موضوع: صلاة قضاء (المواسعه و المضایقه)
تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٧/٧
شماره جلسه : ۷
خلاصة الدرس
-
مباشَرة تحقیقة الشّیخ الأعظم تجاه المواسعة و المضایقة
-
تمحیص الرّأي الثّاني حول المواسعة و المضایقة
الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
مباشَرة تحقیقة الشّیخ الأعظم تجاه المواسعة و المضایقة
لقد استَحضرنا محتلَف أبعاد مقالة صاحب الجواهر حیث قد رَفض التّفصیل -نهائیّاً- مُرجِعاً الأقوالَ المتشتّتة إلی صوبین فحسب:
- المواسعة المحضة.
- أو المضایقة المحضة.
وبالتّالي قد أدمَج صاحب الجواهر ما بین النّزاعین: بأنّ الفوریّة من لوازم و آثار التّرتیب -فالمحور هو التّرتیب- بحیث إنّ المعتقِد بالتّرتیب سیُقرّ بالفوریّة و بالعکس.
بینما قد لاحظَنا أنّ المتأخّرین قد شَعَّبوا النّزاع شُعبتَین متسائلِین: هل تتوجَّب الفوریّة و هل یَتوجَّب التّرتیب أیضاً؟
و إنّا نَدعَم نهج المتأخّرین -في تفکیک المبحَثین- و نَستشهد لانفکاکهما بصَنیعة الشّیخ الأعظم حیث لم یَضع المحورَ هي الفوریّة بل قد ابتَدأ النّقاش حول التّرتیب -لا الفوریّة- قائلاً: هل یَجب التّرتیب بین الحاضرة و الفائتة؟ ثمّ أردَف «الفوریّة» ضمن تلک الأقاویل الثّمانیة لأنّه لا یَعترف بأنّ الفوریّة من لوزام التّرتیب -وفقاً للجواهر- و هلذا قد استَشکل علی أستاذه قائلاً:
1. «و لا ريب أنّ الترتيب و التضيّق غير متلازمين بأنفسهما، لجواز القول بالترتيب من دون المضايقة من جهة النصوص، و إن أفضى إلى التضيّق أحيانا، كما إذا كانت الفوائت كثيرة لا تقضى إلاّ إذا بقي من الوقت مقدار فعل الحاضرة (فلا مضایقة حینئذ) و يجوز القول بالفوريّة من دون الترتيب كما تقدم عن صاحب هدية المؤمنين[1] و إن أفضى إلى التزام الترتيب بناء على القول بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه.» فالقول (الجواهر) بأنّ الفوريّة و الترتيب متلازمان[2] لا يخلو عن نظر، سواء أريد تلازمهما في أنفسهما، أو أريد تلازمهما بحسب القائل (و الفتوی) بمعنى أنّ كلّ من قال بأحدهما قال بالآخر، لما عرفت من وجود القائل بأحدهما دون الآخر، لكنّ الإنصاف أنّ معظم القائلين بالترتيب إنّما قالوا به من جهة الفوريّة (لا من جهة النصّ بل الفتوی) فما ذكره الصيمري[3] -فيما حكي عنه-: أنّ منشأ القول بالترتيب و عدمه: القول بالمضايقة و عدمها، محلّ تأمّل، إلاّ أن يريد به الأكثر، أو يريد جميع القائلين بالترتيب بالنسبة إلى زمانه.»[4]
و عقیب ما استعرَض الشّیخ الأعظم الفتوی الغالبة للفقهاء -بعدم وجوب التّرتیب مطلقاً سواء انفرَد الفائت أم تعدّد- و استَذکر ما یُناهز 50 فقیهاً، فبالتّالي قد أراءَنا دقّةً فائقة -ما بین اختلاف الآراء- قائلاً:
«و هؤلاء مع اتّفاقهم على جواز تقديم الحاضرة:
1. بين من يظهر منه وجوبه كما عن ظاهر جماعة من القدماء[5] فيكون الفائتة بالنسبة إلى الحاضرة كالكسوفين بالنسبة إليها عند جماعة.
2. و بين من يظهر منه استحبابه كما عن ظاهر بعضهم، و صريح أبي علي الصوري المتقدّم إليه الإشارة.[6]
3. و بين من نصّ على استحباب تقديم الفائتة.[7]
4. و من نصّ على استحباب تأخير الحاضرة استنادا إلى الاحتياط لأجلها.
5. و من يظهر منه التخيير المحض (أي التّخییر بالمعنی العامّ لا الخاصّ) -بالنسبة إلى ما عدا الفائتة الواحدة و فائتة اليوم- كما عن رسالة الملاذ للمحقّق المجلسي[8] حيث حكم بأنّ الأحوط تقديم الفائتة الواحدة، و فائتة اليوم، و أمّا مطلق الفوائت (لأیّام سالفة) فالظاهر عدم وجوب تقديمها، بل و لا أفضليّته (انتهى).
لكنّ الإنصاف أنّ هذا ليس قولا بالتخيير (المصطَلَح المُضادّ لبقیّة الأحکام) لأنّ عدم أفضليّة تقديم الفائتة يلزمه (عقلاً) القول برجحان تقديم الحاضرة (فلا یَتحقّق التّخییر الخاصّ إذن) لعمومات رجحان تقديمها[9] فإنّ من يقول برجحان تقديمها لا يقول إلاّ لأجل العمومات و النصوص الدالّة على رجحان تقديمها على الفائتة، لأجل إدراك فضيلة وقت الحاضرة، فتأمّل.»[10]
و على كلّ حال:
- فيمكن القول باستحباب تأخير الحاضرة لمراعاة الاحتياط الغير اللاّزم.
- مع استحباب تقديم الحاضرة.
Ø إمّا لعموم فضيلة أوّل الوقت[11] و إمّا للنصوص الخاصّة[12].
و لا منافاة بين الاستحبابين، كما نقول (في توضیح المسائل): إنّ الإتمام في الأماكن الأربعة أفضل، و القصر أحوط (لمخالفة بعض الأقدَمین).
بل يمكن القول باستحباب تقديم الحاضرة (لا تأخیر الحاضرة کما في السّابق) من جهة عمومات فضيلة أوّل الوقت و استحباب تقديم الفائتة إمّا بالخصوص[13] أو لأدلّة المسارعة إلى الخير[14] فتأمّل.[15]
و الحاصل: أنّ لكلّ من استحباب تقديم الحاضرة و استحباب تقديم الفائتة وجوها ثلاثة: النصّ الخاصّ المحمول على الاستحباب، و عمومات المبادرة إلى الطاعات، و الاحتياط بناء على وجود القول بوجوب تقديم الحاضرة كالقول بوجوب تقديم الفائتة، و يزيد استحباب تقديم الحاضرة بوجه رابع و هو ما دلّ على فضيلة أوّل الوقت لها، حيث إنّ لخصوصيّة الجزء الأوّل من الوقت مدخلا في الفضيلة، لا أنّ ذلك لمجرّد رجحان المبادرة إلى إبراء الذمّة، على ما يومئ إليه بعضها[16].
فعليك بالتأمّل فيما يمكن اجتماعه (و تزاحم الاستحبابین) من وجوه استحباب تقديم الفائتة، مع وجوه استحباب تقديم الحاضرة، و سيجيء لهذا مزيد بيان عند ذكر الأخبار الواردة في الطرفين إن شاء اللّٰه.
و كيف كان ففي صور الاجتماع (و التّزاحم) نحكم باستحباب كلّ من الأمرين على سبيل التخيير، فإن علم من دليل خارج أهميّة أحدهما حكم بمقتضاه من دون سقوط الآخر عن الاستحباب.
و هذا بخلاف الواجبين المتزاحمين إذا علم من الخارج أهميّة أحدهما، فإنّه يحكم بسقوط وجوب الآخر (لتقدّم الأهم وجوباً علی المهمّ فسیَنهار وجوب المهّم بخلاف الاستحبابین اللّذین لا یسقطان) خلافاً:
1. لمن أنكر الترجيح بالأهميّة كالفاضل التوني في الوافية.[17]
2. و لمن اعترف به (تقدّم الأهمّ)[18] مع حكمه ببقاء الآخر على صفة الوجوب على تقدير اختيار المكلّف ترك الأهم (فکلا الوجوبین مُتبقِّیان).
و ضعف كلا القولين، و بيان الفرق بين المستحبين المتزاحمين مع أهمّيّة أحدهما، و الواجبين كذلك، موكول إلى محلّه.»[19]
و لکنّا لم نَعثر علی موطن نقاشه.
و أمّا سرّ مقالته بأنّ «وجوب المهمّ» سیَنهدم لدی التّزاحم، بینما «استحباب المهمّ» لا یَنهار فلأجل أنّ ملاک وجوب المهمّ یُضادّ الملاک اللّزوميّ للأهمّ و ذلک نظراً للأبحاث المطروحة ضمن باب الضّدّ -فالإجماع قد استَوجَب وجوباً متفرّداً للمکلّف في آنٍ واحد- بینما ملاک المستَحبَّین لا یَتضارَبان أبداً بل یَظَلّان علی مطلوبیَّتهما وفقاً للعمومات.
تمحیص الرّأي الثّاني حول المواسعة و المضایقة
ثمّ انطلَق الشّیخ الأعظم إلی فحص الاتّجاه الثّاني قائلاً:[20]
«و (القول) الثاني[21]: القول بعدم وجوب الترتيب مع تعدّد الفائتة و بوجوبه مع وحدتها:
ذهب إليه المحقّق في (کافّة) كتبه[22] و سبقه إليه الدّيلمي فيما حكي عنه[23] و تبعه إليه صاحب المدارك[24] و قوّاه الشهيد في نكت الإرشاد[25] و إن عدل عنه في باقي كتبه[26] و حكي عن صاحب هديّة المؤمنين[27] و عن المختلف[28] نسبة القول بالمضايقة إلى الديلمي، لكن المحكي[29] من بعض كلماته التفصيل المذكور حيث قال: إنّ الصلاة المتروكة على ثلاثة أضرب: فرض معيّن، و فرض غير معين، و نفل، فالأوّل يجب قضاؤه على ما فات، و الثاني على ضربين:
- أحدهما: أن يتعيّن له أنّ كلّ الخمس فأتت في أيّام لا يدري عددها.
- و الثاني: أن يتعيّن له أنّها صلاة واحدة، و لا يتعيّن أيّ صلاة هي.
فالأوّل: يجب عليه فيه أن يصلّي مع كلّ صلاة صلاة حتّى يغلب على ظنّه أنّه وَفی.
و الثاني: يجب عليه أن يصلّي اثنين، و ثلاثا، و أربعا[30] (انتهى). و ظاهره كما ترى التوسعة في الفوائت المتعددة (رغم أنّ البعض قد عدَّه من المضایقة).
و ممّن يظهر منه اختيار هذا، المحقّق الآبي - تلميذ المحقّق - فيما حكي عنه[31] من كشف الرموز حيث قال - بعد ما اختار القول بالمضايقة و الترتيب مطلقا[32] و ذكر تفصيل شيخه المحقّق و مستنده -: «و هو حسن اذهب اليه جزما، و على التقديرات لا يجوز لصاحب الفوائت الإخلال بأدائها إلاّ لضرورة، و عند أصحاب المضايقة إلاّ لأكل أو شرب ما يسدّ الرمق أو تحصيل ما يتقوّت به هو و عياله و مع الإخلال بها يستحقّ المقت في كلّ جزء من الوقت[33] (انتهى).
ثمّ إنّ هؤلاء إنّما صرّحوا بالتفصيل في الترتيب، و امّا وجوب المبادرة فظاهر صاحب المدارك[34] عدمه مطلقا، كما أنّ صريح المحكيّ عن هديّة المؤمنين[35] ثبوته (الفوریّة) مطلقا، حيث قال: يجب المبادرة إلى القضاء فورا لاحتمال اخترام المنيّة في كلّ ساعة، بل لم يرخّص المرتضى[36] إلاّ أكل ما يسدّ الرّمق، و النّوم الحافظ للبدن، و أن لا يسافر سفرا ينافيه، و بالغ في التضيّق كلّ مبلغ، ثمّ قال: و أمّا الترتيب بين الحاضرة و الفائتة فإن كانت واحدة قدّمها على الحاضرة، و ان كانت أكثر قدّم الحاضرة عليها. و إن أراد تقديم الفوائت المتعددة عليها مع سعة الوقت فجائز أيضا[37] (انتهى).
و ظاهره جواز فعل الفريضة الحاضرة (بلا ترتّب بینهما) مع فوريّة الفوائت المتعدّدة، بل استحبابها قبلَه (فعل الحاضرة) بل المحكيّ[38] عنه التصريح بجواز فعل النافلة على كراهيّة».
-------------------------------
[1] في الصفحة ٩.
[2] كما في الجواهر ٣٨:١٣.
[3] تلخيص الخلاف ١٣٢:١، و فيه: و اعلم ان هذه المسألة مبنية على القول بالمضايقة و المواسعة.
[4] انصاری مرتضی بن محمدامین. رسائل فقهیة (انصاری) (رسالة في المواسعة و المضایقة). ص278 قم - ایران: مجمع الفکر الإسلامي.
[5] انظر مفتاح الكرامة ٣٨٨:٣ و الجواهر ٣٧:١٣.
[6] في الصفحة ٢٥٨، انظر مفتاح الكرامة ٣٨٨:٣ و الجواهر ٣٧:١٣.
[7] نسب ذلك العلامة في المختلف ١٤٤:١ الى والده و أكثر من عاصره من المشايخ، و انظر الحدائق ٣٣٦:٦.
[8] ملاذ الأخيار ٩٣:٤ و الحاكي هو المحقق التستري في رسالته، و التعبير عن «الملاذ» بالرسالة من سهو القلم.
[9] الوسائل ٨٦:٣، الباب ٣ من أبواب المواقيت و غيره من الأبواب.
[10] انصاری مرتضی بن محمدامین. رسائل فقهیة (رسالة في المواسعة و المضایقة). ص261 و262 قم - ایران: مجمع الفکر الإسلامي.
[11] الوسائل ٨٦:٣، الباب ٣ من أبواب المواقيت.
[12] الوسائل ٢٠٩:٣، الباب ٦٢ من أبواب المواقيت، الحديث ٣، و الوسائل ٣٥١:٥، الباب ٢ من أبواب قضاء الصلوات، الحديث ٥.
[13] الوسائل ٢٠٩:٣، الباب ٦٢ من أبواب المواقيت، الحديث ٢. و ٢١١:٣، الباب ٦٣ من أبواب المواقيت، الحديث الأول. و ٢١٢:٣، الباب ٦٣ من أبواب المواقيت، الحديث ٢ و ٢٢٨:٣، الباب ٩ من أبواب القبلة، الحديث ٥.
[14] مثل قوله تعالى فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرٰاتِ * البقرة: ٢-١٤٨ و المائدة: ٥-٤٨.
[15] انصاری مرتضی بن محمدامین. رسائل فقهیة (انصاری) (رسالة في المواسعة و المضایقة). قم - ایران: مجمع الفکر الإسلامي.
[16] الوسائل ٨٦:٣، الباب ٣ من أبواب المواقيت الأحاديث ١ و ٤ و ٥.. و غيرها.
[17] الوافية: ٢٢٣.
[18] ككاشف الغطاء في كتابه: ٢٧.
[19] انصاری مرتضی بن محمدامین. رسائل فقهیة (انصاری) (رسالة في المواسعة و المضایقة). ص263-265 مجمع الفکر الإسلامي.
[20] نفس المصدر.
[21] أي القول الثاني من الأقوال في المواسعة و المضايقة.
[22] الشرائع ١٢١:١ و المعتبر ٤٠٥:٢ و المختصر النافع ٤٦:١.
[23] حكاه صاحب الجواهر ٤٢:١٣.
[24] المدارك ٢٩٨:٤.
[25] غاية المراد: ٢٠.
[26] كالبيان: ٢٥٧ و الدروس: ٢٤ و الذكرى: ١٣٢، و اللمعة - انظر متن الروضة البهية ٧٣٣:١ -
[27] و هو للسيد نعمة اللّٰه الجزائري، طبع ببغداد، و في بعض النسخ: هداية المؤمنين.
[28] المختلف: ١٤٤.
[29] انظر الجواهر ٤٢:١٣.
[30] المراسم (الجوامع الفقهية): ٥٧٥ مع اختلاف في التعبير.
[31] حكاه المحقق التستري في رسالته: ٣٠.
[32] انظر كشف الرموز ٢٠٩:١.
[33] كشف الرموز ٢١٠:١ و فيه: و مع الإخلال بها يستحق العقوبة..
[34] مدارك الأحكام ٣٠١:٤.
[35] الحاكي هو المحقق التستري في رسالته: ٣٩ (المقام الثاني، ذيل القول الثاني).
[36] رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثانية): ٣٦٥.
[37] هديّة المؤمنين: ٢٨ كتاب الصلاة، المواقيت، المسألة: ٥.
[38] لم نقف على الحاكي.
نظری ثبت نشده است .