درس بعد

المواسعة و المضایقة

درس قبل

المواسعة و المضایقة

درس بعد

درس قبل

موضوع: صلاة قضاء (المواسعه و المضایقه)


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/١٠/١٦


شماره جلسه : ۵۲

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • إفاضة سائر البَراهین لإزهاق سهو النّبيّ

  • استعراض الکافي لأنواع البَوَّابات لساحة المعصوم

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين

إفاضة سائر البَراهین لإزهاق سهو النّبيّ

لقد برهنّا مسبقاً بأنّ انتساب الإسهاء إلی ساحة المعصوم سیَصطدِم الإرادة التّکوینیّة و العقلیّة ضمن آیة التّطهیر فإنّه تعالی قد نصّ علی إرادة إذهاب الرّجس، فکیف أراد تعالی إسهاء المعصوم الذي یُعدّ رجساً و عیباً و قبحاً و شیناً بحقّه؟[1] فلو تسلَّمنا «الإرادة التّکوینیّة للإسهاء» حسب زعم الشّیخ الصّدوق -رحمه الله- لَعارَضت «الإرادة التّکوینیّة للتّطهیر» و من المبرَم لدی تضارب الإرادتَین -فرضاً- أنّ صراحة الآیة الکریمة ستَتفوّق علی تلک الرّوایات -رغم تکثُّرها- غیرَ أنّه یَستحیل أساساً تعارضُ إرادتَین تکوینیَّتَین، بل نرتقي و نؤکِّد بأنّ الإرادتین التّکوینیَّتین -الإسهاء و التّطهیر- لا تتصادَمان منذ البدایة أبداً.

تسائل: هل یُسمَح لنا أن نُخصِّص الإرادةَ التّکوینیّة للتّطهیر بواسطة تلک الرّوایات -إرادة الإسهاء- بحیث نَستَنتج بأنّه تعالی قد شاءَ تطهیرهم عن الأرجاس و العیوب إلا في إسهاء المعصوم و إینامه -صوناً لمقالة الشّیخ الصّدوق-؟

الإجابة الصّارمة:

1. أوّلاً: لیست نسبة الدّلیلین من نمَط العموم و الخصوص المطلق أبداً بل یُعدّان متکافِئَین في التّصادم.

2. ثانیاً: إنّ الإرادة التکوینیّة العقلیّة لا تَخضَع للتَّخصیص و الاستثناء بتاتاً -و ذلک وفقاً للبُرهان السّالف في «رابعاً»-.[2]

3. ثالثاً: أساساً لو انفتح باب المعاصي و أقرَرنا بهذه الفِکرة المُنحطَّة لفُسِح باب التّوجیه و التّبریر لضعاف الإیمان بحیث من أذنَب أو أخطأ و سها، لاعتَذَر لنفسه بسهو المعصوم أو إسهائه فیَتخرَّج مبتَهِجاً لا خائِباً.

و من الطّریف في هذا الحقل، مقالة الشّیخ البهائيّ قائلاً: «إنّ انتساب السّهو إلی الشّیخ الصَّدوق نفسِه یُعدّ أولی من انتسابه إلی المعصومین علیهم السّلام».[3]

استعراض الکافي لأنواع البَوَّابات لساحة المعصوم

لقد أسلفنا بضعَ الأبواب التي قد بَرهنَت علی عصمة المعصوم و منازله السّامیة و مِیزاته الرّاقیّة بحیث ستَمحو شبهة «سهو المعصوم» عن البال جذریّاً، و سنُکملها الآن بالنّحو التّالي:

1. «بَابُ‌ أَنَّ‌ اَلْأَئِمَّةَ‌ عَلَيهِمُ‌ السَّلاَمُ‌ هُمُ‌ الْهُدَاةُ‌: عِدَّةٌ‌ مِنْ‌ أَصْحَابِنَا عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنِ‌ اَلنَّضْرِ بْنِ‌ سُوَيْدٍ وَ فَضَالَةَ‌ بْنِ‌ أَيُّوبَ‌ عَنْ‌ مُوسَى بْنِ‌ بَكْرٍ عَنِ‌ اَلْفُضَيْلِ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ قَوْلِ‌ اللَّهِ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌: «وَ لِكُلِّ‌ قَوْمٍ‌ هٰادٍ[4]» فَقَالَ‌ كُلُّ‌ إِمَامٍ‌ هَادٍ لِلْقَرْنِ‌ الَّذِي هُوَ فِيهِمْ‌.»[5]

فمشیاً مع الرّوایة، لا یُعقل لهادي الأُمَم أن یَسهو و لا أن یُسهیه الله تعالی أبداً، بل قد أکّدنا بأنّه لو افتُتِح باب السّهو أو الإسهاء أو ما شاکلهما، لَجاز عقلاً أن نَحتمل الأخطاء و عثَرات لدی بعض مقالات المعصومین علیهم السّلام بحیث ستَتطرّق هذه المحتَملات في بِضع من آلاف الأحادیث، بینما هذه لازمة مشوَّهة مزیَّفة.

2. «بَابُ‌ أَنَّ‌ اَلْأَئِمَّةَ‌ عَلَيهِمُ‌ السَّلاَمُ‌ وُلاَةُ‌ أَمْرِ اللَّهِ‌ وَ خَزَنَةُ‌ عِلْمِهِ‌: مُحَمَّدُ بْنُ‌ يَحْيَى الْعَطَّارُ عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ أَبِي زَاهِرٍ عَنِ‌ اَلْحَسَنِ‌ بْنِ‌ مُوسَى عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ حَسَّانَ‌ عَنْ‌ عَبْدِ الرَّحْمَنِ‌ بْنِ‌ كَثِيرٍ قَالَ‌ سَمِعْتُ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ يَقُولُ‌: نَحْنُ‌ وُلاَةُ‌ أَمْرِ اللَّهِ‌ وَ خَزَنَةُ‌ عِلْمِ‌ اللَّهِ‌ وَ عَيْبَةُ‌ وَحْيِ‌ اللَّهِ‌ (أي موضع سرّه).» و کذا قد ورد عن «عِدَّة مِنْ‌ أَصْحَابِنَا عَنْ‌ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنِ‌ اَلْحُسَيْنِ‌ بْنِ‌ سَعِيدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ أَسْبَاطٍ عَنْ‌ أَبِيهِ‌ أَسْبَاطٍ عَنْ‌ سَوْرَةَ‌ بْنِ‌ كُلَيْبٍ‌ قَالَ‌: قَالَ‌ لِي أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ وَ اللَّهِ‌ إِنَّا لَخُزَّانُ‌ اللَّهِ‌ فِي سَمَائِهِ‌ وَ أَرْضِهِ‌ لاَ عَلَى ذَهَبٍ‌ وَ لاَ عَلَى فِضَّةٍ‌ إِلاَّ عَلَى عِلْمِهِ‌.» [6]

و في هذه الحَلبة أیضاً، قد سجَّلنا مسبقاً «مَنصب التّشریع للمعصوم» بحیث قد أتاح لهم الشّارع المقدّس أن یُشرِّعوا في الدّین و في نظام المسلمین وفقاً لمناصرة روح القدس لهم و القوّة الإیمانیّة الهائلة لدیهم فإنّهم خُزّان علم الله.[7]

3. «بَابُ‌ أَنَّ‌ اَلْأَئِمَّةَ‌ عَلَيهِمُ‌ السَّلاَمُ‌ خُلَفَاءُ‌ اللَّهِ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ فِي أَرْضِهِ‌ وَ أَبْوَابُهُ‌ الَّتِي مِنْهَا يُؤْتَى: عَنْهُ‌ عَنْ‌ مُعَلًّى عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ‌ جُمْهُورٍ عَنْ‌ سُلَيْمَانَ‌ بْنِ‌ سَمَاعَةَ‌ عَنْ‌ عَبْدِ اللَّهِ‌ بْنِ‌ الْقَاسِمِ‌ عَنْ‌ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ‌ قَالَ‌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌: الْأَوْصِيَاءُ‌ هُمْ‌ أَبْوَابُ‌ اللَّهِ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ الَّتِي يُؤْتَى مِنْهَا وَ لَوْلاَهُمْ‌ مَا عُرِفَ‌ اللَّهُ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ وَ بِهِمُ‌ احْتَجَّ‌ اللَّهُ‌ تَبَارَكَ‌ وَ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ‌.»[8]

فإنّ التّعبیر بالباب یُعدّ بلیغاً و حسّاساً للغایة حیث یُدلي بألا طریق إلی علم الله سوی باب آل البیت علیهم السّلام حصراً[9] إذ لولاهم ما عُرِف الله أبداً[10] فما عداهم یُعدّ ضلالاً، و یَبدو ظاهراً أنّ الرّوایة تَتحدّث حول تحقّق أساس المعرفة لا کمالات رُتَب المعرفة.

4. «بَابُ‌ أَنَّ‌ اَلْأَئِمَّةَ‌ عَلَيهِمُ‌ السَّلاَمُ‌ نُورُ اللَّهِ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌: الْحُسَيْنُ‌ بْنُ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ مُعَلَّى بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ‌ عَلِيِّ‌ بْنِ‌ مِرْدَاسٍ‌ قَالَ‌ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ‌ بْنُ‌ يَحْيَى وَ اَلْحَسَنُ‌ بْنُ‌ مَحْبُوبٍ‌ عَنْ‌ أَبِي أَيُّوبَ‌ عَنْ‌ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ‌ قَالَ‌: سَأَلْتُ‌ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ قَوْلِ‌ اللَّهِ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌: «فَآمِنُوا بِاللّٰهِ‌ وَ رَسُولِهِ‌ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنٰا[11]» فَقَالَ‌ يَا أَبَا خَالِدٍ النُّورُ وَ اللَّهِ‌ اَلْأَئِمَّةُ‌ مِنْ‌ آلِ‌ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ إِلَى يَوْمِ‌ الْقِيَامَةِ‌، وَ هُمْ‌ وَ اللَّهِ‌ نُورُ اللَّهِ‌ الَّذِي أَنْزَلَ‌ وَ هُمْ‌ وَ اللَّهِ‌ نُورُ اللَّهِ‌ فِي السَّمَاوَاتِ‌ وَ فِي الْأَرْضِ‌ وَ اللَّهِ‌ يَا أَبَا خَالِدٍ لَنُورُ الْإِمَامِ‌ فِي قُلُوبِ‌ الْمُؤْمِنِينَ‌ أَنْوَرُ مِنَ‌ الشَّمْسِ‌ الْمُضِيئَةِ‌ بِالنَّهَارِ وَ هُمْ‌ وَ اللَّهِ‌ يُنَوِّرُونَ‌ قُلُوبَ‌ الْمُؤْمِنِينَ‌ وَ يَحْجُبُ‌ اللَّهُ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ نُورَهُمْ‌ عَمَّنْ‌ يَشَاءُ‌ فَتُظْلِمُ‌ قُلُوبُهُمْ‌ وَ اللَّهِ‌ يَا أَبَا خَالِدٍ لاَ يُحِبُّنَا عَبْدٌ وَ يَتَوَلاَّنَا حَتَّى يُطَهِّرَ اللَّهُ‌ قَلْبَهُ‌ وَ لاَ يُطَهِّرُ اللَّهُ‌ قَلْبَ‌ عَبْدٍ حَتَّى يُسَلِّمَ‌ لَنَا وَ يَكُونَ‌ سِلْماً لَنَا فَإِذَا كَانَ‌ سِلْماً لَنَا سَلَّمَهُ‌ اللَّهُ‌ مِنْ‌ شَدِيدِ الْحِسَابِ‌ وَ آمَنَهُ‌ مِنْ‌ فَزَعِ‌ يَوْمِ‌ الْقِيَامَةِ‌ الْأَكْبَرِ.»[12]

5. بَابُ‌ أَنَّ‌ اَلْأَئِمَّةَ‌ هُمْ‌ أَرْكَانُ‌ الْأَرْض -فلاحظ روایاتها-.

6. إِنَّ‌ الْإِمَامَةَ‌ أَجَلُّ‌ قَدْراً وَ أَعْظَمُ‌ شَأْناً وَ أَعْلَى مَكَاناً وَ أَمْنَعُ‌ جَانِباً وَ أَبْعَدُ غَوْراً مِنْ‌ أَنْ‌ يَبْلُغَهَا النَّاسُ‌ بِعُقُولِهِمْ‌ أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ‌ أَوْ يُقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ‌ إِنَّ‌ الْإِمَامَةَ‌ خَصَّ‌ اللَّهُ‌ عَزَّ وَ جَلَّ‌ بِهَا إِبْرَاهِيمَ‌ الْخَلِيلَ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ بَعْدَ النُّبُوَّةِ‌ وَ الْخُلَّةِ‌ مَرْتَبَةً‌ ثَالِثَةً‌ وَ فَضِيلَةً‌ شَرَّفَهُ‌ بِهَا وَ أَشَادَ بِهَا ذِكْرَهُ‌[13]فَقَالَ‌ «إِنِّي جٰاعِلُكَ‌ لِلنّٰاسِ‌ إِمٰاماً[14]» فَقَالَ‌ اَلْخَلِيلُ‌ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ سُرُوراً بِهَا «وَ مِنْ‌ ذُرِّيَّتِي» قَالَ‌ اللَّهُ‌ تَبَارَكَ‌ وَ تَعَالَى: «لاٰ يَنٰالُ‌ عَهْدِي الظّٰالِمِينَ‌» فَأَبْطَلَتْ‌ هَذِهِ‌ الْآيَةُ‌ إِمَامَةَ‌ كُلِّ‌ ظَالِمٍ‌ إِلَى يَوْمِ‌ الْقِيَامَةِ‌ وَ صَارَتْ‌ فِي الصَّفْوَةِ‌ ثُمَّ‌ أَكْرَمَهُ‌ اللَّهُ‌ تَعَالَى بِأَنْ‌ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّتِهِ‌ أَهْلِ‌ الصَّفْوَةِ‌ وَ الطَّهَارَةِ‌ فَقَالَ‌ «وَ وَهَبْنٰا لَهُ‌ إِسْحٰاقَ‌ وَ يَعْقُوبَ‌ نٰافِلَةً‌ وَ كُلاًّ جَعَلْنٰا صٰالِحِينَ‌. وَ جَعَلْنٰاهُمْ‌ أَئِمَّةً‌ يَهْدُونَ‌ بِأَمْرِنٰا وَ أَوْحَيْنٰا إِلَيْهِمْ‌ فِعْلَ‌ الْخَيْرٰاتِ‌ وَ إِقٰامَ‌ الصَّلاٰةِ‌ وَ إِيتٰاءَ‌ الزَّكٰاةِ‌ وَ كٰانُوا لَنٰا عٰابِدِينَ‌[15]» فَلَمْ‌ تَزَلْ‌ فِي ذُرِّيَّتِهِ‌ يَرِثُهَا بَعْضٌ‌ عَنْ‌ بَعْضٍ‌ قَرْناً فَقَرْناً حَتَّى وَرَّثَهَا اللَّهُ‌ تَعَالَى النَّبِيَّ‌ صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ فَقَالَ‌ جَلَّ‌ وَ تَعَالَى: «إِنَّ‌ أَوْلَى النّٰاسِ‌ بِإِبْرٰاهِيمَ‌ لَلَّذِينَ‌ اتَّبَعُوهُ‌ وَ هٰذَا النَّبِيُّ‌ وَ الَّذِينَ‌ آمَنُوا وَ اللّٰهُ‌ وَلِيُّ‌ الْمُؤْمِنِينَ‌[16]» فَكَانَتْ‌ لَهُ‌ خَاصَّةً‌ فَقَلَّدَهَا صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌ عَلِيّاً عَلَيْهِ‌ السلام ...... إِنَّ‌ الْإِمَامَةَ‌ زِمَامُ‌ الدِّينِ‌ وَ نِظَامُ‌ اَلْمُسْلِمِينَ‌ وَ صَلاَحُ‌ الدُّنْيَا وَ عِزُّ الْمُؤْمِنِينَ‌ إِنَّ‌ الْإِمَامَةَ‌ أُسُّ‌ اَلْإِسْلاَمِ‌ النَّامِي وَ فَرْعُهُ‌ السَّامِي بِالْإِمَامِ‌ تَمَامُ‌ الصَّلاَةِ‌ وَ الزَّكَاةِ‌ وَ الصِّيَامِ‌ وَ الْحَجِّ‌ وَ الْجِهَادِ وَ تَوْفِيرُ الْفَيْ‌ءِ‌ وَ الصَّدَقَاتِ‌ وَ إِمْضَاءُ‌ الْحُدُودِ وَ الْأَحْكَامِ‌ وَ مَنْعُ‌ الثُّغُورِ وَ الْأَطْرَافِ‌ الْإِمَامُ‌ يُحِلُّ‌ حَلاَلَ‌ اللَّهِ‌ وَ يُحَرِّمُ‌ حَرَامَ‌ اللَّهِ‌ وَ يُقِيمُ‌ حُدُودَ اللَّهِ‌ وَ يَذُبُّ‌ عَنْ‌ دِينِ‌ اللَّهِ‌ وَ يَدْعُو إِلَى سَبِيلِ‌ رَبِّهِ‌ «بِالْحِكْمَةِ‌ وَ الْمَوْعِظَةِ‌ الْحَسَنَةِ‌».[17]

فبالتّالي، إنّ هذه التّعابیر الشّامخة و التّصریحات اللّامعة قد بَرهَنت بکلّ قوّة علی:

1. مشرعیَّتهم تجاه الدّین.

2. و انعدام السّهو و الإسهاء نهائیّاً.

بل و نُفیض علیها الآیة التّالیة: «أطیعوا الله و أطیعوا الرسول و أولی الأمر منکم»[18] فإنّ مغزی «الأمر» لا یَخُص أمر الحکومة و السّیطرة علی الناس فحسب بل یَحتضِن أمور الدین و الدّنیا کافّةً، بینما البکریّة قد فسَّروها بأمر الحکومة و الرّئاسة الدّنیویّة بحیث یَتّبعون أيَّ حاکم تَولّاهم اتّباعاً عامِیاً و تجمّداً فحتّی لو حَکَمهم بالسّیف و الغَلبة و حتی لو فسَق خفاءً أو جِهاراً لسایَروه بالکامل.

--------------------
[1] و قد تَجاهر الشّیخ الأعظم مسبقاً بهذه النّقطة المتمیِّزة أیضاً قائلاً: «وكون نفس السهو نقصاً (ذاتاً) دون نفس النوم (کما اعتقَده الشّیخ المفید، ولکنّه) لا ينافي كونَ هذا الفرد (الخاصّ) من النوم (التّارک للصّلاة) أنقصَ (و أشنعَ في حقّ النّبيّ فحسب) لكشفه عن تقصير صاحبه و لو في المقدِّمات (و هذا مرفوض في حقّ المعصوم بتّاً).».
[2] ثمّ هنا قد علَّق الأستاذ المبجَّل شارحاً معنی الإرادة التّکوینیّة للتّطهیر ناقلاً عن والده المرحوم شبهةً قائلة: «لا فضیلة للإرادة التکوینیّة بالتّطهیر للمعصوم إذ لو انصبَّت هذه الإرادة الخارقة علی شخص لَسلَبت منه اختیار المعصیة و التّخلّف فبالتّالي سیُجبَر المعصوم علی الطّاعة و الامتثال دوماً و إنّما الفضیلة و الشّرف في اکتساب العصمة و وجود الاختیار لمغادَرة المعصیة.
و قد أجابه الوالد المحقّق الأستاذ: بأنّ متعلق الإرادة التکوینیة متفاوِتة:
1. فأحیاناً یرید تعالی انعدام قدرته علی الذّنب و الإثم، فحینئذ ستَنهدهم الفضیلة و سیَتَّجه الإستشکال.
2. بینما الإرادة التکوینیّة الإلهیّة قد تعلَّقت بنفس التّطهیر و إعدام الرّجس مع انحفاظ قدرتهم علی المعصیة -فهنا ستَتجلّی الفضیلة- فإنّهم علیهم السّلام یُطیقون التّمرّد و التّخلّف بکل سهولة و لکن حیث یُبصِرون واقعیّةَ قبائح الأفعال و قذاراتها بنحو متکامل، فبالتّالي قد تَجنّبوها باختیارهم الذّاتيّ، فنحن أیضاً لم نفکِّر أبداً بالخروج عریاناً أو باقتحام النار فکذلک المعصوم، فبالتّالي ستُعدّ هذه فضیلة سامیة للغایة.
[3] و قد انتقَلَت عبارة الشّیخ البهائيّ عبرَ نقل العلامة المجلسيّ ضمن کتاب لوامع صاحبقرانيّ، ج4 ص303.
[4] الرعد: ٩.
[5] کلینی، محمد بن یعقب، الکافي (اسلامیه)، جلد: ۱، صفحه: ۱۹۱، تهران، دار الکتب الإسلامیة
[6] الیَنبوع الماضي ص 192.
[7] و لقد رسَّخ الأستاذ المبجَّل منصّة التّشریع للمعصومین علیهم السّلام ضمن الأبحاث الأصولیّة بإطناب قائلاً: «منذ عهد مسبَق قد ارتَقینا مصرِّینَ علی أنّ المعصوم قد حاز مکانة «التّشریع و التّأسیس» بحیث إنّ مُهمّته لا تَتحدّد في «تبیین الأحکام» فحسب فإنّه لا یُنبأنا عن أسرار اللّوح المحفوظ -في أفق الثّبوت- فحسب کي نَتورَّط في معضلة «الإرشادیّة» إذ لا یُعدّ المعصوم مبلِّغاً صرفاً -زعماً من المحقّق البروجرديّ- بل وقائع «تشریعاته» قد تزایَدت ضمن مختلف الأدلّة، نظیر:
أنّ النّبيّ الأکرم قد زاد أعداد رکعات الصّلوات -الواجبة و المستحبّة- و قد استَقلّ أیضاً في تشریع أحکام الحجّ -بلا نقل عن الله تعالی- قائلاً: «صلّوا کما رأیتمُوني أصلّي» و کذا: «خذوا مناسككم عني» و لهذا کان یُکثِر -ضمن مناسک الحجّ- عبارة «لا حرج لا حرج» بل قد صرّح صلی الله علیه و آله بمحلّ شاهدنا -التّشریع- ضمن الرّوایة التّالیة: «قيل (عن أمير المؤمنين) خَطب رسول الله صلى الله علیه و آله و سلم، فقال: إنّ الله كتب علیكم الحجَّ، فقام عُكاشةُ بنُ محصن -و قيل سراقةُ بن مالك- فقال: أفي كلِّ عامٍ يا رسولَ الله‌؟ فأعرّض (النّبي) عنه حتّى عادَ مرّتين أو ثلاثاً، فقال رسولُ الله وَيحك و ما يؤمِنُك أن أقولَ نَعم، و الله لو قلتُ نَعم لوَجبت (كلَّ سنة) و لو وَجبت ما استطعتُم، و لو تركتُم لكفرتُم فاتركوني كما تركتُكم و إنّما هلك مَن كان قبلَكم بكثرة سؤالهم و اختلافهم إلی أنبيائِهم ... فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم و إذا نَهيتُكم عن شيئٍ فاجتَنِبوه ... (والحديث منقول) عن علی بنِ أبي طالب علیه السلام و أبي أمامةَ الباهلی.».
و ممّا یَدعم شأنیّة التّشریع هي الرّوایة الشّهیرة: «حلال محمّد حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبداً إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجيء غيره....
و قد هَتف تعالی أیضاً قائلاً: «و ما آتاکم الرّسول فخذُوه و ما نهاکم عنه فانتهوا» أي الإیتاء من جانب نفس النّبيّ لا باعتباره من جانب الله تعالی.
و أیضاً قد أعلَن تعالی قائلاً: «و أطیعوا الرّسول» فإنّ تکریر الإطاعة بصورة مستقلّة سیَستدعي إطاعته الاستقلالیّة و أنّه ذا هیمَنة و سیطرة علی منصّة «التّشریع».
بل و قد أناطَ تعالی إطاعته علی مسایرة الرّسول قائلاً: «من یُطِعِ الرّسول فقد أطاع الله و من تولّی فما أرسلناک علیهم حفیظاً» فلو نَبعت بیانات النّبيّ من السّاحة الرّبوبیّة علی حدّ الإخبار فحسب، لَلغا اختصاص «الإطاعة بالنّبيّ» الخصّیصة له.
و کذا قد استَفدنا التّشریع الطّوليّ ببرکة الآیة التّالیة: «وما أرسلنا من رسول إلا لیُطاعَ بإذن الله» ممّا یعني أنّ النّبيّ یُعدّ هو المولی علی العباد -أي مولیً في طول مولائیّة الرّب-.
و لهذا تَری الجواد علیه السّلام قد زادَ عشرَ حِجَج في فضل زیارة أبیه الرّضا علیه السّلام -ضمن تک الرّوایة الشّهیرة- فعملیّة التّزوید تُعدّ شاهدَ صدق علی حقّ «التّشریع».
و قد سُئل أمیر المؤمنین عن أنّه لو لم تَجِد حکماً في الکتاب و لا في السّنة فماذا تَصنع، فأجاب علیه السّلام «سأجیب بقوّة قدسیّة» ممّا یعني أنّ تشریعاتهم نابعةٌ عن ملکة ملکوتیّة إلهیّة بحیث إنّ هذه المِیزة المُجوهَرة قد أوصَلَتهم لمنزلة «التّفویض» أي قد فَوَّض الله إلیهم أمرَ الدّین و الدّنیا تماماً - لا أنّهم یُحلّون أو یُحرّمون إخباراً عن إرادة الله فحسب بل تشریعاً للعباد قاطبة-.
و حیث إنّ النّبيّ الأکرم قد نال أربعَ ممیِّزات لامعات: النّبوّة. و الحکومة. و القضاء. و التّشریع.»
[8] کلینی محمد بن یعقوب. الکافي (اسلامیه). Vol. 1. ص193 تهران، دار الکتب الإسلامیة.
[9] حیث قد استَورد الشّیخ الطّوسيّ روایة بهذا الشّأن قائلاً: «وَ مَنْ‌ قَالَ‌ لَهُ‌ النَّبِيُّ‌ (صَلَّى اللَّهُ‌ عَلَيْهِ‌ وَ آلِهِ‌): "أَنَا مَدِينَةُ‌ الْعِلْمِ‌، وَ عَلِيٌّ‌ بَابُهَا، فَمَنْ‌ أَرَادَ الْعِلْمَ‌ فَلْيَأْتِ‌ الْمَدِينَةَ‌ مِنْ‌ بَابِهَا" كَمَا أَمَرَ اللَّهُ‌ فَقَالَ‌: «وَ أْتُوا الْبُيُوتَ‌ مِنْ‌ أَبْوٰابِهٰا»[9] (طوسی محمد بن حسن. الأمالي (طوسی). ص559 قم، دار الثقافة.)
[10] و في هذا المضمار أیضاً قد ورد مأثوراً عن الإمام الصّادق علیه السّلام داعیاً: «اللَّهُمَّ‌ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ‌ فَإِنَّكَ‌ إِنْ‌ لَمْ‌ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ‌ لَمْ‌ أَعْرِفْ‌ نَبِيَّكَ‌ اللَّهُمَّ‌ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ‌ فَإِنَّكَ‌ إِنْ‌ لَمْ‌ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ‌ لَمْ‌ أَعْرِفْ‌ حُجَّتَكَ‌ اللَّهُمَّ‌ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ‌ فَإِنَّكَ‌ إِنْ‌ لَمْ‌ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ‌ ضَلَلْتُ‌ عَنْ‌ دِينِي» (الیَنبوع الماضي ص 337.)
[11] التغابن: ٨.
[12] کلینی محمد بن یعقوب. الکافي (اسلامیه). Vol. 1. ص194 تهران - ایران: دار الکتب الإسلامیة.
[13] الاشادة رفع الصوت بالشيء.
[14] البقرة: ١٢٤.
[15] الأنبياء: ٧٣.
[16] آل عمران: ٦٨.
[17] کلینی محمد بن یعقوب. 1363. الکافي (اسلامیه). Vol. 1. ص199تهران دار الکتب الإسلامیة.
[18] سورة النّساء الآیة 59.



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .