درس بعد

الدرس المائة وأحد وعشر:بحث الأعلمية،المسألة الحادية عشر

درس قبل

الدرس المائة وأحد وعشر:بحث الأعلمية،المسألة الحادية عشر

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٧/٤


شماره جلسه : ۱۱۱

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • المسألة (11): قال (قدس سره) : «إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة من المسائل يجوز الرجوع في تلك المسألة إلى غيره مع رعاية الأعلم فالأعلم على الأحوط».

الجلسات الاخرى

الدرس المائة وأحد وعشر

المسألة (11): قال (قدس سره) : «إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة من المسائل يجوز الرجوع في تلك المسألة إلى غيره مع رعاية الأعلم فالأعلم على الأحوط».

وأشار السيد (قدس سره) في كتابه (العروة) في المسألة (14) بهذه الصورة: «إذا لم يكن للأعلم فتوى، في مسألة من المسائل يجوز في تلك المسألة الأخذ من غير الأعلم وإن أمكن الاحتياط».

هنا لا نحتاج إلى الاحتياط، مثله مثل مسألة الدعاء عند رؤية الهلال ومع عدم وجود فتوى للأعلم نرجع فيها إلى غير الأعلم: وإذا قال غير الأعلم إنّ الدعاء مستحب عند رؤية الهلال، إذن هو مستحب، أو مثلاً، في إمامة المرأة للجماعة، مع عدم وجود الفتوى للأعلم نرجع إلى غير الأعلم حيث يقول: يجوز. يعني مع إمكان الاحتياط، له الرجوع إلى غير الأعلم.

ذكر الإمام الراحل (قدس سره) هذه المسألة في تحرير الوسيلة تحت عنوان المسألة 34، كما ذكرها السيد (قدس سره) تحت عنوان المسألة 14، وكذلك ذكرها السيد في كتابه (العروة) في مسألة التقليد والاجتهاد تحت عنوان المسألة 63، وقال: «في احتياطات الأعلم إذا لم يكن له فتوى يتخير المقلِّد بين العمل بها وبين الرجوع

صفحه 416

إلى غيره، الأعلم فالأعلم»، ولم يذكر السيد (قدس سره) هذا القيد في المسأله 14، بل قال: إذا احتاط الأعلم في مسألة فللمقلِّد أن يرجع في تلك المسألة إلى غير الأعلم، دون أن يذكر الأعلم فالأعلم. فالسيد كالإمام الراحل يعتبر الرجوع إلى الأعلم احتياطاً الوجوبياً، وهنا أيضاً الرجوع للأعلم فالأعلم على الأحوط وجوباً، إلى هنا اتضح الكلام في هذه المسألة.

وهناك بحث، لو لم يكن للأعلم فتوى في مسألة ما فما هو الدليل الذي يمكن إقامته للرجوع إلى غير الأعلم؟ ولماذا لا يطرح الاحتياط الوجوبي في هذا المورد؟

وبعبارة اُخرى، لقائل أن يقول: ألم تجعلوا أصل الرجوع إلى الأعلم في باب الاحتياط من باب الدوران بين التعيين والتخيير؟ وهذا ما اختاره الإمام الراحل (قدس سره) وجماعة من الفقهاء عملاً بالدوران بين التعيين والتخيير، فهنا كذلك عندما لا يكون للأعلم فتوى في مورد، فيجب العمل بالدوران بين التعيين والتخيير، يعني إمّا أن نعمل بالاحتياط أو نرجع إلى غير الأعلم، والحال أنّ العمل بالاحتياط يوجب براءة الذمة يقيناً دون العمل بفتوى غير الأعلم.

فالسؤال هو: لماذا عند فقدان الأعلم لفتوى، لا نعمل بالاحتياط الوجوبي.

الجواب: هو ما ذكرناه في أول بحث التقليد والاجتهاد، وقلنا: ليس هناك دليل على تعيين الاحتياط في الدوران بين الاجتهاد والاحتياط والتقليد، بل قلنا: إنّ العقل يخيّر المكلّف بين الاحتياط والتقليد والاجتهاد، ولا يقدّم أحد هذه الاُمور الثلاثة على الآخر.

قال السيد الحكيم (قدس سره) في المستمسك: لما قال السيد بالاحتياط عند عدم وجود فتوى للأعلم، لم يِشر إلى ما يلزمه للقول بالاحتياط، أو الرجوع إلى غير الأعلم، بل قالوا: إنّ مشروعية الاحتياط لا تتبلور مع وجود الامتثال التفصيلي بل تتبلور مع الإمثتال الإجمالي، لأنّنا عندما نصلي صلاة الجمعة أو صلاة الظهر لا

صفحه 417

ندري بأيّهما يتحقق الامتثال، نقول إجمالاً: يتحقق أحد هذين الأمرين، وإذا كان الأمر دائراً بين الامتثال التفصيلي والامتثال الإجمالي، قيل التيعيّن الامتثال التفصيلي، فالرجوع إلى غير الأعلم طبقاً للفتوى هو عمل بالامتثال التفصيلي، وهذا أيضاً دليل مبنائي.

فعليه لا يخطر ببالكم إذا لم يكن للأعلم فتوى يجب العمل بالاحتياط الوجوبي، عملاً بالدوران بين التعيين والتخيير، هذا أولاً.

وثانياً: قلنا إنّ العمل بالامثتال التفصيلي عمل مبنائي، لأنّه يتعيّن العمل به، وإلاّ إذا قلنا إنّ العمل بالامثتال الإجمالي كاف فيجوز الرجوع إلى غير الأعلم، هذا هو الأمر الأول.

والأمر الثاني: لماذا لا يجوز الرجوع إلى غير الأعلم؟ وما هو دليله؟ الدليل على ذلك هو أنّ تقليد الأعلم يتحقق موضوعه عندما تكون للأعلم فتوى، وأن يكون فتواه مخالفة لفتوى غير الأعلم، ومع عدم وجود الفتوى للأعلم يكون وجوده كعدمه، فيجب علينا أن نأخذ بفتوى غير الأعلم.

الأمر الثالث: هل يجوز في جميع احتياطات الأعلم، الرجوع إلى غير الأعلم؟ حيث لا يستفاد من اطلاق كلام السيد الإمام الراحل (رحمهما الله) هذا المعنى، ولم ينسب هذا المعنى إلى المشهور من الفقهاء أيضاً، بل ذهب المشهور إلى الرجوع إلى غير الأعلم في الاحتياطات مطلقاً، وفي مقابل هذه النظريات هناك نظرية اُخرى تقول: يجب علينا البحث عن علّة الاحتياطات التي أفتى بها الأعلم، وما هو منشأُها ومصادرها؟ هل أنّ منشأ الاحتياط، عدم حصول المجال للاستنباط؟ كما نلاحظ بعض الفقهاء عند السؤال عن وجوب صلاة الجمعة، يقول: لم اتمكن من استنباط هذه المسألة، أو أنّه بدأ بالاستنباط ولكن لم يحصل على النتيجة، أو أنّه وصل إلى النتيجة ولكن يعتبر أطراف أدلة المسألة مخدوشة؟ فهل العلّة في هذه الصورة الثلاث هي الاحتياط الوجوبي، أو أنّ هناك فرقاً بين هذه الصور الثلاث؟

صفحه 418

قال بعض الأكابر مثل المرحوم المحقق الخوانساري (قدس سره) حيث كان من أعاظم المراجع: لا نتمكن أن نقول في جميع هذه الصور: الرجوع إلى غير الأعلم جائز. وارتأى المرحوم السيد الخوئي (قدس سره) هذه النظرية في كتابه التنقيح، وقال: إذا لم يسع المجال للأعلم الاستنباط في مسألة ما أو لم يكمل الاستنباط، يجوز هنا الرجوع إلى غير الأعلم، ولكن إذا أكمل الاستنباط في مسألة ولكن لم يحرز وجوب صلاة الجمعة أو صلاة الظهر، ولذا احتاط في هذه المسألة، بمثل هذا الاحتياط لا يمكن الرجوع إلى غير الأعلم.

أين تكمن المشكلة؟ المشكلة تكمن في سؤال نطرحه هنا: إذا كان للأعلم مثلاً 100 احيتاط في رسالته العملية، فأكثر هذه الاحتياطات من القسم الأول أو الثاني، بل أكثر احتياطاته من القسم الثالث، حيث درس أطراف المسألة بدقة كاملة، ولكن لا يعتبر هذه الأدلة كافية ولا تلك، ولذا يحتاط، وعليه فإنّ 95 % من احتياطاته هي من هذا القبيل، وفي هذه الصورة لا يمكن الرجوع إلى غير الأعلم، ولذا يقول المرحوم المحقق الخوانساري (قدس سره) في (حاشية العروة): «إذا كان عدم إفتاء الأعلم من جهة عدم المراجعة إلى مدرك المسألة ـ يجوز الرجوع إلى غير الأعلم بسبب عدم مراجعته للمصادر ـ وأمّا إذا كان عدم الافتاء من جهة الخدشة والإشكال في المدارك وعدم تمامية المدرك عنده في المسألة، فلا وجه للرجوع إلى غير الأعلم، لأنّ مدرك الفتوى في المسألة مخدوش في نظر الأعلم ـ أي أنّ مدرك فتوى غير الأعلم مخدوش في نظر الأعلم ـ ولذا قالوا: يتعيّن الاحتياط.

قال المرحوم السيد الخوئي (قدس سره) في كتاب (التنقيح): وجوب تقليد الأعلم يتحقق إذا كان للأعلم رأي أو فتوى في البين سواءً حكماً واقعياً أو ظاهرياً، حيث نلاحظ أنّ الأعلم في الغالب يحكم بالحكم الواقعي ويقول إنّ صلاة الجمعة واجب تخييري مثلاً، وأحياناً يفتي بالحكم الظاهري مثلاً عندما يقول بوجوب الاحتياط، فهنا أيضاً للأعلم رأي وفتوى ومعه لا يمكن الرجوع إلى غير الأعلم، نعم إن لم يفتِ بوجوب الاحتياط مثلاً في الشبهات قبل الفحص، فهذا الاحتياط

صفحه 419

مستند على عدم العلم بالحكم الواقعي فيمكن الرجوع إلى غير الأعلم.

خلاصة البحث:

قال المشهور في احتياطات الأعلم: يمكن للمكلَّف الرجوع إلى غير الأعلم مطلقاً، هذه هي النظرية التي ارتئاها الإمام الراحل والسيد (رحمهما الله) في (العروة) في الاحتياطات، ولكن في مقابل المشهور ذهب المرحوم المحقق الخوانساري (قدس سره) والسيد المرحوم المحقق الخوئي في كتابه (التنقيح) إلى عدم الرجوع في مطلق الاحتياطات إلى غير الأعلم، لأنّ الأعلم تارة تحتاج إلى سعة الوقت للاستنباط، واُخرى لم يصل إلى النتيجة، والثالثة يرى أدلة الأقوال غير كافية بل مخدوشة، في الأول والثاني يرى الرجوع إلى غير الأعلم جائز وفي الثالثة عدم جواز الرجوع إلى غير الأعلم، فيكون لدينا من مجموع كلماتهم دليلان، فإذا استطعنا الاجابة عنهما يكون الحق مع المشهور، وإلاّ كان الحق مع غير المشهور من الأقوال في المسألة، وأكثر الموارد التي تقع فيها الاحتياطات من القسم الثاني، يعني أنّ الأعلم يتبع المسائل الاستنباطية ولكنّه لم يصل إلى النتيجة.

الدليل الأول:

نجد هذا الدليل في كلمات السيد الخوئي (قدس سره) هو: إذا فرضنا أنّه ليس للأعلم رأي فيجوز الرجوع إلى غير الأعلم، أمّا إذا كان له رأي في مسألة فحينئذ لا يجوز الرجوع إلى غير الأعلم، وهذا الرأي لا ينحصر بالحكم الواقعي بل يشمل الحكم الظاهري وهو وجوب الاحتياط أيضاً.

نظر الاستاذ المعظم:

هذا الدليل مخدوش وذلك لأنّ مشروعية باب التقليد وملاكه هو رجوع الجاهل إلى العالم، وهذا بالنسبة إلى الحكم الواقعي حيث يكون للأعلم رأي

صفحه 420

وفتوى ومصداقية العالم، وأمّا إذا لم يكن للأعلم فتوى ولا يعرف الحكم الواقعي، فيفتي بالحكم الظاهري، وحينئذ لا يصدق عليه عنوان العالم، لأننا لا نتمكن أن نطلق عليه الأعلم والعالم لأنّه لم يتمكن من الحصول على الدليل، فاختار الحكم الظاهري يعني وجوده كعدمه، عندئذ لا يمكن التمسك بأصل التقليد ومشروعيته هو رجوع الجاهل إلى العالم ويكون هذا الاحتياط في الواقع مستند إلى نفس الاحتياط، لأنّ الاحتياط لا يتستند إلى الشخص بل يستند إلى الاحتياط أيضاً.

وبعبارة اُخرى: إذا أفتى الأعلم بالحكم الظاهر بعنوان الاحتياط الوجوبي فلا يكون من مصاديق العالم، بل يكون له عنوان الجاهل، فيكون وجوده كعدمه تماماً، فعلينا أن نرجع إلى غير الأعلم، فعليه أنّ هذا الدليل الذي ذهب إليه السيد الخوئي وهو مطلق الرجوع إلى الأعلم في الحكم الواقعي والظاهري مخدوش.

الدليل الثاني:

ورد هذا الدليل في كلمات المرحوم المحقق الخوانساري والمرحوم السيد الخوئي، حيث قالا: إذا لم يكن للأعلم فتوى لا يجوز الرجوع إلى غير الأعلم، لأنّ الأعلم رأى مستند فتوى غير الأعلم وخطّأه، يعني أنّ ما استند إليه غير الأعلم في فتواه كان مورد لحاظ الأعلم ولم يقبل به بل رفضه، فعليه يجب تقليد الأعلم في صورتين: أولاً: ما أفتى به، وثانياً: ما رفضه من مستند غير الأعلم في فتواه، ففي هذه الصورة يكون قول الأعلم حجّة علينا، وبعبارة اُخرى، عندما يخطِّىء الأعلم مستند فتوى غير الأعلم تبطل بذلك فتوى غير الأعلم، فكيف يمكن حينئذ الرجوع في الاحتياطات الوجوبية إلى قول غير الأعلم، وعلى هذا الدليل اعتمد المرحوم الخوانساري والسيد الخوئي وعدّة من الفقهاء وقالوا: إنّ هذا الدليل كاف على عدم الرجوع إلى غير الأعلم في الاحتياطات مطلقاً.

صفحه 421

نظرية صاحب تفصيل الشريعة:

لقد أجاب الوالد المعظم في كتابه الشريف (تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة) على هذا الدليل ـ هل أنّ هذا الجواب تام أم لا؟ ـ قائلاً: صحيح أنّ الأعلم أبطل في هذه الصورة مستند غير الأعلم، ولكن ما معنى هذا الإبطال؟ معناه عدم صلاحية هذا الدليل كي يستند إليه، مثلاً يقول الأعلم يجب في يوم الجمعة صلاة الجمعة والظهر احتياطاً، ويفتي غير الأعلم بوجوب صلاة الجمعة خاصة، فهنا قد خطّأ الأعلم مستند فتوى غير الأعلم، بمعنى أنّ دليل غير الأعلم في حدّ ذاته ليس دليلاً يمكن الاستناد إليه وباطل في مضمونه، ولكن نحن لا نفهم هذا المعنى من هذا الدليل لأنّ الأعلم يقوم بهذا العمل، يعني إذا سئل الأعلم هل أنّ دليل غير الأعلم في نظركم باطل تماماً، يقول: كلا بل يحتمل صحته، ولكنّي لا استطيع أنّ أجعل هذا المستند دليلاً على الفتوى، فهذا المقدار من الأعلم بعدم إذعانه لبطلان دليل غير الأعلم كاف في الرجوع إلى غير الأعلم.

نظر الاستاذ المعظم:

الإشكال الذي يرد على ما طرح الوالد المعظم هو عندما نعلم أنّ الخطئة معناها عدم صلاحية الاستناد إلى دليل غير الأعلم، أو علمنا أنّ الأعلم قال في مورد ما إنّ هذا الدليل في حدّ ذاه باطل، يعني لو فرضنا أنّ الأعلم صرّح بأنّ ما استند إليه غير الأعلم من رواية ليس له صلاحية اجتهادية وحجية أصلاً، وذلك بسبب وجود عدّة إشكالات على تلك الرواية حيث تسقطها عن الحجية، فيكون مستند فتوى غير الأعلم في حدّ ذاته باطلاً، فهذا الجواب أخص من المدعى، فلا يستطيع أن يكون جواباً هذا أولاً.

وثانياً: لقد أورد الوالد مؤيّد على كلامه هو: إذا كان الدليل باطلاً من الأساس فلا يبقى مجال للاحتياط، نقول هل يجب دليل الاحتياط السماع، أم يكفي

صفحه 422

الاحتمال يعني إذا احتملنا وجوب صلاة الجمعة في يوم الجمعة فهذا يكفي في مقام العمل بالاحتياط، سواء كان لمنشأ الاحتياط هناك دليل أو لم يكن يكفي الاحتمال.

فعليه يظهر من مجموع كلماتهم أنّ الحق مع السيد الخوئي والمحقق الخوانساري (قدس سرهما) ، بل الحق مع غير المشهور من كلماتهم.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .