موضوع: صلاة قضاء (المواسعه و المضایقه)
تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٩/١٨
شماره جلسه : ۳۹
-
تحلیل مقالة المحقّق الحليّ
-
الرّوایة الخامسة تجاه المواسعة
-
الجلسة ۱
-
الجلسة ۲
-
الجلسة ۳
-
الجلسة ۴
-
الجلسة ۵
-
الجلسة ۶
-
الجلسة ۷
-
الجلسة ۸
-
الجلسة ۹
-
الجلسة ۱۰
-
الجلسة ۱۱
-
الجلسة ۱۲
-
الجلسة ۱۳
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۲۸
-
الجلسة ۲۹
-
الجلسة ۳۰
-
الجلسة ۳۱
-
الجلسة ۳۲
-
الجلسة ۳۳
-
الجلسة ۳۴
-
الجلسة ۳۵
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
-
الجلسة ۴۱
-
الجلسة ۴۲
-
الجلسة ۴۳
-
الجلسة ۴۴
-
الجلسة ۴۵
-
الجلسة ۴۶
-
الجلسة ۴۷
-
الجلسة ۴۸
-
الجلسة ۴۹
-
الجلسة ۵۰
-
الجلسة ۵۱
-
الجلسة ۵۲
-
الجلسة ۵۳
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين
و أمّا النّقطة التي قد استَذکرها المستشکل قائلاً: «و إذا تضمّن الخبر ما لا نعمل به دلّ على ضعفه (فیُلغی الخبر بتمامه)» فقد دلَّنا إلی النّقاش الجاري ما بین القدامی و المتأخّرین حیث سارَت دیدنة الأقدمین علی نَبذ الخبر المواجه للإشکال -منذ البدایة- فإذا خالَف الحدیث الإجماع أو الضّرورة أو الشّهرة أو رافَق التقیّة أو... فسُرعانَ ما کانوا یَنبُذون الخبرَ وراءَ ظهورهم بلا تبریر أساساً.
بینما هذا التّفکیر متزعزِع مبنائیّاً إذ قد رسَّخ الجواهر و الشّیخ الأعظم منهجاً متمیّزاً لامعاً بأنّ الفِقرة الموافقة للتّقیّة لا تُحوّل کلّ الرّوایة تقیّةً و لا تُزلزل حجیّة بقیّة الرّوایة إطلاقاً، و لهذا قد تَبنَّی المتأخّرون فکرة «تبعّض الحجیّة» بحیث لو شاهدوا خَللاً دلالیّاً لَما أسقطوا کِیان الخبر عن الحجیّة تماماً بل سیَلتقطون الحجّة عن غیرها، ففي إثره قد نَصّ صاحب الجواهر قائلاً: «ضرورة عدم بطلان حجّية الخبر ببطلانها في بعضه كما هو محرَّر في محلّه، و إلّا لاقتضى سقوط أكثر الأخبار»[1]
ثمّ استَکمل الشّیخ الأعظم أبعاد روایة أبي بصیر المصحَّحة -نقلاً عن المحقّق- قائلاً:
«و لو سلّمنا أنّ الوقت ليس بممتدّ (بل یُعدّ العشائان قضاءً بعد منتصف اللّیل) فما المانع أن يكون ذلك للتقيّة في القضاء (فیَنوي الأداء في کُمونه واقعاً و لکنّه قضاء ظاهراً وفقاً للتّقیّة فلو سأله المخالِف ما نویتَ؟ لأجاب: القضاءَ) فإنّ رواية زرارة[2] -الّتي هي حجّة في ترتيب القضاء- تضمّنت تأخير المغرب و العشاء حتّى يذهب الشّعاع، و من المعلوم أنّ الحاضرة لا يتربّص بها ذلك، فكيف ما يدّعى أنّه يقدّم على الحاضرة؟»[3]
و أمّا صاحب الجواهر فقد برَّر الرّوایة بأسلوب آخر قائلاً:
1. «و معارضتها (هذه المصحَّحة) باشتمالها على ما لا يقول به أكثر العامة من تقديم الحاضرة على الفائتة، إذ كما أن موافقة العامة قرينة على التقية (فکذلک) مخالفتهم قرينة على الرّشد كما نطقت به الأخبار[4] و قضى به الاعتبار حتّى ورد[5]: «أنه إذا حدث ما لا يجد له بُدّاً من معرفته و ليس في البلد من تَستفتيه من موالينا (الشّیعة) فأت فقيهَ البلد (من أهل العامّة) فاستفته في أمرك، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه، فإنّ الحقّ فيه» (و لولا التّعلیل لَحکمنا بأنّها قضیّة خارجیّة لتلک البلد أو لتلک الحالة، بینما سعة نطاق التّعلیل قد مَنحنا ضابطاً عامّاً بأنّ حکمهم زائف یُضاد الحقَّ، فلدی الرّیب أو الجهل سنُعاکِس حکمهم مخالفةً).
2. و منه يظهر حينئذ أنه لا يقدح اشتماله على منع الصّلاة عند الطلوع الذي هو موافق لأكثر العامة أيضاً، على أنه قد اشتمل بعض المعتمد من أخبار المضايقة على نحو ذلك.
3. يدفعها (المعارضة) أنه (امتداد العشاء إلی الفجر) ليس مختصا بالعامة»[6]
و في الختام قد سرَد الشّیخ الأعظم إجابة المحقّق الحليّ عن الشّذوذ الموهوم قائلاً:
«ثمّ أجاب عن الثّاني بأنّه لا نسلّم شذوذهما و قد ذكرهما الحسين بن سعيد[7] و الكليني[8] و الطوسي في التهذيب[9] و الإستبصار[10] و ذكره أبو جعفر بن بابويه في الفقيه[11] و قد أودع فيه ما يعتقد أنّه حجّة فيما بينه و بين ربّه.[12] انتهى (مقال المحقّق).»[13]
و تحریراً أوسع: إنّ عنوان «الشّذوذ»: ذو محتمَلات عدّة نظیر:
1. المُصطلَح الرّائج ضمن الفقه و هو ما أهمله الأصحاب و أعرضوا عنه.
2. و لکنّ مُستهدَفنا حالیّاً هو الشّذوذ النّابع عن 1.قلّة النّقل 2.ولا یَمتلک إلا إسناداً واحداً 3.و یُضادّ ما رواه جماعة أخرون، فبالتّالي ربما لا یَعتریه إعراض الفقهاء أساساً، إذ ربّ شاذّ یُعدّ معمولاً به لدی الأصحاب. [14]
فعلی هذا المِنوال، إنّ الشّاذّ الذي یَجرَح اعتبار الرّوایة هو الأوّل دون الثّاني.
الرّوایة الخامسة تجاه المواسعة
«و منها: مرسلة (الحسن بن عليّ بن) الوشّاء (بینما الجواهر قد عبّر عنها بالصّحیحة) عن (رجل عن) جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام: «قال: قلت: الرّجل يفوته الأولى و العصر و المغرب و ذكرها عند العشاء الآخرة، قال: يبدأ بالوقت (الحاضرة) الّذي هو فيه، فإنّه لا يأمن الموت، فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت، ثمّ يقضي ما فاته، الأولى فالأولى[15].
و عن المحقّق في المعتبر[16]روايته عن جميل[17] فلعلّه (المحقّق) أخذه من كتابه. (فبالتّالي سیُعتبَر سنده).
و وجه الدّلالة أنّ المراد: مَن تذكّر المنسيَّ عند العشاء:
1. إمّا تذكّرُه عند دخول مطلق وقته.
2. و إمّا بذهاب الحمرة المغربيّة -بناء على القول بأنّه آخر وقت المغرب كما هو مذهب جماعة-[18].
3. و إمّا زمان تَمحَّض الوقت له، و هو ما بعد ثلث اللّيل أو ربعه -بناء على انتهاء المغرب بذلك و بقاء العشاء إلى نصف اللّيل-.
و على أيّ حال فقد دلّت الرّواية على رجحان تقديم الحاضرة على الفائتة، و التّعليل المذكور (فإنّه لا يأمن الموت) أمارة الاستحباب.
و لو أبيت إلاّ عن كون وقت العشاء قبل تضيّقه وقتاً للمغرب أيضاً -على ما هو المشهور بين المتأخرين- أمكن حمل قوله: «یَبدأ بالوقت الّذي هو فيه على المغرب و العشاء، فيكون المراد نسيان المغرب في أوّل وقته لا مطلقا. و يحتمل أيضا إرادة مغرب اللّيلة السّابقة.
و يحتمل أيضا أن يكون قد وقع ذكره على سبيل السّهو من السّائل في مقام ذكر المثال للفوائت، كما جمع في السّؤال عن تداخل الأغسال بين غسل العيد و عرفة و الجمعة[19].
و إن أبيت إلاّ عن كون الكلّ مخالفا للظّاهر، قلنا: إنّ عدم مناسبة ذكر المغرب لظاهر السّؤال لا يوجب سقوط الجواب عن قابليّة الاستدلال، فإنّ ظهور الرّواية في تقديم العشاء الحاضرة على قضاء الظّهرين ممّا لا ينبغي إنكاره، و هو كاف في إثبات المواسعة المطلقة، خصوصا بملاحظة التّعليل المذكور فيها.».[20]
و في هذا الحَقل قد تحرّی صاحب الجواهر أیضاً جوانب الرّوایة بدقّة بارعة و بنحو أوسع قائلاً:
«صحيح الوشاء عن رجل عن جميل بن دراج[21] عن الصادق (عليه السلام) قال: «قلت له: يفوت الرجل الأولى و العصر و المغرب و ذكرها عند العشاء الآخرة، قال: يبدأ بالوقت الذي هو فيه، فإنه لا يأمن الموت، فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت، ثم يقضي ما فاته الأولى فالأولى» و النظر فيما ذكره أهل الرجال في أحوال الوشاء و ابن عيسى الذي رواه عنه (و هو المتشدِّد تجاه الرّواة في نقل الرّوایات) و الانجبار بما سمعت (سوف) يرفع ضرر إرساله، على أنه حكي عن صاحب العصرة أن ابن عيسى في نوادره التي عن الصدوق، عدُّها من الكتب المشهورة التي عليها المعول و إليها المرجع رواه عن رجاله عن جميل عن الصادق (عليه السلام) بتفاوت يسير غير قادح في المطلوب، بل عن البحار روايته عن المصنف في المعتبر بإسناده عن جميل كموضع من الوسائل، و كأنهما فهِما منه أنه رواه المصنف من أصل جميل أو من غيره، إذ قد كان عنده (المحقّق) بعض الأصول القديمة و نقل عنها في غير موضع من المعتبر، فلا ينبغي التوقف في الخبر المزبور من جهة ذلك (فلا یَثبت الإرسال) كما أنه لا ينبغي التوقف فيه من جهة الإشكال في ذكر المغرب في سؤاله بعد وضوح الجواب في المراد الذي هو الحجة لا السؤال، على أنه محتمل لصدوره من السائل سهوا أو غلطا، أو إرادة مغرب الليلة السابقة مع ظهري اليوم أو ما قبله أو غير ذلك مما لا مدخلية له فيما نحن فيه.»[22]
و بالتّالي، قد أصاب صاحب الجواهر الرّأيَ الصّائب تجاه الرّوایة.
-------------------------------
[1] الیَنبوع الماضي.
[2] تقدم في الصفحة ٣١٢ في نفس الکتاب.
[3] انصاری مرتضی بن محمدامین. رسائل فقهیة (انصاری) (رسالة في المواسعة و المضایقة). قم ص313 مجمع الفکر الإسلامي.
[4] الوسائل - الباب - ٩ - من أبواب صفات القاضي من كتاب القضاء.
[5] الوسائل - الباب - ٩ - من أبواب صفات القاضي - الحديث ٢٦ من كتاب القضاء.
[6] صاحب جواهر محمدحسن بن باقر.جواهر الکلام (ط. القدیمة). Vol. 13. ص55 بیروت - لبنان: دار إحياء التراث العربي.
[7] رسالة السيد ابن طاوس: ٣٤٢ و ٣٤٣ و البحار ٣٣٠:٨٨.
[8] لم نقف عليهما في الكافي نعم نقل ما يدل على المطلب انظر الكافي ٢٩٢:٣.
[9] التهذيب ٢٧٠:٢، الباب ١٣ من أبواب المواقيت، الحديث ١٠٧٦ و ١٠٧٧.
[10] الاستبصار ٢٨٨:١، الباب ١٥٧، الحديث ١٠٥٣ و ١٠٥٤.
[11] الفقيه ٣٥٥:١ و قد افتى بمضمون الروايتين.
[12] انظر الفقيه ٣:١.
[13] انصاری، مرتضی بن محمدامین. مجمع الفکر الاسلامی. کمیته تحقیق تراث شیخ اعظم. ، رسائل فقهیة (انصاری) (رسالة في المواسعة و المضایقة)، صفحه: ۳۱۳.، قم - ایران، مجمع الفکر الإسلامي
[14] و في هذه الأثناء قد صرّح البعض قائلاً: «كما أنهم صرّحوا بأن الشاذ يطلق على ما صح إسناده و أن الأشهر بين أهل الرواية و الحديث إطلاقُه على ما رواه الثقة مخالفا لما رواه جماعة» (سند محمد. الشهادة الثالثة. ص140 تهران - ایران: موسسة الصادق (ع).)
[15] الوسائل ٣٥١:٥، الباب ٢ من أبواب قضاء الصلوات، الحديث ٥.
[16] المعتبر ٤٠٧:٢.
[17] في «ش»: «ابن جميل».
[18] راجع الجواهر ١٥١:٧ و الحدائق ١٧٥:٦.
[19] لم نقف على ما يشتمل على الجمع في كلام السائل و لعل نظره قدّس سرّه ما رواه في الوسائل ٢: ٩٦٢، الباب ٣١ من أبواب الأغسال المسنونة، و حملها المفيد رحمه اللّٰه على قضاء غسل عرفه كما في الجواهر ٦٦:٥.
[20] انصاری مرتضی بن محمدامین. رسائل فقهیة (انصاری) (رسالة في المواسعة و المضایقة) ص314 -315 مجمع الفکر الإسلامي.
[21] الوسائل - الباب - ٦٢ - من أبواب المواقيت - الحديث ٦ من كتاب الصلاة.
[22] صاحب جواهر محمدحسن بن باقر. جواهر الکلام (ط. القدیمة). Vol. 13. ص55 بیروت - لبنان: دار إحياء التراث العربي.
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِين
و أمّا النّقطة التي قد استَذکرها المستشکل قائلاً: «و إذا تضمّن الخبر ما لا نعمل به دلّ على ضعفه (فیُلغی الخبر بتمامه)» فقد دلَّنا إلی النّقاش الجاري ما بین القدامی و المتأخّرین حیث سارَت دیدنة الأقدمین علی نَبذ الخبر المواجه للإشکال -منذ البدایة- فإذا خالَف الحدیث الإجماع أو الضّرورة أو الشّهرة أو رافَق التقیّة أو... فسُرعانَ ما کانوا یَنبُذون الخبرَ وراءَ ظهورهم بلا تبریر أساساً.
بینما هذا التّفکیر متزعزِع مبنائیّاً إذ قد رسَّخ الجواهر و الشّیخ الأعظم منهجاً متمیّزاً لامعاً بأنّ الفِقرة الموافقة للتّقیّة لا تُحوّل کلّ الرّوایة تقیّةً و لا تُزلزل حجیّة بقیّة الرّوایة إطلاقاً، و لهذا قد تَبنَّی المتأخّرون فکرة «تبعّض الحجیّة» بحیث لو شاهدوا خَللاً دلالیّاً لَما أسقطوا کِیان الخبر عن الحجیّة تماماً بل سیَلتقطون الحجّة عن غیرها، ففي إثره قد نَصّ صاحب الجواهر قائلاً: «ضرورة عدم بطلان حجّية الخبر ببطلانها في بعضه كما هو محرَّر في محلّه، و إلّا لاقتضى سقوط أكثر الأخبار»[1]
ثمّ استَکمل الشّیخ الأعظم أبعاد روایة أبي بصیر المصحَّحة -نقلاً عن المحقّق- قائلاً:
«و لو سلّمنا أنّ الوقت ليس بممتدّ (بل یُعدّ العشائان قضاءً بعد منتصف اللّیل) فما المانع أن يكون ذلك للتقيّة في القضاء (فیَنوي الأداء في کُمونه واقعاً و لکنّه قضاء ظاهراً وفقاً للتّقیّة فلو سأله المخالِف ما نویتَ؟ لأجاب: القضاءَ) فإنّ رواية زرارة[2] -الّتي هي حجّة في ترتيب القضاء- تضمّنت تأخير المغرب و العشاء حتّى يذهب الشّعاع، و من المعلوم أنّ الحاضرة لا يتربّص بها ذلك، فكيف ما يدّعى أنّه يقدّم على الحاضرة؟»[3]
و أمّا صاحب الجواهر فقد برَّر الرّوایة بأسلوب آخر قائلاً:
1. «و معارضتها (هذه المصحَّحة) باشتمالها على ما لا يقول به أكثر العامة من تقديم الحاضرة على الفائتة، إذ كما أن موافقة العامة قرينة على التقية (فکذلک) مخالفتهم قرينة على الرّشد كما نطقت به الأخبار[4] و قضى به الاعتبار حتّى ورد[5]: «أنه إذا حدث ما لا يجد له بُدّاً من معرفته و ليس في البلد من تَستفتيه من موالينا (الشّیعة) فأت فقيهَ البلد (من أهل العامّة) فاستفته في أمرك، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه، فإنّ الحقّ فيه» (و لولا التّعلیل لَحکمنا بأنّها قضیّة خارجیّة لتلک البلد أو لتلک الحالة، بینما سعة نطاق التّعلیل قد مَنحنا ضابطاً عامّاً بأنّ حکمهم زائف یُضاد الحقَّ، فلدی الرّیب أو الجهل سنُعاکِس حکمهم مخالفةً).
2. و منه يظهر حينئذ أنه لا يقدح اشتماله على منع الصّلاة عند الطلوع الذي هو موافق لأكثر العامة أيضاً، على أنه قد اشتمل بعض المعتمد من أخبار المضايقة على نحو ذلك.
3. يدفعها (المعارضة) أنه (امتداد العشاء إلی الفجر) ليس مختصا بالعامة»[6]
و في الختام قد سرَد الشّیخ الأعظم إجابة المحقّق الحليّ عن الشّذوذ الموهوم قائلاً:
«ثمّ أجاب عن الثّاني بأنّه لا نسلّم شذوذهما و قد ذكرهما الحسين بن سعيد[7] و الكليني[8] و الطوسي في التهذيب[9] و الإستبصار[10] و ذكره أبو جعفر بن بابويه في الفقيه[11] و قد أودع فيه ما يعتقد أنّه حجّة فيما بينه و بين ربّه.[12] انتهى (مقال المحقّق).»[13]
و تحریراً أوسع: إنّ عنوان «الشّذوذ»: ذو محتمَلات عدّة نظیر:
1. المُصطلَح الرّائج ضمن الفقه و هو ما أهمله الأصحاب و أعرضوا عنه.
2. و لکنّ مُستهدَفنا حالیّاً هو الشّذوذ النّابع عن 1.قلّة النّقل 2.ولا یَمتلک إلا إسناداً واحداً 3.و یُضادّ ما رواه جماعة أخرون، فبالتّالي ربما لا یَعتریه إعراض الفقهاء أساساً، إذ ربّ شاذّ یُعدّ معمولاً به لدی الأصحاب. [14]
فعلی هذا المِنوال، إنّ الشّاذّ الذي یَجرَح اعتبار الرّوایة هو الأوّل دون الثّاني.
الرّوایة الخامسة تجاه المواسعة
«و منها: مرسلة (الحسن بن عليّ بن) الوشّاء (بینما الجواهر قد عبّر عنها بالصّحیحة) عن (رجل عن) جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام: «قال: قلت: الرّجل يفوته الأولى و العصر و المغرب و ذكرها عند العشاء الآخرة، قال: يبدأ بالوقت (الحاضرة) الّذي هو فيه، فإنّه لا يأمن الموت، فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت، ثمّ يقضي ما فاته، الأولى فالأولى[15].
و عن المحقّق في المعتبر[16]روايته عن جميل[17] فلعلّه (المحقّق) أخذه من كتابه. (فبالتّالي سیُعتبَر سنده).
و وجه الدّلالة أنّ المراد: مَن تذكّر المنسيَّ عند العشاء:
1. إمّا تذكّرُه عند دخول مطلق وقته.
2. و إمّا بذهاب الحمرة المغربيّة -بناء على القول بأنّه آخر وقت المغرب كما هو مذهب جماعة-[18].
3. و إمّا زمان تَمحَّض الوقت له، و هو ما بعد ثلث اللّيل أو ربعه -بناء على انتهاء المغرب بذلك و بقاء العشاء إلى نصف اللّيل-.
و على أيّ
حال فقد دلّت الرّواية على رجحان تقديم الحاضرة على الفائتة، و التّعليل المذكور (فإنّه لا يأمن الموت) أمارة الاستحباب.
و لو أبيت إلاّ عن كون وقت العشاء قبل تضيّقه وقتاً للمغرب أيضاً -على ما هو المشهور بين المتأخرين- أمكن حمل قوله: «یَبدأ بالوقت الّذي هو فيه على المغرب و العشاء، فيكون المراد نسيان المغرب في أوّل وقته لا مطلقا. و يحتمل أيضا إرادة مغرب اللّيلة السّابقة.
و يحتمل أيضا أن يكون قد وقع ذكره على سبيل السّهو من السّائل في مقام ذكر المثال للفوائت، كما جمع في السّؤال عن تداخل الأغسال بين غسل العيد و عرفة و الجمعة[19].
و إن أبيت إلاّ عن كون الكلّ مخالفا للظّاهر، قلنا: إنّ عدم مناسبة ذكر المغرب لظاهر السّؤال لا يوجب سقوط الجواب عن قابليّة الاستدلال، فإنّ ظهور الرّواية في تقديم العشاء الحاضرة على قضاء الظّهرين ممّا لا ينبغي إنكاره، و هو كاف في إثبات المواسعة المطلقة، خصوصا بملاحظة التّعليل المذكور فيها.».[20]
و في هذا الحَقل قد تحرّی صاحب الجواهر أیضاً جوانب الرّوایة بدقّة بارعة و بنحو أوسع قائلاً:
«صحيح الوشاء عن رجل عن جميل بن دراج[21] عن الصادق (عليه السلام) قال: «قلت له: يفوت الرجل الأولى و العصر و المغرب و ذكرها عند العشاء الآخرة، قال: يبدأ بالوقت الذي هو فيه، فإنه لا يأمن الموت، فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت، ثم يقضي ما فاته الأولى فالأولى» و النظر فيما ذكره أهل الرجال في أحوال الوشاء و ابن عيسى الذي رواه عنه (و هو المتشدِّد تجاه الرّواة في نقل الرّوایات) و الانجبار بما سمعت (سوف) يرفع ضرر إرساله، على أنه حكي عن صاحب العصرة أن ابن عيسى في نوادره التي عن الصدوق، عدُّها من الكتب المشهورة التي عليها المعول و إليها المرجع رواه عن رجاله عن جميل عن الصادق (عليه السلام) بتفاوت يسير غير قادح في المطلوب، بل عن البحار روايته عن المصنف في المعتبر بإسناده عن جميل كموضع من الوسائل، و كأنهما فهِما منه أنه رواه المصنف من أصل جميل أو من غيره، إذ قد كان عنده (المحقّق) بعض الأصول القديمة و نقل عنها في غير موضع من المعتبر، فلا ينبغي التوقف في الخبر المزبور من جهة ذلك (فلا یَثبت الإرسال) كما أنه لا ينبغي التوقف فيه من جهة الإشكال في ذكر المغرب في سؤاله بعد وضوح الجواب في المراد الذي هو الحجة لا السؤال، على أنه محتمل لصدوره من السائل سهوا أو غلطا، أو إرادة مغرب الليلة السابقة مع ظهري اليوم أو ما قبله أو غير ذلك مما لا مدخلية له فيما نحن فيه.»[22]
و بالتّالي، قد أصاب صاحب الجواهر الرّأيَ الصّائب تجاه الرّوایة.
-------------------------------
[1] الیَنبوع الماضي.
[2] تقدم في الصفحة ٣١٢ في نفس الکتاب.
[3] انصاری مرتضی بن محمدامین. رسائل فقهیة (انصاری) (رسالة في المواسعة و المضایقة). قم ص313 مجمع الفکر الإسلامي.
[4] الوسائل - الباب - ٩ - من أبواب صفات القاضي من كتاب القضاء.
[5] الوسائل - الباب - ٩ - من أبواب صفات القاضي - الحديث ٢٦ من كتاب القضاء.
[6] صاحب جواهر محمدحسن بن باقر.جواهر الکلام (ط. القدیمة). Vol. 13. ص55 بیروت - لبنان: دار إحياء التراث العربي.
[7] رسالة السيد ابن طاوس: ٣٤٢ و ٣٤٣ و البحار ٣٣٠:٨٨.
[8] لم نقف عليهما في الكافي نعم نقل ما يدل على المطلب انظر الكافي ٢٩٢:٣.
[9] التهذيب ٢٧٠:٢، الباب ١٣ من أبواب المواقيت، الحديث ١٠٧٦ و ١٠٧٧.
[10] الاستبصار ٢٨٨:١، الباب ١٥٧، الحديث ١٠٥٣ و ١٠٥٤.
[11] الفقيه ٣٥٥:١ و قد افتى بمضمون الروايتين.
[12] انظر الفقيه ٣:١.
[13] انصاری، مرتضی بن محمدامین. مجمع الفکر الاسلامی. کمیته تحقیق تراث شیخ اعظم. ، رسائل فقهیة (انصاری) (رسالة في المواسعة و المضایقة)، صفحه: ۳۱۳.، قم - ایران، مجمع الفکر الإسلامي
[14] و في هذه الأثناء قد صرّح البعض قائلاً: «كما أنهم صرّحوا بأن الشاذ يطلق على ما صح إسناده و أن الأشهر بين أهل الرواية و الحديث إطلاقُه على ما رواه الثقة مخالفا لما رواه جماعة» (سند محمد. الشهادة الثالثة. ص140 تهران - ایران: موسسة الصادق (ع).)
[15] الوسائل ٣٥١:٥، الباب ٢ من أبواب قضاء الصلوات، الحديث ٥.
[16] المعتبر ٤٠٧:٢.
[17] في «ش»: «ابن جميل».
[18] راجع الجواهر ١٥١:٧ و الحدائق ١٧٥:٦.
[19] لم نقف على ما يشتمل على الجمع في كلام السائل و لعل نظره قدّس سرّه ما رواه في الوسائل ٢: ٩٦٢، الباب ٣١ من أبواب الأغسال المسنونة، و حملها المفيد رحمه اللّٰه على قضاء غسل عرفه كما في الجواهر ٦٦:٥.
[20] انصاری مرتضی بن محمدامین. رسائل فقهیة (انصاری) (رسالة في المواسعة و المضایقة) ص314 -315 مجمع الفکر الإسلامي.
[21] الوسائل - الباب - ٦٢ - من أبواب المواقيت - الحديث ٦ من كتاب الصلاة.
[22] صاحب جواهر محمدحسن بن باقر. جواهر الکلام (ط. القدیمة). Vol. 13. ص55 بیروت - لبنان: دار إحياء التراث العربي.
نظری ثبت نشده است .