درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٢/٤


شماره جلسه : ۸۱

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • استعراضُ سائرِ الأنظارِ تجاه صیغةِ الأمر

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

استعراضُ سائرِ الأنظارِ تجاه صیغةِ الأمر
حتّی الآن قد طَرَحنا الأنظارَ التّالیة:

1. الرّأيَ الشّهیر قبلَ المحقّق الآخوند حیث اعتقدوا باستعمالِ الصیغةِ في شتّی المعاني کالطّلب و التهدید و ....

2. رأيَ المحقّق الآخوند بأنّها قد وُضِعَت للطلب الإنشائيّ حقیقةً و بقیّة المعاني تُعدّ دواعيَ فحسب.

3. رأيَ المحقّقِ الخوئي بأنّ حقیقةَ الصیغةِ هو إبرازُ الاعتبار النفسانيّ.

و قد استَشکَلنا علی کافّةِ الآراءِ المطروحةِ حتّی الآن.

1. و الرّأي الرّابعُ قد حاوَل أنّ یُخرجَ مطلقَ "الطّلب" -سواء الحقیقيُّ أم الإنشائيّ- عن دائرَة الموضوعِ له کالمحقّقینَ النّائيني و العراقيّ و الحکیم و الخمینيّ، حیث قد وَضعوا الصیغةَ "للنّسبةِ" و أما الطّلبُ فإمّا من اللوازِم أو غیرِ اللوازِم، وفقاً لبیاناتِهم الآتیة.

وفي أوّل وَهلةٍ نلاحظُ علیهم بأنّ إحدی أرکانِ فهمِ الوجوب أو الاستحباب من الصیغةِ هي أنّ تَدلَّ الصیغةُ علی الطلب وفقاً للقدامی حیث شقَّقوا الطلبَ إلی الوجوبيِّ والاستحبابيِّ فهو المُفترَضُ حتماً بینما لو أخرَجنا الطلبَ عن الموضوع له لتغیّرَ مسارُ النّقاشات تماماً إذ سیُفترَض علینا أنّ نَعثُر علی منشأِ الوجوبِ و الاستحبابِ؟

إذن فالرّأيُ الرابعُ قد اتّجَهه المحقّق العراقيّ قائلاً:

«و حينئذ فلا يكون المستعمل فيه في الصيغة "الا النسبة الإرسالية" لا مفهوم الطلب كما عليه الكفاية «قدس سره» و عليه فلابدّ و ان يكون دلالتها على الطلب من جهة الملازمة الخاصّة الناشئ هذا التلازم من جهة كون المتكلّم في مقام الجدّ بالإرسال، إذ حينئذ ينتقل الذّهن من تلك النّسبة الإرساليّة إلى مفهوم الطلب بانتقال تصوّري، ففي الحقيقة منشأ هذا التلازم انّما هو التلازم الخارجي بين منشأَيهِما و هما البعث و الإرسال الخارجيّ و الإرادة الخارجية و عدم انفكاك أحد الأمرين عن الآخر، و حينئذ فحيث انّ اللفظ كان وجها للمفهوم و كان المفهوم وجها لمنشئه و كان بين المنشأين و هما البعث و الإرسال الخارجي و الإرادة الحقيقية ملازمة -في مرحلة الخارج- فينتقل الذّهن عند تصوّر أحد المفهومين من جهة كونه وجهاً لمنشئه إلى مفهوم الآخر كذلك (وجها لمَنشئه) بانتقال تصوريّ و لو لم يكن للمُنشَأِ وجود في الخارج أصلا بل كان المنشأ مما يقطع بعدم وجوده خارجاً، نعم في مقام التّصديق لابدّ من إحراز كون المتكلم في مقام الجد بالإرسال و لو بالأصل ليحرز به وجود الإرادة و تحققها فيصدق عليه الطلب و الأمر حقيقة. فعلى ذلك فدلالة الصيغة على الطلب انّما هي باعتبار كونه من لوازم ما هو المدلول لا انّها من جهة كونه بنفسه هو المدلول للصيغة، و بين الأمرين بون بعيد.

لا محيص من دعوى انّ المدلول في الصيغة هو النسبة الإرسالية الإيقاعيّة، و عليه فكان دلالتها على الطلب باعتبار كونه من لوازم المدلول (النسبة الإرسالیة)- كما شرحناه - لا من جهة كونه هو المدلول لها كما لا يخفى. نعم في مقام التّصديق كما ذكرناه يحتاج في صدق الأمر الحقيقي إلى إحراز كون المتكلّم في مقام الجدّ بالإرسال و لو بالأصل: و هو أصالة كون المتكلّم في مقام الجدّ بالإرسال و كون الدّاعي عليه هو الإرادة الحقيقيّة للفعل دون غيرها من الدّواعي، كما هو واضح.»[1]

فبالتالي إنّ الصیغة قد وضِعَت للنّسبة الإرسالیّة بین المتکلم و المخاطب و المادة، و أمّا مفهومُ الطّلب فیُعدُّ لازمَ تلک النّسبة، و من الواجبِ أنّ تَتحقّقَ هذه الملازَمةُ بین النسبةِ الإرسالیة و بین الطلب في مقامِ الجدِّ فیُرسِلُ المستمِعَ جدیّاً نحوَ المادّة، بینما لو هَدَّد أو حقَّرَ أو... لَما تولَّدتِ النّسبةُ الإرسالیة مع الطلب.

2. و الرّأيُ الخامسُ فقد تَبنّاه المحقّق النائینيّ قائلاً:

«و قد وقع البحث أيضا في انّ ذلك على نحو الاشتراك اللّفظي أو المعنوي، إلاّ انّ الإنصاف انّه لا وقع للبحث عن ذلك في الصّيغة، و ان كان له وقع في المادة، بداهة انّ صيغة الأمر كصيغة الماضي و المضارع تشتمل على مادّة و هيئة، و ليس للمادّة معنى سوى الحدث، كما انه ليس للهيئة معنى سوى الدلالة على نسبة المادة إلى الفاعل. نعم تختلف كيفية انتساب المادة إلى الفاعل حسب اختلاف الأفعال، ففي الفعل الماضي الهيئة انّما تدلّ على النّسبة التحقّقيّة، و في المضارع تدلّ على النّسبة التّلبسيّة، على ما مرّ ذلك مشروحا في مبحث المشتق.

و امّا فعل الأمر، فهيئته انّما تدلّ على النّسبة الإيقاعيّة، من دون ان تكون الهيئة مستعملة في الطّلب، أو في التّهديد، أو غير ذلك من المعاني المذكورة للهيئة، لوضوح انّه ليس معنى اضرب: أطلُب، و لا أهدِّدُ، و لا غيرَ ذلك. بل الطّلب، و التّهديد، و التّعجيز، انّما تكون من قبيل الدّواعي لإيجاد النّسبة الإيقاعيّة بقوله: افعل. و من هنا تمحّضت صيغة افعل للإنشاء و لا تصلح ان تقع اخبارا، إذ الإيقاع لا يمكن ان يكون اخبارا. و هذا بخلاف صيغة الماضي و المضارع، حيث انّهما يصلحان لكلّ من الإنشاء و الأخبار. امّا الماضي، فوقوعه إنشاء في باب العقود واضح. و امّا المضارع، فإنشاء العقد به محلّ خلاف و إشكال. نعم المضارع انّما يقع إنشاء في مقام الطّلب و البعث، كيصلّي، و يصوم، و ما شابه ذلك و هذا بخلاف الماضي، فانّه لم يعهد وقوعه إنشاء في مقام البعث و الطّلب ابتداء، و ان استعمل في القضايا الشّرطيّة في ذلك لانقلابه فيها إلى الاستقبال، و لكن استعماله في الطّلب في غيرها ممّا لم نعهده. و على كلّ حال، لا إشكال في انّ صيغة افعل ليست بمعنى الطّلب و لا غيره من سائر المعاني، و انّما هي موضوعة لإيقاع النّسبة بين المبدأ و الفاعل (بنحو المشترک المعنويّ) لدواعي: منها الطّلب و منها التّهديد و منها غير ذلك، فتأمل جيّدا.»[2]

فبالتّالي إنّ المحقّقَ النائینيَّ قد مالَ نحوَ الاشتراک المعنويِّ بحیث إنّ الصیغةَ قد وضعَت "للنسبة الإیقاعیّة" ولهذا سیُعدّ الطّلبُ أحدَ الحصص و الدّواعي للإیقاعِ، بینما المحقّق العراقيُّ قد أدخلَ الطّلَبَ الجدّيَّ ضمنَ المدلول الالتزاميِّ للنّسبة الإرسالیة بحیث قد تَلازَمَ الطّلبُ مع النسبة الإرسالیة لدی مقام الجدّ.

3. و الرّأي السّادسُ فقد انتَهَجَه السّیدُ الحکیمُ قائلاً:

«بل الظاهر أنها موضوعة للنسبة التكوينية القائمة بين المكوِّن (المتکلم) و المكوَّن (المخاطب) فمعنى (اضرب): كن ضاربا، و معنى: كن ضاربا، جعله ضاربا فهي لإنشاء المادة المنتسبة إلى المتكلم نسبةَ التكوين (لا نسبة الإیقاع و الإرسال) و استفادة الطلب منها من جهة ملازمة التكوين لتحقق إرادته في نفس المكوِّن فهي تَحكي عن الطلب النفسيّ بالالتزام على النحو المذكور (نظیر مقالة المحقّق العراقيّ) و هي في جميع الموارد مستعملة في التكوين:

- حقيقة كما في قوله تعالى: (إن الله إِذٰا أَرٰادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‌).

- أو ادعاء كما في سائر موارد استعمالها (فیدعي أن المخاطب أصبح مکوَّناً فالضرب قد تکوَّن في المخاطب حتی و إن لم یمتثله) لا في إنشاء النسبة الطلبية كما قد يظهر بالتأمل.»[3]

فبالتّالي قد صَوَّرَ السیّد الحکیمُ النّسبةَ التّکوینیّةَ الادّعائیّةَ ما بین المتکلّم و المستمِع بحیث قبل أن تَتحقّق النسبةُ الإرسالیّة و الإیقاعیّة ما بین المخاطب و المادّة -وفقاً للمحقّق النائیني و العراقيّ- من اللازِم أن تَتحقّقَ النسبةُ التکوینیة بین المتکلّمِ المکوِّنِ و المخاطَبِ المُکوَّن حتّی اعتباراً، فبدایةً ستَتوفّرُ نسبةٌ تکوینیّةً ادّعائیةً بین المتکلم و المخاطب فسواءٌ تحقّقَ الضربُ أم لم یَضرِب فقد تولَّدت نسبةٌ تکوینیّةٌ اعتباریةٌ ما بینهما مسبقاً، فمن هذه الزّاویة لا یَتفاوَت الدّاعي فسواء أنشأَ بداعي الحقیقة أو التهدید و ... فقد تحققت نسبة تکوینیّة ادّعائیّةٌ ما بینهما، و لهذا قد هَتفَ السیّدُ قائلاً: «فهي لإنشاء المادة المنتسبة إلى المتكلم نسبةَ التكوين»

بینما المحقّقانِ النائیني و العراقيّ قد أسنَدا المادّةَ في النّسبةِ الإرسالیّة و الإیقاعیّةِ إلی المخاطب -لا المتکلّم- فإذا لم یَتحقَّق المادّةُ خارجاً و لم ینبعث نحوَها لَما تحقَّقتِ النسبةُ إطلاقاً -وفقاً لتصریح المحقّق العراقيّ قائلاً: «و كان بين المنشأين و هما البعث و الإرسال الخارجي و الإرادة الحقيقية ملازمة في مرحلة الخارج»- و لکنّ السیدَ الحکیمَ قد شَکَّلَ نسبةً تکوینیّةً ادعائیّةً بحیث لم یُعلَّق علی التَحقُّق الخارجيّ.[4]

----------------------------
[1] عراقی ضیاء‌الدین. نهایة الأفکار. Vol. 1. ص178 قم - ایران: جماعة المدرسين في الحوزة العلمیة بقم. مؤسسة النشر الإسلامي.
[2] و في بعض الكلمات انّ النسبة التي تكون في صيغة (افعل) انّما هي بين المبدأ و الآمر، غايته انّه نسبة تسبيبيّة كما انّه تكون بينه و بين الفاعل نسبة مباشرية، فتأمل – منه رحمه الله . فوائد الاُصول (النائیني). ج1 ص130
[3] حکیم محسن. حقائق الأصول (الحکيم). Vol. 1. ص157 قم - ایران: مکتبة بصيرتي.
[4] و نلاحظ علی مقالةِ الأعلام الثّلاثةِ بأنّ مَئالَ النّسبةِ أمرٌ واحد و هو أنّ تتحقّقَ أساسَ النسبةِ في الکلامِ -لا خارجاً- ما بینَ المتکلم و المخاطب و المادّة، فلا نَلتَزِمُ بلزومِ تحقّق النسبة في عالم الخارج بأن یَمتثلَها المخاطبُ خارجاً و لا یعصیَها فإنّ الآمرَ لیس مأموراً بأن یراه یعصي أم یَمتثل بل غایةُ طاقةِ المتکلِّم الآمر أن یَخلُقَ و یُنشأَ أمراً اعتباریّاً في عالمِ الاعتبار ضمن نفس المخاطب فتقعَ المادّةُ في قلبِه، فلو أمرَه بهذا الأسلوب فإمّا أن یوقعَ المادّة في المخاطب بالنّسبةِ الإیقاعیة وفقاً للمحقّق النائیني و إما أن یُرسلَ المخاطبَ نحوَ المادّةِ بالنسبةِ الإرسالیة وفقاً للمحقّق العراقي و إمّا أن یکوِّنَ المتکلّمُ المادّةَ في عالم التکوینِ ادعاءً فبالتّالي إنّ النسبةَ قد تحقّقت في مقام الإنشاءِ و الاعتبار، ولهذا نَعتقِدُ أنّ الأعلامَ الثلاثةَ لا تَختلفُ مقالتُهم في المَئال و هو تحقّق النسبةِ المنشَأَةِ من قبل المتکلم فإنّ النسبةَ في باب الإنشاءِ ستُنشأ علی أيِّة حالة.

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .