درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٢/١٠/٢٦


شماره جلسه : ۵۵

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • استعراضُ تَحقیقةِ المحقّق العراقيّ

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

استعراضُ تَحقیقةِ المحقّق العراقيّ
إنّ المحقّق العراقيّ قد أطنَبَ المُحاوَرةَ حول الطلب و الإرادة و الکلام النفسيِّ حیث قد تَمیّز بنُکاته المُتمیِّزةِ في هذا الحقل، فابتَدأ بتَبیینِ اتّحاد الطلب و الإرادة، ثمّ قال بأنّ القائلین بالاتّحاد کأغلبِ الإمامیّةِ قد استَفرَغوا جُهدَهم لتبریر مقالة القائلینَ بالتّغایر ففِئةٌ قد حاولَت أن تُصوّرَ النّزاع لفظیّاً کالمحقق الآخوند، وثلّة أخری بنحوٍ آخَر، فالمُستَحصَلُ هو أربعُ توجیهاتٍ، ثم اعتقدَ المحقق العراقيّ بأنّها لا تَتلائَم مع مُعتقَدِ الأشاعرة في نقطةِ التّغایر، فبالتالي، قد غاصَ المحقق بنفسه إلی مبنی الأشاعرة بأدلّتِهم الثلاث الرئیسیّة، قائلاً لو تَقبّل أحدٌ هذه الثلاثةَ لَتحتّم أن یَتقبّل التّغایرَ أیضاً، ثمّ رَفضَ التوجیهاتِ المذکورة حول التغایر مُستدِّلاً بأنّها لا تُثبتُ منهجةَ الأشاعرة، ولهذا قد تصدّی المحقّق بنفسه إلی توجیهٍ یَلیقُ مبناهَم، بحیث قد أثبتَ معقولیّتَها، ثمّ تَهاجَمَ علی مبانِیهم المُزیَّفة واحداً تلوَ الآخر، وإلیک نصَّ بیاناتِه:[1]

1. منها (التوجیهات علی المغایرة): ما أفاده في الكفاية، حيث إنّه لَمّا بنى على اتحاد الطّلب و الإرادة مصداقا و مفهوما وجّه كلام القائلين بالمغايرة، حيث قال ما ملخصه: الحق كما عليه أهله اتحاد الطلب و الإرادة مفهوما و إنشاء و خارجاً بمعنى ان ما يسمّى بالطلب بالحمل الشائع هو عين الإرادة بهذا الحمل و ما ينتزع عنه هذا المفهوم- أي مفهوم الطلب عين ما ينتزع عنه مفهوم الإرادة، و إنشاء الطلب الّذي هو عبارة عن استعمال اللفظ في المفهوم بقصد الإيقاع هو عين إنشاء الإرادة، فكان الطلب و الإرادة متّحدين في جميع تلك المراحل الثّلاث، و لكنّه لما كان المنصرف إليه الطلبُ عند إطلاقه هو الطلب الإنشائيّ و كان في الإرادة بعكس ذلك- حيث كان المنصرف إليه عند إطلاقها هو الإرادة الحقيقيّة الخارجيّة دون الإنشائي منها- كان مثل هذا الانصراف أوجب القول بالمغايرة بينهما فتوهّم أن الطّلب غير الإرادة، و لكنّه ليس كذلك من جهة ان ذلك انّما كان من جهة ما يستفاد من قضيّة إطلاقهما حسب الانصراف و مثل ذلك ممّا لا ينكره القائل بالاتحاد، بل عليه يرتفع النّزاع من البين رأسا لرجوع النزاع حينئذ إلى ما هو المستفاد من قضيّة إطلاق لفظ الطلب بأنّ المستفاد منه هل هو عين ما يستفاد من لفظ الإرادة عند إطلاقها أو انّ المستفاد منه هو غيره؟

2. و منها: أي من التوجيهات جعل المراد من الطّلب عبارة عن الاشتياق التامّ الحاصل عقيب تصوّر الشي‏ء و التصديق بفائدته، و الإرادة عبارة عن حملة النّفس و هيجانها نحو المطلوب و المراد الّذي يستتبع الفعل و العمل، أو العكس (و هذا نصّ عبارة المحقق النائینيّ) بجعل الطلب عبارة عن حملة النّفس و الإرادة عن الاشتياق التامّ. (فیَتغایَران و لا یُعدّ النّزاع لفظیّاً أیضاً)

3. و منها: جعل الطلب عبارة عما ينتزع عن مقام إبراز الإرادة من البعث و الإيجاب و الوجوب و اللزوم (فلو اُبرزتِ الإرادة لتحقّق الطّلب، فلو اختَفَت الإرادةُ لما تَحقّق الطلب) فيُغاير حينئذ الإرادة حيث كانت الإرادة من الأمور الحقيقيّة القائمة بالنفس بخلاف الطلب حيث انّه كان من الأمور الاعتباريّة الانتزاعيّة عن مقام إبراز الإرادة بالأمر نحو الشي‏ء بالإيجاد، و منها: غير ذلك من التّوجيهات المذكورة في كلماتهم.

أقول: و لا يخفى عليك ما في هذه المحامل و التوجيهات، إذ نقول و ان كان يتضح بها المغايرة بينهما بل و يرتفع معها النزاع من البين، و لكن لا يساعد شي‏ء منها كلام القائلين بالمغايرة (و هم الأشاعرة) حيث نقول: بأن الطلب و ما يَحكي عنه الأمر عندهم عبارة عن معنى قابل:

1. للتعلّق بالمحال (فالطلب الحقیقيّ یتعلق بالمحال بینما الإرادة الحقیقیّة لا تتعلق بالمحال إذن فیتغایران).

2. و للتخلّف عن المراد.

3. و للموضوعيّة الحكم العقل بوجوب الإطاعة و الامتثال، (فلا یجدي جواب الآخوند بأنّ الصراع لفظي و لا المحقق النائیني إذ النفس لا یهجُم ولا یتحرّک نحو المحال، بینما الأشعري یود إثبات الطلب بالمحال، وکذا لا یجدي التوجیه الثالث إذ الأشعري یَودّ تقدیم الطلب علی الإرادة و أنّ الکلام اللفظيّ یدل علی الطلب لاحقاً فلا تصح مقولةُ الثالث بأنّ الطلب هو إبرازُ الإرادة)

(و أما شواهد الأشاعرة فکالتالي) كما يشهد عليه قضيّة:

1. استدلالهم بالأوامر الامتحانيّة الخالية عن الإرادة في مواردها، كما في امر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده إسماعيل عليه السلام.

2. و استدلالهم أيضا بتكليف اللَّه‏ سبحانه الكفار بالايمان و أهل الفسوق و العصيان بالعمل بالأركان فان اللَّه سبحانه امر الكفار بالايمان و لم يُرِد منهم الإيمان لامتناع صدور الإيمان منهم بعد علمه سبحانه بذلك، إذ حينئذ يستحيل تعلّق إرادته سبحانه بالايمان المستحيل منهم. و أيضا لازم تعلّق إرادته سبحانه بذلك هو قهريّة صدور الإيمان منهم لأنّه سبحانه إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون فيستحيل تخلّف إرادته سبحانه عن المراد، و حينئذ فمن جهة عدم صدور الإيمان منهم لا بدّ و ان يستكشف عن عدم تعلّق إرادته الأزليّة بصدور الإيمان منهم و معه يثبت المطلوب من المغايرة بين الطّلب و الإرادة.

3. و أيضا استدلالهم على كون العباد مجبورين في أفعالهم- على ما هو مقتضى مذهبهم و إنكارهم التّحسين و التقبيح العقليين- بأنه من الممكن امر اللَّه سبحانه العباد بأمور ليس فيها مصلحة أصلا، حيث انّه يستفاد من أدلّتهم انّ ما يحكى عنه الأمر و هو الطلب عندهم عبارة عن معنى كان: 1. ممكن التعلق بالمحال 2. و قابلا للتخلّف عن المراد 3. و لأن يكون تابعا لمصلحة في نفسه لا في متعلّقه (کالأمر الامتحانيّ) مع كونه موضوعا أيضا لحكم العقل بوجوب الإطاعة و الامتثال و يقابله الإرادة عندهم فانّها معنى لا يجوز تخلّفها عن المراد و لا كانت قابلة للتعلّق بالمحال و لا للتّبعيّة لمصلحة في نفسها لكونها تابعة لمقدّماتها الّتي منها التصديق بفائدة الشي‏ء و الميل و المحبّة له. (إذ العقل حاکم بالوجوب الامتثال فمجرد الإرادة بلا طلب، لا یقودُ العقلَ نحوَ الامتثال فلا تأثیر للإرادة البحتة لحکم العقل بالوجوب و هذا شاهد صدق علی تغایرهما)

و كان عمدة ما دعاهم إلى المصير إلى المغايرة تلك الإشكالات الفاسدة الواردة بنظرهم بناء على القول باتحاد الطلب مع الإرادة:

1. منها لزوم عدم تحقق العصيان من العباد (لو اعتقدنا بالاتحاد) لعدم جواز تخلّف إرادته سبحانه عن المراد ( فقد أمرهم الشارع و طلب منهم و لکن حیث قد عصی المکلّف قد اکتشفنا عدم إرادة الشارع ثمّ نتجَ التغایر).

2. و منها لزوم تعلّق الإرادة بالمحال بناء على الاتحاد كما في موارد الأمر بما انتفى شرط تحقّقه. (فالطلب متوفّر بلا إرادة بالمحال، إذ لو أراد لتحقّق حتماً فحیث لم یتحقق فلا إرادة إذن)

3. و منها ما بنوا عليه من المبنى الفاسد من إنكار التّحسين و التقبيح العقليّين و تجويزهم الأمر بالشي‏ء مع خلوّه عن المصلحة كما في الأوامر الامتحانيّة (فالمصلحة في الإنشاء لا في الفعل فالطلب قد تعلق بالفعل بلا إرادة للفعل).

4. و منها غير ذلك من المباني الفاسدة (کمجبوریة العباد في أفعالهم) حيث انّه من جهة الفرار عن تلك الإشكالات (في الاتحاد) التزموا بالمغايرة بين الطلب و الإرادة فقالوا بأنّ الطلب و ما يحكى عنه الأمر عبارة عن معنى قابل لتلك اللوازم.

و ممّا يشهد لذلك أيضا إنكار القائلين بالاتحاد عليهم بأنّا لا نجد في أنفسنا عند طلب شي‏ء و الأمر به غيرَ العلم بالمصلحة، و الإرادةُ و الحبّ و البغض صفة أخرى قائمة بالنفس نسمّيها بالطلب، و هذا هو العلّامة «قدس سره» حيث أنكر عليهم بأنا لم نجد عند الأمر بشي‏ء امرا مغايرا لإرادة الفعل حيث لا يكون المفهوم من الأمر إلّا إرادة الفعل من المأمور به و لو كان هناك شي‏ء آخر لا ندركه فلا شكّ في كونه أمرا خفيّا غاية الخفاء بحيث لا يتعقله إلّا الأوحديّ من النّاس، و مع ذلك كيف يجوز وضع لفظ الأمر المتعارف في الاستعمال بإزائه، إذ من الواضح حينئذ انه لو لا إرادتهم من الطلب و الأمر ما ذكرنا لما كان وجه لإنكار القائل بالاتحاد عليهم، كما هو واضح.

و عليه نقول أيضا بأنه لا يكاد يلائم شي‏ء من التوجيهات المزبورة كلامهم بوجه أصلا، حيث انّ الطلب بمعنى الإنشائي منه- كما هو توجيه الكفاية- و ان يساعد عليه اللازم الأوّل من قابليّة تعلّقه بالمحال لعدم استلزامه لإرادة الإيجاد من المكلّف، و لكنّه لا يساعد عليه جهة موضوعيّته لحكم العقل بوجوب الإطاعة و الامتثال. و اما كونه بمعنى حملة النّفس و هيجانها بنحو المطلوب فهو أيضا غير قابل للتعلّق بالمحال و لا يصحّح أيضا كونه لصلاح في نفسه فبقي بعد الإشكالات بحالها. 
و أمّا كونه بمعنى الاشتياق فهو و ان يصحّح جواز تعلّقه بالمحال- كما في اشتياق المريض إلى شفاء مرضه و المحبوس إلى الفرار من السجن و التخلّص منه و اشتياق الإنسان إلى عود شبابه- و يمكن أيضا وقوعه موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال فيما لو أحرز العبد اشتياق مولاه إلى شي‏ء و لكنّه أيضا لا يصحّح كونه لصلاح في نفسه. و حينئذ فبقرينة استدلالهم بمثل الأوامر الامتحانيّة يعلم بعدم إرادتهم من الطلب الاشتياق نحو الشي‏ء و لا من الإرادة حملة النّفس و هيجانها نحو المطلوب. و امّا كونه بمعنى البعث و التّحريك و الوجوب و اللّزوم و نحوها فهو أيضا غير محكي بالأمر لما عرفت من كونها أمورا انتزاعيّة متأخّرة عن الأمر يعتبرها العقل عن مقام إبراز الإرادة فلا يمكن ان يكون محكيّا للأمر، كما هو واضح.

نعم هنا معنى آخر غير المذكورات (من التوجیه للتغایر) و غير العلم و الإرادة و الحبّ و البغض يمكن بعيدا ان يوجّه به كلام القائل بالمغايرة، و هو البناء و القصد، المعبّر عنه بعقد القلب في باب الاعتقادات، حيث أنّه كان من جملة افعال النّفس (وهو نفس کلام المحقق الاصفهانيّ) و لذا قد يكون يؤمر به (بالبناء القلبيّ ) كما في البناء (القلبي) على وجود الشي‏ء كالبناء (قلباً) في باب الاستصحاب و في الشكوك المعتبرة في الصلاة، و قد يكون يُنهى عنه (البناء) كما في التشريع المحرّم و يسمّى بأسام مختلفة حسب اختلاف متعلقه، و يكون كالإرادة في كونه ذا إضافة (فالبناء و الإرادة یشترکان في الإضافة إلی شیئٍ) و إن خالفها في انها (الإرادة) من مقولة الكيف و هذا (البناء القلبيّ) من مقولة الفعل للنفس، فكما ان الحبّ:

1. قد يتعلق بأمر موجود مفروغ التحقق فيقال له العشق و الشعف.

2. و قد يتعلق (الحبّ) بإيجاد الشي‏ء أو إيجاد الغير إيّاه فيقال له الإرادة.

كذلك هذا البناء (القلبيِّ) فإنّه قد يتعلق بالأوّل (المتحقَّق) و قد يتعلق بالثاني (الإیجاد) فيسمّى بالاعتبار الأوّل تنزيلاً كالبناء على كون الشّك يقينا أو العدم وجودا و كالبناء على كون الأكثر موجودا أو الموجود هو الأكثر، و بالاعتبار الثاني قصدا (للإیجاد) و عند تعلّقه بما ليس في الشرع تشريعا و نحو ذلك و يشهد لما ذكرنا ملاحظة كلماتهم (الأشاعرة) في باب التصديق المعتبر في الإيمان بأنه ليس مجرّد العلم و المعرفة بل هو فعل جنانيٌّ معبّر عنه بالفارسيّة ب «گردن دادن» و «گِرَوِيدن» و «باور كردن» فراجع كلماتهم.

و حينئذ نقول بان مثل هذا البناء و القصد (القلبيّ):

1. لما كان قابلاً للتعلّق (بالمحال) كما في بناء الغاصب على ملكيّة مال المغصوب في مقام البيع (فهو محال شرعيّ) و كالبناء (القلبيّ) على ربوبيّة بعض المخلوقين (فهو محال عقليّ بینما الإرادة لا تتعلق بالمحال و المعدوم) كالبناء على جزئية شي‏ء للواجب في باب التشريع.

2. و من جهة اختياريَّتِه (البناء) كان قابلا لأن يكون لصلاح في نفسه (البناء علی الإنشاء و الإیجاد رغم أنه لا متعلقَ له).

3. و أمكن أيضا ان يكون محكيا للأمر موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال، (فالبناء یعد موضوعاً لحکم العقل بوجوب الامتثال) فلا محالة أمكن توجيه كلماتهمُ الفاسدةِ:

1. بحمل الطلب في كلماتهم على مثل هذا البناء و القصد، و الإرادة على تلك الكيفيّة النفسانيّة.

2. بل عليه لا مجال للإنكار عليهم أيضا بأنّا لا نجد في أنفسنا عند طلب شي‏ء غير العلم بالمصلحة و الإرادة و الحبّ و البغض (کما ادعاه الآخوند حیث استدل بالوجدان) لما عرفت من وجود امر آخر في النّفس يكون هو البناء و القصد.

3. و حينئذ فلو ادّعى القائل بالمغايرة بأنّ ما هو المسمّى بالطلب عبارة عن مثل هذا القصد (القلبيّ) الّذي هو بالضرورة غيرُ الإرادة لا يُمكننا المسارعة في الرّد عليهم بعدم وجدان أمر وراء الإرادة و العلم و الحبّ و البغض.

4. بل و لَئِن سلّم مبانيهم الفاسدة لا مفرّ عن الالتزام بمقالتهم من المغايرة بين الطلب و الإرادة.

و حينئذ فاللازم هو إبطال: 1. أصل تلك المباني الفاسدة التي هي عبارة عن إنكار التحسين و التقبيح العقليّين. 2. و عدم جواز انفكاك الإرادة عن المراد. 3. و عن شبهة الأوامر الامتحانيّة الّتي أوجب مصيرهم إلى كون الأمر لصلاح في نفسه لا متعلّقة. 4. و شبهة كون العباد مجبورين في أفعالهم الموجب لعدم إمكان تعلّق الإرادة بفعلهم.

----------------
[1] نهاية الأفكار، ج‏1، ص: 164

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .