درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١١/١


شماره جلسه : ۵۷

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • الحوارُ النّهائيّ حول مقالةِ المحقّق العراقيّ

  • اعتراضاتٌ عدیدةٌ تجاه المحقّق العراقيّ

  • الباقِي من مقالةِ المحقّق العراقيّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

الحوارُ النّهائيّ حول مقالةِ المحقّق العراقيّ
لا زلنا نَغوصُ ضمن حوارات المحقّق العراقيّ، فإنّ الأشعريّ قد اعتقدَ بالتغایر مستدلّاً بأنّه ربّ آمرٍ یَطلُب شیئاً رغمَ أنّه عدیمُ الإرادة تجاه المتعلّق، و حیث إنّ إصدارَ الأمر بحاجةٍ إلی منشأٍ فسمّاه بالطلب، ثمّ استَنتَجَ التغایرَ، وقد باشرَ المحقّق العراقيّ للإجابةِ قائلاً:[1]

«و أمّا شبهة الأوامر الامتحانية فنقول في الجواب عنها بأن الأوامر الامتحانيّة على قسمين:

1. الأوّل ما لا يكون في متعلقه مصلحةٌ بوجه من الوجوه: لا بعنوانه الأولى و لا بعنوانه الثانوي و هذا نظير ما لو كان الأمر بالإيجاد لمحض امتحان العبد و فهمِ أنّه هل كان بصدد الإطاعة و الامتثال أم لا. (فلا غرضَ آخر للمولی، فلا إرادةَ و لا طلبَ في المتعلّق أساساً کمن لَمَس شخصاً کي یَری أنه نائم أم میّت فلا مصلحة في نفس هذه الملامسة، ولهذا لا عقابَ فیها إذ العقل لا یُدرک المصلحةَ کي یُدرک المخالفة)

2. الثاني ما يكون مصلحةٌ في متعلقه بالعنوان الثانويّ و ان لم يكن فيه مصلحةٌ بالعنوان الأوّلي و هذا نظير ما لو كان الغرض هو امتحان العبد فيما يصدر منه من العمل كما في امر العبد بصنع الغليان و الشاي مثلا لاختباره في انه ماهر في ذلك لكي ينتفع به عند ورود الضيف عليه أو أنه لا يكون له المهارة فيه، فإنه (المولی) في هذا الفرض و ان لم يكن في متعلق امره و هو الغليان مصلحة بعنوانه الأوّلي (لبدنِ المولی) بل و لعلّه كان فيه مفسدة لما كان للمولى من وجع الصدر بنحو يَضرّ به شربُ الغليان و الشاي و لكنّه بالعنوان الثانوي (لأجل الضیف) كان فيه المصلحة و بذلك صار متعلقا لغرضه. (رغم أن أصل الغلیان ذو مفسدة):

ألف) و بعد ذلك نقول: بان الأوامر الامتحانيّة ما كان منها من قبيل الثاني (توفّر المصلحة بالعنوان الثانويّ) فنلتزم فيها بعدم انفكاكها (المصلحة في المتعلق) عن إرادة العمل حيث نقول في مثلها بتعلّق الإرادة الحقيقیّة من المولى بإيجاد العمل من المأمور و انه أي المأمور يستحق العقوبة على المخالفة فيما لو خالف.

ب) و امّا ما كان منها من قبيل الأوّل الّذي فرضنا خلوّ المتعلق عن المصلحة بقول مطلق حتّى بالعنوان الثانوي فمثلها و ان كان خاليا عن الإرادة الحقيقية و لكنّه نحن نمنع كونها طلباً و امراً حقيقيّا أيضاً (فلا طلب و لا إرادةَ فیه حقیقةً) حيث نقول بكونها حينئذ طلبا و امراً صورياً لا حقيقيّا، و من ذلك أيضا نمنع موضوعيّة مثل هذه الأوامر لحكم العقل بوجوب الإطاعة و الامتثال و انّه لا يكاد يحكم العقل فيها بوجوب الإطاعة (إذ العقل لم یدرک الطلب الحقیقيّ و لا الإرادةَ کي یُدرکَ العقابَ بل هناک طلب صوريّ و ظاهريّ) و لذلك أيضا ترى انّ المولى كان في كمال الجهد بان لا يطلع العبد بواقع قصده و كون امره لمحض امتحانه، و اما نفس الامتحان الّذي هو الغرض من هذا البعث فهو أيضا غير متوقف على الأمر الحقيقي بل هو يترتب بمحض تخيّل العبد كونه امرا حقيقيّا ناشئا عن إرادة جديّة متعلقة بالعمل و ان لم يكن كذلك بحسب الواقع و نفس الأمر بل كان امرا صوريا، (فلو علم المکلف بامتحانیة العمل لَمَا امتثلَ أساساً) كما هو واضح، و على هذا فما تخلّفَ الطلبُ (الحقیقيّ) عن الإرادة (الحقیقیّة) في شي‏ء من الأوامر الامتحانيّة كما توهّمه الأشعري، فانّه: 1.في مورد كان الطلب طلباً حقيقيّاً قد عرفت عدم انفكاكه أيضا عن الإرادة الحقيقيّة المتعلقة بإيجاد العمل 2.و في مورد لا يكون فيه إرادة حقيقيّة متعلقة بالعمل فلا يكون الطلب أيضا طلبا حقيقيّا بل طلبا صوريّا، فيبطل حينئذ دعوى الأشعري من مغايرة الطلب مع الإرادة و كان التحقيق‏ هو الّذي عليه الجمهور من اتحاد الطلب و الإرادة.»

اعتراضاتٌ عدیدةٌ تجاه المحقّق العراقيّ
ونلاحظ علیه:

1. أولاً: لقد صرّح المحقّق العراقيّ بأن القائلینَ بالاتحاد قد حاولوا تبریرَ مقالةِ الأشاعرةِ المُعتقِدَةِ بالتغایر، بینما لم یَستهدِفِ العلماءُ توجیهَ کلماتِ الأشاعرةِ، بل إنّ محاوراتُ الأعلام تُعدّ إجاباتٍ علی مقولةِ الأشاعرة نظیرُ المحقّق النائیني حیث قد سمَّی الطلبَ بهجمة النّفس و سمّی الإرادةَ بالشّوق الأکید فلم یتکفّلِ المحقّق النائینيّ لتصحیحِ مقالةِ الأشعريّ بل إنّ المحقق النائینيّ أیضاً قد مالَ إلی التغایر -الإماميّ- بلونٍ مُتمیّزٍ عن لون التغایر الأشعريّ، نعم إنّ الوحیدَ الذي قد عزمَ علی التوجیه هو الشیخ الآخوند فحسب.

2. ثانیاً: قد صرّح المحقّق العراقيّ بأنّ کلّ مَن أقرَّ بالمباني الثلاثة للأشاعرةِ فسیَلزمُه الإقرارُ بالتغایر مؤکّداً، ولهذا قال سنُناقِش هذه المبانيَ الثلاثةَ -انکارِ الحسن و القبح العقلیّین و استحالةِ تخلّفِ المراد عن الإرادة و انجبارِ العباد- کي تَنثلِمَ فکرةُ التغایر أساساً و لا نَضطَرَّ إلی الاعترافِ بالتّغایر أصلاً، بینما المحقّق قد ذَهلَ بأنّ المحذور لا یحولُ حولَ عنصر "التغایر" إطلاقاً إذ المحقّقونَ: النائینيُّ و الاصفهانيّ و البروجرديّ قد أقرّوا بالتغایر الإماميّ رغمَ أنّهم لم یَتَّخذوا هذه المباني الثلاثة، إذن فأصلُ نظریّة التغایر لا تَبتَني علی الإقرار بالتغایر الأشعريّ بل هؤلاء العِظام قد ساروا مسارَ التغایرِ غیرِ الأشعريّ، نظیرُ الاعتقاد یالتّصویب الأشعريّ أو الإماميّ، فلا یُعدّ کلُّ تصویبٍ بلونِ التّصویب الأشعريّ المُزیَّف.

3. ثالثاً: إنّ المحقّقَ قد لازَمَ ما بین مسألةِ الجبر و مسألةِ التغایر قائلاً: استدلالهم على كون العباد مجبورين في أفعالهم .... بأنه من الممكن امر اللَّه سبحانه العباد بأمور ليس فيها مصلحة أصلا، حيث انّه يستفاد من أدلّتهم انّ ما يحكى عنه الأمر و هو الطلب .... دون الإرادة.... فحیث إنّ في الأعمال الجبريّة یتوفّر طلب بلا إرادة فهو شاهدٌ علی التّغایر، بینما نلاحظ علیه بأنه لا ملازمة بینهما إذ الأفعال الجبريّة هي أعمّ من وجود مصلحة و إرادةٍ إلهیّة فيها أم تُعدّ عدیمةَ المصلحةِ نهائیّاً فربّ فعلٍ جبريٍّ یَتمتّع بالمصلحةِ و الإرادة الإلهیّة و یَتّحدّ مع الطلب فلا نستَنتِجُ التغایرَ من الأفعال الجبریّة کما زعمه المحقق.

وبعبارةٍ جلیّةٍ إنّ الإرادة الإلهیّة قد تعلّقت بطلبِ الفعل الخارجيّ رغم أن المکلّف مجبورٌ في التنفیذ فالله مریدٌ للفعل دوماً بحیث یَقعُ متعلقَ الأمر حتماً، إذ تمام العلّة هو إرادة الله وفقاً للجبریّة -و لکنّ وفقَ مسلک الاختیار تنتَسِبُ العلةُ إلی الله و البشر معاً- فبالتالي، لا یخلوا الفعل عن الإرادة إطلاقاً –وفقَ الجبریّة و المُختاریّة- فمبحث الجبر لا یُدلّل علی التغایر حتماً کما زعمه المحقّق العراقيّ -بأنّ العبدَ المَجبور یَمتثلُ الطلبَ الإلهيَّ بلا مصلحةٍ في الفعل و حیث لا مصلحةَ فلا إرادةَ، فالطّلب الإلهيّ متوفر بلا إرادة إلهیّة فحصل التغایر- إذ أصل الإرادة الإلهیّة متوفّرةٌ علی أيّة حالة حتی في الجبر و في الأوامر الامتحانیّة.

و أمّا إجابةُ المحقّق العراقيّ حول روایة: السعید سعید في بطن أمه...، فقد فإنّها منصوصةٌ في الروایةِ التالیة:

«عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع عَنْ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص: الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَ السَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَقَالَ: الشَّقِيُّ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ وَ هُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَنَّهُ سَيَعْمَلُ أَعْمَالَ الْأَشْقِيَاءِ وَ السَّعِيدُ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ وَ هُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَنَّهُ سَيَعْمَلُ أَعْمَالَ السُّعَدَاءِ[2]»

الباقِي من مقالةِ المحقّق العراقيّ
وفي الختام إنّ المحقّق قد ألفتَ الأنظارَ إلی نکتة مثالیّةٍ، نستعرضُها للتفکیر فیها، حیث یقول:

«بقي شي‏ء و هو انّ الطلب و الإرادة بناء على اتحادهما كما هو التحقيق هل يمكن في مقام تعلّقه بشي‏ء ان يكون لمصلحة في نفسه أم لا (کالأمر الامتحانيّ) بل لابدّ و ان يكون تعلقه بالشي‏ء لمصلحة في ذلك الشي‏ء؟ حيث ان فيه وجهين، و ربما يترتب عليه ثمرات مهمّة، منها في مسألة الملازمة المعروفة بين حكم العقل و الشرع، حيث انّه:

1. بناء على إمكان ان يكون الإرادة لمصلحة في نفسها يسقط النّزاع المزبور إذ حينئذ بمجرّد درك العقل حسن شي‏ء أو قبحه لا يمكننا كشف حكم الشارع فيه بالوجوب أو الحرمة، كما انه كذلك أيضا في طرف العكس فإذا حكم الشارع بوجوب شي‏ء أو حرمته لا يمكن الكشف به عن حسن ذلك الشي‏ء الّذي امر به الشارع أو قبحه، من جهة احتمال ان يكون حكم الشارع فيه بالوجوب أو الحرمة لمصلحة في نفس حكمه و طلبه.

2. و هذا بخلافه على الثاني من كونه لمصلحة في متعلّقة، فانه حينئذ يكون كمال المجال لدعوى الملازمة خصوصا من طرف حكم الشرع، فيتمّ ما بنوا عليه من انّ الواجبات الشرعيّة ألطاف في الواجبات العقليّة، إذ حينئذ بمجرّد حكم الشارع في شي‏ء بالوجوب أو الحرمة يستكشف منه لا محالة كشفا قطعيّا عن حسن ذلك الشي‏ء أو قبحه. نعم في تماميّة تلك الملازمة من طرف حكم العقل فيما لو أدرك حسن شي‏ء أو قبحه إشكال- كما سيأتي- ينشأ من عدم كون مجرد الصّلاح في شي‏ء علّة لحكم الشّارع فيه بالوجوب بل و انّما غايته كونه مقتضيا لذلك فيمكن حينئذ ان يمنع عن تأثيره مانع أو مزاحم، و على كلّ حال: فالذي يقتضيه التحقيق في أصل المسألة هو الوجه الثاني و هو لزوم كون الإرادة في مقام تعلّقه بشي‏ء لمصلحة في ذلك الشي‏ء لا لمصلحة في نفسها، و العمدة في ذلك انما هي الوجدان حيث يرى الإنسان بالوجدان و ما له من الجبلّة و الارتكاز في تعلق حبّه أو بغضه بشي‏ء انه انما يكون لما يجد في ذلك الشي‏ء من الخصوصيّة الموجبة لملاءمة النّفس و انبساطها أو الخصوصية الموجبة لمنافرة النّفس و اشمئزازها، و انه بدون تلك الخصوصية المستتبعة للانبساط أو الاشمئزاز لا يكاد يوجد للنفس ميل و لا محبّة إلى ذلك الشي‏ء بوجه أصلاً.[3]»

------------------
[1] نهاية الأفكار، ج‏1، ص: 173
[2] التوحید (للصدوق)، ص356
[3] نهاية الأفكار، ج‏1، ص: 174

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .