درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٨/٢٠


شماره جلسه : ۲۵

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • سلالةُ المناقشات الماضیة

  • ثِمار المباني المختلفة في کیفیة استنباط الوجوب من الأمر

  • مِیزةُ اتّجاه الأعلام الثلاثة في مبحث الأوامر

  • تحطیم شائبةٍ تجاه السید الخمینيّ

  • الثمرة الثانیة ضمن البحوث

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

سلالةُ المناقشات الماضیة
لقد استخلصنا من کافة المُعطیات السالفة أن اتّجاه السید الخمینيّ في حکم العقلاء بالوجوب (لا من نفس اللفظ) هو الدربُ المستقیم، إلا أن حجیة السیرة العقلائیة تفتقر إلی الإمضاء الشرعيّ، فرب ناقدٍ یُناقش في وجود الإمضاء و عدمه، و لکنّا درءاً و تخطّیاً عن طروء هذا النقاش قد اتّجهنا نحوَ الاعتبار العقلائيّ (لا السیرة) حیث إن العقلاء قد اعتبروا و أسّسوا اللزوم لدی استعمال مادة الأمر أو الصیغة، فبالتالي، و ببرکة هذا التقریبِ المستجِد سنَستغني من الاستقصاء و الفحص عن وجود الإمضاء الشرعيّ، إذ حجیة الموضوعات الخارجیة لا تفتقر إلی الإمضاء و ذلک نظیر اعتبار عقد المعاطاة حیث قد اعتبروه بحدّ اعتبار البیع، رغم أنه عدیمُ الإمضاء.

 
ثِمار المباني المختلفة في کیفیة استنباط الوجوب من الأمر
و أما النتاج ما بین الاعتقاد بالدلالة الوضعیة (المشهور) أو الدلالة الإطلاقیة (المحقق العراقيّ) أو بحکم العقل (المحقق النائینيّ) أو باعتبار العقلاء (السیدي البروجرديّ و الخمینيّ)، فیَنجلي في باب التعارض.

أما التضارب ما بین الدلالة الوضعیة و بین الإطلاقیة، فمن الجليّ أنه سوف تَتفوّق و تغلِبُ الدلالة الوضعیة في المراد الاستعماليّ علی الدلالة الإطلاقیة في المراد الجدي، حسبَ المقرَّر ضمن الأصول.

و سیراً في بیان الثمرات، فقد استعرض الشهیدُ الصدر مستوفیاً لسبع ثمرات و تبِعات لکلٍ من هذه الاتّجاهات، فقال:

الثمرة الأولی: (تحقق و) تطرّق الجمع الدلالي و العرفي، بناءً على مسلك الوضع، و على مسلك الإطلاق، دونه على مسلك الميرزا، و توضيح ذلك: أنه بناء على أن الوجوب مدلول عرفي لفظي للدليل، سواء كان مدلولا عرفيا لفظيا بالوضع (وفقاً للمشهور) أو مدلولا عرفيا لفظيا بالإطلاق و مقدمات الحكمة (وفقاً للمحقق العراقيّ) حينئذ يقع بين الدليل الدال على الوجوب، و الدليل النافي للوجوب، قواعد الجمع العرفي (کحمل العام علی الخاص أو حمل الظاهر علی النص)، باعتبار أن الوجوب و اللّاوجوب، من شئون مداليل اللفظ، فلا بدّ من الجمع بينهما، بتقديم القرينة على ذي القرينة، بالنحو المقرر في قواعد الجمع العرفي و الدلالي، و أمّا بناء على مسلك الميرزا القائل بأن الوجوب ليس مدلولا للفظ و لا محكياً عنه بخطاب المولى، و إنما هو ثابت بحكم العقل، إذن فلا معنى للرجوع إلى قواعد الجمع العرفي و الدلالي عند قيام دليل على نفي الوجوب مع تمامية دليل آخر على الوجوب (بل المحقق النائینيّ لو أحرز الترخیص من أحد الدلیلین فیحکم عقله بعدم الوجوب لأنه معلّق علی عدم الترخیص و لکن لو لم یُحرز الترخیص فیظل حکم العقل علی الوجوب أداءً لحق المولویة) لأن الوجوب ليس مدلولا للفظ ليطبق عليه قواعد الجمع العرفي.[1]

و تذنیباً مُتمّماً للثمرة الأولی، نشیر أیضاً إلی ثمرة مختار السید الخمینيّ و هو حکم العقلاء حیث لو تعارض الدلیلان لأتیح للسید أن یَجمع بینهما تجمیعاً عرفیاً دلالیّاً من خلال عملیة الحکومة و الورود فیقولَ بأن دلیل الوارد المُرخّص یرفع و یمحو موضوعَ اعتبار العقلاء للوجوب حقیقةً إذ قد علّق و رهن السیدُ الخمینيّ حکمَ العقلاء بالوجوب علی عدم إحراز الترخیص و حیث قد تعارضت الأدلة تعارضاً بدویاً فلا یَعتبر العقلاء الوجوب ضمن هذه الأجواء (و کذا العکس بحیث جاء الوارد بلون الوجوب فیرفع موضوعَ اعتبار العقلاء بالاستحباب) فبالتالي یُعدّ الواردُ هو الفائقَ و المُهیمِن علی الدلیل المقابل سواءٌ صیغ بنحو العام أو الخاص و سواء أصبح هو الأقوی دلالةً علی المورود أم أضعف، إذ قد نُقح ضمن الأصول بأن الأظهریة أو الأقوائیة لا تعدّ مِقیاساً لتقدیم الوارد و الحاکم علی الدلیل المقابل بل محورهما هو لون اللسان و کیفیة البیان.

فبالتالي إن أبنیةَ المحقق النائینيّ و السید الخمینيّ متساهمة و متقارنة في هذه النقطة المحدّدة (ارتهان حکم العقل و العقلاء علی عدم الترخیص) إذ مفترضُهما هو أن البعث اللفظي قد حقّق موضوع الطاعة لولا الترخیص.

مِیزةُ اتّجاه الأعلام الثلاثة في مبحث الأوامر
1. لقد امتاز منهاجُ المحقق النائیني و السیديِ البروجرديّ و الخمینيّ بمُمیّز نفیس، لأن اتجاهَهم قد حَلّ معضلةَ "اطراد الأمر في الاستحباب" و التي قد نشأت من مقولة صاحب المعالم و هي: أن الأوامر الاستحبابیة تعدّ أکبرَ عدداً، مقایسةً إلی الأوامر الوجوبیة فتُصبح المستحباتُ مجازاً مشهوراً مُستغنیةً عن القرینة و لا یتحقّق التبادر في الوجوب کما زعمه المشهور، فهذه العویصة تتوجّه إلی مسلک المشهور المُعتقد بأن الأمر ظاهر في الوجوب عبرَ عملیة التبادر، حیث یرد النقضُ علیهم بأنه کیف تبادرتم الوجوبَ من الأمر بینما الاطّراد و شیوع الاستعمال یقود الأمرَ إلی الاستحباب فلا یتوفّر التبادر إذن.

بینما وفقاً لمعتقدنا و لمنهجة الأعلام الثلاثة فلا نَهابُ و نخشی من أزمة المجاز المشهور في الاستحباب و تعارضِ الاطراد مع التبادر إذ قد شیّدنا مسبقاً منزلةَ الوجوب و الاستحباب حیث إنهما خارجان عن المدلول اللفظيّ و إن لفظ الأمر مُمحّض في البعث و الإغراء فحسب، فالعقلاء یعتبرون الوجوب في الباعث المعرّی عن الترخیص و یعتبرون الاستحبابَ في الباعث المقترن بالترخیص، فلا یَنطرح أساساً بحث المجاز المشهور أو تخلف الاستحباب عن حقیقة الأمر و إلی آخره.

2. إن مبنی المشهور یواجه اختلافاً شدیداً ضمن علمیات الاستظهار حیث یتناقشون: هل هذا الکلام ظاهر في الوجوب أم في الاستحباب، فلو انجرّ بهم المقام إلی عدم الظهور، لَسُرعانَ ما یَحمِلون الأمرَ علی الإجمال لأجل تساوي الاحتمالین، ثم یُنبذُ الدلیل أو یُحمل علی الاستحباب المتیقّن و یُجرون البرائة عن الوجوب، بینما وفقاً للأعلام الثلاثة فلا یقع هذا النمط من النقاش إذ لا یعبأوُن بنفس لفظ الأمر في استخراج الوجوب بل مُهِمّتُهم هو الاستقصاء و الاستقراء ضمن الأدلة لکي یُحرزوا نوعیةَ الحکم الصادر (لا الظهور اللفظيّ) فهل یتواجد ترخیص لیعتبروا الاستحباب أو الترخیص مفقود و منعدمٌ لیتعبروا الوجوبَ، فلو لم یستکشفوا الرُخصة بل احتملوها أو ارتابوا فیها لتحتّم علیهم الاحتیاط تنفیذاً لحق المولویة في نظر العقل أو العقلاء، خلافاً لمسار المشهور، و علی کل تقدیر فلا نتورّط نحن في ورطة الإجمال اللفظي.
 
تحطیم شائبةٍ تجاه السید الخمینيّ
إنا ضمن الدورة الأصولیة السالفة قد نقضنا بِنایةَ السید الخمیني بنقض و هو أن السید لو أخرج الوجوبَ عن مدلیل الألفاظ و ضمّه إلی حکم العقلاء لتوجّب علیه أن یستنکر الجمع العرفي في باب التعارضات إذ إن قاعدة التجمیع المتعارف تنسکب علی مدالیل الألفاظ المتعارضة ظهوراً، بینما السید الخمینيّ قد رفض دلالة اللفظ علی الوجوب فعلیه ألا یُطبّق الجمع الدلالي العرفي، بینما قد أجری الجمع العرفي في باب التعارضات.

و لکن الإجابة قد اتّضحت ببرکة البیانات الماضیة بأن الورود و الحکومة لا تختصان بتجمیع ما بین الألفاظ فحسب بل لو ورد أيّ دلیل رافعٍ لموضوع الدلیل المقابل -سیّان الدلیلُ اللفظي أو العقليّ- فهو یُعدّ أیضاً من مصادیق مبحث الورود إذ العبرة بلسان الدلیل الرافع للموضوع بلا ملاحظة نوع الدلیل المرفوع من اللفظي أو العقليّ.

نعم لو حصرنا الورود أو الحکومة في إطار الألفاظ لهجَم الإشکال علی السید الخمینيّ.
 
الثمرة الثانیة ضمن البحوث
الثمرة الثانیة: أنه بناء على مسلك الوضع، و مسلك الإطلاق، تثبت لوازم‏ الوجوب‏ أيضا، دونه على مسلك الميرزا، و توضيح ذلك: أن الفقيه لو علم صدفةً بالتلازم بين وجوبين: بين وجوب الدعاء عند أول الشهر، و وجوب الدعاء عند آخر الشهر، بمعنى أنه إن كان الأول واجبا فالثاني أيضا واجب، و إن كان الأول مستحبا فالثاني أيضا مستحب، فإمّا أن يكون كلاهما واجباً و إما كلاهما مستحباً، فبعد العلم بهذه الملازمة و لو صدفة، حينئذ بناء على مسلك الوضع أو مسلك الإطلاق يثبت بدليل «ادع عند رؤية الهلال»، بالمطابقة، وجوب الدعاء عند أول الشهر، و بالدلالة الالتزامية وجوب الدعاء عند آخر الشهر (لوجود الملاک في آخر الشهر إذ من لوازم الأمر المطابقيّ توفّر الملاک في الفعل المشابه) للعلم بأنه لو وجب الأول لوجب الثاني، فيكون للدليل مدلول مطابقي و هو وجوب الدعاء عند أول الشهر و مدلول التزامي و هو وجوب الدعاء عند آخر الشهر، و الدليل حجة فيهما معا، لوضوح أن الظهور اللفظي سواء كان ظهورا لفظيا أو ظهورا إطلاقيا هو حجة في المدلول المطابقي و في المدلول الالتزامي، و أمّا بناء على مسلك الميرزا القائل بأن خطاب المولى، «ادع عند رؤية الهلال» ليس مفاده الوجوبَ و عدم الترخيص في الترك، بل الوجوب بحكم العقل و مفاد خطاب المولى هو الطلب فقط من دون أن يكون دالا على الوجوب و عدم الترخيص، فعلى هذا لا يمكن إثبات اللوازم (بأن الدعاء آخر الشهر واجب أو لیس واجباً) لأن حكم العقل مرجعه فقط إلى لزوم الطاعة و الامتثال، و ليس له كشف و نظر إلى اللوازم، فلا تكون اللوازم في المقام حجة.

فبالتالي، وفقاً للمشهور، إن المدالیل اللفظیة هي المتصدیة لکشف الملاک الواقعي عن الألفاظ الصادرة إذ مفترضُهم أن الوجوب ناتج عن الأمر ثم یتوصّل منه الفقیه إلی الملاک و یسريه به إلی مجال آخر، ، بینما الحکم العقليّ لا صلة له باستکشاف الملاک لکي نبحثَ و نفحص فیه عن الملاک لیسري إلی حکم آخر، بل مُهمّةُ العقل أن یلاحظ نوعَ الإطاعة: هل الرخصة متوفّرة في هذا الحکم المحدّد لیحکم بعدم لزوم الامتثال أم لا رخصةَ فیه، فلا ینشغل بالملاک.

و نلاحظ علیه بأن العقل الحاکم بالوجوب یُتاح له استخراج أصل الملاک الراسخ في عالم الثبوت الإلهيّ إذ ما من واجب إلا و یتمتّع بمنشأٍ و ملاک، غیرَ أن العقل قاصر عن تنقیح نوع الملاک و مدی درجته و نوعیة أوصافه، بل یُدرک بتوفّر أصل الملاک في هذا البعث الوجوبيّ، لیس أکثر، فکذلک الکلام وفقاً للمشهور المعتقد بأن الوجوب نابع عن نفس اللفظ، فرغم أن الوجوب مدلول لفظي إلا أنه لا یُفسّر عن نوعیة الملاک و لا یوضّحه أساساً، بل إن وزان دلالة اللفظ یُوازن وِزان إدراک العقل في أصل توفّر الملاک فقط، فبالتالي، حیث لم نتوصّل إلی نوع الملاک لا لفظیاً و لا عقلیاً فلا نتمکّن من إسراء الحکم المطابقي إلی سائر الأفعال.

و الحصیلة أن الثمرة الثانیة لم تُثمر ثمرتَها تماماً لورود النقض علیها.

-----------------
[1] بحوث في علم الأصول، ج‏4، ص: 51



الملصقات :


نظری ثبت نشده است .