواب صفات القاضي، ح 14.
3 ـ المصدر السابق، ج 21.

صفحه 370

هنا لدينا روايتان، وردت في الاُولى: جملة: «بشّر المخبتين»، يعني أنّ هؤلاء الأربعة مخبتون، والمخبتون في اللغة بمعنى المتواضعون، كا ورد في القرآن أيضاً في الآية: (فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) (1)، هنا في القرآن يراد من الاخبات معنى التواضع أيضاً، وتظهر آثاره في (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (2)، يعني أنّهم استسلموا لله تسليماً محضاً، وينطبق على هؤلاء الذين ذكرهم الإمام (عليه السلام) في الحديث انطباقاً تاماً لأنّهم كانوا مقيدين بالأحكام والشريعة تقييداً كاملاً لا ينحرفون عنها قيد أنملة، وبذلك كانوا مصداقاً للمخبتين، وعلى هذا بشّرهم الإمام بالجنّة، وكذلك وصفهم الإمام بنجباء واُمناء الله على حلاله وحرامه، ثم قال: ولولا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست.

عند دراسة الحديث والاستدلال به بشكل دقيق ومتفحص يظهر لنا أنّ بين زرارة وبين أبي بصير بون شاسع في العلم والفقاهة والأفضلية، وكذلك بين زرارة وبريد، فمع ذلك جعل الإمام الجميع اُمناء على الحلال والحرام، وإن دلّ هذا على شيء فإنّما يدلّ على عدم وجود فرق بين الأعلم وغيره، فيجوز تقليد غير الأعلم مع وجود الأعلم.

هل أنّ هذا المدعى وهذا الاستدلال لحصول المطلوب، كاف؟ وهل أنّ الإمام في مقام بيان الأرجحية بين هؤلاء العظماء؟ والآثار المترتبة على وجود هؤلاء الأربعة تدل على الأخذ بقول الأعلم عند الاختلاف بينهم أو تدل على عدم اندراس آثار النبوة؟ نفهم من مجموع كلام الإمام(عليه السلام) أنّ الإمام لم يكن في مقام بيان هذه المسألة أصلاً، ولا يمكن الاستدلال بهذه الرواية على المطلوب أبداً.

1 ـ سورة الحج، الآية 34.
2 ـ سورة الانفال، الآية 2 و 3.

صفحه 371

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .