موضوع: صلاة قضاء (المواسعه و المضایقه)
تاریخ جلسه : ١٤٠٤/٢/٦
شماره جلسه : ۸۲
-
التّدقیق الأرفَع في محتوی حدیث الرّفع
-
اختتام روایة زرارة باستدلالات الأعلام البَرَرة
-
اعتراضیّة عامّة مثالیّة تجاه نظریّة الفوریّة
-
الجلسة ۱
-
الجلسة ۲
-
الجلسة ۳
-
الجلسة ۴
-
الجلسة ۵
-
الجلسة ۶
-
الجلسة ۷
-
الجلسة ۸
-
الجلسة ۹
-
الجلسة ۱۰
-
الجلسة ۱۱
-
الجلسة ۱۲
-
الجلسة ۱۳
-
الجلسة ۱۴
-
الجلسة ۱۵
-
الجلسة ۱۶
-
الجلسة ۱۷
-
الجلسة ۱۸
-
الجلسة ۱۹
-
الجلسة ۲۰
-
الجلسة ۲۱
-
الجلسة ۲۲
-
الجلسة ۲۳
-
الجلسة ۲۴
-
الجلسة ۲۵
-
الجلسة ۲۶
-
الجلسة ۲۷
-
الجلسة ۲۸
-
الجلسة ۲۹
-
الجلسة ۳۰
-
الجلسة ۳۱
-
الجلسة ۳۲
-
الجلسة ۳۳
-
الجلسة ۳۴
-
الجلسة ۳۵
-
الجلسة ۳۶
-
الجلسة ۳۷
-
الجلسة ۳۸
-
الجلسة ۳۹
-
الجلسة ۴۰
-
الجلسة ۴۱
-
الجلسة ۴۲
-
الجلسة ۴۳
-
الجلسة ۴۴
-
الجلسة ۴۵
-
الجلسة ۴۶
-
الجلسة ۴۷
-
الجلسة ۴۸
-
الجلسة ۴۹
-
الجلسة ۵۰
-
الجلسة ۵۱
-
الجلسة ۵۲
-
الجلسة ۵۳
-
الجلسة ۵۴
-
الجلسة ۵۵
-
الجلسة ۵۶
-
الجلسة ۵۷
-
الجلسة ۵۸
-
الجلسة ۵۹
-
الجلسة ۶۰
-
الجلسة ۶۱
-
الجلسة ۶۲
-
الجلسة ۶۳
-
الجلسة ۶۴
-
الجلسة ۶۵
-
الجلسة ۶۶
-
الجلسة ۶۷
-
الجلسة ۶۸
-
الجلسة ۶۹
-
الجلسة ۷۰
-
الجلسة ۷۱
-
الجلسة ۷۲
-
الجلسة ۷۳
-
الجلسة ۷۴
-
الجلسة ۷۵
-
الجلسة ۷۶
-
الجلسة ۷۷
-
الجلسة ۷۸
-
الجلسة ۷۹
-
الجلسة ۸۰
-
الجلسة ۸۱
-
الجلسة ۸۲
-
الجلسة ۸۳
-
الجلسة ۸۴
-
الجلسة ۸۵
-
الجلسة ۸۶
-
الجلسة ۸۷
-
الجلسة ۸۸
-
الجلسة ۸۹
-
الجلسة ۹۰
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
التّدقیق الأرفَع في محتوی حدیث الرّفع
لازلنا نَجول حول بیانات المحقّق الخوئيّ بأنّ «التّذکّر» یُعدّ شرطاً لفعلیّة وجوب القضاء و تنجّزه حیث قد صُرِّح: «یقضیها إذا ذکرها» فإنّ «إذا» شرطیّة لا توقیتیّة زمنیّة -أي یقضیها حین التّذکّر- کي تُثمِر الفوریّة، ثمّ بَسط المحقّق الخوئيّ زوایا حدیث الرّفع قائلاً:
«و قد ذكرنا في غير مورد، اختصاصَ (تنجّز) الأحكام الواقعيّة بحال الذُّكر و الالتفات و عدم ثبوتها في حقّ النّاسي، و من هنا كان الرّفع في حديث الرّفع بالنّسبة إلى «ما لا يعلمون» ظاهريّاً (وفقاً للمشهور أیضاً أي التّکلیف الشّأنيّ ثابت للجاهل و النّاسي دون فعلیّته و تنجّزه) و لذلك يحسُن الاحتياط عند الجهل (لثبات التّکلیف الشّأنيّ بحقّه) و أمّا بالنسبة إلى غيره من المذكورات في سياقه كالخطأ و النّسيان و الإكراه و الاضطرار و غير ذلك فهو واقعيّ (فمتعلِّقات الرّفع متلوِّنة ففي: ما لایعلمون یُعدّ المتعلَّق ظاهريّاً و في البقیّة یُعدّ واقعیّاً وفقاً لتنسیق المشهور) فالتّقييد بقوله (عليه السلام): «إذا ذكرها...» لبيان هذه النّكتة و أنّه لا تكليف بالقضاء حتّى واقعاً (فعلیّاً) ما دام لم يَتذكّر (فلا یَلزَم الورثةَ القضاءُ عنه) و إنّما يبلغ التّكليف المذكور حدَّ الفعليّة (منتجِّزاً) و يَتوجّه نحوَ المكلّف (هو) في حال التّذكّر، من دون دلالة لهذه النّصوص على أنّ ظرف العمل أعني به القضاء هو هذه الحال كي تجب المبادرة إليه أو أنّه موسَّع كي لا تجب. (و إنّما قد بیَّن شرطَ الوجوب و تنجّز الواجب بالتّذکّر)».[1]
و قِبالاً لذلک، قد فسَّر المشهور الرّفع بالظّاهريّ بحیث لو نسي الصّلاة حتّی موته لَتوجَّب القضاء نظراً لفعلیّته و تنجّزه المسبَق، بینما المحقّق الخوئيّ قد تَرجَمه بالرّفع الواقعيّ للجاهل و النّاسي -وفقاً للأنسب الأبرَز- بحیث لم یَتفعَّل الوجوب بحقّهما کي یُقضی عقبَ موتهما.
و بات مشرِقاً بأنّ معنی «الواقع» لیس مرحلة الإنشاء و الجعل إذ قد أنشَأ الشّارع لعامّة المکلَّفین ضمن اللّوح المحفوظ بل یَعني الرّفعَ لدی مرحلة الفعلیّة .
و قد أطنَبا الحوارَ مسبقاً حول أبعاد حدیث الرّفع و مدی دلالته، فالتَقَطنا ثلاثةَ آراء في تفسیره، بأنّ:
1. الرّفعَ ظاهريّ لکلّ الفِقرات و العناصر المزبورة وفقاً للمشهور.
2. الرّفعَ واقعيّ تجاه کافّة الفِقرات وفقاً للأسدّ الأصبّ، بحیث قد استَنتَجنا علی أثره أیضاً أنّ القاعدة الشّهیرة: «الأحکام مشترکة بین العالم والجاهل» منبوذة تماماً إذ لم یَتفعَّل أيُّ بحقّ الجُهّال أساساً کي یُقضی عنه ثمّ انتَصَرنا بمقالة صاحب المنتقی أیضاً کشاهد قویم و حکیم علی استظهارنا.
3. التّفکیکَ بین الفِقرات بحیث إنّ الرّفع واقعيّ تجاه الجاهل و النّاسي، و لکنّه واقعيّ تجاه البقیّة وفقاً لنهج المحقّق الخوئيّ آنفاً.
اختتام روایة زرارة باستدلالات الأعلام البَرَرة
لقد استَظهر السّیّد الحکیم من فِقرة: «في أيّ ساعة» أنّ الإمام قد استَهدَف توسیع فترة القضاء -إبعاداً لتوهّم الاستعجال- قائلاً: «في أي ساعة، وارد لبيان عدم اعتبار المطابقة بين الأداء و القضاء في الزّمان (و سعة القضاء) لا لبيان وجوب المبادرة في أوّل الأزمنة.»[2]
ثمّ برَّر الفِقرة القائلة: «فإذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت، و هذه أحق بوقتها فليصلها، فاذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضى. و لا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلّها» فأجابها قائلاً: «و إن كان (استدلال المضایقة) بالفقرة الثّانية فهو مبني على عدم كون المورد مورد توهّم الحظر (أي حظر القضاء لدی وقت الحاضرة) لكنّ الظّاهر ذلك، لكون الحاضرة صاحبة الوقت و لا تشاركها فيه الفائتة.»
ثمّ تَناوَل الفِقرة القائلة: «و هذه أحقّ بوقتها» قائلاً: «وجه عدم المنافاة: أنّ ذلك ذُكر بعد الحكم بمشروعيّة فعل الفائتة الموهِم لانتفاء الأحقّيّة للحاضرة. فتأمّل جيّداً، و إن كان بالفقرة الثالثة فهي أجنبية عن المضايقة بالمرة. و إنما تدل على بطلان النافلة لمن عليه فائتة، الملازم الاعتبار الترتيب بينهما.»[3]
اعتراضیّة عامّة مثالیّة تجاه نظریّة الفوریّة
و في نفس المضمار، قد استَشکل المحقّق الخوئيّ بإشکالیّة کلّیّة تجاه روایات المضایقة قائلاً:
«و فيه: أنّ التّضيّق في هذه الروايات ناظر إلى بيان الوجوب الشّرطي (لصحّة الحاضرة) و أنّ الشرط في صحّة الحاضرة أو التّطوّع إنّما هو فراغ الذمّة عن القضاء ما دام لم يفت به وقت الحاضرة، و هذه مسألة أُخرى أجنبيّة عمّا نحن بصدده الآن (و هو الوجوب النّفسيّ للقضاء وفقاً لزعم أهل المضایقة) فقد أشرنا في صدر البحث إلى أنّ الكلام في المواسعة و المضايقة يقع تارة في الوجوب النفسي و أُخرى في الوجوب الشرطي، و الكلام فعلاً معقود للجهة الاُولى، و هذه الروايات غير دالّة على الوجوب المذكور كما لا يخفى.»[4]
ثمّ أردَف اعتراضاً آخر قائلاً:
«مع أنّ الضيق الذي يدّعيه القائلون بالمضايقة إمّا:
1. أن يراد به الضيق الحقيقيّ (العقليّ) بمعنى وجوب المبادرة في آن الالتفات و أوّل زمان التّذكّر كما قد يظهر من بعض القائلين به، حيث إنّهم بالغوا في ذلك فالتزموا بالاقتصار على الضروري من المأكل و المشرب و الكسب و نحو ذلك، و يساعده ظواهر النصوص المتضمّنة لقوله (عليه السلام): «متى ذكرها» أو «إذا ذكرها» (کما اعترف به أهل المضایقة أیضاً سلَفاً).
2. أو يراد به الضيق العرفي الذي لا ينافيه التأخير اليسير كساعة و نحوها.
فعلى الأوّل: فالنّصوص الواردة في نوم النّبي -صلى اللّٰه عليه و آله و سلم- عن صلاة الفجر (حیث لم یَستعجل في القضاء بل قدَّم الأذان ثم النّافلة ثمّ القضاء) و قد تقدّم ذكر بعضها[5] تكون حجّة عليهم بناء على الأخذ بها و الالتزام بمضمونها .... فلا محالة ينبغي حملها على التقية أو على محمل آخر ..... و عليه فتكون هذه النصوص منافية للتّضييق الحقيقيّ، لدلالتها على أنّه -صلى اللّٰه عليه و آله و سلم- بعد انتباهه من النوم و اعتراضه على بلال و اعتذار هذا منه أمر بالارتحال من المكان المذكور، ثمّ بعد ذلك أذن بلال فصلّى النبيّ (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) ركعتي الفجر، ثمّ قام فصلّى بهم الصبح، و معلوم أنّ هذه الأُمور السابقة على صلاة الصبح تستغرق برهة من الوقت فلم يقع إذن قضاء الصبح أوّل آن التذكّر، بل تأخّر عنه بمقدار ينافي الضيق الحقيقي.
و على الثاني: و هو أنّ يراد به الضّيق العرفيّ غير المنافي للتأخير بمقدار يسير فلا دليل على اعتبار مثله، فانّ ظواهر النصوص المستدلّ بها للتضيق إنّما هو الضيق الحقيقي دون العرفي كما عرفت.
نعم، إنّ صحيحة أبي ولاّد الواردة في حكم المسافر القاصد للمسافة و قد عدل عن قصده ذلك قبل الوصول إلى غايته و صلّى قصراً ظاهرة في الضيق العرفي، لقوله (عليه السلام) فيها: «و إن كنت لم تسِر في يومك الذي خرجت فيه بريداً فانّ عليك أن تقضي كلّ صلاة صلّيتها في يومك ذلك، بالتقصير بتمام من قبل أن تؤمّ من مكانك ذلك...»[6] حيث إنّه (عليه السلام) حكم بقضاء ما صلّاهُ قصراً إذا لم يبلغ المسافة، كما تقتضيه القاعدة أيضاً، فإنّ سفره حينئذ كان خيالياً لا واقعياً، و حكم أيضاً بلزوم إيقاع القضاء في المكان نفسه قبل أن يخرج منه، فتكون الرواية دالّة على التضيق العرفي في القضاء (حیث لم یَستجعله الإمام) نظراً إلى تحديده بما قبل خروجه عن المكان، دون التضيق الحقيقي في أوّل آن التّذكّر، هذا.
و لكنّ الصحيحة و إن كانت قوية الدلالة على المضايقة، إلّا أنّها محمولة على الاستحباب في أصل القضاء فضلاً عن اعتبار التضيق فيه، و الأصحاب لم يعملوا بها في موردها، لأجل معارضتها لصحيحة زرارة [7].قال: «سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده، فدخل عليه الوقت و قد خرج من القرية على فرسخين فصلّوا، و انصرف (و رجع) بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج، ما يصنع بالصلاة التي كان صلّاها ركعتين؟ قال: تمّت صلاته و لا يعيد»[8]
و في خطّه أیضاً قد أجاب السّیّد الحکیم عن الرّوایة قائلاً:
«و فيه: -مع أنّها غير دالة على المضايقة، و أنها لم يعرف قائل بها- أنّها معارضة بما دلّ على الاجتزاء بالصّلاة قصراً (بلا إعادة) الموجِب ذلك لحملها على الاستحباب أو طرحها، فلا تصلح حجة في المقام.»[9]
----------------------------
[1] خوئی سید ابوالقاسم. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. ص165 قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[2] حکیم، محسن. نويسنده محمد کاظم بن عبد العظیم یزدی. ، مستمسک العروة الوثقی، جلد: ۷، صفحه: ۹۲، قم - ایران، دار التفسير
[3] حکیم محسن. 1374. مستمسک العروة الوثقی. Vol. 7. قم - ایران: دار التفسير.
[4] خوئی سید ابوالقاسم. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. ص166 قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[5] في ص ١٦٣.
[6] الوسائل ٤٦٩:٨ /أبواب صلاة المسافر ب ٥ ح ١.
[7] الوسائل ٥٢١:٨ /أبواب صلاة المسافر ب ٢٣ ح ١.
[8] خوئی سید ابوالقاسم. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. ص168-169 قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[9] حکیم محسن. مستمسک العروة الوثقی. Vol. 7. ص91 قم - ایران: دار التفسير.
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ
التّدقیق الأرفَع في محتوی حدیث الرّفع
لازلنا نَجول حول بیانات المحقّق الخوئيّ بأنّ «التّذکّر» یُعدّ شرطاً لفعلیّة وجوب القضاء و تنجّزه حیث قد صُرِّح: «یقضیها إذا ذکرها» فإنّ «إذا» شرطیّة لا توقیتیّة زمنیّة -أي یقضیها حین التّذکّر- کي تُثمِر الفوریّة، ثمّ بَسط المحقّق الخوئيّ زوایا حدیث الرّفع قائلاً:
«و قد ذكرنا في غير مورد، اختصاصَ (تنجّز) الأحكام الواقعيّة بحال الذُّكر و الالتفات و عدم ثبوتها في حقّ النّاسي، و من هنا كان الرّفع في حديث الرّفع بالنّسبة إلى «ما لا يعلمون» ظاهريّاً (وفقاً للمشهور أیضاً أي التّکلیف الشّأنيّ ثابت للجاهل و النّاسي دون فعلیّته و تنجّزه) و لذلك يحسُن الاحتياط عند الجهل (لثبات التّکلیف الشّأنيّ بحقّه) و أمّا بالنسبة إلى غيره من المذكورات في سياقه كالخطأ و النّسيان و الإكراه و الاضطرار و غير ذلك فهو واقعيّ (فمتعلِّقات الرّفع متلوِّنة ففي: ما لایعلمون یُعدّ المتعلَّق ظاهريّاً و في البقیّة یُعدّ واقعیّاً وفقاً لتنسیق المشهور) فالتّقييد بقوله (عليه السلام): «إذا ذكرها...» لبيان هذه النّكتة و أنّه لا تكليف بالقضاء حتّى واقعاً (فعلیّاً) ما دام لم يَتذكّر (فلا یَلزَم الورثةَ القضاءُ عنه) و إنّما يبلغ التّكليف المذكور حدَّ الفعليّة (منتجِّزاً) و يَتوجّه نحوَ المكلّف (هو) في حال التّذكّر، من دون دلالة لهذه النّصوص على أنّ ظرف العمل أعني به القضاء هو هذه الحال كي تجب المبادرة إليه أو أنّه موسَّع كي لا تجب. (و إنّما قد بیَّن شرطَ الوجوب و تنجّز الواجب بالتّذکّر)».[1]
و قِبالاً لذلک، قد فسَّر المشهور الرّفع بالظّاهريّ بحیث لو نسي الصّلاة حتّی موته لَتوجَّب القضاء نظراً لفعلیّته و تنجّزه المسبَق، بینما المحقّق الخوئيّ قد تَرجَمه بالرّفع الواقعيّ للجاهل و النّاسي -وفقاً للأنسب الأبرَز- بحیث لم یَتفعَّل الوجوب بحقّهما کي یُقضی عقبَ موتهما.
و بات مشرِقاً بأنّ معنی «الواقع» لیس مرحلة الإنشاء و الجعل إذ قد أنشَأ الشّارع لعامّة المکلَّفین ضمن اللّوح المحفوظ بل یَعني الرّفعَ لدی مرحلة الفعلیّة .
و قد أطنَبا الحوارَ مسبقاً حول أبعاد حدیث الرّفع و مدی دلالته، فالتَقَطنا ثلاثةَ آراء في تفسیره، بأنّ:
1. الرّفعَ ظاهريّ لکلّ الفِقرات و العناصر المزبورة وفقاً للمشهور.
2. الرّفعَ واقعيّ تجاه کافّة الفِقرات وفقاً للأسدّ الأصبّ، بحیث قد استَنتَجنا علی أثره أیضاً أنّ القاعدة الشّهیرة: «الأحکام مشترکة بین العالم والجاهل» منبوذة تماماً إذ لم یَتفعَّل أيُّ بحقّ الجُهّال أساساً کي یُقضی عنه ثمّ انتَصَرنا بمقالة صاحب المنتقی أیضاً کشاهد قویم و حکیم علی استظهارنا.
3. التّفکیکَ بین الفِقرات بحیث إنّ الرّفع واقعيّ تجاه الجاهل و النّاسي، و لکنّه واقعيّ تجاه البقیّة وفقاً لنهج المحقّق الخوئيّ آنفاً.
اختتام روایة زرارة باستدلالات الأعلام البَرَرة
لقد استَظهر السّیّد الحکیم من فِقرة: «في أيّ ساعة» أنّ الإمام قد استَهدَف توسیع فترة القضاء -إبعاداً لتوهّم الاستعجال- قائلاً: «في أي ساعة، وارد لبيان عدم اعتبار المطابقة بين الأداء و القضاء في الزّمان (و سعة القضاء) لا لبيان وجوب المبادرة في أوّل الأزمنة.»[2]
ثمّ برَّر الفِقرة القائلة: «فإذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت، و هذه أحق بوقتها فليصلها، فاذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضى. و لا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلّها» فأجابها قائلاً: «و إن كان (استدلال المضایقة) بالفقرة الثّانية فهو مبني على عدم كون المورد مورد توهّم الحظر (أي حظر القضاء لدی وقت الحاضرة) لكنّ الظّاهر ذلك، لكون الحاضرة صاحبة الوقت و لا تشاركها فيه الفائتة.»
ثمّ تَناوَل الفِقرة القائلة: «و هذه أحقّ بوقتها» قائلاً: «وجه عدم المنافاة: أنّ ذلك ذُكر بعد الحكم بمشروعيّة فعل الفائتة الموهِم لانتفاء الأحقّيّة للحاضرة. فتأمّل جيّداً، و إن كان بالفقرة الثالثة فهي أجنبية عن المضايقة بالمرة. و إنما تدل على بطلان النافلة لمن عليه فائتة، الملازم الاعتبار الترتيب بينهما.»[3]
اعتراضیّة عامّة مثالیّة تجاه نظریّة الفوریّة
و في نفس المضمار، قد استَشکل المحقّق الخوئيّ بإشکالیّة کلّیّة تجاه روایات المضایقة قائلاً:
«و فيه: أنّ التّضيّق في هذه الروايات ناظر إلى بيان الوجوب الشّرطي (لصحّة الحاضرة) و أنّ الشرط في صحّة الحاضرة أو التّطوّع إنّما هو فراغ الذمّة عن القضاء ما دام لم يفت به وقت الحاضرة، و هذه مسألة أُخرى أجنبيّة عمّا نحن بصدده الآن (و هو الوجوب النّفسيّ للقضاء وفقاً لزعم أهل
أهل المضایقة) فقد أشرنا في صدر البحث إلى أنّ الكلام في المواسعة و المضايقة يقع تارة في الوجوب النفسي و أُخرى في الوجوب الشرطي، و الكلام فعلاً معقود للجهة الاُولى، و هذه الروايات غير دالّة على الوجوب المذكور كما لا يخفى.»[4]
ثمّ أردَف اعتراضاً آخر قائلاً:
«مع أنّ الضيق الذي يدّعيه القائلون بالمضايقة إمّا:
1. أن يراد به الضيق الحقيقيّ (العقليّ) بمعنى وجوب المبادرة في آن الالتفات و أوّل زمان التّذكّر كما قد يظهر من بعض القائلين به، حيث إنّهم بالغوا في ذلك فالتزموا بالاقتصار على الضروري من المأكل و المشرب و الكسب و نحو ذلك، و يساعده ظواهر النصوص المتضمّنة لقوله (عليه السلام): «متى ذكرها» أو «إذا ذكرها» (کما اعترف به أهل المضایقة أیضاً سلَفاً).
2. أو يراد به الضيق العرفي الذي لا ينافيه التأخير اليسير كساعة و نحوها.
فعلى الأوّل: فالنّصوص الواردة في نوم النّبي -صلى اللّٰه عليه و آله و سلم- عن صلاة الفجر (حیث لم یَستعجل في القضاء بل قدَّم الأذان ثم النّافلة ثمّ القضاء) و قد تقدّم ذكر بعضها[5] تكون حجّة عليهم بناء على الأخذ بها و الالتزام بمضمونها .... فلا محالة ينبغي حملها على التقية أو على محمل آخر ..... و عليه فتكون هذه النصوص منافية للتّضييق الحقيقيّ، لدلالتها على أنّه -صلى اللّٰه عليه و آله و سلم- بعد انتباهه من النوم و اعتراضه على بلال و اعتذار هذا منه أمر بالارتحال من المكان المذكور، ثمّ بعد ذلك أذن بلال فصلّى النبيّ (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) ركعتي الفجر، ثمّ قام فصلّى بهم الصبح، و معلوم أنّ هذه الأُمور السابقة على صلاة الصبح تستغرق برهة من الوقت فلم يقع إذن قضاء الصبح أوّل آن التذكّر، بل تأخّر عنه بمقدار ينافي الضيق الحقيقي.
و على الثاني: و هو أنّ يراد به الضّيق العرفيّ غير المنافي للتأخير بمقدار يسير فلا دليل على اعتبار مثله، فانّ ظواهر النصوص المستدلّ بها للتضيق إنّما هو الضيق الحقيقي دون العرفي كما عرفت.
نعم، إنّ صحيحة أبي ولاّد الواردة في حكم المسافر القاصد للمسافة و قد عدل عن قصده ذلك قبل الوصول إلى غايته و صلّى قصراً ظاهرة في الضيق العرفي، لقوله (عليه السلام) فيها: «و إن كنت لم تسِر في يومك الذي خرجت فيه بريداً فانّ عليك أن تقضي كلّ صلاة صلّيتها في يومك ذلك، بالتقصير بتمام من قبل أن تؤمّ من مكانك ذلك...»[6] حيث إنّه (عليه السلام) حكم بقضاء ما صلّاهُ قصراً إذا لم يبلغ المسافة، كما تقتضيه القاعدة أيضاً، فإنّ سفره حينئذ كان خيالياً لا واقعياً، و حكم أيضاً بلزوم إيقاع القضاء في المكان نفسه قبل أن يخرج منه، فتكون الرواية دالّة على التضيق العرفي في القضاء (حیث لم یَستجعله الإمام) نظراً إلى تحديده بما قبل خروجه عن المكان، دون التضيق الحقيقي في أوّل آن التّذكّر، هذا.
و لكنّ الصحيحة و إن كانت قوية الدلالة على المضايقة، إلّا أنّها محمولة على الاستحباب في أصل القضاء فضلاً عن اعتبار التضيق فيه، و الأصحاب لم يعملوا بها في موردها، لأجل معارضتها لصحيحة زرارة [7].قال: «سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده، فدخل عليه الوقت و قد خرج من القرية على فرسخين فصلّوا، و انصرف (و رجع) بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج، ما يصنع بالصلاة التي كان صلّاها ركعتين؟ قال: تمّت صلاته و لا يعيد»[8]
و في خطّه أیضاً قد أجاب السّیّد الحکیم عن الرّوایة قائلاً:
«و فيه: -مع أنّها غير دالة على المضايقة، و أنها لم يعرف قائل بها- أنّها معارضة بما دلّ على الاجتزاء بالصّلاة قصراً (بلا إعادة) الموجِب ذلك لحملها على الاستحباب أو طرحها، فلا تصلح حجة في المقام.»[9]
----------------------------
[1] خوئی سید ابوالقاسم. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. ص165 قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[2] حکیم، محسن. نويسنده محمد کاظم بن عبد العظیم یزدی. ، مستمسک العروة الوثقی، جلد: ۷، صفحه: ۹۲، قم - ایران، دار التفسير
[3] حکیم محسن. 1374. مستمسک العروة الوثقی. Vol. 7. قم - ایران: دار التفسير.
[4] خوئی سید ابوالقاسم. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. ص166 قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[5] في ص ١٦٣.
[6] الوسائل ٤٦٩:٨ /أبواب صلاة المسافر ب ٥ ح ١.
[7] الوسائل ٥٢١:٨ /أبواب صلاة المسافر ب ٢٣ ح ١.
[8] خوئی سید ابوالقاسم. موسوعة الإمام الخوئي. Vol. 16. ص168-169 قم - ایران: مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي.
[9] حکیم محسن. مستمسک العروة الوثقی. Vol. 7. ص91 قم - ایران: دار التفسير.
نظری ثبت نشده است .