موضوع: صلاة قضاء (المواسعه و المضایقه)
تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٢/٢
شماره جلسه : ۸۱
-
نُکتَتان باقیتان حول حجیّة الأخبار بالقرآن
-
روایة أنیقَة و لائقة لدی أهل المضایقة
-
الجلسة ۱
-
الجلسة ۲
-
الجلسة ۳
-
الجلسة ۴
-
الجلسة ۵
-
الجلسة ۶
-
الجلسة ۷
-
الجلسة ۸
-
الجلسة ۹
-
الجلسة ۱۰
-
الجلسة ۱۱
-
الجلسة ۱۲
-
الجلسة ۱۳
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۲۸
-
الجلسة ۲۹
-
الجلسة ۳۰
-
الجلسة ۳۱
-
الجلسة ۳۲
-
الجلسة ۳۳
-
الجلسة ۳۴
-
الجلسة ۳۵
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
-
الجلسة ۴۱
-
الجلسة ۴۲
-
الجلسة ۴۳
-
الجلسة ۴۴
-
الجلسة ۴۵
-
الجلسة ۴۶
-
الجلسة ۴۷
-
الجلسة ۴۸
-
الجلسة ۴۹
-
الجلسة ۵۰
-
الجلسة ۵۱
-
الجلسة ۵۲
-
الجلسة ۵۳
-
الجلسة ۵۴
-
الجلسة ۵۵
-
الجلسة ۵۶
-
الجلسة ۵۷
-
الجلسة ۵۸
-
الجلسة ۵۹
-
الجلسة ۶۰
-
الجلسة ۶۱
-
الجلسة ۶۲
-
الجلسة ۶۳
-
الجلسة ۶۴
-
الجلسة ۶۵
-
الجلسة ۶۶
-
الجلسة ۶۷
-
الجلسة ۶۸
-
الجلسة ۶۹
-
الجلسة ۷۰
-
الجلسة ۷۱
-
الجلسة ۷۲
-
الجلسة ۷۳
-
الجلسة ۷۴
-
الجلسة ۷۵
-
الجلسة ۷۶
-
الجلسة ۷۷
-
الجلسة ۷۸
-
الجلسة ۷۹
-
الجلسة ۸۰
-
الجلسة ۸۱
-
الجلسة ۸۲
-
الجلسة ۸۳
-
الجلسة ۸۴
-
الجلسة ۸۵
-
الجلسة ۸۶
-
الجلسة ۸۷
-
الجلسة ۸۸
-
الجلسة ۸۹
-
الجلسة ۹۰
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
لقد تحدَّثنا مسبقاً حول منصّة علم الرّجال تجاه حجیّة الأخبار فرَسمنا المراحل اللّازمة لدی دراسة حجیّة الخبر، و سنَتکملها الآن عبرَ النّقاط التّالیة:
1. لقد انخَفَضت اهتمامات الأصولیّین لمبحث «موافقة الخبر مع الکتاب و السّنّة القطعیّة» حیث لم یَتعمَّقوا فیها کما اهتمُّوا بمبحث «حجیّة الآخبار الآحاد» حیث قد أسهَبوا فیه الحوارَ و المعارک ضمن مئات الصّفحات بینما المنهاج الأصبّ یَستدعي أنّ نُطنِب النّقاش حول «موافقة الخبر مع الکتاب» إذ یُعدّ القرآن الکریم هو المِقیاس الرّئیسيّ لمعرفة الخبر السّلیم من السّقیم -لا کمرجِّح بَحت- حیث قد أوصانا المعصومون علیهم السّلام کراراً أن نَراه یوافقه أم یُضادّه.[1].
و قد فسَّرنا مسبقاً مدی «الموافقة» فإنّ الخبر لو لائمَ الکتاب -حتّی في غیر التّعارض- بالدّلالة المطابقیّة أو التّضمّنيّة أو الالتزاميّة أو التیاماً ملاکیّاً حتّی، لانطَبَق معیار الموافقة و لأصبح حجّةً وقتَئذ، بینما الشّیخ الأعظم و الشّهید الصّدر و... قد حدَّدوا الموافقة علی عدم المخالفة فحسب، و لکنّ الأسدّ و الأنسب أنّ نُتَرجِمه بهذه العناصر الأربعة وفقاً للظّهور العرفيّ.
فبالتّالي إنّ میزانیّة «موافقة الکتاب» ناشطة فعّالة حتّی لدی غیر المتعارِضات أیضاً إذ تُحدِّد خطوطَ «حجیّة الخبر» بصورة مطلقة -مضادّاً للنّهج الأصوليّ السّائد الّذي یَراها مرجِّحةً فحسب- فإنّ الخبر إمّا أن یُوافقه أم یُضاربُه ولهذا یُعدّ أتقنَ معیار لتمحیص الأخبار و غَربَلتها بحیث ستَکشف لنا الواقع من دون أن تَتولَّد الأنظار و الآراء المتشتِّتة حول الرّواة و أصل الرّوایات، إذ قد صرَخ النّبيّ الأکرم أیّامَ حجّة الوَداع «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه عزّ و جلّ و عترتى أهل بيتي ألا و هما الخليفتان من بعدي و لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض[2]» فقد دلَّلت بکلّ صراحة علی اندماج حقیقتهما بحیث لن یَنفکّا ذاتیّاً إذ العترة تُعدّ تبیاناً للکتاب -بلا حدوث دور بینهما- فلو امتَثلنا أمر النّبيّ الخاتم لَاتّحَدت کلمة العلماء طُرّاً و لَصان التّراث الشّیعيّ عن الأخطاء و المباني المُتَبعثِرة و الانحرافات و الأکاذیب و... إذ قد حذَّر صلّی الله علیه و آله قائلاً: «قد كثرت عليّ الكذّابة، و ستكثر بعدي، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث عنّي فأعرضوه على كتاب اللّه و سنّتي، فما وافق كتاب اللّه و سنّتي فخذوا به، و ما خالف كتاب اللّه و سنّتي فلا تأخذوا به».[3] بینما لو اتَّکَلنا منذ البدایة علی علم الرّجال و باشَرنا حجیّة السّنّد من أقاویلهم کمعیار -وفقاً لمنهاج المحقّق الخوئيّ الهادِم للتّراث- لَتَزَحلَقنا في المشاجرات الهائلة بحیث لو استَقبَلنا روایات سهل بن زیاد سیراً مع الرّجالیّین لَتوجَّب اتّخاذ المئات من روایاته بینما لو أنکرناه سیراً مع ناکره لانطَرَحت کافّة روایاته، و هذا سیُشعِل احتراقاً للتّراق و ثَغراً وسیعاً في عالم الرّوایات و الفتاوی.
و ثمّة روایة أخیرة -لصالح فکرة المضایقة- قد استَعرضها السّیّد الحکیم ثمّ تعقَّبه المحقّق الخوئيّ، هي کالتّالي: «صحيحة زرارةَ عن أبي جعفر (عليه السّلام) «أنّه سُئل عن رجل صلّى بغير طهور، أو نسيَ صلاة لم يصلّها، أو نام عنها فقال: يَقضيها إذا ذَكرها في أيّ ساعة ذَكرَها من ليل أو نهار، فإذا دخل وقت الصّلاة و لم يتِمّ ما قد فاته فليَقض ما لم يَتخوَّف أن يذهب وقت هذه الصّلاة الّتي قد حضرت و هذه (الحاضرة) أحقّ بوقتها فليصلِّها، فإذا قضاها فليصلّ ما فاته ممّا قد مضى، و لا يَتطوَّع بركعة حتّى يقضي الفريضة كلَّها».[4]
فإنّهم قد فسَّروا «إذا» بالمعنی التّوقیتيّ بحیث قد وقَّتَ الإمام توقیتاً فوریّاً للفائتة، و لکنّ السّیّد الحکیم قد استَنکَفه فاستَظهر «إذا الشّرطیّة» قائلاً:
«إذا ذكرها» يمتنع أن يكون توقيتاً بحدوث الذّكر، إذ لا وقت للقضاء (إجماعاً) و لا شرطاً لوجوبه، فإنّ السّبب التّامّ فيه نفس الفوت و المصلحةِ المبعَّضَة -كما عرفت- (بحیث قد تعلَّق الوجوب مسبقاً) و لا دخل للذُّكر فيها، و لذا يجب القضاء مع الغفلة عنه (بأن یوصي للورثة عقِبَ موته) فلابدّ أن يحمل على كونه (إذا) شرطاً لفعليّته و تنجّزه نظير قولك: «يقضي النّائم إذا استَيقظ و الغافل إذا التَفت» (فحینما انتَبَه لَتفعَّلت تأدیة الصّلاة) و حمله على الفوريّة -بالمعنى الذي يقول به أهل المضايقة- خلاف الظّاهر جدّاً، بل العبارة الظّاهرة فيه أن يقال: «يقضي أوّلَ ما يذكر، فإن ترك فليَقض أوّلاً فأوّلاً» و أين هذا من العبارة المذكورة في الرّواية.»[5]
و لکن نُعارض حملَه علی الشّرطیّة بأنّه یُعدّ بدایة المَعرکة إذ فریقُ المضایقة قد استَظهروا التّوقیتیّة الفوريّة حینَ التّذکّر، فکیف یُصادِر بالمطلوب قائلاً: «إذ لا وقتَ للقضاء»؟ بینما هو أوّل الصّراع.
ثمّ رافَقه المحقّق الخوئيّ أیضاً فضَرَب دلالتها علی الفوریّة قائلاً: [6]
«و أمّا كلمة «إذا» في قوله (عليه السلام): «إذا ذكرها» فليست للتّوقيت لتدلَّ على ظرف العمل و أنّه حال الذّكر (فوراً) بل هي شرطيّة تدلّ على اختصاص «فعليّة التّكليف» بالحال المذكور (أي حینما یَتذکّر علیه تأدیة التّکلیف، فیُصبح قیدَ الوجوب لا الواجب حتّی یُسرع إلی امتثاله) فيكون التّقييد بالذُّكر من باب كونه شرطاً للتّكليف لا من باب كونه ظرفاً للعمل المكلّف به، فهو قيد للوجوب لا للواجب.
و قد ذكرنا في غير مورد، اختصاصَ (تنجّز) الأحكام الواقعيّة بحال الذُّكر و الالتفات و عدم ثبوتها في حقّ النّاسي، و من هنا كان الرّفع في حديث الرّفع بالنّسبة إلى «ما لا يعلمون» ظاهريّاً (وفقاً للمشهور أیضاً أي التّکلیف الشّأنيّ ثابت للجاهل و النّاسي دون فعلیّته و تنجّزه) و لذلك يحسُن الاحتياط عند الجهل (لثبات التّکلیف الشّأنيّ بحقّه) و أمّا بالنسبة إلى غيره من المذكورات في سياقه كالخطأ و النّسيان و الإكراه و الاضطرار و غير ذلك فهو واقعيّ (فمتعلِّقات الرّفع متلوِّنة ففي: ما لایعلمون یُعدّ ظاهريّاً و في البقیّة یُعدّ واقعیّاً وفقاً للمشهور) فالتّقييد بقوله (عليه السلام): «إذا ذكرها...» لبيان هذه النّكتة و أنّه لا تكليف بالقضاء حتّى واقعاً (فعلیّاً) ما دام لم يَتذكّر (فلا یَلزَم الورثةَ القضاءُ عنه) و إنّما يبلغ التّكليف المذكور حدَّ الفعليّة و يَتوجّه نحوَ المكلّف (منتجِّزاً هو) في حال التّذكّر، من دون دلالة لهذه النّصوص على أنّ ظرف العمل أعني به القضاء هو هذه الحال كي تجب المبادرة إليه أو أنّه موسَّع كي لا تجب (و إنّما قد بیَّن شرطَ الوجوب و تنجّز الواجب بالتّذکّر)».
-------------------------
[1] حیث قد أُثِر عنهم علیهم السّلام:
- ««إذا جاءكم عنّا حديث فاعرضوه على كتاب اللّٰه، فإذا وافقه فخذوه، و إن خالفه فردّوه و اضربوا به عرض الحائط».
- و في الكافي بسند صحيح عن الصادق عليه السلام: «إنّ الحديث الذي لا يوافق القرآن فهو زخرف».
- و عنه صلى الله عليه و آله: «ستكثر من بعدي الأحاديث، فما وافق كتاب اللّٰه فخذوه، و ما خالفه فانبذوه» (راجع تهذيب الاحكام ٣٠٢:٦، و أُصول الكافي ٦٩:١ ح ٢.).
- و کذا في الاحتجاج الطّبرسيّ: «وَ رُوِيَ أَنَّ الْمَأْمُونَ بَعْدَ مَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ أُمَّ الْفَضْلِ أَبَا جَعْفَرٍ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَ عِنْدَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ وَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ مَا تَقُولُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ أَنَّهُ نَزَلَ جَبْرَئِيلُع عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ سَلْ أَبَا بَكْرٍ هَلْ هُوَ عَنِّي رَاضٍ فَإِنِّي عَنْهُ رَاضٍ؟ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لَسْتُ بِمُنْكِرٍ فَضْلَ أَبِي بَكْرٍ وَ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ هَذَا الْخَبَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِثَالَ الْخَبَرِ الَّذِي قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ الْكَذَّابَةُ وَ سَتَكْثُرُ بَعْدِي (في بعض المصادر: الکذّابة) فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ فَإِذَا أَتَاكُمُ الْحَدِيثُ عَنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّتِي فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ وَ سُنَّتِي فَخُذُوا بِهِ وَ مَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَ سُنَّتِي فَلَا تَأْخُذُوا بِهِ وَ لَيْسَ يُوَافِقُ هَذَا الْخَبَرُ كِتَابَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فَاللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَفِيَ عَلَيْهِ رِضَاءُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ سَخَطِهِ حَتَّى سَأَلَ عَنْ مَكْنُونَ سِرِّهِ؟ هَذَا مُسْتَحِيلٌ فِي الْعُقُول» (الإحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي)، ج2، ص: 447).
- و کذا: «قد كثرت عليّ الكذّابة، و ستكثر بعدي، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث عنّي فأعرضوه على كتاب اللّه و سنّتي، فما وافق كتاب اللّه و سنّتي فخذوا به، و ما خالف كتاب اللّه و سنّتي فلا تأخذوا به». (عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج23-الجواد، ص: 183)
- و کذا «قول النّبى صلّى اللّه عليه و اله ستكثر بعدى القالة علىّ و فى رواية يكذب علىّ بعدى و قول ابى عبد اللّه عليه السّلم ان لكلّ رجل منّا رجلا يكذب عليه» (الرواشح السماوية في شرح الأحاديث الإمامية (ميرداماد)، ص: 193 . و المعتبر للمحقّق الحلّيّ ج1 ص29 . و بحار الأنوار ج2 ص225).
[2] أما من طريق العامة اخرجه مسلم ج ٧ ص ١٢٢ و الدارمى ح ٢ ص ٤٣٢ و مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٠٩ و خصائص النسائى ص ٣٠ و مسند أحمد ج ٣ ص ١٤ و ١٧ و ٢٦ و ٥٩ و ج ٤ ص ٣٥٦ و ٣٨١ بألفاظ مختلفة و أما من طريق الخاصة فمروى بطرق متعددة.
[3] مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج23 ص: 183 و ثمّة یَنابیع أخری من الفرقة البکریّة أیضاً.
[4] الوسائل ٢٥٦:٨ /أبواب قضاء الصلوات ب ٢ ح ٣.
[5] حکیم محسن. مستمسک العروة الوثقی. Vol. 7. ص90 قم - ایران: دار التفسير.
[6] خوئی سید ابوالقاسم. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. ص165 قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
لقد تحدَّثنا مسبقاً حول منصّة علم الرّجال تجاه حجیّة الأخبار فرَسمنا المراحل اللّازمة لدی دراسة حجیّة الخبر، و سنَتکملها الآن عبرَ النّقاط التّالیة:
1. لقد انخَفَضت اهتمامات الأصولیّین لمبحث «موافقة الخبر مع الکتاب و السّنّة القطعیّة» حیث لم یَتعمَّقوا فیها کما اهتمُّوا بمبحث «حجیّة الآخبار الآحاد» حیث قد أسهَبوا فیه الحوارَ و المعارک ضمن مئات الصّفحات بینما المنهاج الأصبّ یَستدعي أنّ نُطنِب النّقاش حول «موافقة الخبر مع الکتاب» إذ یُعدّ القرآن الکریم هو المِقیاس الرّئیسيّ لمعرفة الخبر السّلیم من السّقیم -لا کمرجِّح بَحت- حیث قد أوصانا المعصومون علیهم السّلام کراراً أن نَراه یوافقه أم یُضادّه.[1].
و قد فسَّرنا مسبقاً مدی «الموافقة» فإنّ الخبر لو لائمَ الکتاب -حتّی في غیر التّعارض- بالدّلالة المطابقیّة أو التّضمّنيّة أو الالتزاميّة أو التیاماً ملاکیّاً حتّی، لانطَبَق معیار الموافقة و لأصبح حجّةً وقتَئذ، بینما الشّیخ الأعظم و الشّهید الصّدر و... قد حدَّدوا الموافقة علی عدم المخالفة فحسب، و لکنّ الأسدّ و الأنسب أنّ نُتَرجِمه بهذه العناصر الأربعة وفقاً للظّهور العرفيّ.
فبالتّالي إنّ میزانیّة «موافقة الکتاب» ناشطة فعّالة حتّی لدی غیر المتعارِضات أیضاً إذ تُحدِّد خطوطَ «حجیّة الخبر» بصورة مطلقة -مضادّاً للنّهج الأصوليّ السّائد الّذي یَراها مرجِّحةً فحسب- فإنّ الخبر إمّا أن یُوافقه أم یُضاربُه ولهذا یُعدّ أتقنَ معیار لتمحیص الأخبار و غَربَلتها بحیث ستَکشف لنا الواقع من دون أن تَتولَّد الأنظار و الآراء المتشتِّتة حول الرّواة و أصل الرّوایات، إذ قد صرَخ النّبيّ الأکرم أیّامَ حجّة الوَداع «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه عزّ و جلّ و عترتى أهل بيتي ألا و هما الخليفتان من بعدي و لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض[2]» فقد دلَّلت بکلّ صراحة علی اندماج حقیقتهما بحیث لن یَنفکّا ذاتیّاً إذ العترة تُعدّ تبیاناً للکتاب -بلا حدوث دور بینهما- فلو امتَثلنا أمر النّبيّ الخاتم لَاتّحَدت کلمة العلماء طُرّاً و لَصان التّراث الشّیعيّ عن الأخطاء و المباني المُتَبعثِرة و الانحرافات و الأکاذیب و... إذ قد حذَّر صلّی الله علیه و آله قائلاً: «قد كثرت عليّ الكذّابة، و ستكثر بعدي، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث عنّي فأعرضوه على كتاب اللّه و سنّتي، فما وافق كتاب اللّه و سنّتي فخذوا به، و ما خالف كتاب اللّه و سنّتي فلا تأخذوا به».[3] بینما لو اتَّکَلنا منذ البدایة علی علم الرّجال و باشَرنا حجیّة السّنّد من أقاویلهم کمعیار -وفقاً لمنهاج المحقّق الخوئيّ الهادِم للتّراث- لَتَزَحلَقنا في المشاجرات الهائلة بحیث لو استَقبَلنا روایات سهل بن زیاد سیراً مع الرّجالیّین لَتوجَّب اتّخاذ المئات من روایاته بینما لو أنکرناه سیراً مع ناکره لانطَرَحت کافّة روایاته، و هذا سیُشعِل احتراقاً للتّراق و ثَغراً وسیعاً في عالم الرّوایات و الفتاوی.
و ثمّة روایة أخیرة -لصالح فکرة المضایقة- قد استَعرضها السّیّد الحکیم ثمّ تعقَّبه المحقّق الخوئيّ، هي کالتّالي: «صحيحة زرارةَ عن أبي جعفر (عليه السّلام) «أنّه سُئل عن رجل صلّى بغير طهور، أو نسيَ صلاة لم يصلّها، أو نام عنها فقال: يَقضيها إذا ذَكرها في أيّ ساعة ذَكرَها من ليل أو نهار، فإذا دخل وقت الصّلاة و لم يتِمّ ما قد فاته فليَقض ما لم يَتخوَّف أن يذهب وقت هذه الصّلاة الّتي قد حضرت و هذه (الحاضرة) أحقّ بوقتها فليصلِّها، فإذا قضاها فليصلّ ما فاته ممّا قد مضى، و لا يَتطوَّع بركعة حتّى يقضي الفريضة كلَّها».[4]
فإنّهم قد فسَّروا «إذا» بالمعنی التّوقیتيّ بحیث قد وقَّتَ الإمام توقیتاً فوریّاً للفائتة، و لکنّ السّیّد الحکیم قد استَنکَفه فاستَظهر «إذا الشّرطیّة» قائلاً:
«إذا ذكرها» يمتنع أن يكون توقيتاً بحدوث الذّكر، إذ لا وقت للقضاء (إجماعاً) و لا شرطاً لوجوبه، فإنّ السّبب التّامّ فيه نفس الفوت و المصلحةِ المبعَّضَة -كما عرفت- (بحیث قد تعلَّق الوجوب مسبقاً) و لا دخل للذُّكر فيها، و لذا يجب القضاء مع الغفلة عنه (بأن یوصي للورثة عقِبَ موته) فلابدّ أن يحمل على كونه (إذا) شرطاً لفعليّته و تنجّزه نظير قولك: «يقضي النّائم إذا استَيقظ و الغافل إذا التَفت» (فحینما انتَبَه لَتفعَّلت تأدیة الصّلاة) و حمله على الفوريّة -بالمعنى الذي يقول به أهل المضايقة- خلاف الظّاهر جدّاً، بل العبارة الظّاهرة فيه أن يقال: «يقضي أوّلَ ما يذكر، فإن ترك فليَقض أوّلاً فأوّلاً» و أين هذا من العبارة المذكورة في الرّواية.»[5]
و لکن نُعارض حملَه علی الشّرطیّة بأنّه یُعدّ بدایة المَعرکة إذ فریقُ المضایقة قد استَظهروا التّوقیتیّة الفوريّة حینَ التّذکّر، فکیف یُصادِر بالمطلوب قائلاً: «إذ لا وقتَ للقضاء»؟ بینما هو أوّل
الصّراع.
ثمّ رافَقه المحقّق الخوئيّ أیضاً فضَرَب دلالتها علی الفوریّة قائلاً: [6]
«و أمّا كلمة «إذا» في قوله (عليه السلام): «إذا ذكرها» فليست للتّوقيت لتدلَّ على ظرف العمل و أنّه حال الذّكر (فوراً) بل هي شرطيّة تدلّ على اختصاص «فعليّة التّكليف» بالحال المذكور (أي حینما یَتذکّر علیه تأدیة التّکلیف، فیُصبح قیدَ الوجوب لا الواجب حتّی یُسرع إلی امتثاله) فيكون التّقييد بالذُّكر من باب كونه شرطاً للتّكليف لا من باب كونه ظرفاً للعمل المكلّف به، فهو قيد للوجوب لا للواجب.
و قد ذكرنا في غير مورد، اختصاصَ (تنجّز) الأحكام الواقعيّة بحال الذُّكر و الالتفات و عدم ثبوتها في حقّ النّاسي، و من هنا كان الرّفع في حديث الرّفع بالنّسبة إلى «ما لا يعلمون» ظاهريّاً (وفقاً للمشهور أیضاً أي التّکلیف الشّأنيّ ثابت للجاهل و النّاسي دون فعلیّته و تنجّزه) و لذلك يحسُن الاحتياط عند الجهل (لثبات التّکلیف الشّأنيّ بحقّه) و أمّا بالنسبة إلى غيره من المذكورات في سياقه كالخطأ و النّسيان و الإكراه و الاضطرار و غير ذلك فهو واقعيّ (فمتعلِّقات الرّفع متلوِّنة ففي: ما لایعلمون یُعدّ ظاهريّاً و في البقیّة یُعدّ واقعیّاً وفقاً للمشهور) فالتّقييد بقوله (عليه السلام): «إذا ذكرها...» لبيان هذه النّكتة و أنّه لا تكليف بالقضاء حتّى واقعاً (فعلیّاً) ما دام لم يَتذكّر (فلا یَلزَم الورثةَ القضاءُ عنه) و إنّما يبلغ التّكليف المذكور حدَّ الفعليّة و يَتوجّه نحوَ المكلّف (منتجِّزاً هو) في حال التّذكّر، من دون دلالة لهذه النّصوص على أنّ ظرف العمل أعني به القضاء هو هذه الحال كي تجب المبادرة إليه أو أنّه موسَّع كي لا تجب (و إنّما قد بیَّن شرطَ الوجوب و تنجّز الواجب بالتّذکّر)».
-------------------------
[1] حیث قد أُثِر عنهم علیهم السّلام:
- ««إذا جاءكم عنّا حديث فاعرضوه على كتاب اللّٰه، فإذا وافقه فخذوه، و إن خالفه فردّوه و اضربوا به عرض الحائط».
- و في الكافي بسند صحيح عن الصادق عليه السلام: «إنّ الحديث الذي لا يوافق القرآن فهو زخرف».
- و عنه صلى الله عليه و آله: «ستكثر من بعدي الأحاديث، فما وافق كتاب اللّٰه فخذوه، و ما خالفه فانبذوه» (راجع تهذيب الاحكام ٣٠٢:٦، و أُصول الكافي ٦٩:١ ح ٢.).
- و کذا في الاحتجاج الطّبرسيّ: «وَ رُوِيَ أَنَّ الْمَأْمُونَ بَعْدَ مَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ أُمَّ الْفَضْلِ أَبَا جَعْفَرٍ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَ عِنْدَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ وَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ مَا تَقُولُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ أَنَّهُ نَزَلَ جَبْرَئِيلُع عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ سَلْ أَبَا بَكْرٍ هَلْ هُوَ عَنِّي رَاضٍ فَإِنِّي عَنْهُ رَاضٍ؟ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لَسْتُ بِمُنْكِرٍ فَضْلَ أَبِي بَكْرٍ وَ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ هَذَا الْخَبَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِثَالَ الْخَبَرِ الَّذِي قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ الْكَذَّابَةُ وَ سَتَكْثُرُ بَعْدِي (في بعض المصادر: الکذّابة) فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ فَإِذَا أَتَاكُمُ الْحَدِيثُ عَنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّتِي فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ وَ سُنَّتِي فَخُذُوا بِهِ وَ مَا خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَ سُنَّتِي فَلَا تَأْخُذُوا بِهِ وَ لَيْسَ يُوَافِقُ هَذَا الْخَبَرُ كِتَابَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فَاللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَفِيَ عَلَيْهِ رِضَاءُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ سَخَطِهِ حَتَّى سَأَلَ عَنْ مَكْنُونَ سِرِّهِ؟ هَذَا مُسْتَحِيلٌ فِي الْعُقُول» (الإحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي)، ج2، ص: 447).
- و کذا: «قد كثرت عليّ الكذّابة، و ستكثر بعدي، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث عنّي فأعرضوه على كتاب اللّه و سنّتي، فما وافق كتاب اللّه و سنّتي فخذوا به، و ما خالف كتاب اللّه و سنّتي فلا تأخذوا به». (عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج23-الجواد، ص: 183)
- و کذا «قول النّبى صلّى اللّه عليه و اله ستكثر بعدى القالة علىّ و فى رواية يكذب علىّ بعدى و قول ابى عبد اللّه عليه السّلم ان لكلّ رجل منّا رجلا يكذب عليه» (الرواشح السماوية في شرح الأحاديث الإمامية (ميرداماد)، ص: 193 . و المعتبر للمحقّق الحلّيّ ج1 ص29 . و بحار الأنوار ج2 ص225).
[2] أما من طريق العامة اخرجه مسلم ج ٧ ص ١٢٢ و الدارمى ح ٢ ص ٤٣٢ و مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٠٩ و خصائص النسائى ص ٣٠ و مسند أحمد ج ٣ ص ١٤ و ١٧ و ٢٦ و ٥٩ و ج ٤ ص ٣٥٦ و ٣٨١ بألفاظ مختلفة و أما من طريق الخاصة فمروى بطرق متعددة.
[3] مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج23 ص: 183 و ثمّة یَنابیع أخری من الفرقة البکریّة أیضاً.
[4] الوسائل ٢٥٦:٨ /أبواب قضاء الصلوات ب ٢ ح ٣.
[5] حکیم محسن. مستمسک العروة الوثقی. Vol. 7. ص90 قم - ایران: دار التفسير.
[6] خوئی سید ابوالقاسم. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. ص165 قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
نظری ثبت نشده است .