درس بعد

الدرس السابع:إشكال على ما ذكرنا من القول بالوجوب الإرشادي للتعلّم والتفقه

درس قبل

الدرس السابع:إشكال على ما ذكرنا من القول بالوجوب الإرشادي للتعلّم والتفقه

درس بعد

درس قبل

موضوع: تقريرات دروس خارج الفقه - الاجتهاد و التقليد


تاریخ جلسه : ١٣٩٠/٦/٢٠


شماره جلسه : ۸

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • إشكال على القول بالوجوب الإرشادي للتعلّم والتفقه

الجلسات الاخرى

الدرس السابع

إشكال: ويرد على ما ذكرنا من القول بالوجوب الإرشادي للتعلّم والتفقه، أنّ الوجوب الإرشادي لا سبيل إلى الخطأ فيه، في حين الاجتهاد والتقليد ليسا من الطرق المصيبة للواقع دائماً، فقد يقع المجتهد أوالمقلِّد في الخطأ ولا يكون فهمه للحكم الشرعي مطابقاً للواقع، فكيف يكون وجوبه إرشادياً؟ ولذا قيل: «إنّ الشرط المقوّم للوجوب الإرشادي أن لا يتطرق الخطأ بالإرشاد لهذا الوجوب».

الدليل على عدم الخطأ في الوجوب الإرشادي:

أمّا لماذا كان الوجوب الإرشادي مصيباً دائماً ولا يتطرق إليه الخطأ؟ فذلك لأنّ المولى في الواجبات الإرشادية «مثل اطيعوا الله» يرشدنا إلى ما هو المسلّم في حكم العقل فهو إرشاد إلى واقع، وهكذا ما ورد في الروايات من النهي عن الاكثار من الطعام، فهو نهي إرشادي إلى وجود الضرر من الاكثار من الأكل لا أنّه

صفحه 27

يستحق العقوبة وإلاّ كان الكثير من الأعاظم يرتكبون الإثم في ذلك، ومجرد وجود الضرر لا يستتبع الحرمة، وهكذا في كثير من النواهي الشرعية.

الجواب: وقبل الدخول في الإجابة عن هذا الإشكال لابدّ من بيان ملاحظة مهمّة، وهي أنّ المستشكل ذهب في تفسير الوجوب الإرشادي إلى أنّه: ما يقصد منه الإيجاب بداعي الوصول إلى ملاكات الأحكام، وتلك الملاكات هي المرشد إليها، ثم ذهب إلى أنّ من شروط الوجوب الإرشادي عدم تطرق الخطأ إليه، ويمكن الجواب عن هذا التصور عن الوجوب الإرشادي بتوجيه إشكالين إلى هذا التفسير والتصور:

الإشكال الأول: إنّ هذا التفسير للوجوب الإرشادي غير صحيح، لأننا عندما نقول «يجب التعلّم» فهذا الوجوب هو إرشاد إلى حكم العقل، وهذا هو معنى الوجوب الإرشادي لا الوصول إلى ملاكات الأحكام، وإلاّ فالكثير من الواجبات النفسية هي بهدف تحصيل ملاكات الأحكام من قبيل قول الشارع (اقيموا الصلاة لذكري) أو (إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) فالصلاة واجبة لتحصيل هذا الملاكات مع أنّها من الواجبات المولوية النفسية.

الإشكال الثاني: إنّ الشرط المذكور للواجب الإرشادي من كونه لا يتطرق إليه شك صحيح في الجملة، وهذا يعني أنّ نفس إرشاد الشارع إلى حكم العقل صحيح ولا يتطرق إليه الخطأ وإنّما الخطأ في المصاديق، فالمصداق للتفقه والاجتهاد قد يتطرق إلى الخطأ وليس في قول الشارع «يجب عليك التفقه» الذي هو إرشاد إلى حكم العقل، وهكذا عندما يقول: «اطيعوا الله» فلا خطأ في هذا الأمر الإرشادي الذي يكون متعلقه حكم العقل، ولكن مصاديق الاطاعة قد يتطرق إليها الخطأ، فليس كل اطاعة مصيبة للواقع.

النتيجة: إنّ وجوب التفقه والتعلم هو وجوب شرعي إرشادي، وهو بنفسه حكم العقل بالوجوب، أي أنّ وجوب التفقه في الدين اجتهاداً أو تقليداً حكم

صفحه 28

عقلي محض.

نظر الإمام الراحل (قدس سره):

يرى الإمام الراحل في كتاب «أنوار الهداية»(1) صحة ما ذهب إليه المحقق العراقي (قدس سره) في «نهاية الأفكار» من الوجوب الإرشادي للتفقه ويقول: «كما أنّ دعوى كون الآيات والروايات الدالة على لزوم التفقه والتعلم إرشادياً إلى حكم العقل لا تأسيسة وتعبديّة، غير بعيد» لأنّ هذه العناوين مرآتية وليس لها عنوان استقلالي، أي أنّ نفس التفقه ليس مطلوباً في نفسيه وبالاستقلال كما هو الحال في الصلاة، بل مرآة لتحصيل الحكم الشرعي، ويورد الرواية السابقة في مؤاخذة الجاهل يوم القيامة بالقول: هلاّ تعلمت؟ التي تدل على أنّ المؤاخذة ليست على ترك العلم بل بما هو طريق ومقدمة للعمل فيكون واجباً بهذا الوجه.

ثم ذكر في نفس هذا الكتاب في حاشيته: «إنّ مقتضى التجوز في الأخبار الكثيرة المتفرقة أنّ التفقه وتحصيل المرتبة في الفقاهة والاجتهاد في الأحكام مستحب نفسي أكيد أو واجب كفائي نفسي» ثم أورد الروايات التي تتحدث عن شأن ومرتبة العلماء والفقهاء وذكر بأنّ المستفاد منها هو الاستحباب النفسي الأكيد للتفقه في الدين.

المناقشة: هنا ينبغي الدقة في هذا المطلب، وهو أنّ الإمام الراحل يرى الاستحباب النفسي الأكيد للتفقه من خلال استنباطه هذا المفهوم من هذه الروايات، وهذا يعني ترتب الثواب على هذا العمل، وبالتالي لا يبقى معنى للوجوب العقلي على هذا الأساس، ولا معنى للوجوب الإرشادي المذكور، لأنّ الوجوب الإرشادي يعني أنّ هناك واجباً في الشرع إلاّ أنّ وجوبه وجوب إرشادي من قبيل «حفظ البدن» الذي هو واجب في الشرع، غاية الأمر أنّه واجب

1 ـ أنوار الهداية، ج2، ص421.

صفحه 29

بالوجوب الإرشادي، فلو قلنا بالاستحباب النفسي للتفقه فانّه لا يبقى مجال للوجوب الإرشادي.

ثم إنّ الإمام يقول بعد هذا الكلام: «لا يبعد استفادة الوجوب الكفائي من الطائفة منها، ثم قسّم الآيات والروايات إلى طائفتين:

«الاُولى» ما يدلّ على استحباب التفقه والتعلّم.

«الثانية» ما تتعلق بالأسئلة التي تطرح على الإمام(عليه السلام) من قبيل: هل يصح للناس ترك السؤال فيما يحتاجون إليه؟ فيجيب الإمام: لا، وهذه الطائفة هي إرشاد إلى حكم العقل بلزوم التعلم والسؤال وليس لها دلالة على الوجوب النفسي.


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .