درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/٨/٢٩


شماره جلسه : ۳۱

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • معارضاتُ المحقق الاصفهانيّ تجاه أستاذه

  • إتمام مقالة المحقق الاصفهانيّ قي هذا المیدان

  • مرافَقةُ السید البروجرديّ مع المحقق الاصفهانيّ في هذه النقطة

  • التسائل الرئیسيّ في هذا المضمار

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

معارضاتُ المحقق الاصفهانيّ تجاه أستاذه
و دبرَ الأبحاث الماضیة قد عرج المحقق لیصُدّ عن الخلط الذي تزحلق فیه الشیخ الآخوند، لأن المحقق یعتقد بأن الشجار الحاليّ ذو أبعاد أصوليةٍ و کلاميةٍ و لغويّةٍ، و إن نمط الشجار کلاميٌ بحت، بینما قد التبس و خلط صاحبُ الکفایة بین النزاع اللغويّ و الکلاميّ، إذ یُستشمّ في أول وهلة أن عبائر الکفایة قد سیقت لتوضیح النقاش اللغويّ و من الزاویة المفهومیة فحسب، لأنه یصرّح قائلاً:

فاعلم أن الحق كما عليه أهله وفاقا للمعتزلة و خلافا للأشاعرة هو اتحاد الطلب و الإرادة بمعنى أن لفظيهما (بالحمل الأوليّ) موضوعان بإزاء مفهوم واحد و (أن) ما بإزاء أحدهما في الخارج (بالحمل الشایع) يكون بإزاء الآخر (فهما متّحدان مصداقاً و مفهوماً) و الطلب المنشأ بلفظه أو بغيره عينُ الإرادة الإنشائية (فکلمة أطلُب عینُ کلمة أرید).

 ثم أشار الکفایة إلی البُعد الکلاميّ في ضمن إطار الأبحاث اللغويّة أیضاً، قائلاً: و بالجملة هما متحدان مفهوما و إنشاءً و خارجا، لا أن الطلب الإنشائي الذي هو المنصرف إليه إطلاقه (الطلب) كما عرفت متحد مع الإرادة الحقيقية التي ينصرف إليها إطلاقها (الإرادة) أيضا،ً ضرورة أن المغايرة بينهما أظهرُ من الشمس و أبين من الأمس فإذا عرفت المراد من حديث العينية و الاتحاد (الطلب الإنشائيّ و الإرادة المنشأة) ففي مراجعة الوجدان عند طلب شي‏ء و الأمر به حقيقةً، كفايةٌ فلا يحتاج إلى مزيد بيان و إقامة برهان.

بینما أساسُ النقاش هو کلاميٌّ بحت، ولیس بأصوليٍّ بتاتاً، إذ زاویة الحوار هي حول أن کل إنسان له إرادة في جوف نفسِه، ثم وقع تسائلٌ: هل یمتلک النفسُ صفةً مستقلةً أخری (وهي الطلب) غیرَ الإرادة وفقاً لمُعتقد الأشاعرة فیَتغایر الطلبُ و الإرادة حینئذ أم أنهما مُندمِجان في النفس وفقاً للمعتزلة و الإمامیة، و حیث إن لون النقاش کلاميٌّ و لکنه قد نفذ في بحث الأصول استطراداً للباب، فبالتالي، لا یُجدي نفعاً لأبحاث الحجیة، و قد أبدی المحقق الاصفهانيّ هذه الإشکالیة أیضاً، قائلاً:

إتمام مقالة المحقق الاصفهانيّ قي هذا المیدان
و في أواخر مقالة المحقق نجد أنه یتحدّث و یتصدّی للطلب و الإرادة من الزاویة اللغویة، فقال:

و إن كان النزاع في مدلول الصيغة -كما هو المناسب لعلم الاصول- فالتحقيق: أن مدلول صيغة "افعل" و أشباهها ليس الطلب الانشائي (خلافاً للشیخ الآخوند) و لا الإرادة الانشائية[1]، بل البعث المأخوذ على نحو المعنى الحرفي (إذ مجرد الطلب بلا إرادة عارٍ عن التحریک) و المفهوم الأدويّ، كما أشرنا إليه في أوائل التعليقة، و سيجي‏ء- ان شاء اللّه تعالى- عما قريب، و البعث الموجود بوجوده الإنشائي ليس من الطلب و الإرادة في شي‏ء، و لا يوجب القول به إثبات صفة نفسانية أو فعل نفساني يكون مدلولا للكلام اللفظي، إلا بتوهم: أن الانشاء إيجاد أمر في النفس، و سيجي‏ء تحقيق نحو وجود الأمر الإنشائي إن شاء اللّه تعالى.

و أما أنّ مدلول الصيغة هو البعث (الإنشائيّ) تقريبا، دون الإرادة الانشائية، فيشهد له الوجدان‏[2] فإنّ المريد لفعل الغير:

1. كما أنه قد يُحرّكه (بأخذ یده قهراً) و يحمله عليه تحريكا حقيقيا و حملا واقعيا، فيكون المراد ملحوظا بالاستقلال، و التحريك- الذي هو آلة إيجاده خارجا- ملحوظا بالتبع.

2. كذلك قد يُنزّلُ هيئةَ اضرب، منزلةَ التحريك‏ الملحوظ بالتبع، فيكون تحريكا تنزيليا يقصد باللفظ ثبوته (بدلاً عن أخذ یدِه و إجباره علی المطلوب، فالتحریک اللفظي یُعدّ بدیلاً عن التحریک القهريّ) و لذا لو لم يكن هناك لفظ لحرّكه خارجا بيده نحو مراده، لا أنه يُظهر إرادتَه القلبية (فلا یدل البعثُ علی صفة نفسانیة لتَتقوّی مقولةُ الأشاعرة) مع أن تحقيق هذا الأمر ليس فيه فائدة اصولية.

و بعبارة نیّرة: أولاً: إن صیغة الأمر قد وضع للبعث التحریکيّ لا الإرادة الإنشائيّة و ذلک نظراً إلی الوجدان، و ثانیاً إن البعث و التحریک الإنشائيّ لا یَحکي عن صفة أخری غیرِ الإرادة لکي یتغایرا، و ثالثاً إن الصیغة الإنشائية الباعثة لیست مُظهراً للإرادة القلبیة.

إذ اللازم و النافع هو البحث عن أن الصيغة- و لو عند الاطلاق- هل تكشف عن إرادة قلبية باعثةٍ للبعث الانشائي أو الإرادة الإنشائية أو الطلب الانشائي، أم لا؟ و هذا المعنى لا يتوقف- إثباتا و نفيا- على كون مدلول الصيغة أيّ شي‏ء، نعم البحث الكلامي على الوجه المتقدّم ينفع للطرفين إثباتا و نفيا، و إن كان النزاع في مجرّد اتحاد الإرادة مع الطلب مفهوما و مصداقا و انشاء، فمن الواضح أن البحث حينئذ لغوي. (کما زعمه الشیخ الآخوند بأنهما وضعا لمفهوم واحد)

و تحقيق الحال فيه: أن الظاهر من أهل اللغة تقاربُهما معنىً (لا الترادف تماماً) و لا يختصّ الطلب بالإرادة من الغير، كما يشهد له قولهم: فلانٌ طالبُ الدنيا، أو طالب المال (فلا یرید شیئاً من الغیر) إلا أن المظنون قويا: أن الطلب عنوان لمَظهر الإرادة قولا أو فعلا، فلا يقال لمن أراد قلبا: طلبه، إلا إذا أظهر الارادة (الإنشائة بمبرز) بقول أو فعل، كما يظهر من قولهم: طلبت زيدا فما وجدته، فانه هنا عنوان لفعله الخارجي، و ليس المراد منه أنه أراده قلبا.

بل التحقيق ذلك (عنوان للفعل الخارجيّ المطلوب بمبرز)- و ان لم يكن له ارادة نفسانية (رغم وجود الطلب)- كما يتضح من:

1. قولهم: اطلُب لي من فلان شيئاً (فلا یجب أن تتحقق الإرادة في الشخص الثاني).

2. و كذلك قولهم: طالبته بكذا، فإنّ الأول ليس أمرا بالإرادة من الغير (إذ إن الواسطة لا تتحقق في جوفه إرادة) بل هو أمر بما يُعنون بعنوان الطلب من قول أو فعل، و الثاني ليس إخبارا بالإرادة منه، بل بما يُعنوَن بعنوان المطالبة في الخارج (و هذه المقولة تَشبه کلامَ المحقق النائیني حیث یعتقد بأن الطلب هو حملة النفس أو الفعل الخارجي بعد الإرادة، فالطلب عنوان خارجي لما أراده) فالمادّة من المثالين نفسُ حقيقة الطالب (أي الطلب) لا الانشائيّ منه حتى يقال: بأنه من جهة الانصراف إليه. (کما زعمه الشیخ الآخوند إذ الأمثلة الآنفة تُیبن بأن الطلب هو الفعل الخارجيّ بلا إنشاء و حکایة عن الإرادة الباطنیة، إذن فالطلب هو السعي المطلق، فلا انصراف، و لهذا نخالف الشیخ الآخوند هنا إذ الطلب لم یوضَع للإرادة الإنشائیة بل الطلب یختلف عن الإرادة فإنهما عنصران متلوّنان)

و العجب أنه ذهب بعض الاعلام من مقاربي عصرنا[3] إلى أن الطلب‏ عنوانٌ للكاشف (مُظهر) عن الإرادة، و مع ذلك جعل هذا قولاً باتحاد الطلب و الإرادة حيث لم يلزم منه (الطلب الکاشف عن الإرادة) إثباتُ صفة (أخری) في النفس، و هو و إن كان وجيها من حيث إنه التزام بالمغايرة (إذ لو أصبح الطلب کاشفاً عن الإرادة لما اتحد الکاشفُ مع المکشوف و هي الإرادة ، مع عدم لزوم ما التزمت به الأشاعرة، إلا أن ذلك (کشف الطلب عن الإرادة) أجنبيّ عن القول بالعينية و الاتحاد، كيف؟ و صريح العلامة (رحمه اللّه) في جملة من كتبه‏[4] و غيره في غيرها: أن الطلب- الذي هو مدلول صيغة الأمر- هي الإرادة (مفهوماً لا أن الطلب کاشف عن الإرادة) و لذا التزموا بأن الأمر في ما لا إرادة فيه صوريٌ، و هذا دليل على أن مرادهم (الأصولیین) من العينية هي العينية مفهوما و مصداقا و إنشاء (فهذا إشکال آخر تجاه الآخوند:) لا أن مدلول الأمر نفسُ الإرادة الخارجية، و أنها عين الطلب حتى يقال: بأنه غير معقول، و أن مرادهم مجردُ عدم ثبوت صفة في النفس غير الإرادة، من دون نظر إلى أنها عين الطلب في الخارج. و تتمة الكلام فيما بعد.[5]

 
مرافَقةُ السید البروجرديّ مع المحقق الاصفهانيّ في هذه النقطة
و قد دعم ذلک السید البروجردي أیضاً، قائلاً:

أقول: قد عرفت أن نزاع الأشاعرة و العدلية ليس في أن لفظي الطلب و الإرادة هل وضعا بإزاء مفهوم واحد، أو يكون لكل منهما معنى غير ما للآخر، إذ البحث على هذا لغوي مربوط بعلم اللغة، بل النزاع بينهما في أنه هل يكون عند التكلم بالكلام اللفظي صفة قائمة بنفس المتكلم، تكون منشأ للكلام اللفظي، سوى العلم و الإرادة و الكراهة، أو لا تكون في نفسه صفة وراء هذه الثلاثة؟ و على هذا يكون البحث كلاميا، و لا يقبل‏ هذا النزاع‏ إصلاحا و لعله أشار إلى هذا بقوله- في آخر كلامه- «فافهم».[6]

التسائل الرئیسيّ في هذا المضمار
هل هناک علاقةٌ و ترابط بین مبحث الطلب و الإرادة و بین الکلام النفسي؟ و کیف تتحقق تلک العُلقة؟

1. من تبنّی الکلامَ النفسيّ للزِمَه مؤکّداً أن یتبنّی تغایر الطلب و الإرادة (بلا عکسٍ) فلا انفکاکَ بینهما کما تُستشمّ هذه النقطة من المحقق الاصفهانيّ.

2. من تبنّی تغایرَهما فلیس من الضروريّ أن یتبنّی الکلامَ النفسي، و ذلک وفقاً لتصریحات السیديِ البروجرديّ و الخوئيّ و المحققيِ النائينيّ و الاصفهانيّ، حیث یعتقدون بإمکانیة وجود صفة أخری (الطلب و الکلام النفسيّ) إلا أنها لا تَکون مدلولةً للکلام اللفظيّ، إذن فالتغایر معقول و لکن بلا التزام بالکلام النفسي.

---------------------
[1] و هذا الکلام لا یُعارض مقالتَه في مادة الأمر بأنه وضع للإرادة، لأنه هنا ینفي الإرادة الإنشائیة، إذ الإرادة البحتة متوفّرة في مادة الأمر و صیغته.
[2] قولنا:( فيشهد له الوجدان ... الخ). فإن الانسان بعد اشتياقه لفعل الغير الذي هو تحت اختياره يقوم بصدد تحصيله منه: إما بالبعث إليه، أو بايجاد الداعي له، و نحوهما، فيناسبه وضع الهيئة لمثل هذه الامور حتى تكون الهيئة بعثا تنزيليا أو جعلا للداعي تنزيلا، و أما إنشاء الإرادة مع تحقّق نفس الارادة، فهو أجنبي عن ذلك؛ لأنّ وجودها الواقعي حاصل، و مع ذلك يحتاج إلى توسّط أمر آخر، فكيف يتوسّط بينها و بين المراد إنشاء مفهوم الارادة؟ فتدبر، فإنه حقيق به( منه عفي عنه).
[3] المحقق الرشتي( قدس سره) في بدائع الأفكار: 207.
[4] كما في تهذيب الوصول إلى علم الاصول- مخطوط-: 14.
[5] نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج‏1، ص: 268
[6] نهایة الأصول ص92


الملصقات :


نظری ثبت نشده است .