درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٧/١٧


شماره جلسه : ۷

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • إشکالیة المحقق الاصفهانيّ تجاه أستاذه

  • مقولة السید الخوئي تجاه المعنی المصطلح

  • نقد السید الخوئيّ لکلام المحقق الاصفهانيّ

  • ملاحظة السید الخوئيّ تجاه المحقّق الاصفهانيّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

إشکالیة المحقق الاصفهانيّ تجاه أستاذه
الظاهر- كما هو صريح جماعة من المصنفين- أن هذا المعنى (القول المخصوص و هي الصیغة افعل) من المعاني اللغوية و العرفية -دون الاصطلاحية- بمعنى أنّ من أثبته (هذا المعنی اللغويّ) جعله منها (اللغویة). و لو كان الكلام في مجرد ثبوت الاصطلاح، لكفى فيه نقل بعض مُهرة الفن في ثبوته، و لم تكن حاجة إلى نقل الإجماع على أنه (الأمر) حقيقة فيه (القول الخاص) نعم، الظاهر أن ما هو أحد المعاني اللغوية: إما الطلب المخصوص، أو الطلب القولي، لا أنّ كليهما من معانيه، (فأطبق و ألصق المعنی اللغوي کالطلب القولي علی المعنی المصطلح) و إن كان ذلك (أن کلیهما یعدّان معنی للأمر) ظاهر بعضهم بل صريحه.

فيكون- كما في الفصول و غيره- نظير الفعل و الاسم و الحرف في الدلالة على ألفاظ خاصة لها معانٍ مخصوصة. (فالأمر أیضاً کذلک بحیث له قالبه الخاص أولاً و یدل أیضاً علی الطلب الخاص أو القول الخاص)كما أشرنا إليه في أوائل مبحث المشتق- عبارةً عن قبول المبدأ للنسبة (بین الذات و الحدث) و ذلك لا يكون (لا یتحقق المبدأ للنسبة) عقلاً إلا في ما له نحو من أنحاء القيام بشي‏ء قيامَ العرض بموضوعه، أو غير ذلك.

(و أما) الفرق بين المعنى الجامد و المعنى الاشتقاقي‏ أن المعنى إذا كان قابلا للحاظ نسبته إلى شي‏ء بذاته كان معنى اشتقاقيا، و إلا كان جامدا. فحينئذ نقول:

إن وجه الإشكال: إن كان توهّم أن الموضوع له، لفظ لا معنى، فضلاً من‏ أن يكون حدثياً (و لنفترضه مادةَ الأمر)، ففيه: أن طبيعة الكيف المسموع (کالألفاظ فإنه سبب لاستماع اللفظ الآخر) بأنواعه و أصنافه- كسائر الطبائع- قابلة للحكاية عنها بلفظ (و حروف) كما في اللفظ و القول و الكلام، فإنّ مفاهيمها و مداليلها ليست إلا الألفاظ (و هذا کاف للاشتقاق باعتبار مدلوله) و كونُ اللفظ وجودا لفظيا لطبيعة الكيف المسموع بأنواعه و أصنافه في غاية المعقولية، فان طبيعي الكيف المسموع- كغيره- له نحوان من الوجود العيني و الذهني، فلا يتوهم عدم تعقّل سببية لفظ في وجود لفظ آخر في الخارج (و هذه السببیة تشکّل الاشتقاق فیتولد اللفظ الآخر). و (أما) إن كان وجه الإشكال ما هو المعروف من عدم كونه (الأمر بمعنی القول المخصوص) معنى حدثياً، 

ففيه: أن لفظ (اضرب) صنف من أصناف طبيعة الكيف المسموع، و هو من الأعراض القائمة بالمتلفّظ به: فقد يلاحظ نفسه- من دون لحاظ قيامه و صدوره عن الغير- فهو المبدأ الحقيقي الساري في جميع مراتب الاشتقاق (و هو المصدر الأوليّ للکلمات) و قد يلاحظ قيامه فقط فهو المعنى المصدري المشتمل على نسبة ناقصة (اضرب بلا لحاظ الزمان) و قد يلاحظ قيامه و صدوره في الزمان الماضي، فهو المعنى الماضوي، و قد يلاحظ صدوره في الحال أو الاستقبال، فهو المعنى المضارعي، و هكذا. فليس هيئة (اضرب) مثلا كالأعيان الخارجية و الامور الغير القائمة بشي‏ء حتى لا يمكن لحاظ قيامه فقط، أو في أحد الأزمنة. (فهذه المشتقات تتمتع بالمعنی الحدثيّ لأن المتکلم قد أضاف إلی هذا القول المخصوص الهیئة و الطلب و النسبة ما بینهما و الزمان ) و عليه فالأمر موضوع لنفس الصيغة الدالّة على الطلب مثلا، أو للصيغة القائمة بالشخص، و (أمر) موضوع للصيغة الملحوظة من حيث الصدور في المضي، و (يأمر) للصيغة الملحوظة من حيث الصدور في الحال أو الاستقبال.

ينبغي التكلم في أن‏ الأمر هل هو مطلق الطلب أو الطلب المنشأ مطلقا أو بخصوص القول؟ و الظاهر من الإطلاقات العرفية أنه لا يقال لمن أراد قلبا: إنه أمر، بل يقال: أراد، و لم يأمر بالمراد، بل سيجي‏ء- إن شاء اللّه تعالى- ما لا يبقى معه مجال لصدق الأمر بلا دالّ، كما أن الظاهر صدق الأمر على الطلب المدلول عليه بدالّ، و إن لم يكن بخصوص القول؛ لصدقه عرفا على البعث بالإشارة و الكتابة عرفا. (فکلها تصدر أمراً و بعثاً و طلباً، فلا خصوصیة للفظ المخصوص)

و لا يتوهم: أن صدقه على البعث بهما من جهة الكشف عن الطلب القولي، و ذلك لأنّ الإشارة إنما هي إلى المعاني خصوصا ممن لا يعرف أن في دار الوجود ألفاظا، و الكتابة و إن كانت نقش الألفاظ إلا أن الطلب القولي هو الطلب المدلول عليه باللفظ لا بنقش اللفظ، فتوسط نقش اللفظ للدلالة على الطلب لا يجعل الطلب قوليا.

و الإجماعات المحكية على وضع الأمر للطلب القولي- مع مصادمتها بتعريف كثير من القدماء للأمر بصرف الطلب- لا حجية فيها بعد مساعدة العرف على خلافه، مع أنه يمكن إرادتهم لأشيع (أبرز) أفراد ما ينشأ به البعث مثلا (و هو بالقول) و أما قوله تعالى: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏[1] فلا دلالة له على انحصار الدالّ في القول، و إن كان قوله تعالى: أَنْ يَقُولَ* إلى آخره بيانا لأمره تعالى.

وجه عدم الدلالة: بقوله: كُنْ* ليس هذه الصيغة الإنشائية قطعا، بل هذه هي المعبّر عنها في كلمات أهل المعرفة بالكلمة الوجودية (لأن إرادته سبحانه تحقق بلا إصدار صوت و قول، فالقول هنا تکوینيّ أي بمعنی المشیئة الإلهیة، فإن عیسی کلمة الله مما یعني أنه مراد الله و بینة الله) و في خطبة أمير المؤمنين و سيد الموحدين- عليه السلام-: «إنما يقول لما أراد كونه:كن، فيكون، لا بصوت يقرع، و لا بنداء يسمع، و إنما كلامه فعلُه أنشأه و مثّله»[2] إلى آخره، و سر التعبير عن أنحاء الوجودات بالكلمات: هو أن الكلام ما يعرب عن ما في الضمير، و هذه الموجودات معربة عما في الغيب المكنون، فظهر أن فعله- تعالى- أمره باعتبار دلالته على تعلّق إرادته به، و كذا في جميع موارد إنزال العذاب؛ حيث عبّر عنه بقوله تعالى: جاءَ أَمْرُنا*[3] في غير مورد، فانه بلحاظ دلالته على تحتّمه و تعلّق الإرادة التكوينية به. فافهم.[4]

مقولة السید الخوئي تجاه المعنی المصطلح
لقد استشکل السید الخوئيّ علی الکفایة تجاه تفسیره بالقول المخصوص، قائلاً: و يرد عليه أنه ان كان هذا (القول المخصوص) مجردَ اصطلاح، فلا مشاحة فيه، و الا (لیس محضَ الاصطلاح بل یشتق منه) فلا وجه له أصلاً، و ذلك لأن الظاهر ان الاشتقاق منه بحسب معناه الاصطلاحي: و عليه فلو كان معناه الاصطلاحي القولَ المخصوص لم يمكن الاشتقاق منه لأنه جامد، و من الطبيعي أن مبدأ المشتقات لابد أن يكون معنى حدثياً قابلاً للتصريف و التغيير (خلافاً للقول المخصوص) هذا من ناحية. و من ناحية أخرى (یجب) أن يكون المبدأ خالياً عن جميع الخصوصيات، ليقبَلَ كلَ خصوصية ترد عليه، و من ثمةَ قلنا في بحث المشتق أن المصدر لا يصلح ان يكون مبدأ له (خلافاً للبصریّین في النحو) لعدم توفر الشرط الأساسي للمبدأ فيه، و هو خلوه عن جميع الإشكال و الصور المعنوية و اللفظية حتى يقبل أيّة صورة ترد عليه (فالمبدأ هو: أ م ر، لا الأمر الذي له وزن و هیئة)، نظير الهيولى في الأجسام، حيث إنها فاقدة لكل صورة افترضت، و لذا تقبل كل صورة ترد عليها بشتى أنواعها و اشكالها، و بطبيعة الحال إنها لو لم تكن فاقدة لها (للخصوصیات) فلا تقبل صورة أخرى، لوضوح إباء كل صورة عن صورة أخرى، و كل فعلية (في شکل خاص) عن فعلية ثانية.

النتيجة على ضوء هاتين الناحيتين: هي ان القول المخصوص لا يصلح ان يكون مبدأ للمشتقات، و ان يجعله شقة شقة، لاستحالة تصريفه و ورود هيئة أخرى عليه، فيكون نظير الجملة، و المفرد، و الكلمة، و الكلام، و ما شاكل ذلك مما هو اسم لنفس اللفظ، فانها غير قابلة لأن تشتق منها المشتقات، لعدم توفر الركيزتين الأساسيتين للمبدأ فيها (المعنى الحدثي و الخلو من الخصوصيات).[5]

نقد السید الخوئيّ لکلام المحقق الاصفهانيّ
و عقیب ما انتقد مقولة الکفایة عرَج إلی دراسة مقولة أستاذه ثم نقده و الاعتراض علیه، فقال: و لكن لشيخنا المحقق (قده) في هذا الموضوع  (المعنی المصطلح للأمر) كلام، و هو ان الأمر بهذا المعنى(القول المخصوص) أيضاً قابل للاشتقاق و التصريف. و قد أفاد في وجه ذلك ما إليك نصه: «و ان كان وجه الإشكال (في المعنی المصطلح) ما هو المعروف من عدم كونه (القول المخصوص) معنى حدثياً، ففيه: أن لفظ اضرب صنفٌ من أصناف طبيعة الكيف المسموع (فهو عرَضٌ و یسمع لفظه من اللافظ) و هو من الأعراض القائمة بالمتلفظ به: 1. فقد يلاحظ نفسه (الضرب مفهوم الضرب بحتاً) من دون لحاظ قيامه و صدوره عن الغير، فهو المبدأ الحقيقي الساري في جميع مراتب الاشتقاق (لا المصدر)  2. و قد يلاحظ قيامه (الضرب) فقط فهو المعنى المصدري المشتمل على نسبة ناقصة (لأنه عرَض قائم بالمعروض و الحدث فیتم الاشتقاق منه بهذا الاعتبار) 3.و قد يلاحظ قيامه و صدوره في الحال، أو الاستقبال، فهو المعنى المضارعي و هكذا (فتتکوّن الصیغ المختلفة منها) فليس هيئة اضرب كالأعيان الخارجية، و الأمور غير القائمة بشي‏ء (کالجواهر) حتى لا يمكن لحاظ قيامه فقط، أو في أحد الأزمنة، (کلا لیس الضرب کذلک ) و عليه فالامر موضوع (في المصطلح) لنفس الصيغة الدالة على الطلب مثلا أو للصيغة القائمة بالشخص: و أمَرَ موضوع للصيغة الملحوظة من حيث الصدور في المضي،و يأمُرُ موضوع للصيغة الملحوظة من حيث الصدور في الحال، أو الاستقبال».

ملاحظة السید الخوئيّ تجاه المحقّق الاصفهانيّ
و بین یدیک نص إشکالیة السید الخوئيّ تجاه أستاذه: و لنأخذ بالنقد على ما أفاده (قده) و حاصله: أن ما ذكره في إطاره (کیفیة لحاظ القول المخصوص) و ان كان في غاية الصحة و المتانة، إلا انه لا صلة له بما ذكرناه، و السبب في ذلك ان لكل لفظ حيثيتين موضوعيتين: 1. (الأولى): حيثيةُ صدوره (اضرب مثلاً) من اللافظ خارجاً و قيامه به، كصدور غيره من الأفعال كذلك (فیتم الاشتقاق منه لأجل توفّر لحاظ الحدثيّ فیه)  2. (الثانية): حيثية تحققه و وجوده في الخارج (بلا لحاظ القیام و الصدور عن الغیر لأنا نبحث حول مادة الأمر بحتاً لا بلحاظ صدوره و قیامه بالغیر) فاللفظ من الحيثية الأولى و ان كان قابلا للتصريف و الاشتقاق، الا أن لفظ الأمر لم يوضع بإزاء القول المخصوص من هذه الحيثية (الثانیة فلم یوضع له حیثیة الصدور و قیامه بالغیر) و إلا (القول المخصوص بالحیثیة الثانیة) لم يكن مجال لتوهم عدم إمكان الاشتقاق و الصرف منه، بل هو موضوع بإزائه من الحيثية الثانية، و من الطبيعي أنه بهذه الحيثية غير قابل لذلك، كما عرفت. فما أفاده (قده) مبنى على الخلط بين هاتين الحيثيّتين.

 -------------

[1] سورة يس 36: 82.
[2] نهج البلاغة- شرح صبحي صالح،- دار الكتاب اللبناني-: 274/ خطبه: 186.
من خطبة لإمامنا علي- عليه السلام- في التوحيد، و لكن في النهج هكذا:( يقول لمن أراد...
و إنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه).
[3] هود 11: 40، 58، 66، 82، 94، المؤمنون 23: 27.
[4] نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج‏1، ص: 254.256
[5] محاضرات في أصول الفقه ( طبع دار الهادى )، ج‏2، ص: 12

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .