درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١١/٣٠


شماره جلسه : ۷۰

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • أشکالُ الإشکالاتِ تجاهَ المحقّقِ الدّاماد

  • تَفنیدُ السیّد مصطفی الخمینيّ لمُحاوراتِ القبساتِ

  • الإجابة الحاسِمة لتحقیقِ المحقّق الداماد

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

أشکالُ الإشکالاتِ تجاهَ المحقّقِ الدّاماد
لقد استعرضنا نصَّ مقالةَ المحقق الداماد (1040م) ضمن کتابَیهِ، و لکن قد هاجَمه تلمیذُه صاحبُ الأسفار (1050م) بإشکالیّةٍ أساسیّةٍ قائلاً:

«و أمّا ثالثاً: فإنّ لنا أن نأخُذَ (ونَجمَعَ) جميعَ الإرادات بحيث لا يَشُذّ عنها شيء (إرادة) منها و نطلُب أنّ علّتَها (الإرادة) أيُّ شيء هي؟ فإن كانت (العلةُ) إرادةً أخرى (خارجةً عن الإرادات) لَزِم كون شيء واحد خارجاً و داخلاً -بالنّسبة إلى شيء واحدٍ بعينه هو مجموع الإرادات (لأنّا قد افتَرَضنا کافَّةَ الإرادات في مکان واحدٍ، إذن فلا إرادةَ أخری خارجةً) و ذلك محالٌ و إن كان (العلةُ) شيئاً آخرَ (کإرادة الله تعالی) لزِمَ الجبرُ في الإرادة و هذا هو الحق فليُعوَّل عليه في دفعِ الإشكال كما مر.[1]»

و لکنّ الأسفارَ حیثُ لم یَلحَظ تمامیّةَ مقالاتِ المحقّق الداماد ضمنَ کتابَیهِ بالنّص، فاعترَضَ علی أستاذه بهذه الإشکالیةِ الضَّئیلة، ونظراً لظَرافَةِ دقّةِ المحقّق الداماد في هذه السّاحة قد عَمَدنا إلی استحضار کافّة بیاناتِه، لأنّه قد صرّحَ ضمن کتاب الإیقاظات، بأنّ فعلَ الإنسان یَنفرِدُ بإرادة واحدةٍ فحسب رغمَ أنّها إرادةٌ إجمالیّةٌ في النفس -حیث لم یَلتَفِت المُریدُ إلی نفس إرادتِه- و ذلک وجدانيّ تماماً، و أما تکثیرُ الإراداتِ فقد خلَقَها العقل بتحلیلِه و اعتبارِه الذّهنيّ لیس إلا، وحیث إنّها اعتباریّة بحتةٌ فلسنا بحاجةٍ للعثور علی علَّتِها في الخارج، فکیفَ افترَض الأسفارُ علّةً لهذه الإراداتِ المُتَتالیةِ الاعتباریّة فإنّ المحقّق الداماد یَعتقد بأنّ الإراداتِ الاعتباریّة عدیمةُ العلّةِ، فلا تَتسلسل، وذلک نظیرُ تَحلیل الحیوان إلی النّاطقیة و غیرها و نظیرُ أن أعتبرَ زیداً رَئیساً أو حَمّالاً فإنّ ملاحظةَ مختلَفِ جِهاتِها الاعتباریّة سهلُ المَؤونة بلا افتقارٍ إلی عللِها، فلا تَتسلسل، ولهذا قد أعلنَ المحقّقُ الدّاماد بأنّ العقل لو شاءَ لأمکنَه أن یقطعَ سلسلةَ الاعتبار إذ حقیقةُ الاعتبار بیدِ المعتَبِر تماماً، فبالتالي إن صاحب الأسفار لم یَعي مَغزی هدفِ المحقّق الداماد ولهذا نشیرُ إلی نَبذةٍ من مقولة المحقق ضمن الإیقاظات حیث یقول:

«إنّ للنفس الفاعلة بالاختيار عن انبعاث الشوق و تأكّده حالةً واحدة إجماليّة يفصّلها العقل بتكرّر الالتفات و تضاعُف (و تکاثُر) الاعتبار بالفعل إلى إرادة الفعل، و إرادة الإرادة، و إرادة إرادة الإرادة إلى حيث يستطيع إلى أن يعتبر سبيلا على مضاهاة الأمر في العلم بالمعلوم.»

ولهذا قد هَیَّأنا اعتراضاً آخرَ تجاهَ مقالتِه الطّریفةِ وسیُوافیک عَقیبَ لَحظات.

تَفنیدُ السیّد مصطفی الخمینيّ لمُحاوراتِ القبساتِ
لقد فَنَّد السیّدُ مصطفی الخمینيّ مقالةَ المحقّق الاصفهانيّ سلفاً، و الآن قد جاءَ معترضاً أیضاً علی أساسِ مقالةِ المحقّق الدّاماد فَنِعمَ ما نطَق به في هذا المضمار:

(الإجابة الثالثة) «و يتوجّهُ إليه (المحقق الدّاماد):

1. أوّلا: أنّ الحالة الشوقيّة و الهيجان المتأكِّد، ممنوعةٌ في كثير من الإرادات، كما مرّ (فربّ إرادةٍ بلا شوقٍ متأکّد) فإنّ الإرادة تحصُل في أفق النّفس لدرك العقل توقفَ الفرار من الموت على قطع الأعضاء، من غيرِ وجود تلك الحالة (الحالة الشّوقیّة حتّى تكونَ هي صندوقَ الإرادة، كلما شاءتِ النّفسُ أخرجت منها إرادةً. (فلا ترابطَ ما بین الشوق الأکید مع الإرادة دوماً، و هو الصّواب)

فكأنه (المحقق الداماد) قدس سره، قَطعَ السِّلسلة، بأنّ الإرادة الاختياريّة ليست معلولةَ الإرادة المتقدمة عليها إلا بهذا المعنى أي أن الشوق (المتأکّد) الّذي أَورَث الإرادةَ في الفرض الأول، هو السببُ لتحقق إرادة الإرادة في الفرض الثاني، و هكذا، و على هذا لا يَتَوجّه إليه ما أوردَه عليه تلميذُه الأكبر (الأسفار) من الإشكالات الثلاثة. (ولهذا یقول المحقق الدّاماد إنّ الشوق واحد فالإرادة أیضاً تَملِکُ شوقاً واحداً وجداناً فلا إرادةَ ثانیة و لا شوق ثانیةً نعم لو حَصَلتَا مُجدّداً واقعاً لَتَلسلسل، فلماذا یقول الأسفارُ بأنّا یَجب أن نُلاحظَ عللَ الإرادة کي یَستشکِلَ علی أستاذِه بأنّه سیَلزم دخولَ الإرادة الداخلیة و الخارجیة معاً و... بل في الإرادات الاعتباریّة البحتة لا نَحتاج إلی العلل الأُخَر لکي یَستتبعَ التّسلسل) و العجب أنه (الأسفار) لم يَصِل إلى مَغزَى مَرامه! و قال: «هذه الإرادات الكثيرة قابلة لأن نأخذها، و نطلب أن علّتَها أيةُ شيء هي‌:

- فإن كانت إرادة أخرى، لزم كون شيء واحد داخلا و خارجا بالنسبة إلى شيء واحد بعينه، و هو مجموع الإرادات، و ذلك محال.

- و إن كان شيئا آخر، لزم الجبر في الإرادة، و هذا هو الحق»[2] انتهى.

و كأنّه (الأسفار) قدّس سره أخذ هذا التقريرَ ممّا قيل في الاستدلال على بطلان التسلسل: «من إثبات الغَنيّ بالذات بين السلسلة الفقراء غيرِ المتناهية» (فأخذَه) غفلةً عن بطلان القياس، و أجنبيةً ما رامَه السيد عما أفاده التلميذ كما عرفت، فلا تخلُط.

2. و يتوجّه إليه (المحقق الداماد) ثانياً: أنّ قطعَ السلسلة بذلك (بالاعتبار و التحلیل) لا يَستلزم رفع الشبهة (الجبر) لأنه:

- إذا كانت الإرادة حاصلة قهراً و بالطبع، تكونُ النّفسُ فاعلةً بالطَّبع بالنسبة إليها.(فیُنتِجُ الجبرَ)

- و إن كانت حاصلةً بالاختيار، فلابدّ من إرادة، و الشّوقُ المزبورُ إما هو نفسُ الإرادة (بأنّ النفسَ توجِدُ الإرادةَ) فيلزم عدم اختياريّة الفعل لأنها (الإرادة) غيرُ اختياريّة و ميلٍ طبيعيّ، و إما هو (الشّوق) سببُ الإرادة، فيكونُ المعلول -و هي الإرادة- حاصلاً في النّفس بلا اختيار، فيكون الفعل بلا اختيار، فما هو المهمُّ في الشك و الشبهة المزبورة، مغفول عنه في كلامه (المحقق الداماد و لم یُجِب عنه أساساً).[3]»

و الإجابة الرابعة علی المحقّق الداماد المشترِکة مع روحِ إجابةِ الأسفار هي للسید الخمیني نقلاً عن نجلِه السید مصطفی الخمینيّ حیث یقول: [4]

«و أمّا ما أوردَه عليه (المحقق الداماد) المحقّقُ الفحلُ النحرير في الفن، الوالد المعظَّمُ الجليلُ -مد ظله العالي-: «من أن السلسلة في الأمور الاعتبارية تنقطع بانقطاع النّظر (العقل) كما في إمكان الممكنات (حیث إن الممکن بحتاج إلی ممکن آخر فتَتسلسل الممکنات) و وجوبِ الواجب و ضرورة القضايا الضرورية، و إنما الإرادة (الفعل) من الحقائق المحتاجة إلى العلة، و هي إما إرادة أخرى، أو شيء من خارج، فيتسلسل، أو يلزم الاضطرارَ و الجبرَ.[5]»

ثمّ اعترَض الولدُ علی الوالدِ قائلاً
«فهو غير وجيه، لأنه (الداماد) يقول: بأنّ إرادة الفعل معلولةُ الشوق (الواحد فکلّ الإرادات تَعود لذلک الشّوق) و إرادة إرادة الفعل معلولةُ الشوق المزبور، أو يقول: الشوق المزبور هي إرادة الفعل، و سبب إرادة الإرادة و هكذا، فلا يلزم كونُها (الإرادة) بلا علّة، بل علتها الشوق. و إن كانت عبارته المحكية عنه، لا تخلو عن إيهام أن الأمر - بحسب الواقع - تابع الاعتبار، و لكن لا بد من تنزيه جنابه عما يستظهر من كلامه بدوا، فتحصل: أن ما أورده عليه العلمان - عفي عنهما - في غير محله، و كلام السيد قابل للتأويل بالوجه القريب، و لكنه مع ذلك غير صحيح، لما عرفت منا، فلاحظ و تدبر جيدا.[6]»

و بصیاغةٍ أخری: لو لاحظنا نفسَ الإرادات الاعتباریة لَاستَغنَت هذه الاعتبارات عن العلل، فلا تَتسلسلُ الإراداتُ بل تُقطَعُ السلسلةُ بقطع العقل لهذه الاعتبارات، بینما النّقطةُ الذّهبیّةُ التي قد ذَهلَ عنها الأعلامُ هي أنّ مُفتَرَضَنا إنّ الإرادة -و الشوق- قد تعلّقتَ بالفعل الواقعيّ الخارجيّ الحقیقيّ -لا بإراداتٍ اعتباریّة حیث لا تَسلسل ولا نزاعَ هنا إطلاقاً- فهذه الإرادةُ -و الشوق- هي التي ستَفتَقِرُ إلی إرادةٍ واقعیّة أخرَی بحییث ستَتسلسلُ الإراداتُ اللامتناهیة و هي المستحیلة بالضّبط، فالإرادة الاعتباریة لا تَخلُقُ الفعلَ الخارجي بینما الإرادة الحقیقیة هي التي تُولّدُ الفعل الخارجيّ، فالتسلسل المحال سیقع هنا بالتّحدید، فإشکالیّةُ الرّئیسیّةُ تجاه المحقق الداماد أنّه قد خرَجَ عن مُفترَضِ شبهةِ الجبر -الإرادة الخارجیّة الحقیقیّة- فأدمَج ما بین الشوق و الإرادة إلی آخره، و لهذا لم یَمنَحنا المحقق الدّاماد إجابةً تَضرِبُ الجبرَ، بل قد انغمَرَ ضمن وادٍ آخرَ فأضاعَ الطّریق.

و علی منوالِه سنَتَمکَّن من تبریر إجابةِ السیّد الخمیني حیث إنّه قد استهدَف إثباتَ علیّة هذا الشّوق الخارجي -لا الاعتباريّ- فقال لو أصبحَ الشوق اعتباریّاً لما احتاجَ إلی علّةٍ بل هو أمرٌ غلَطَ بینما لو لأصبحَ الشوقُ حقیقیّاً لتَحتّم العثورُ علی علتِه الخارجیة أیضاً، فبُؤرةُ إشکال السیّد هي هذه النّقطة الهامّة ّبأنّ الشوق الخارجيّ الحقیقيّ أیضاً بحاجةٍ إلی علة أخری فیَتسلسل أو یَنتهي إلی الشوق الأزليّ و هو الجبر، ولهذا لا تَنصَدِمُ مقالةُ الوالد مع الولد بهذا الأسلوب الأنیق، بل سیَتلائَمانِ تماماً.

 
الإجابة الحاسِمة لتحقیقِ المحقّق الداماد
إن مَئالَ ردِّیَّتَنا یوافق إجابةَ السید مصطفی الخمیني، حیث نَعتقِدُ بأنّ تحقیقَه یُعدّ مصادَرَاً بالمطلوب إذ الجَبريُّ قد رکَّزَ شُبهَتَه علی الإرادةِ الواقعیّة في النّفس -لا الاعتباریّة البحتة- بحیث قد شقَّها شِقَّینِ:

- فإما أن تُعدّ الإرادةُ الحقیقیّةُ اختیاریّةً.

- أم مُنتَهِیَةً إلی الإرادة الأزلیة الواقعیة.

بینما المحقّق الداماد قد شَقَّ الإراداتِ إلی إرادتینِ الاعتباریّة و الحقیقیّة، فأزاحَ شبهةَ التسلسل بواسطة الإرادة الاعتباریّة و لکنّه قد ذَهلَ عن شبهةِ الجبر، حیث إنّ عُقدةَ شبهةِ الجبر لا تَنحَلُّ ببیانِ الإرادةِ الاعتباریّة، إذ لا انسجامَ بینَ شبهة الجبر و تسلسل الإرادات إطلاقاً، ولکنّه قد رکّزَ علی تسلسل الإرادات فأجاب عنها بتلک الطّریقة، و لم یَتطرّق لحلِّ "الإرادةِ الأزلیّةِ القهریّة" فماذا نَصنَعُ بها؟

---------------------
[1] صدر الدین شیرازی محمد بن ابراهیم. 1368. الحکمة المتعالیة في الأسفار العقلیة الأربعة. Vol. 6. قم - ایران: مکتبة المصطفوي.
[2] - الحكمة المتعالية ٣٩٠:٦.
[3] خمینی مصطفی. 1376. تحریرات في الأصول. Vol. 2. قم - ایران: مؤسسه تنظيم و نشر آثار امام خمينی.
[4] خمینی مصطفی. 1376. تحریرات في الأصول. Vol. 2. قم - ایران: مؤسسه تنظيم و نشر آثار امام خمينی (س).
[5] - الطلب و الإرادة: ٩٧.
[6] خمینی مصطفی. 1376. تحریرات في الأصول. Vol. 2. قم - ایران: مؤسسه تنظيم و نشر آثار امام خمينی (س).




الملصقات :


نظری ثبت نشده است .