درس بعد

الدرس السابع والستون:شروط المرجعية

درس قبل

الدرس السابع والستون:شروط المرجعية

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٧


شماره جلسه : ۶۷

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • التحقيق لفهم مدلول الآية الشريفة -34 من سورة النساء- (الرجال قوامون على النساء....)

الجلسات الاخرى

الدرس السابع والستون

التحقيق أكثر في مدلول الآية:

نرى أنّه من الضروري لفهم مدلول الآية الشريفة 34 من سورة النساء أن نرجع قليلاً إلى الآيات السابقة لها لتوضيح المراد منها، وهي الآية 32 من هذه السورة حيث يقول تعالى:

(وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْض لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيماً) .

شأن النزول:

لقد ذكرت ثلاث حوادث لشأن نزول هذه الآية الشريفة:

«الأول» أنّه جاءت امرأة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: فما بالنا يذكر الله الرجال ولا يذكرنا؟ نخشى أن لا يكون فينا خير ولا لله فينا حاجة.

«الثاني» أنّ «اُم سلمة» جاءت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: «يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنّما لنا نصف الميراث فليتنا رجال فنغزو ونبلغ ما يبلغ الرجال».

«الثالث» عندما نزلت آية الإرث: (للذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الاُنثَيين) قال الرجال: نرجوا أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة فيكون أجرنا على الضعف من أجر النساء، وقال النساء: إنّا نرجو أن يكون الوزر علينا نصف ما على الرجال في الآخرة كما لنا الميراث على النصف من نصيبهم في الدنيا، فنزلت الآية: (وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْض...) .

وقد ورد في تفسير المراد من التمني معنيان:

«أحدهما» هو التمني المحرّم يعني: ولا يقول أحدكم ليت ما أعطي فلان من المال والنعمة والمرأة الحسنى كان لي فانّ ذلك يكون حسداً يقول: «اللهم أعطني من فضلك».

صفحه 202

«الثاني» أن يتمنى الرجل أن يكون امرأة، وتتمنى المرأة أن تكون رجلاً، وهذا أيضاً محرم طبقاً للآية الشريفة.

ومن هنا نقول: إنّ هذه الآية الشريفة «32» من سورة النساء تلقي بعض الضوء على الآية محل البحث «34» في قوله تعالى: (الرِّجالُ قَوَّامُونَ على النِّساءِ) ، وقد تقدّم أنّ «القوام» لا يستفاد منه السلطنة والرئاسة وذلك بالنظر إلى متعلقه، ولكن بعض الأعاظم كالعلاّمة الطباطبائي يرى أنّ المستفاد من الآية هو الاطلاق فلا يختص بدائرة الزوجية، بل مطلق الرجال ومطلق النساء وذلك من خلال التعليل الوارد في الآية الشريفة: (بِمَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْض...) ، وهذا يعني أنّ القوامة لا تنحصر بالزوج، بل تشمل مطلق الرجال في مناحي الحياة الاجتماعية وهو معنى السلطنة والرئاسة، أي إنّ الله تعالى قد فضل ذات الرجال على ذات المرأة، وهذا يعني أنّ هذه العلة المذكورة يراد منها الاستقلال في العلية، فهنا علتان للتفضيل: أحدهما ذاتية والاُخرى إكتسابية وهي «بما أنفقوا...».

نظر المفسرين:

ونستعرض هنا بعض كلمات المفسّرين في بيان المراد من الآية الشريفة ثم نرى ما هو الأقرب للصواب، ففي «مجمع البيان» قال: «الرجال قوّامون على النساء» أي قيّمون على النساء، وقيّمون مسلّطون عليهم في التدبير والتأديب، ثم قال بالنسبة إلى عبارة «بما فضل الله»: وزيادة في الفضل عليهن بالعلم والعقل وحسن الرأي والعزم.

ويقول الملا محسن الفيض في تفسير الصافي: «بما فضل الله» يعني بسبب تفضيله الرجال على النساء بكمال العقل ومزيد القوّة في الأعمال والطاعات.

صفحه 203

وفي «التبيان»(1) للشيخ الطوسي قال: «قوّامون» يعني بالتأديب وفضل الرجال في العقل والرأي.

أمّا العلاّمة في «الميزان»(2) فيقول: «بما فضل الله» هو زيادة قوّة التعقل فيهم وما يتفرع عليه من شدّة البأس والقوّة والطاقة على الشدائد من الأعمال.

وهناك تفاسير اُخرى تفسر التفضيل بالنبوّة والإمامة وأمثال ذلك.

نظر الاستاذ: إنّ أول ملاحظة في هذه التفاسير أن بعضها مقتبس من البعض الآخر، فمجمع البيان قد أخذ من الشيخ الطوسي والملا محسن الكاشاني قد أخذه من مجمع البيان والظاهر أنّ العلاّمة في الميزان قد أخذ منهم، ولكن الملفت للنظر أنّ أياً منهم لم يذكر الدليل على تفسيره والمعيار لما ذكره من تفضيل بالعلم أو بالقوّة أو الرأي والعزم، وكأن هؤلاء المفسرين قد أخذوا تفضيل الرجال على النساء كأصل موضوعي مسبق في حين أنّه لم يرد أحد هذه المعايير في اللغة أو الحديث.

الإشكال الآخر هو أنّ التفضيل هذا لو كان هو المستفاد من قوله «بما فضل الله بعضهم على بعض» فلو قلنا بأنّ مصداقه العلم مثلاً، فهل أنّ العلم يمكن اسناده إلى الله تعالى في عين أنّه إكتسابي، أو لابدّ أن يكون أمراً ذاتياً كالقوّة البدنية؟ بديهي أنّ بعض النسوة متقدمات على الرجال بالعلم، فلا يكون هذا المورد من موارد التفضيل الإلهي.

الإشكال الثالث: أنّه ورد في بعض هذه التفاسير أنّ التفضيل المقصود في الآية هو التفضيل بالنبوّة والإمامة، ولكن هل يكون هذا المورد هو العلة لقوله «الرجال قوامون على النساء»؟ كلاّ، لأنّ عدد من نال هذه المرتبة السامية قليل جدّاً من الرجال.

1 ـ التبيان، ج3، ص79.
2 ـ الميزان، ج4، ص343.

صفحه 204

ومن هنا يتّضح أنّ المراد بالتفضيل في هذه الآية وبالنظر إلى الآية التي قبلها هو التفضيل بالإرث، فالآية 32 تفسير للآية 34 حيث ورد في الاُولى «ولا تتمنوا ما فضل الله بعضكم على بعض» التي تتحدث عن الإرث كما ورد في أسباب النزول، لا عن العلم أو القوّة البدنية أو الرأي وأمثال ذلك التي لا شاهد لها في القرآن والسنّة، وعندما كانت النساء يعترضن على سهم الإرث يقول تعالى في جوابهن: (وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ...) فليس فضله محدوداً بالإرث بل جعل على الزوج أن ينفق من أمواله على الزوجته ويقوم بشؤونها، فهنا لا يوجد مفهوم السلطنة والرئاسة، ويؤيد ذلك أيضاً أنّ القرآن الكريم قد جعل التقوى هي المعيار للتفضيل (إنّ أكرَمَكُم عندَ اللهِ أَتقاكُم) فلو كان العلم والقوّة والرأي من عناصر التفضيل لم ينحصر الملاك في التقوى.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .