درس بعد

الاوامر

درس قبل

الاوامر

درس بعد

درس قبل

موضوع: مادة الأمر و صیغته


تاریخ جلسه : ١٤٠٣/٢/١٧


شماره جلسه : ۸۶

PDF درس صوت درس
خلاصة الدرس
  • إتمام الاعتراضات علی مقالة الشهید الصّدر

  • تکمیل النّظریّة الفَذّة للمحقّق الحائريّ

  • تمریرُ بعض الإشکالات إلی مقالة الأصولیّین

  • الثّمرة الفقهیة لوِجهة نظرنا

الجلسات الاخرى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحيمْ
الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينْ وَصَلَى الله عَلَىٰ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينْ

إتمام الاعتراضات علی مقالة الشهید الصّدر
لقد أنهَینا مقالة الشهید الصدر و وَجّهنا إلیه اعتراضین، والیوم سنُکمل الإشکالیّات البارحة:

1. لقد اعتقد الشهید الصدر بأن هناک تمایزاً ما بین نسبة "ضرب" فإنّها ناقصة و بین نسبة "ضَرب زید" فإنّها تامة تصادقیّة حیث قد صدقت الذّات المبهمة علی زیدٍ الفاعل، بینما العرف لا یُفکّک بین النّسبتَین فإنّ کلیهما یَمتلکان الفاعلَ إلا أنّ الفاعل في "ضرب" مجمل أو مجهول لدینا ظاهراً ولکنّه مبیَّن واقعاً، ولهذا تَجد کلیهما یَتمّ السکوتُ علیهما تماماً، مما یعني أنّ النسبة تامّة فیهما وفقاً للمصطلح الأدبيّ -بلا ارتباط بالوعاء خارجاً أو ذهناً- فمعلومیّة فاعلُ الضرب أم جهلُنا بالفاعل -ضَرب- لا یرتبط بنوعیّة النّسبة، بینما قد زعم الشهید أنّ النسبة في "ضَرب" لعدم ذکر الفاعل قد أصبحت ناقصة، و هذا خطأ تماماً إذ المیزان في تمامیّة النسبة أو نقصانِها هو صحّة السکوت و عدمُها، فسواء عرفنا الفاعل أم جهِلناه لتحقّقت النسبة التّامة علی أیة حالة و لانطبقت الذات المبهمة علی ذاک الفاعل حتماً، أجل في النسبة النّاقصة نظیر: غلام زید. نظراً لنقصان أحد الطرفین لم یصِح السّکوت علیه، بینما في النسبة التّامة قد اکتملت الأطراف و تمّ السکوت علیه تماماً -بلا ارتباط بمحل الوعاء خارجاً أم ذهناً-

2. و ثانیاً: إنّ النسبة لا تتکاثر في الجمل بل هي موحَّدةٌ تماماً بین ضرب و بین زید، لا أن نَلحظ النسبةَ تارةً بین الحدث و الذات المبهمة و أحیاناً بین الذّات و الفاعل، فإنّ هذه الملاحظة تُضادّ النظرَ العرفي والمصطلحَ الأدبيّ، حیث قد اعتبروا في الجمل نسبةً واحدة بین الحدث و الفاعل فحسب، سواء عرفنا الفاعلَ أم جهِلناه، فبالتّالي إن "ضَرب" لا یُلحظ بلا ضمیر أساساً بل یُرافقه الضمیر دوماً رغم إجمالِ الفاعل لدینا، ولهذا لا تلازمَ بین صحة السّکوت في الجملة و بین معلومیّة الفاعل، بل صحّة السّکوت تُلائم إجمالَ الفاعل أیضاً، بینما الشهید کأنّه قد رَبط بین النّسبة الناقصة مع الجهل بالفاعل و بین النّسبة التّامة مع العلم بالفاعل.
 
تکمیل النّظریّة الفَذّة للمحقّق الحائريّ
و بما أنّا قد استَعرضنا کافّة الأقاویل حول صیغة الأمر نظیر المحقّق الآخوند -الطلب الإنشائيّ- و المحقّق النّائیني -النسبة الإیقاعیة- و المحقّق العراقيّ -النسبة الإرسالیة- و السید الحکیم -النسبة التکوینیة- و المحقّق البروجردي -النسبة الطلبیّة- و المحقّق الخمیني -لإیجاد البعث و الإغراء-فبالتّالي قد اصطَفینا تحقیقةَ المحقّقینِ الحائريّ و الرّشتيّ -للحکایة عن الحقائق الباطنیّة-.

و في هذا المیدان سنَتراجَع عن مُعتقدنا الماضي بأنّ الإنشاء و الإخبار یُعدّان من الأوصاف الذاتیة لللفظ بحیث یَنشقّ اللفظُ -بالتّحدید- إلی إنشائيّ و إخباريّ، فهذه مقولة فاشلة تماماً إذ قد اکتَشفنا آنفاً -وفقاً لمنهج المحقّق الحائريّ- بأنّ الجمل المشترکةَ بین الخبر و الإنشاء "کبعت و اشتریت" لا تُفسَّر بنفسِها بلا قرینة فإنّ اللفظَ لم یوضَع لمعنی مُحدّد بل هو محض حاکٍ و مبرز للحقائق الباطنیّة، ولهذا إنّ اللفظ -بالذّات- لا یَتشعّب إلی إنشائيّ و إخباريّ إطلاقاً، بل عنصرُ الإخباریّة أو الإنشائیّة تعرُض علی اللفظ فحسب فهما من عوارض الألفاظ لا من انقساماتِها الذّاتیة، وکلّ ذلک حسبَ منهاج المحقّقینِ الرّشتي و الحائريّ بأنّ الإنشائیّات -بأسرها- حاکیاتٌ عن الحقائق المتوفّرة في النفس، فلم توضَع للمفاهیم و المعاني کي نعثُر علی الموضوع له، فلو أراد المتکلّم أن یَعقد البیعَ لَکَفته الحکایةُ عن البیع الباطنيّ الذي قد أرادَه في جوفه فلو تلفّظ بالألفاظ لاعتبرها العقلاءُ منشأً للمعاملة و التّملیک، فإبراز ألفاظ المعاملة تُولّد موضوع حکم العقلاء لاعتبار البیع، لا أن اللفظ یوجد أمراً اعتباریّاً، بل الاعتباریّات بید العقلاء تماماً ولهذا:

- قد صرّح المحقّق العراقيّ بأنّ تعریف الحکم هي الإرادة المبرَزَة، مما یعني أن اللفظَ یُجلي عمّا في الضّمیر.

- و قد صرّح المحقّق الخوئيّ حولَ هویّة الإنشاء بأنّ الإنشاءَ لا یوجد شیئاً إطلاقاً: لا تکویناً و لا اعتباراً، بل مُهِمّةُ اللفظ أن یَتجاهرَ عن المراد المُخبَّأ و یحکيَه و یُبرزَه.

- وقد أسلفنا بیاناتِ المحقّق الحائريّ بأنّ الواضعَ لم یضعِ اللفظ الإنشائيّ لمعنی أو لمفهوم کي نعثُر علی الموضوع له، بل اللفظ یحکي عن الحقائق النفسانیّة نظیر حکایة الدخان عن النار.

بل حتّی إنشاءِ التمني و التّرجي و الاستفهام حیث لم یضع الواضع ألفاظَها مستقلّاً لمعانيها و مفاهیمِها بالتّحدید بل المُتمنّي و المُستَفهِم یُظهرانِ عمّا في أنفسهما، و کذا الإخباریّات حیث یَحکي المتحدّث عن الحقائق و النسب الواقعة خارجاً ما بین شیئین -مسبقاً أو حالیّاً-

و أمّا الهجمات التي شنَّها المحقّق الاصفهانيّ تجاه المحقّق الحائريّ فقد أجبناها مسبقاً.
 
تمریرُ بعض الإشکالات إلی مقالة الأصولیّین
و عقیب هذه النِّقاط القیّمة التي طرحناها للتَّوِّ، قد تَلألأ غلطةُ مقالة الأصولیّین: بأنّ الصّیغة قد وضعت لمعنی الطّلب -وفقاً لزعم الکفایة- بل الطلب لا یُعدّ أیضاً من لوازم الصیغة -وفقاً لزعم المحقّق العراقيّ- بل اللفظُ الحاکي -افعل- بضمّ المحکيِّ عنه و بضمّ الإرادة سیُصبح مصداقاً للطّلب -وفقاً للمحقّق الخمینيّ- فإنّ الآمِر قد أصدرَ و أعلنَ مُتطلَّبَه من خلال الصّیغة -لیس أکثر- و الواضع قد وضعَ الألفاظَ خِصِّیصاً لمقام الحکایة عن الحقائق النّفسانیّة بأنّک لو أردتَ الضربَ فعلیک أن تُبرزَه بصیغة "افعل" فلم یضعِ الواضعُ الألفاظَ لتلک المعاني و المفاهیم المُحدّدة کي نعثُر علی الموضوع له.

و في ثَنایا هذه الاعتراضات، نوجِّه اعتراضاً نَقضیّاً تجاه المحقّق الخمینيّ لأنّه قد وضعَ الصّیغةَ للبعث و التّحریک، بینما هو -بالتّحدید- قد تَبنّی "الخطبابات القانونیة" في باب الإنشاء حیث قد صرّح هناک بأنّ المولی لا یَبعث المکلّفَ نحو العمل إطلاقاً إذ نمط الخطاب القانونيّ هو أنّ المولی لا یلحظ أيَّ مخاطب أساساً بل یلحظ العنوانَ العامّ – أقیموا الصّلاة- فحسب، بینما ههنا -وضع الصیغة- قد وضع الصیغة للبعث عکسَ ما تَبنّاه في الخطاب القانونيّ.

و السبب الذي قادَه إلی تأسیس تفکیر "الخطاب القانونيّ" هو أنّه أرادَ الإجابةَ عن إشکالیّة موجَّهةٍ إلی خطاب "أقیموا الصّلاة" بأنّ العُصاة لا یَتقیّدون بالتّکالیف فلماذا قد أمرَهم المولی بإقامة الصلاة بینما یعلم أنّهم لا یَنبعثون أساساً، ألیس ذلک خطاباً لاغیاً؟ ثمّ تصدّی المحقّق الخمیني مُجیباً بأنّ هناک تمایزاً ما بین الخطاب الشّخصيّ و القانونيّ إلی آخره.

و ربما نُبرّرُ مقالتَه بأنه قد طرح الخطاب القانونيّ في أوائل عمُرِه وذلک ضمن أبحاث "شروط العلم الاجماليّ" حیث قد اعتقد الفقهاءُ بأنّ إحدی شروط تحقّق العلم الإجماليّ هي أن یَبتليَ المکلّف بکافّةِ الأطراف المشبوهة، فتصدّی المحقّق الخمیني معترضاً بأنّ المکلّف لا یتوجّهه الخطاب فضلاً أن نضعَ "ابتلاء المکلّف" من شروط توجّه الخطاب، فإنّ الابتلاء و عدمَه لا یرتبط بالخطاب أساساً.

و أمّا المشهور فقد أجابوا حسب منهجِهم بأنّ إمکانیّة انبعاثِ العُصاة ستُصحّح إصدارَ الأمر و الخطاب إلیهم حتّی و إن لم یَنبعثوا خارجاً بخلاف الجدار حیث لا یُعقل إصدار الأمر إلیه لاستحالةِ الانبعاث نهائیّاً.

الثّمرة الفقهیة لوِجهة نظرنا
و أمّا الثّمرة التي تُثمرُها نظریّة المحققینِ الرشتيّ و الحائريّ فکثیرة منها:

- في المعاملات، حیث إنّ الإنشاء لا یوجد شیئاً أساساً ولهذا سیَغنی الطّرفان أن یقصدا البیعَ و النّکاح و ... بینما المشهور یعتقد بأنّه یتوجّب علی الطّرفین أن یقصدا الإیجادَ حتماً، و إنّا مسبقاً -ضمن کتاب البیع- کنّا قد صرّحنا بعدم لزوم قصد الإیجاد، من طریق آخر -حکميّ- ولکنّ الیوم قد أدرجنا مقالتَنا ضمن قاعدة أصولیّة کلیّة بأنّ الإنشاء لا یوجد شیئاً فبالتّالي لا یَتوجّب علی الطّرفین أن یقصُدا الإیجاد و الإنشاء موضوعاً وفقاً لهذا المبنی الرّصین.

و أما عملیّةُ الاعتبار فعِنانُه بید العقلاء فحینما یبدأ المتحدّث بحکایة الألفاظ خارجاً -عمّا في الضّمیر- سیعتبر العقلاءُ اعتباراً محدّداً کالبیع أو النکاح أو... بحیث لولا الإبراز الخارجيّ لما اعتبرَ العقلاء شیئاً و لَما رَتّبوا أثراً بینهم إطلاقاً.

- في الأوامر و النّواهي التي تصدر بالإشارة، حیث إنّ المشیر لو أمَر أو نَهی عبرَ الإشارة الحاکیة عن النفس لاعتبرَه العقلاءُ واجبَ الامتثال أو التّرک.

 

الملصقات :


نظری ثبت نشده است .